حكم الدوائر المجتمعة الذي يقرر عدم اشتراط وجود الورقة المزوة لثبوت جريمة التزوير
المحكمــة العليـــــا

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

(( دوائر المحكمة مجتمعة ))

بجلستها المنعقدة علنا صباح يوم الأربعاء : 4 جادي الأولى 1374 و.ر الموافق 31 / 5 / 2006 مسيحي بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس .

برئــــــــــاسة المستشار الأستاذ الدكتور : عبد الرحمن محمد أبو توته ( رئيس الدائـــــــرة )

وعضوية المستشارين الأساتذة : أحمد الطاهر الزاوي ــ علي سالم العلوص ــ سالم خليفة النعاجي ــ فتحي عريب دهان ــ عبد الحفيظ عبد الدائم الشريف ــ محمد إبراهيم الورفلي ــ فرج يوسف الصلابي ــ المقطوف بلعيد إشكال ــ سعيد علي يوسف ــ جمعة صالح الفيتوري ــ الطاهر خليفة الواعر ــ علي مختار الصقر ــ حسين محمد حميدة ــ صالح عبد القادر أبو زيد ــ أحمد السنوسي الضبيع ــ التواتي أحمد أبو شاح ــ إدريس عابد الزوي ــ محمد عبد السلام العيان ــ د/ جمعة محمود الزريقي ــ الشريف علي الأزهري ــ المبــروك عبد الله الفـاخري ــ د/ سعد سالم العسبلي .

وبحضور المحامي العام

بنيابة النقض الأستاذ : أحمد الطاهر النعاس

ومسجل الدائرة الأخ : جمعة محمـــد الأشهر

أصدرت الحكم الآتي

في قضية الطعن الجنائي رقم 7/ 50ق

المقدم من :………………………………………..

(( يمثله المحامي / ………………….))

ضد : 1) ………………………… 2)………………………….

الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن وآخر لأنهما بتاريخ عام 1996 وما قبله بدائرة اختصاص مركز شرطة رأس عبيدة ببنغازي

المتهم الطاعن حالة كونه موظفا عموميا وضع أثناء ممارسته لمهامه وثيقة مزورة في جزء منها بأن قام بوضع توقيع رئيس لجنة الأراضي العسكرية على النموذج ( ج ) لتخصيص العقار رقم 3 الكائن بشارع المعلا بحي أبو قرين حالة كون المتهم الثاني شريكا له بالاتفاق والمساعدة ، بأن قدم له مستندات شخصية لغرض إعادة التخصيص فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق

طلبت النيابة العامة من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما عما أسند إليهما بالمادة 341 من قانون العقوبات ، والغرفة قررت ذلك ، ومحكمة جنايات بنغازي نظرت الدعوى في جلستها المنعقدة بتاريخ 29 / 5 / 1999 وقضت فيها غيابيا بمعاقبة المتهمين عما أسند بالسجن لمدة ثلاث سنوات وألزمتهما المصاريف القضائية .

وحيث ثم القبض على الطاعن وأعيدت محاكمته أمام المحكمة ذاتها والتي نظرت الدعوى في جلستها المنعقدة بتاريخ 18 / 8 / 2003 م وقضت فيها حضوريا بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة عن جريمة تزوير الورقة الرسمية ، وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة خمس سنوات من تاريخه وبلا مصاريف جنائية .

صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 18 / 8 / 2003 م وبتاريخ 12 / 10 / 2003 م قرر محامي المحكوم عليه الطعن عليه بالنقض أمام قلم كتاب المحكمة مصدرته بموجب توكيل عرفي يخوله ذلك ، وبذات التاريخ والمكان أودع مذكرة بأسباب الطعن موقعة منه لصالح الطاعن ، نعى فيها على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون من وجهين :

الأول : عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من القضاء العسكري ، حيث صدر حكم من المحكمة العسكرية الدائمة قضى ببراءة المتهم مما نسب إليه

الثاني : إن المحكمة خالفت ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا بشأن وجوب عرض المستند محل التزوير باعتباره من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بجلسة المحاكمة وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه .

قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني في الطعن رأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا ، ونظرت الدائرة الجنائية الرابعة الدعوى في جلستها المنعقدة بتاريخ 29 / 6 / 2005 م وحجزتها للحكم بجلسة 20 / 11 / 2005 م ثم قررت إعادتها للمرافعة وإحالتها إلى الدوائر المجتمعة طالبة العدول عن عن المبدأ المقرر في الأحكام الصادرة في الطعون الجنائية 262 / 23 ق ، 176 / 27 ق ، 1067 / 43 ق الذي يقضي بأنه يتعين كإجراء من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير عرض الورقة باعتبارها من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وإقرار مبدأ جديد مقتضاه أنه لا يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة .

قدمت نيابة النقض مذكرة برأيها القانوني خلصت فيه إلى الرأي بالإبقاء على المبادئ التي تقرر وجوب عرض الورقة المزورة على بساط البحث باعتبارها من أدلة الجريمة ، وذلك كإجراء من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير

حددت جلسة 31 / 5 / 2006 لنظر الطلب وتلا المستشار المقرر تقرير التلخيص وتمسكت نيابة النقض برأيها السابق وتقرر إصدار القرار بجلسة اليوم

الأسباب

إن الإثبات في المسائل الجنائية ـ في غير الحدود ــ يكون بوسائل الاثبات العامة المقررة في قانون الإجراءات الجنائية ويقوم مبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته من أي دليل يشاء سواء كان هذا الدليل كتابيا أم غير كتابي ولا قيد على القاضي في نطاق الدليل الذي عول عليه من الأدلة المطروحة في الجلسة ولا إلزام عليه بأن يسلك طريقا معينا في انتقاء الدليل الذي يأخذ به لأن ظاهرة الاقتناع حالة وجدانية تتكون لدى القاضي من اطمئنانه لبعض الأدلة والقرائن المطروحة عليه فيركن إليها في تكوين عقيدته للوصول إلى هذه الحالة والتي تقتضي ألا يقيد القاضي بأي قيد وهذا المبدأ أساسه المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بأن يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته ومع ذلك لا يجوز له أن يبني حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه بالجلسة

وحيث أن قضاء هذه المحكمة في الحكم الجنائي رقم 262 / 23 ق وما يماثله جرى قد جرى على أنه يتعين كإجراء من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير عرض الورقة المزورة باعتبارها من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة وإلا كان الحكم باطلا ، أي أنه يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الوثيقة المزورة تحت نظر المحكمة

ولما كان العمل بهذه المبادئ يضيف قيدا عند اثبات جريمة التزوير لم يرد به نص في القانون ويخالف المبدأ العام في الإثبات الجنائي المشار إليه سلفا والمنصوص عليه في المادة 275 المذكورة فضلا عن أنه يؤدي إلى إفلات المجرمين من العقاب لا سيما أولئك الذين يتمكنون من إتلاف أو إخفاء أصول الوثائق المزورة مما يتعذر معه عرض الورقة المزورة على المحكمة

فلهذه الأسباب

قررت الدوائر مجتمعة العدول عن المبادئ التي تقرر أنه يتعين كإجراء من اجراءات المحاكمة في جرائم التزوير عرض الورقة المزورة باعتبارها من أدلة الجريمة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم وإقرار مبدأ جديد مقتضاه وفقا للمادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية ، أنه لا يشترط لثبوت جريمة التزوير وجود الورقة المزورة تحت نظر المحكمة

عبد الرحمن محمد أبو توته

رئيس المحكمة

المستشارون :

أحمد الطاهر الزاوي ــ علي سالم العلوص ــ سالم خليفة النعاجي ــ فتحي عريب دهان ــ عبد الحفيظ عبد الدائم الشريف ــ محمد إبراهيم الورفلي ــ فرج يوسف الصلابي ــ المقطوف بلعيد إشكال ــ سعيد علي يوسف ــ جمعة صالح الفيتوري ــ الطاهر خليفة الواعر ــ علي مختار الصقر ــ حسين محمد حميدة ــ صالح عبد القادر أبو زيد ــ أحمد السنوسي الضبيع ــ التواتي أحمد أبو شاح ــ إدريس عابد الزوي ــ محمد عبد السلام العيان ــ د/ جمعة محمود الزريقي ــ الشريف علي الأزهري ــ المبــروك عبد الله الفـاخري ــ د/ سعد سالم العسبلي .

المسجل / جمعة محمد الأشهر

إعادة نشر بواسطة محاماة نت