المفهوم القانوني لمصطلح المؤسسة العامة

ظهرت فكرة انشاء المؤسسات العامة لاول مرة في حكم لمحكمة النقض الفرنسية الصادر في 5 / اذار / 1856 بعد ان تم التمييز بين المؤسسات العامة والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام ومن ثم تم تأكيد هذا المفهوم بالقانون الصادر في 21 / شباط / 1862 والذي تبنى ذات الفكرة التي توصلت اليها محكمة النقض الفرنسية .

وقد عرف فقهاء القانون الاداري المؤسسة العامة على انها : عبارة عن هيأة عامة تنشئها الدولة وتمنحها الشخصية المعنوية وقدرا من الاستقلال المالي والاداري لغرض ادارة مرفق عام ، وهي بذلك تعد صورة من صور اللامركزية المرفقية وتختلف عن انماط ادارة المرافق العامة المباشرة كما انها تختلف ايضا عن ادارة المرافق العامة بواسطة منظمات خاصة الا انها تبقى برغم ذلك جزءا من الهيكل الاداري للدولة .

وبناء على ذلك فان القرارات التي تصدرها المؤسسة العامة هي قرارات ادارية وان موظفيها تحكمهم قواعد القانون العام ويكونون في مركز تنظيمي – مع بعض الاستثناءات في فرنسا بالنسبة لعمال الادارة – وتعد الاموال التي تمتلكها المؤسسة العامة اموالاً عامة تتمتع بغطاء الحماية ذاته الذي يسري على الاموال العامة العائدة للدولة وتمنح المؤسسة العامة صلاحية ابرام العقود الادارية وغير ذلك من الاختصاصات التي تتمتع بها الهيئات الادارية .

وتجدر الاشارة الى ان الاستقلال الذي تتمتع به المؤسسة العامة هو استقلال نسبي ، فهو مقيد بقيدين هما : قيد التخصص والذي يقضي بالتزام المؤسسة العامة بتحقيق الغرض الذي انشئت من اجله ولا يمكنها الخروج عن ذلك الا انها تستطيع ممارسة نشاطها في عدة اقاليم ، اما القيد الثاني هو خضوع المؤسسات العامة الى الرقابة الادارية التي تباشرها السلطة المركزية .

وقد ادى ظهور المؤسسات العامة الى تطور كبير نتيجة لتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وتعاظمت اهميتها لاسيما بعد تزايد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وانتشار الافكار الاشتراكية ومنذ ذلك الحين اتسع مفهوم المؤسسات العامة عن المفهوم التقليدي ليصبح شاملا لجميع مظاهر ادارة المرفق العام او المشروع الاقتصادي .

اما في العراق فقد استعمل المشرع مصطلحات كثيرة للدلالة على المؤسسات العامة كالمصالح العامة او المؤسسات شبه الرسمية او المؤسسة بصورة مطلقة وبعد تيار التاميمات التي جرت في العراق في سنة 1964 صدر قانون المؤسسة الاقتصادية رقم 68 لسنة 1964 والذي حل محله القانون رقم 166 لسنة 1965 والمتعلق بتنظيم وادارة الهيئات العامة التي تتولى المشاريع المؤممة وبموجب هذا القانون اصبح للمؤسسة مفهوما محددا فقد نصت المادة الاولى منه على : ( تنشأ بهذا القانون المؤسسات العامة وتكون لكل منها شخصية معنوية واستقلال مالي واداري ويكون مركزها في بغداد وترتبط اداريا بالوزارة المبينة ازائها .. ) ثم صدر القانون رقم 90 لسنة 1970 الذي انشئت بموجبه المؤسسات العامة الانتاجية وربطت بوزارة الصناعة وتمتعت بذات الامتيازات والصلاحيات التي جاء بها القانون رقم 166 لسنة 1965 .

ولابد من الاشارة الى ان الهيئات العامة التي تتولى ادارة مرافق عامة ادارية تخضع لاحكام القانون الاداري اما المشروعات العامة مثل الشركات والهيئات التي تقوم بنشاط تجاري وتعد من وسائل القطاع الاشتراكي التي تمارس نشاطا تجاريا فانها تخضع لنظام قانوني مزدوج فمن حيث انشائها وتنظيمها فان الدولة تتولى ذلك انطلاقا من سلطتها في انشاء المرافق العامة اما من حيث النشاط الذي تمارسه هذه الهيئات فانه يخضع لاحكام القانون التجاري باعتبار ان الهيأة تمارس نشاطا تجاريا وقد ترجمت هذه الفكرة بموجب قانون التجارة رقم 30 لسنة 1984 في المادة الرابعة / الفقرة الاولى والتي تنص على :( يسري هذا القانون على النشاط الاقتصادي للقطاع الاشتراكي والمختلط والخاص ) كما ان المادة العاشرة من ذات القانون نصت على :(تسري على مؤسسات القطاع الاشتراكي الاحكام المتعلقة بالتاجر والمنصوص عليها في القانون بالقدر الذي لا يتعارض مع طبيعة الخدمات التي تؤديها).

المحامية: ورود فخري