الطعن 2357 لسنة 53 ق جلسة 30 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 36 ص 173

جلسة 30 من يناير سنة 1986
برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وصلاح عطية.
—————–
(36)
الطعن رقم 2357 لسنة 53 القضائية

(1)تفتيش “التفتيش بإذن” “إذن التفتيش. إصداره”. مواد مخدرة. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفوع “الدفع ببطلان إذن التفتيش”.
تقدير الظروف التي تبرر التفتيش، لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. خطأ مجرى التحريات في تحديد دائرة القسم التابع لها مسكن المتهم. لا ينال من سلامة الإذن بالتفتيش. ولا من جدية التحريات. أساس ذلك؟
مثال:
(2)مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
تقدير توافر قصد الإتجار. موضوعي.
حجم كمية المخدر المضبوط. لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة من إحرازه.
(3) محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “شهود”. مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد وتحرياته. الأخذ بها في خصوص واقعة إحراز المخدر. دون ما تعلق منها بقصد الإتجار.

————
1 – لما كان الأصل أن تقدير الظروف التي تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لسلطة التحقيق الآمرة تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع، وكان الثابت أن النيابة العامة قد اطمأنت إلى جدية التحريات التي ضمنها الشاهد الأول محضره، كما أن المحكمة تشاركها في اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات. ومن ثم يكون إذن النيابة العامة قد صدر صحيحاً في نطاق الحدود التي رسمها القانون. هذا ولا ينال من سلامة الإذن بالتفتيش ولا من جدية التحريات التي انبنى عليها خطأ مجرى التحريات في تحديد الجهة الإدارية (قسم الشرطة) التابع لها مسكن المتهم محل التفتيش، إذ أن مفاد هذا الخطأ هو مجرد عدم إلمام مستصدر الإذن إلماماً كافياً بالحدود الجغرافية لكل من قسمي شرطة (مينا البصل) (والدخيلة) الذي يجمع بينهما حي واحد (المكس) وطالما أن المسكن الذي اتجه إليه مجرى التحريات وزميله… وأجريا ضبط المتهم به وتفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بالتفتيش. ومن ثم فإن هذا الدفع يكون غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون متعيناً رفضه.
2 – لما كانت الأوراق خلواً من تحديد قصد معين لإحراز المتهم للمخدر المضبوط فقد بات هذا القصد غير محدد ولما هو مقرر من أن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة من توافرها.
3 – من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابطين ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم – ولا ترى ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه – أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً “حشيش” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول المحكمة برقم 1103 لسنة 45 قضائية) وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة الأخيرة – بهيئة أخرى – قضت حضورياً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1973.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض – للمرة الثانية – … إلخ.
وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع وعلى النيابة إعلان الشهود والمتهم وضم المفردات.
وبالجلسة المحددة سمعت المرافعة على ما هو مبين بالمحضر ثم أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.

المحكمة
بعد سماع أمر الإحالة وطلبات النيابة العامة والاطلاع على الأوراق وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن المتهم أعلن قانوناً ولم يحضر ويجوز الحكم في غيبته عملاً بالمادة 384/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل في أن التحريات السرية التي قام بها المقدم… وكيل قسم مكافحة المخدرات بالاشتراك مع الرائد… قد دلت على أن المتهم… يحوز كمية من المواد المخدرة بمسكنه، فاستصدر إذناً من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه وتفتيش مسكنه، وانتقل لتنفيذ هذا الإذن صحبه الشاهد الثاني حيث تم ضبط المتهم محرزاً لأربع طرب من الحشيش قبل أن يحاول التخلص منها وثبت من تحليلها أنها لمادة الحشيش.
وحيث إن الواقعة على النحو المتقدم قد قامت الأدلة الكافية على صحتها ونسبتها إلى المتهم من أقوال المقدم… والرائد… وما ثبت من تقرير قسم المعامل الكيماوية. فقد شهد المقدم… بأن تحرياته السرية التي أجراها بالاشتراك مع الرائد… قد دلت على أن المتهم… يحوز مواد مخدرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه وتفتيش مسكنه بناحية المكس، وانتقل صحبه الشاهد الثاني لتنفيذ هذا الإذن حيث وجد المتهم داخل إحدى حجرات المنزل ممسكاً بيده لفافة من القماش فأخذها منه قبل أن يحاول التخلص منها وبفحصها تبين أن بداخلها أربع طرب من الحشيش. كما شهد الرائد…. بمضمون ما شهد به الشاهد السابق وثبت من تقرير قسم المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن المادة المضبوطة لمخدر الحشيش. كما ثبت من محضر الوزن أنها تزن 846 جراماً. وحيث إن المتهم أنكر بالتحقيقات ما نسب إليه ودفع الحاضر معه بجلسات المحاكمة السابقة ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية تأسيساً على ما تبين من اختلاف دائرة القسم الذي يقع به سكن المتهم عما أثبت بياناً له بمحضر التحريات، والمحكمة تلتفت عن إنكاره بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت المتقدم بيانها، وأنه لم يقصد بهذا الإنكار إلا الإفلات من العقاب. كما أنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات، فمردود عليه أن الأصل أن تقدير الظروف التي تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لسلطة التحقيق الآمرة تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع، وكان الثابت أن النيابة العامة قد اطمأنت إلى جدية التحريات التي ضمنها الشاهد الأول محضره، كما أن المحكمة تشاركها في اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات. ومن ثم يكون إذن النيابة العامة قد صدر صحيحاً في نطاق الحدود التي رسمها القانون. هذا ولا ينال من سلامة الإذن بالتفتيش ولا من جدية التحريات التي انبنى عليها خطأ مجرى التحريات في تحديد الجهة الإدارية (قسم الشرطة) التابع لها مسكن المتهم محل التفتيش، إذ أن مفاد هذا الخطأ هو مجرد عدم إلمام مستصدر الإذن إلماماً كافياً بالحدود الجغرافية لكل من قسمي شرطة (مينا البصل)، (والدخيلة) الذي يجمع بينهما حي واحد (المكس) وطالما أن المسكن الذي اتجه إليه مجرى التحريات وزميله وأجريا ضبط المتهم به وتفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بالتفتيش. ومن ثم فإن هذا الدفع يكون غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون متعيناً رفضه. وحيث إنه عن قصد المتهم من إحرازه للمخدر المضبوط، فإن المحكمة لا تساير النيابة العامة فيما ذهبت إليه من أنه كان للإتجار، إذ أن المتهم لم يضبط يمارس الإتجار بيعاً أو شراء أو يقوم بتجزئة المخدر تمهيداً لبيعه كما لم تضبط معه الأدوات التي يستعملها في الإتجار، كميزان وصنج وآلة حادة للتقطيع ولما كانت الأوراق خلواً من تحديد قصد معين لإحراز المتهم للمخدر المضبوط فقد بات هذا القصد غير محدد ولما هو مقرر من أن حجم كمية المخدر المضبوط لا يدل بذاته على انتفاء أو توافر أحد القصود الخاصة من توافرها، ولما هو مقرر أيضاً من أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابطين ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم – ولا ترى ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها. وحيث إنه لما تقدم يكون قد ثبت للمحكمة على وجه القطع واليقين أن المتهم… في يوم… بدائرة قسم الدخيلة/ محافظة إسكندرية أحرز جوهراً مخدراً (حشيش) وكان ذلك بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي الأمر المعاقب عليه بالمواد 1، 2، 37/ 1، 2، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق به المعدل بقرار وزير الصحة 295 لسنة 1976 مما يتعين معه إعمالها في حقه ومعاقبته بموجبها وعملاً بالمادة 304/ 2 أ ج مع إلزامه بالمصاريف الجنائية عملاً بالمادة 313 من القانون الأخير.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .