عدم دستورية سقوط الحقوق بالنسبة إلى الأموال المصادرة لعدم المطالبة بها خلال سنة

القضية رقم 215 لسنة 19 ق “دستورية ” جلسة 2 / 10 / 1999

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 أكتوبر سنة 1999 الموافق 22 من جمادى الآخرة سنة 1420 هـ .
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد على وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين.
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 215 لسنة 19 قضائية “دستورية “.
بعد أن أحالت محكمة استئناف القاهرة ملف الاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية
المقامة من
1- السيدة / فريال فاروق فؤاد
2- الآنسة / فوزية فاروق فؤاد
3- السيدة / فادية فاروق فؤاد
ضد
1- السيد / وزير الأوقاف
2- السيد / رئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعى
3- السيد / رئيس الجمهورية
4- السيدة / نعمة الله محمد على الخواص الحارسة القضائية على أوقاف أجدادها السادة الأشراف المحروقى ، السلامونى ، الشبراخيتى ، غراب المغربي
5- السيد / رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات الحكومية
” الإجراءات “
فى السابع من ديسمبر سنة 1997، ورد إلى المحكمة الدستورية العليا ملف الاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة بجلسة 12/8/1997 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في موضوعه بوقفه وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المواد (9، 12، 1/14، 15، 17) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى واحتياطياً: برفضها.
وقدمت المدعى عليها الرابعة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم بعدم دستورية قرار الاستيلاء على الأطيان محل النزاع الموضوعي ، وعدم أحقية المدعيات لهذه الأطيان.
وقدم المدعى عليه الأخير مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
” المحكمة “
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع- على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعيات كن قد أقمن ضد المدعى عليهم الثلاثة الأول الدعوى رقم 10677 لسنة 1995 مدنى كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم بأحقية كل منهن لخمسين فداناً من مساحة 13 س 11 ط 1744 ف كان والدهن الملك السابق فاروق قد أوقفها عليهن وعلى والدتهن، وتثبيت ملكيتهن بالتساوي بينهن لقصر الطاهرة البالغ مساحته 30ر20056 متراً مربعاً والذى كان موضوع عقد الهبة الصادر من جدهن لأمهن بصفته وكيلاً عن والدتهن إلى والدهن الذى قرر إسكانهن ووالدتهن فيه بعد طلاقه لها مما يُعتبر- في رأيهن- عدولاً عن قبول الهبة يعيد القصر إلى ملكية والدتهن فينتقل بالميراث إليهن، وأحقيتهن بالتساوى بينهن في مساحة 5س 18ط 3ف كائنة بزمام نزلة السمان محافظة الجيزة ، كانت والدتهن قد اشترتها بعقد مشهر سنة 1951 بعد طلاقها من والدهن وصيرورتها غريبة عن أسرة محمد على . ثم أضافت المدعيات طلباً بتعويضهن عن القدر الزائد على الحد الأقصى لملكية الأراضي الزراعية والذى تم الاستيلاء عليه- طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعى – من أطيانهن وأطيان والدهن ووالدتهن. وأثناء نظر الدعوى طلب المدعى عليه الأخير التدخل فيها هجومياً بطلب إلزام المدعى عليه الثانى بتعويضه عماتم الاستيلاء عليه من أطيان زراعية كانت مملوكة للمدعيات ووالدهن ووالدتهن. كما طلبت المدعى عليها الرابعة التدخل في تلك الدعوى طالبة الحكم بعدم أحقية المدعيات في أطيان الوقف التى يطالبن بها تأسيساً على أنه وقف صدر من أجدادها لصالح ذريتهم، وأن الملك السابق فاروق كان ناظراً على الوقف، وأن نظارة الوقف لا تنقل ملكيته إلى ناظره. وبجلسة 18/3/1997 قضت محكمة جنوب القاهرة بقبول تدخل هيئة الخدمات الحكومية ، وتدخل السيدة / نعمة الله محمد على الخواص، وفى موضوع التدخل وموضوع الدعوى بعدم سماعهما، إستناداً إلى المادة (14) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة ، فطعنت المدعيات على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 5498 لسنة 114 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة التى قضت بجلسة 12/8/1997 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بوقفه وبإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المواد (9، 12، 1/14، 15، 17) من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه لمخالفتها الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية .
وحيث إن الدعوى الماثلة اتصلت بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم دستورية نصوص المواد سالفة الذكر، فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا- وفقاً للبند (أ) من المادة (29) من قانونها- لتقول فيها كلمتها الفاصلة ؛ فلا اعتداد- من ثم- بما قرره أحد الخصوم أمام هذه المحكمة بقصر الدعوى الراهنة على بعض النصوص المحالة من محكمة الموضوع دون البعض الآخر، إذ يعد ذلك منه تغولاً على اختصاص محكمة الموضوع، ولا يغير من هذه النتيجة أن يكون هذا الخصم قد سبق له أن دفع أمام تلك المحكمة بعدم دستورية ذات النصوص؛ ذلك أنه إذا كان جائزاً في الدعوى الدستورية التي يقيمها الخصم إثر دفع بعدم الدستورية قدرت محكمة الموضوع جديته- وفقاً للبند (ب) من المادة (29) المشار إليها- أن يترك الخصومة فيها كلياً أو في شق منها، فإن ذلك لا يجوز في الدعوى الدستورية المحالة إلى هذه المحكمة مباشرة من محكمة الموضوع.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – توافر المصلحة فيها ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية العليا وحدها هى التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا وتوافر المصلحة في الدعوى الدستورية ؛ فالأولى لا تغنى عن الثانية . فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص المحالة التى تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريتها، انعكاس على النزاع الموضوعى ، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة .
وحيث إن المادة (9) من القانون 598 لسنة 1953 المشار إليه تنص على تشكيل لجان بقرار من وزير العدل تختص بالفصل في كل طلب بدين أو ادعاء بحق قبل الأشخاص المصادرة أموالهم، وفى كل منازعة في دين لهم قبل الغير، والنظر في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد أحدهم، وفى كل نزاع يتعلق بالأموال المصادرة ، وتقضى المادة (12) من ذات القانون في فقرتيها الأولتين بعدم نفاذ أي حق بالنسبة لهذه الأموال لا يقدم صاحبه طلباً في الميعاد المحدد بالمادة العاشرة مع إجازة قبول الطلب إن كان عدم تقديمه في الميعاد راجعاً إلى قوة قاهرة أو ظرف استثنائي تقبله اللجنة ، ومن ثم فإن التنظيم التشريعي الوارد بالمادة (9) وفقرتي المادة (12) المشار إليها فيما سبق، لا محل لإعماله إلا بالنسبة للأنزعة التى يكون قد تم تقديم طلب بشأنها إلى اللجنة المذكورة ، وإذ كانت أوراق الدعوى الماثلة خلوا من الإشارة إلى سبق تقديم أى طلب إلى تلك اللجنة ، فليس ثمة مصلحة قائمة في الدعوى الراهنة تقتضى الفصل في دستورية النصوص سالفة الذكر.
وحيث إنه بالنسبة للمادة (17) من القانون المشار إليه فأنها إذ تقرر إنشاء إدارة لتصفية الأموال المصادرة يصدر بتشكيلها قرار من وزير العدل وتختص بإدارة هذه الأموال وتمثيل الدولة في شأن المنازعات الخاصة بها، وكانت مصادرة المال تعنى انتقاله من الملكية الخاصة إلى ملكية الدولة بلا مقابل، فإن تحديد جهة معينة لإدارته وتمثيل الدولة في المنازعات المتعلقة به، لا تتصل بالطلبات المطروحة على محكمة الموضوع في النزاع الموضوعي الذى ينحصر في أحقية المدعيات في الأعيان والأطيان التي يطالبن بها والتعويض عن القدر الزائد على الحد الأقصى للملكية الزراعية ، وهى طلبات لا تتأثر بكون إدارة الأموال المصادرة أو غيرها هي التي تمثل الدولة بشأنها، وبالتالي لا تكون هناك مصلحة – في الدعوى الماثلة – للفصل في دستورية المادة (17) المشار إليها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن باشرت رقابتها الدستورية على المادتين (14/1، 15) من القانون سالف الذكر، فقضت بجلستها المعقودة بتاريخ 11/10/1997 في الدعوى رقم 13 لسنة 15 قضائية “دستورية “، بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (14) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة وذلك فيما تضمنته من عدم جواز سماع الدعوى المتعلقة بمصادرة أموال أسرة محمد على ولو كان موضوعها أموالاً تلقاها- عن غير طريقها- أشخاص ينتمون إليها، أو اكتسبها أشخاص من غير أفراده”؛ “وبعدم دستورية نص المادة (15) من هذا القانون في مجال تطبيقها بالنسبة إلى أموال تمت مصادرتها، إذا كان أصحابها لا ينتمون لأسرة محمد على ، أو يرتبطون بها وتلقوها عن غير طريقها”، وقد نشر ذلك الحكم بالجريدة الرسمية بتاريخ 23/10/1997. متى كان ما تقدم وكانت الدعوى الدستورية عينية بطبيعتها بحيث يكون للحكم الصادر فيها- سواء قضى بعدم دستورية النص التشريعي أو برفض الدعوى لتوافقه وأحكام الدستور- حجية مطلقة ملزمة للكافة ولجميع سلطات الدولة – بما فيها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها- فلا يجوز التحلل منه أو المجادلة فيه أو مجاوزة مضمونه أو إعادة طرحه من جديد على هذه المحكمة لمراجعته، ومن ثم تلتزم محكمة الموضوع بإعمال أثر ذلك الحكم على النزاع المعروض عليها.
