الطعن 3879 لسنة 54 ق جلسة 23 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 28 ص 132 جلسة 23 من يناير لسنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر ومحمد زايد وصلاح البرجي.
—————
(28)
الطعن رقم 3879 لسنة 54 القضائية

(1) حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. إثبات “بوجه عام”. استئناف. محكمة استئنافية.
إحالة المحكمة الاستئنافية في ذكر وقائع الدعوى. كلها أو بعضها. إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى ولو خالفت وجهة نظره. سليم ما دام التنافر منتفياً.
(2) إثبات “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟.
(3)محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “أوراق رسمية”.
إقناعية الدليل في المواد الجنائية. مؤداها: حق المحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية.
(4)إجراءات “إجراءات المحاكمة”. “دفاع” الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم تعويل الحكم على صور أحكام قبل بإرفاقها ملف الدعوى. النعي على الحكم في هذا الشأن لا محل له.
(5)خلو رجل. عدم تحرير عقد إيجار. ارتباط. عقوبة “عقوبة الجرائم المرتبطة”. نقض “حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون”. “الحكم في الطعن”.
إدانة الطاعن بجريمتي تقاضي مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار وعدم تحرير عقد إيجار وجوب توقيع عقوبة واحدة عنهما المادة 32/ 2 عقوبات. توقيع عقوبة مستقلة عن كل من التهمتين. خطأ. وجوب تصحيحه بالاكتفاء بعقوبة الجريمة الأولى الأشد.

————–
1 – لا جناح على المحكمة الاستئنافية إذا هي أحالت في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى في حالة مخالفتها في النهاية لوجهة نظر محكمة الدرجة الأولى ما دام التنافر منتفياً بين ما عولت عليه هي من الحكم الابتدائي من الوقائع الثابتة وبين ما استخلصته من هذه الوقائع مخالفاً لما استخلصته منها محكمة الدرجة الأولى.
2 – لما كان من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت منه أنه استخلص أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 – من المقرر في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.
4 – لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بصور الأحكام المقال بأنها دست بملف الدعوى دون علم الطاعن ولم يكن لها بالتالي تأثير في قضائه، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
5 – لما كان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى التي أثبتها في حق الطاعن من أنه تقاضى من المجني عليه مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار ولم يحرر له عقد إيجار يتحقق به معنى الارتباط الوارد في المادة 32/ 2 من قانون العقوبات لأن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن وقعتا لغرض واحد كما أنهما مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعقوبة مستقلة عن الجريمة الثانية الخاصة بعدم تحرير عقد إيجار فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يقتضي نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء العقوبة التي أوقعها بالنسبة لهذه الجريمة اكتفاء بالعقوبة التي قضى بها من أجل الجريمة الأولى الخاصة بتقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار باعتبارها الجريمة الأشد.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: – وهو مؤجر تقاضى من المستأجر …… مبلغ ستة آلاف جنيه خارج نطاق عقد الإيجار وعلى سبيل خلو الرجل ثانياً: لم يحرر عقد إيجار كتابة للمستأجر سالف الذكر. وطلبت عقابه بالمواد 1، 24، 26/ 1، 76، 77، 84 من القانون رقم 49 لسنة 1977. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه اثني عشر ألف جنيه وأن يرد للمجني عليه مبلغ ستة ألاف جنيه وذلك عن التهمة الأولى وتغريمه مبلغ مائة جنيه عن التهمة الثانية. عارض المحكوم عليه وقضى في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الغيابي المعارض فيه وبراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة العامة ومحكمة الإسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه اثني عشر ألف جنيه وبرد مبلغ ستة آلاف جنيه للمجني عليه عن التهمة الأولى، وتغريمه مائة جنيه عن الثانية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تقاضى مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار وعدم تحرير عقد إيجار قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وانطوى على البطلان في الإجراءات، ذلك بأنه أحال في بيان أقوال شهود الإثبات إلى الحكم الابتدائي الملغي برغم أن ذلك الحكم قضى بالبراءة استناداً إلى التضارب في أقوالهم، كما أغفل دلالة المستندات الرسمية المؤيدة لدفاع الطاعن القائم على أن شقة النزاع كانت مؤجرة مفروشة لوالدة زوجة المجني عليه هذا إلى ما تكشف بعد صدور الحكم المطعون فيه من إرفاق أوراق بملف الدعوي دون علم الطاعن تشتمل على صدور الأحكام المدنية الصادرة في واقعة التأجير المفروش سالف الذكر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم أنه فضلاً عن إحالته في بيان الواقعة إلى الحكم المستأنف الذي أورد أقوال شهود الإثبات تفصيلاً، فقد عرض أيضاً لأقوال هؤلاء الشهود وحصلها بما مؤداه أنهم شاهدوا واقعة دفع المجني عليه مبلغ الخلو للطاعن، وإذ كان لا جناح على المحكمة الاستئنافية إذا هي أحالت في ذكر وقائع الدعوى كلها أو بعضها إلى ما ورد بالحكم الابتدائي حتى في حالة مخالفتها في النهاية لوجهة نظر محكمة الدرجة الأولى ما دام التنافر منتفياً بين ما عولت عليه هي من الحكم الابتدائي من الوقائع الثابتة وبين ما استخلصته من هذه الوقائع مخالفاً لما استخلصته منها محكمة الدرجة الأولى، وكان من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم تناقض رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت منه أنه استخلص أقوالهم سائغاً لا تناقض فيه وما دام أنه لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن المبدى بأسباب الطعن وأطرحه بأسباب سائغة خلص منها إلى صورية واقعة التأجير المفروش لوالدة زوجة المجني عليه وأن القصد منها هو مجرد التحايل لإخفاء جريمة خلو الرجل، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول على شيء مما جاء بصور الأحكام المقال بأنها دست بملف الدعوى دون علم الطاعن ولم يكن لها بالتالي تأثير في قضائه، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، ويضحى طعنه برمته على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر قانوناً طبقاً للمادة 35/ 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى التي أثبتها في حق الطاعن من أنه تقاضى من المجني عليه مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار ولم يحرر له عقد إيجار يتحقق به معنى الارتباط الوارد في المادة 32/ 2 من قانون العقوبات لأن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن وقعتا لغرض واحد كما أنهما مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعقوبة مستقلة عن الجريمة الثانية الخاصة بعدم تحرير عقد إيجار فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يقتضي نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء العقوبة التي أوقعها بالنسبة لهذه الجريمة اكتفاء بالعقوبة التي قضى بها من أجل الجريمة الأولى الخاصة بتقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار باعتبارها الجريمة الأشد.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .