مفهوم التصديق الناقص في القانون

قد يشترط دستور الدولة تصديق المعاهدة بالية معينة كان يعطى اختصاص التصديق لرئيس الدولة بعد موافقة البرلمان ، فيحدث احيانا ان تتم مخالفة الدستور بقيام رئيس الدولة بالتصديق على المعاهدة مباشرة دون عرضها على البرلمان للموافقة عليها ، وفي هذه الحالة فان هذا التصديق يطلق عليه التصديق الناقص اذ انه يفتقد لاحد اجراءاته الجوهرية التي نص عليها دستور تلك الدولة .

وقد اختلف الفقه في مدى صحة هذه المعاهدة من عدمه اذ يذهب الاتجاه الاول ويتزعمه لاباند وبينير وهم من دعاة ازدواجية القانون الى ان مثل هذه المعاهدة صحيحة وحجتهم في ذلك هو المحافظة على العلاقات الدولية والحيلولة دون تدخل بعض الدول في الشؤون الداخلية للدول الاخرى بحجة مراقبة صحة ابرام المعاهدة ومطابقتها للاجراءات المنصوص عليها في الدستور وقد ذهب الى هذا الراي ايضا الاستاذ جورج سل منطلقا من نظرية وحدة القانون مع علوية القانون الدولي لان اي حل اخر سيؤدي الى اخضاع القانون الدولي الى القانون الداخلي.

اما الاتجاه الثاني فهو يذهب الى بطلان هذه المعاهدة المصدقة بشكل غير صحيح وهي تستند الى فكرة الاختصاص التي تقضي بعدم تولد اي اثر قانوني الا من العمل الذي يقوم به المختص باجرائه اي السلطة المسموح لها بذلك بشكل قانوني وبناءا على ذلك فان رئيس الدولة متى تجاوز اختصاصه فان تصرفاته تصبح باطلة ومن ثم فانها لاتنتج الاثار التي كان من شانه انتاجها لو تمت صحيحة باتباع احكام الدستور ، ويتزعم هذا الاتجاه شتروب وبروكان وشارل روسو .

ويرى الاتجاه الثالث ان المعاهدة التي خالف رئيسها احكام التصديق المقررة في دستور دولته تعتبر نافذة استنادا الى فكرة مسؤولية الدولة من الناحية الدولية فتصبح الدولة مسؤولة عن اعمال رئيسها مسؤولية دولية وبالتالي فان الدولة لا تستطيع الدفع ببطلان المعاهدة بحجة ان التصديق الناقص عملا غير مشروع فعندئذ لا تلومن الا نفسها وبذلك فان المعاهدة تبقى صحيحة ومنتجة لاثارها ويتزعم هذا الاتجاه انصار المدرسة الوضعية الايطالية .

والى ذلك يذهب ايضا الاستاذ فردروس الا انه يستند على فكرة مغايرة وهي فكرة الفاعلية التي تسود القانون الدولي والقاضية بصحة المعاهدة المصدقة بشكل غير صحيح لان القانون الدولي لا يستند على حرفية النص الدستوري ولكن على ممارستها الفعلية .

ويجري التعامل في المجتمع الدولي على صحة المعاهدة المصدقة تصديقا ناقصا وهذا ما ذهب اليه القضاء الدولي ايضا في احكام عديدة من ذلك الحكم الذذ اصدرته محكمة العدل الدولية الدائمة عام 1932 في قضية المناطق الحرة والحكم الذي اصدرته نفس المحكمة عام 1933 في قضية كرينلاند الشرقية .

وبالمثل فان اتفاقية فينا 1969 لا تجيز الاستناد الى التصديق الناقص لطلب ابطال المعاهدة الا اذا كان العيب الدستوري الذي شاب التصديق عيبا واضحا اذ تنص المادة 46 منها على انه ( 1- لايجوز لدولة ان تتمسك بان التعبير عن ارتضائها الالتزام بمعاهدة قد تم بالمخالفة لحكم في قانونها الداخلاي يتعلق بالاختصاص بابرام المعاهدات كسبب لابطال رضاها الا اذا كان اخلالا واضحا بقاعدة ذات اهمية جوهرية من قواعد قانونها الداخلي 2- يعتبر الاخلال واضحا اذا تبين بصورة موضوعية لاية دولة تتصرف في هذا الشان وفق السلوك العادي وبحسن نية ).

المحامية: ورود فخري