وحيث إنه- على ضوء ما تقدم- ينحصر نطاق الدعوى الدستورية الماثلة في الفقرة الأخيرة من المادة (12) من القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه، التي يجرى نصها كالتالي “وعلى أية حال تسقط كافة الحقوق بالنسبة إلى الأموال المصادرة إذا لم يقدم عنها طلب إلى اللجنة المذكورة خلال سنة من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية من الأشخاص الذين يمتلكون شيئاً من الأموال المصادرة ” وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لذلك القانون “أنه في كل الأحوال لا يقبل طلب بعد فوات مدة سنة على تاريخ النشر في الجريدة الرسمية من الأشخاص المصادرة أموالهم”، ومؤدى النص سالف الذكر سقوط كافة حقوق أصحاب الأموال المصادرة – ومن بينها حق الملكية – على هذه الأموال إذا لم يقدموا طلباً بها خلال السنة المحددة بالنص.
وحيث إنه لا وجه لما ساقته هيئة قضايا الدولة من أن القضاء بعدم دستورية سقوط حق الملكية بعدم تقديم الطلب خلال السنة المشار إليها على نحو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (12) سالفة الذكر، يكون متجاوزاً مصلحة المدعيات بحسبان أنه لا يؤدى إلى تغيير في مركزهن القانوني ؛ ذلك أنه من بين الدفوع المثارة في النزاع الموضوعي والتي تعتبر مطروحة على المحكمة المحيلة – إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف- دفع بسقوط حق المدعيات استناداً إلى نص الفقرة الأخيرة من المادة (12) المشار إليها، وبالتالي فليس ثمة سند للقول بانتفاء المصلحة في الدعوى الماثلة بشأن الفصل في دستورية تلك الفقرة . كذلك فإن قول هيئة قضايا الدولة أنه ما دامت المادة (1/14) من القانون المشار إليه لا تجيز للمحاكم سماع الدعوى بشأن الأموال المصادرة فإن القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (12) منه لا يكون له من محل؛ مردود بأنه سبق لهذه المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 11/10/1997 في الدعوى رقم 13 لسنة 15 قضائية دستورية أن قضت بعدم دستورية المادتين (14/1، 15) من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة على النحو الوارد بالحكم المذكور، ومن ثم فإذا ما رأت محكمة الموضوع أن هناك محلاً لإعمال حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على النزاع المطروح عليها، فسيظل معلقاً أمامها الفصل في الدفع بالسقوط المستند إلى الفقرة الأخيرة من المادة الثانية عشرة من ذلك القانون.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لحق الملكية خاصية تميزه عن غيره من الحقوق- الشخصية منها أو العينية أصلية كانت أم تبعية – وتتمثل هذه الخاصية في أن الملكية وحدها هي التي تعتبر حقاً دائماً، وتقتضى طبيعتها ألا يزول هذا الحق بعدم الاستعمال، ذلك أنه أياً ما كانت المدة التي يخرج فيها الشيء من حيازة مالكه، فأنه لا يفقد ملكيته بالتقاعس عن استعمالها، بل يظل من حقه أن يقيم دعواه للمطالبة بها مهما طال الزمن إلا إذا كسبها غيره وفقاً للقانون، بما مؤداه: أن حق الملكية باق لا يزول ما بقى الشيء المملوك منقولاً كان أو عقاراً، وبالتالي لا يسقط الحق في إقامة الدعوى التي تحميه بانقضاء زمن معين؛ ذلك أنه لا يتصّور أن يكون حق الملكية ذاته غير قابل للسقوط بالتقادم، ويسقط مع ذلك الحق في إقامة الدعوى التي يُطلَب بها هذا الحق؛ ومن ثم يكون نص الفقرة الأخيرة من المادة (12) سالفة الذكر فيما تضمنه من تقرير سقوط حق الملكية بفوات سنة من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية دون تقديم طلب إلى اللجنة حسبما ورد بتلك المادة قد انتقص من الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية وجاء بالتالى مخالفاً لأحكام المادة (34) من الدستور التي تتضمن صون حق الملكية الخاصة وكفالة حق الإرث فيها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :-
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادتين (9، 17) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (12)، من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد على المصادرة .
ثانياً: بانتهاء الخصومة بالنسبة للطعن على المادتين (1/14، 15) من ذلك القانون
ثالثاً: بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (12) من القانون المشار إليه في مجال تطبيقها بالنسبة لحق الملكية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .