إنشاء نظام لتأمين الأسرة

تثور الإشكالية بين وزارة العدل وبين وزارة الشئون الاجتماعية للأتي:
تنص المادة 71 من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية علي أن:
“ينشأ نظام لتأمين الأسرة، ومن بين أهدافه ضمان تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير نفقة للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الأقارب، يتولى الإشراف علي تنفيذه بنك ناصر الاجتماعي.
ويصدر بقواعد هذا النظام وإجراءاته وطرق تمويله قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات.
والحكم الوارد بالمادة مستحدث وهو يقضي بإنشاء نظام لتأمين الأسرة، ولم تنص المادة علي كافة أهداف هذا النظام، وإنما ذكرت أن من بين أهدافه تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير نفقة للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الأقارب. ويتولى الإشراف علي تنفيذ هذا النظام بنك ناصر الاجتماعي.

وقد فوض النص وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات في إصدار قرار بقواعد هذا النظام وإجراءاته وطرق تمويله. فقد قامت وزارة العدل بإعداد مشروع قرار لتحديد قواعد نظام النفقة وإجراءاتها وطرق التمويل وتم إرسال القرار إلي وزارة الشئون الاجتماعية منذ اكثر من عام للموافقة عليه إلا انه حتى هذه اللحظة لم يتم الموافقة عليه بدعوى عدم وجود أموال كافية لتغطية النفقة. ومن هنا تثور الإشكالية بين وزارة العدل وبين وزارة الشئون الاجتماعية.
في حين أننا نجد أن دولة تونس الشقيقة قد حلت هذه المشكلة عام 1993 بإنشائها “صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق” وهو كبنك ناصر الاجتماعي في مصر لكنه مخصص فقط للحفاظ علي كيان الأسرة وصيانة كرامتها عن طريق تنفيذ أحكام النفقة وحقوق الزوجة ما بعد الطلاق وقد تغلب علي مشكلة نقص التمويل المدعى به عندنا عن طريق عدة وسائل.

طرق تمويل الصندوق:

أولاً: طرق التمويل الخارجية وهي مقسمة إلي:
1- مساهمة الدولة حيث خصصت الدولة مبلغ مليون دينار كمساهمة منها للصندوق ولضمان حسن انطلاقه.
2- الهبات والعطايا.
ثانياً: طرق التمويل الذاتي وهى مقسمة إلي:
1- مبالغ النفقة وجراية الطلاق وغرامات التأخير المستخلصة من المدينين وكذلك مصاريف استخلاص الدين.
2- مدأخيل استثمار أموال الصندوق.
ثالثاً: مدأخيل أخرى مختلفة:
فإذا قمنا بالأستفاده من التجربة التونسية من حيث توفير مصادر التمويل للعمل علي تطبيق نص المادة 71 من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية سيكون لذلك بالغ الاثر في حل معظم مشاكل التنفيذ في مصر.

المبالغ التي يجوز الحجز عليها وفاء لدين النفقةنصت المادة 76 من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية علي أن:
“استثناء ما تقرره القوانين في شأن قواعد الحجز علي المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها، يكون الحد الأقصى لما يجوز الحجز عليه منها وفاء لدين نفقة أو أجر أو ما في حكمها للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين في حدود النسب الآتية:
(أ) 25% للوالدين أو أيهما.
(ب) 25% للوالدين أو أقل.
(ج) 35% للولدين أو أقل.
(د) 40% للزوجة أو المطلقة ولولد أو أثنين والوالدين أو أيهما.
(هـ) 50% للزوجة أو المطلقة وأكثر من ولدين والوالدين أو أيهما.
وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد النسبة التي يجوز الحجز عليها علي (50%) تقسم بين المستحقين بنسبة ما حكم به لكل منهم.

