ورقة بحثية حول حماية المستهلك الإلكتروني في القوانين العمانية

لم يكن في السابق هناك أي اهتمام تشريعي فيما يتعلق بحماية المستهلك من الناحية القانونية، إذ أن الشريعة لإسلامية الغراء بطبيعتها التنظيمية قد كفلت فيما يتعلق بضمان العيوب الخفية في المبيع وغيرها من القوعد الأخرى، ثم أتت القوانين المدنية وبما تحمله من نظريات تقليدية حول مفهوم الالتزامات والحقوق المتبادلة بين الأفراد، إلا أن تلك القوانين أيضا لم تستطع أن تضع الحماية القانونية للمستهلك وهو الطرف الضعيف دائما في العملية التعاقدية.

وإذا كان الأمر كذلك فيما يتعلق بالمستهلك التقليدي فإن الأمر يزداد تعقيدا وخطورة لدى المستهلك الإلكتروني الذي يتعاقد لشراء سلعة لم يعاينها مباشرة أو يتلمسها بيديه ليكشف عيوبها ومدى مطابقتها للمواصفات المعلن عنها في الموقع الإلكتروني للتاجر، ناهيك عن التطور الذي تشهده التجارة الإلكترونية وما أفرزته من ظهور طرق وأساليب جديدة أثرت تأثيرا كبيرا على النظام القانوني للعقود التقليدية.

ولذا فقد سعت معظم التشريعات إلى إيجاد قانون ينظم مسألة الحماية القانونية للمستهلكين وبما يكفل حقوقهم بلا ضرر أو ضرار بمصالح الآخرين. فظهرت القوانين التي تنظم حماية المستهلك في العقود التقليدية ثم تطورت لتشمل أيضا العقود الإلكترونية والتي تبرم عبر استخدام شبكة الإنترنت.

ونظرا لأن البحوث المرتبطة في العقود الإلكترونية قليلة وخاصة تلك المرتبطة بالقوانين العمانية فإن البحث فيها هو أمر يحتاج إلى الإطلاع على قصاصات من الكتابات المتبعثرة هنا وهناك للملمتها في بحث يمكن أن يساهم في تأصيل وتقعيد الأمور ووضعها في نصابها القانوني الصحيح وفق ما يتناسب مع التشريعات العمانية.

وسأحاول في هذه الورقة الحديث عن المستهلك الإلكتروني بين الواقع والمأمول وذلك في أربعة مطالب، سأتناول في المطلب الأول مفهوم المستهلك الإلكتروني وفي المطلب الثاني تأثير التجارة الإلكترونية على الأسواق التقليدية، وفي المطلب الثالث الاستهلاك الإلكتروني في السلطنة وفي المطلب الرابع الواقع التشريعي في حماية المستهلك الإلكتروني.

على أمل أن تكون هذه الورقة إضافة جديدة إلى البيان القانوني المنشود في كل ما يتعلق بحماية المستهلك.

》المطلب الأول: تعريف المستهلك الإلكتروني:
إن تحديد مفهوم المستهلك الإلكتروني يتطلب في بادئ الأمر الأخذ بتعريف المستهلك بشكل عام، إذ أن نطاق تعريف المستهلك يتوقف على تحديد مفهوم أو معنى الاستهلاك، ذلك أن الاستهلاك لا ينصرف إلى فئة أو طبقة أو مجموعة معينة إنما هو ضرورة يمارسها المجتمع، ومن ثم فإن كافة أفراد المجتمع يندرجون في عداد المستهلكين.

ونظرا لأن ثقافة الاستهلاك في الوطن العربي مازالت في طور النمو والتطوير فلم تظهر هناك الكثير من الآراء الفقهية حول تعريف المستهلك وإنما كان التركيز على فكرة الاستهلاك لدى رجال الاقتصاد والمال، بل إن أصحاب الشركات كانوا سباقين في فكرة تطوير الاستهلاك وذلك بتنوع السلع والبضائع والخدمات، إلى أن برزت الحاجة إلى وضع الحماية القانونية للمستهلك وكان لزاما في هذه الحالة تحديد من هو المستهلك بشكل واضح وجلي بلا لبس أو غموض. ولذا فقد تبنت معظم التشريعات العربية إلى وضع تعريف للمستهلك يمكن التعويل عليه في تحديد الفئة المستهدفة من الحماية القانونية ولذا فقد أتت معظم التعريفات مقتضبة تاركة التوسع لهذا التعريف بحسب ما يستجد من وقائع وتصرفات يمكن أن تدرج ضمن مفهوم المستهلك فيما بعد.

وقبل أن نتطرق إلى التعريف القانوني للمستهلك فإنه من المناسب أن نتناول تعريف المستهلك من حيث اللغة ومِن ثَمَ من حيث الإصطلاح القانوني، فمن حيث اللغة نجد أن المستهلك من الناحية اللغوية هو المنفق، فالمتتبع للفظ استهلك يجد أنه مأخوذ من الفعل هلك وهو مفعول من اِسْتَهْلَكَ يقال استهلكَ يستهلك استهلاكًا فهو مُستهلِك، والمفعول مُستهلَك ومن ثم فإن لفظ استهلك يأتي بمعنى الإنفاق والنفاذ، فيقال استهلك مالَه أي أهلكه وأنفقه، ويقال استهلكتِ السَّيَّارةُ البنزينَ أي استنفدته.[1]

أما التعريف القانوني بحسب ما ورد في القوانين المنظمة لحماية المستهلك نجد أن البعض قد توسع في المفهوم والبعض الآخر قد ضيق من المفهوم، فعلى سبيل المثال ذهب المشرع المصري في قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006 إلى تعريف المستهلك بأنه ” كل شخص تقدم إليه إحدى المنتجات لإشباع احتياجاته الشخصية، أو العائلية ، أو يجري التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص” و عرف المشرع العراقي المستهلك في قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 بأنه “الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يتزود بسلعة أو خدمة بقصد الإفادة منها” وعُرٍفَ المستهلك في القانون الإتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 24 لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك بأنه ” كل من يحصل على سلعة أو خدمة – بمقابل أو بدون مقابل- إشباعا لحاجاته الشخصية أو حاجات الآخرين” وهنا أراد المشرع أن يشمل كل خدمة أو سلعة سواء تمت بمقابل أو بدون مقابل وهذا توسع في مفهوم المستهلك، كما ذهب المشرع العماني إلى ذات التعاريف السابقة إذ أنه قد عرف المستهلك في قانون حماية المستهلك رقم 66/2014 بأنه “كل شخص طبيعي أو اعتباري يحصل على سلعة أو يتلقى خدمة بمقابل أو بدون مقابل” 1

وخلاصة تلك التعاريف أن وصف المستهلك ينطبق على كل من يرغب في الحصول على خدمة أو سلعة وذلك لإشباع رغباته وحاجاته الشخصية أو رغبات وحاجات الغير، وهنا نجد أن التعاريف القانونية لم تتوسع بشكل كبير في وضع التعريف وإنما قصر وحدد من أجل تحديد مفهوم المستهلك بلا لبس أو غموض.

وبالنسبة للتشريعات المقارنة كالتشريع الفرنسي نجد أنه قد قام بتجميع تشريعات حماية المستهلك لديه والتنسيق بينها في مجموعة واحدة تحت مسمى قانون الاستهلاك الفرنسي رقم 949 لسنة 1993، إلا أنه لم يتطرق فيها إلى تعريف المستهلك.[2] باستثناء ما أشار إليه عن مفهوم المستهلك في القرار الوزاري الصادر بتاريخ 14 يناير 1972 بتنظيم الإعلان عن أسعار السلع بأنه (( من يقوم باستعمال السلع والخدمات لإشباع حاجياته الشخصية وحاجيات من يعولهم وليس بهدف إعادة بيعها أو تحويلها أو استخدامها في نطاق نشاطه المهني)) وهنا نجد أن المشرع الفرنسي قد قصر تعريف المستهلك في هذا القرار على من يسعى إلى إشباع حاجاته وحاجات من يعولهم بشكل مباشر دون أن يشمل من يقوم بالاستهلاك بهدف الربح كالشراء بهدف إعادة البيع أو للأنشطة المهنية.[3]

ومن خلال ما سبق يتبين أن معظم التشريعات العربية لم تتطرق إلى مصطلح المستهلك الالكتروني وذلك لقلة التطبيقات العملية فيها من حيث الاستهلاك الإلكتروني إذ أن معظم عمليات الاستهلاك تتم بشكل تقليدي، ولذا فإن التشريعات العربية ذهبت إلى تعريف المستهلك من خلال الهدف الذي يسعى إليه وليس من خلال الوسيلة التي يستخدمها أثناء التعاقد.

ولذا فإن التعريف بالمستهلك الإلكتروني هو تعريف يقوم على أساس الوسيلة المستخدمة في إشباع الحاجات والرغبات، إذ أن المستهلك يقوم باستخدام جهاز إلكتروني مرتبط بشبكة الإنترنت يُعينه على بحث السلعة أو الخدمة التي يريدها ومن ثم يقدم على طلبها وتعبيره بالقبول لها ومن ثم السير في إجراءات التعاقد بالطرق الإلكترونية ومن ثم الحصول على السلعة أو الخدمة إما بشكل إلكتروني أيضا أو عن طريق الاستلام اليدوي، فمثلا قد يشتري المستهلك برنامجا إلكترونيا لمكافحة الفيروسات ويحمله على جهازه مباشرة دون أن تلامس يده لذلك البرنامج، وقد يشتري سلعة ويتم إرسالها له عبر البريد أو أن يستلمها مباشرة من البائع. فالعبرة هنا تكمن في طريقة اختيار المنتج أو السلعة وطريقة إبرام العقد، أما التنفيذ فقد يتم إلكترونيا وقد يتم بشكل تقليدي.

ولذا فإننا يمكن أن نعرف المستهلك الإلكتروني بأنه ” كل شخص طبيعي أو معنوي يسعى إلى الحصول على سلعة أو خدمة أو معلومة أو برنامج بواسطة جهاز إلكتروني مرتبط بشبكة الإنترنت”

وتبقى الإشكالية في تعريف السلعة نفسها إذ أن قانون حماية المستهلك العماني عرف السلعة بأنها “كل منتج صناعي أو زراعي أو حيواني أو تحويلي بما في ذلك العناصر الاولية والمواد والمكونات الداخلة في المنتج” ولم يتطرق التعريف إلى مفهوم السلعة الإلكترونية والتي قد تكون برنامجا إلكترونيا أو مادة يتم تحميلها إلكترونيا عبر الأجهزة مباشرة.

》المطلب الثاني: التجارة الإلكترونية وتأثيرها في الأسواق المحلية:
تزايدت حركة التجارة الإلكترونية على مستوى العالم والذي أصبح ليس كقرية صغيرة وإنما أصبح العالم بين يديك تجوب حوله بجوالك الصغير وتزور خلاله مختلف المتاجر والشركات عبر مواقعها الإلكترونية وتقلب أنواعا متعددة من السلع وتطلع على العديد من الخدمات وأنت جالس على طاولتك وتحتسي كوب الشاي والذي قبل أن يفتر تكون أنت قد اخترت السلعة وتعاقدت بإيجاب وقبول وأبرمت العقد الإلكتروني وسددت الثمن عبر وسائل الدفع الإلكترونية[4] وأصبحت تنتظر وصول البضاعة والتي قد تصل إليك قبل أن تقوم من مكانك إن كانت عبارة عن برنامج إلكتروني يتم تنزيل تطبيقاته على جوالك.

لقد أصبح التعاقد أسهل مما كان عليه في السابق وأصبحت البدائل لديك متاحة في سوق افتراضي لا يعرف معنى الاحتكار، بل على العكس أصبحت المتاجر الإلكترونية أسواقا تختار منها السلع بالجودة التي تريدها وبالسعر الذي تختاره دون أن تدخل في نطاق أسواق الاحتكار والتي تتمثل في الأسواق التقليدية.

ونظرا للتوسع الذي شهدته التجارة الإلكترونية فإننا يمكن أن نقسم تلك التجارة على أساس أطراف التعاقد بأنها قد تتم بين مؤسسة أعمال ومؤسسة أعمال أخرى (b2b) أو بين مؤسسة أعمال ومستهلك (B2C) أو بين مؤسسة الأعمال والقطاع الحكومي (B2G) أو بين قطاع حكومي ومستهلك (G2C) أو بين مستهلك ومستهلك (C2C).[5]

إن هذا التعدد قد جعل من حماية المستهلك في عقود التجارة الإلكترونية مطلبا ملحا وضروريا وذلك لأن الخطر الذي يتعرض له أكبر وأسرع ولذلك تتجه التشريعات الحديثة في التجارة الإلكترونية إلى وضع المستهلك في قائمة أولوياتها والعلة في ذلك أن هذه التجارة عبارة عن نظام معلومات تتناول خلاله المليارات من السلع والخدمات، ويبقى المستهلك هو الحلقة الأضعف في العملية التعاقدية والتي لابد من حمايته من مخاطر الاستغلال الغير مشروع عند التعاقد، ولاسيما إذا ما عرفنا غياب بعض التشريعات القانونية التي تحمي المستهلك الإلكتروني من مغبة الوقوع في أخطاء فنية عند التعاقد أو في تظليله من قبل البائع الذي يتعامل معه عبر سوق افتراضي، الأمر الذي قد يؤدي إلى عزوف المستهلك من الإقبال على الشراء الإلكتروني خوفا من مغبة الوقوع في الاستغلال أو السرقة أو الاحتيال عليه من حيث لا يدري.

ولذا فعلى الشركات التجارية التي تود التعاقد عبر شبكة الإنترنت أن تتعامل بمنتهى الشفافية والمصداقية وأن تضفي الطابع الأمني على مواقعها الإلكترونية وجميع تعاملاتها لتخلق وتعزز من ثقة المستهلك في التعامل معها، فإذا ما استطاعت تلك المواقع أن تكسب ثقة المستهلك فإنه سيقدم على عملية التعاقد، على أن تعزز هذه الثقة بالتطبيق العملي الصحيح والتي ستخلق مع مرور الزمن ثقة جميع المستهلكين.

وهذا ما استطاع أن يكسبه المستهلك الأجنبي من الشركات التجارية عبر شبكة الإنترنت إذ تزايدت حركة التجارة الإلكترونية في مختلف الدول الأجنبية التي استطاعت أن تضع التشريعات والأطر القانونية والفنية موضع التنفيذ الصحيح مع أهمية الوعي القانوني والتقني عند الإقدام على التعاقد الإلكتروني، بينما مازال المستهلك العربي يشغل مساحة ضئيلة في التعامل عبر شبكة الإنترنت وهذه المساحة يجب الاهتمام بها وتنميتها وذلك عن طريق الاهتمام بالتجارة الإلكترونية العربية وسن التشريعات المنظمة لها، فضلا عن خلق البيئة الملائمة للتشجيع على التعامل التجاري عبر الشبكة وذلك بتنمية الوعي القانوني والمعلوماتي لدى المستهلك[6]. وبالتالي يبقى الدور على هيئة تقنية المعلومات وهيئة حماية المستهلك والجمعيات الأهلية المتخصصة في بث رسائل التوعية حول الطرق الآمنة للتعاقد الإلكتروني، وبالإجراءات التي يتعين على المستهلك أن يتبعها قبل الإقدام على الشراء من أي موقع أو متجر إلكتروني، مع أهمية تشجيع الشركات المحلية من خوض غمار التجارة عبر الوسائل الإلكترونية.

》المطلب الثالث: الاستهلاك الإلكتروني في السلطنة عبر التجارة الإلكترونية:
ما زالت ثقافة الإستهلاك بالطرق العادية مسيطرة على معظم المستهلكين في السلطنة وقد يرجع ذلك إلى العديد من العوامل منها:

1. حداثة شبكة الإنترنت في السلطنة إذ أنها قد تم تدشين خدمة الإنترنت في السلطنة في عام 1997 من قبل إحدى شركات الإتصال المحلية ومازالت هذه الخدمة لم تصل إلى الطموح المطلوب في جميع مناطق السلطنة وذلك قد يكون لأسباب فنية أو بسبب طبيعة التضاريس الجغرافية في السلطنة وترامي أطرافها، ومع ذلك فإن الشركات المتخصصة تسعى جاهدة إلى تطوير هذه الخدمة عبر الأجيال التقنية التي تطرح بين فترة وأخرى.

2. عدم وجود الشركات المحلية التي تستطيع أن تتبنى فكرة المحلات التجارية الإلكترونية التي توفر مختلف السلع والبضائع والقيام بتوصيلها إلى المستهلكين في منازلهم. فضلا عن تكبد هذه الشركات لمصروفات مختلفة متعلقة بالتقنية وأساليب الأمان المطلوب تحقيقها في مواقعهم الإلكترونية. على الرغم من أن تكلفة إعداد متجر إلكتروني أقل كلفة من المتجر التقليدي والذي تتكبد فيه مصاريف مختلفة كالإيجار وتخزين البضائع واستهلاك الكهرباء ورواتب العمال وغيرها من المصروفات.[7]

3. عدم إقبال المستهلكين على الشراء الإلكتروني نظرا للتخوف من مخاطر الوقوع في شراك المواقع الإلكترونية الوهمية أو مخاطر سرقة بطاقاتهم الائتمانية أو عدم حصولهم على السلع أو الخدمات وغيرها من الأسباب التي تجعل المستهلك يتردد في الإقدام على الشراء الإلكتروني.

4. عدم الوعي القانوني لدى المستهلك بالضمانات القانونية التي كفلها القانون للمستهلك أثناء التعاقد الإلكتروني.

وفي هذا الجانب نجد أن السلطنة كانت سباقة في إعداد قانون خاص للمعاملات الإلكترونية حتى قبل صدور قانون المعاملات المدنية والصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29/2013، إذ صدر قانون المعاملات الإلكترونية بموجب المرسوم السلطاني رقم 69/2008 والذي عرف فيه المعاملة الإلكترونية بأنها أي إجراء أو عقد يبرم أو ينفذ كليا أو جزئيا بواسطة رسائل إلكترونية. كما تطرق هذا القانون إلى العديد من المواضيع المتعلقة بالتعاملات الإلكترونية من مراسلات وعقود وتوقيع إلكتروني وتشفير البيانات وكل هذا من أجل تعزيز ثقة المستهلك والمستخدم على حد سواء بمصداقية المعاملات الإلكترونية من رسائل وعقود وغيرها، فضلا عن أن القانون قد نظم فيما يتعلق بأحد الجوانب الهامة في التجارة الإلكترونية وهو وسيلة الدفع الإلكترونية، وذلك من خلال بوابة الدفع الإلكترونية.[8]

5. عدم تفعيل الخدمات البريدية لتوصيل السلع والبضائع إلى المستهلكين في منازلهم، فضلا عن عدم الترقيم والتسمية لبعض الشوارع والذي قد يعيق من سرعة الوصول إلى مقر تواجد المستهلك لتسليمه البضاعة.

ومن خلال الإطلاع على الموقع الإلكتروني لهيئة حماية المستهلك لم يتبين قيام الهيئة ببحث أو دراسة أو التدخل لحماية المستهلك الإلكتروني، وإنما كان كل الحالات التي تدخلت فيها الهيئة تقع في نطاق المستهلك العادي.

ولهذا فالأمل في هذه الهيئة كبير في ما يتعلق بالتوعية وتبصير المستهلك العادي بشكل عام والمستهلك الإلكتروني بشكل خاص حول الطرق والإجراءات الآمنة التي يتعين عليه أن يعرفها وأن يسلكها أثناء القيام بأي تعاقد إلكتروني. وخاصة في ظل عدم التفاعل من قبل الجمعيات الخاصة وبالذات الجمعية العمانية لحماية المستهلك، والتي ظل موقعها الإلكتروني حتى الآن مكتوبا باللغة الإنجليزية فقط.

》المطلب الرابع: الواقع التشريعي في حماية المستهلك الإلكتروني:
لقد صدر سابقا قانون حماية المستهلك بموجب المرسوم السلطاني رقم 81/2002، وكانت الجهة المعنية بتنفيذ هذا القانون آنذاك هي وزارة التجارة والصناعة، ولكن بصدور مرسوم إنشاء الهيئة العامة لحماية المستهلك رقم 26/2011، وكذلك بصدور المرسوم السلطاني رقم 53/2011 بشأن إصدار نظام الهيئة العامة لحماية المستهلك، فإن الجهة المعنية بتنفيذ هذا القانون أصبحت الآن جهة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي وتتبع بشكل مباشر إلى مجلس الوزراء الموقر، وقد استتبع ذلك تعديل قانون حماية المستهلك وقد صدر لذلك المرسوم السلطاني رقم 66/2014 بإصدار قانون حماية المستهلك.

هذا الاستقلال الإداري والمالي قد أضفى على الهيئة مزيدا من الدعم والحيادية، وأكسبها المقدرة على ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها واختصاصاتها التي رسمها لها المشرع، وأصبح للهيئة الآن الصلاحيات المطلقة في تفعيل اختصاصاتها بالشكل الذي يحقق الهدف المنشود من إنشاءها كهيئة تعنى بحماية المستهلك.

ويمكن أن نوجز بعض الملاحظات على قانون حماية المستهلك الجديد فيما يتعلق بالمستهلك الإلكتروني:

1. تعديل تعريف السلعة ليشمل المنتجات الإلكترونية التي يمكن شرائها عبر شبكات الإنترنت وتحميلها عبر الأجهزة المستقبلة مباشرة، لأن التعريف الحالي لم يتطرق إلى السلع الإلكترونية وإنما قصر التعريف على كل منتج صناعي أو زراعي أو حيواني أو تحويلي بما في ذلك العناصر الأولية والمواد والمكونات والمنتجات نصف المصنعه.

2. تعديل تعريف المستهلك ليشمل أيضا المستهلك الإلكتروني.

3. مضاعفة العقوبة في حال الإقدام على التحايل أو الغش فيما يتعلق بالعقود الإلكترونية، وذلك من أجل فرض أكبر قدر من الحماية القانونية على التعاملات الإلكترونية.

كتبه الأستاذ /شبيب بن ناصر بن خلفان البوسعيدي

ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] راجع مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزي، القاموس المحيط، الطبعة الأولى، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1987، ص 1237، وراجع الموقع الإلكتروني المعاني http://www.almaany.com.
1 عرف المستهلك في قانون حماية المستهلك رقم 81/2002 بأنه “كل شخص طبيعي أو معنوي يشتري سلعة أو خدمة أو يستفيد من أي منهما”
[2] راجع في التعليق على هذا القانون د. محمد شكري سرور، التجارة الإلكترونية ومقتضيات حماية المستهلك، مؤتمر الجوانب القانونية والأمنية للعمليات الإلكترونية، المجلد الثاني،ص 101 وما بعدها، وراجع عبدالله ذيب محمود، حماية المستهلك في التعاقد الإلكتروني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان الاردن، 2012، ص 34.
[3] د. عبد الفتاح بيومي حجازي، حماية المستهلك عبر شبكة الإنترنت، دار الكتب القانونية، مصر، 2008.ص 26. وقد رفضت المحاكم الفرنسية إضفاء صفة المستهلك على المزود عندما يقوم بإجراء تصرف قانوني له علاقة مباشرة مع نشاطه المزود الذي يباشره، وحتى ينطبق وصف المستهلك على المزود يجب أن يكون التعاقد خارج نشاطه المزود أي يتعلق بإشباع حاجاته الشخصية والعائلية. راجع عبدالله ذيب محمود، حماية المستهلك في التعاقد الإلكتروني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان الاردن، 2012، ص 37.
[4] تتعدد وسائل الدفع الإلكترونية بين البطاقات الإلكترونية والنقود الإلكترونية والأوراق التجارية الإلكترونية وغيرها من الوسائل، راجع/ شبيب بن ناصر البوسعيدي، وسائل الدفع في التجارة الإلكترونية، مركز الغندور، القاهرة، 2010.
[5] للمزيد راجع هند محمد حامد، التجارة الإلكترونية في المجال السياحي، بدون دار نشر، 2003، ص17، وراجع د. صالح المنزلاوي، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006، ص32.
[6] راجع د. عبد الفتاح بيومي حجازي، حماية المستهلك عبر شبكة الإنترنت، دار الكتب القانونية، مصر، 2008.ص 29
[7] يعتبر التسوق عبر الإنترنت أقل كلفة من التسوق التقليدي فمثلا تقل تكلفة الخدمات المصرفية عبر شبكة الإنترنت (11) مرة عن تكلفة تقديمها في صالة مبنى البنك. راجع د. طارق طه، التسويق بالإنترنت والتجارة الإلكترونية، الدار الجامعية، 2004-2005،ص 49.
[8] تهدف بوابة الدفع الالكتروني لمساعدة المواطنين على القيام بعمليات الدفع الالكتروني عبر الانترنت وذلك للمؤسسات الحكومية ولمؤسسات القطاع الخاص، كما ستمكن البوابة مستخدمي بوابة الخدمات الحكومية الإلكترونية (اوبار) من دفع رسوم الخدمات الحكومية الإلكترونية آليا بنفس الوقت بتكامل وأمان كبير، وسوف تدعم كافة طرق الدفع المتوفرة عبر جميع منافذ الدخول لبوابة الخدمات الحكومية الإلكترونية (اوبار) سواء عن طريق الانترنت او الهاتف النقال. راجع الموقع الإلكتروني لهيئة تقنية المعلومات. http://www.ita.gov.om

إعادة نشر بواسطة محاماة نت