كما نصت المادة 77 من القانون علي أن : ” في حالة التزاحم بين الديون تكون الأولوية لدين نفقة الزوجة أو المطلقة، فنفقة الأولاد، فنفقة الوالدين، فنفقة الأقارب، ثم الديون الأخرى”.
والمادة 76 بصريح نصها جاءت استثناء مما تقرره القوانين في شأن قواعد الحجز علي المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها، ومن ثم فإنها تكون قد جاءت استثناء من أحكام القانون رقم 111 لسنة 1951 (المعدل)، إذ تضمنت أحكاماً معدلة له.
1- رفعت المادة 76 النسبة التي يجوز الحجز عليها من المرتبات أو الأجور أو المعاشات وما في حكمها وفاء لدين مما نص عليه في المادة، وهو دين نفقة أو أجر الزوجة أو المطلقة والأولاد والوالدين. والمقصود بالأولاد والوالدين هم الفروع مهما نزلوا والأصول مهما علوا لأن ولد الابن ابن، والأجداد والجدات آباء وأمهات وإن بعدوا.
2- أن المادة 76 نصت في فقرتها الأخيرة علي أنه في جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد النسبة التي يجوز الحجز عليها (50%) تقسم بين المستحقين بنسبة ما حكم به لكل منهم. فإذا كان محكوما بالنفقة لزوجتين وأكثر من ولدين أو أيهما تكون النسبة التي يجوز الحجز عليها 50% فقط وتوزع عليهم بنسبة ما حكم به لكل منهم. بالرغم من أن الزوجتين يجوز لهما الحجز علي نسبة تصل إلي 40% طبقاً للبند (أ) من المادة 76.
3- أن المادة 77 أوضحت الحكم في حالة التزاحم بين الديون المشار إليها في المادة 76 وكذلك بالنسبة للديون الأخرى فجعلت الأولوية لدين نفقة الزوجية أو المطلقة، فنفقة الأولاد، فنفقة الوالدين، فنفقة الأقارب، ثم الديون الأخرى.
وقد راعي المشرع في ذلك مراتب ديون النفقات المقررة شرعاً من حيث القوة وأولويتها علي سائر الديون الأخرى.

وأحكام الحجز المذكورة من المفترض أن تسري علي ما يتقاضاه العامل من مرتب أو أجر أو راتب إضافي ولو كان عن أشهر متعددة سابقة علي تاريخ الحجز. كما إذا سافر العامل إلي الخارج واحتفظت له الخزانة بمرتبه أو أجره لحين حضوره.
إلا أن الواقع العملي يعكس غير ذلك حيث عادة ما يختلف مقدار ما يتم التنفيذ عليه باختلاف عمل الزوج فإن كان يعمل بعمل تابع للحكومة أو القطاعات شبة الحكومية فإنه يتم التنفيذ علي المرتب الأساسي والإضافي.
أما إذا كان الزوج يعمل بعمل تابع لجهة خاصة، فإنه يتم التنفيذ علي الراتب الأساسي فقط.

وفي كلتا الحالتين لا يتعدى التنفيذ 50% من الأجر كما سبق الذكر. وهو ما لا يصل في كثير من الأحيان إلي ما تم الحكم به للمستحقين للنفقة مما يعيق النساء عن التنفيذ للحصول علي كامل مستحقاتهن (ويصبح المبلغ محل التنفيذ ضئيل لا يغني عن الجوع).
هذا فضلاً عن أن تحديد هذه النسب يعطي فرصة كبيرة للأزواج للتلاعب وعدم السداد الذي يتخذ أشكالاً عدة أكثرها شيوعاً إدخال الزوج لأي من أقرباءه في دعوى النفقة المرفوعة من الزوجة أو المطلقة أو الأبناء وذلك للتزاحم علي مقدار ما يتم التنفيذ عليه ومن ثم تتضاءل نسبة ما تحصل عليه الزوجة لها ولأبنائها أكثر مما هو ضئيل بالأساس.

هذا فيما يتعلق بذوي الأجور والمعاشات وما في حكمهما أما ذوي الأعمال الحرة فيصبح التنفيذ لاستيفاء ديون النفقة شبه مستحيل حيث لا تجد النساء سواء طريق دعوى الحبس وهي دعوى يتم رفعها أمام المحكمة للحصول علي حكم بالحبس لعدم دفع النفقة لكنها تستلزم :
أولاً :- الحصول علي حكم بالنفقة وما يستغرق من وقت عادة ما يمتد إلي سنة.
ثانياً:- أن يصبح هذا الحكم نهائيا.
ثالثاً :- الحصول علي حكم بالحبس وهو الأمر الذي يستغرق وقت طويل أيضاً نظراً لتكدس الدعاوى وقلة عدد القضاة.
و لا يعد تنفيذ حكم الحبس من الأمر الهين. فهو يستلزم وقت وجهد وتكلفة لا تستطيع النساء المحتاجات للنفقة تحمله إلا بنسبة قليلة جداً أو اللاتي يحكم لهن بمبالغ كبيرة .

إذا كان الزوج يعمل بالخارج فإن إجراء التنفيذ عليه يتطلب عدة إجراءات :
أن تقوم السيدة شخصيا بتقديم الحكم القضائي مشمولا بالصيغة التنفيذية إلى المكتب الفني للنائب العام بمحكمة النقض بدار القضاء العالي للحصول علي تأشيرة علي الطلب المعد لذلك ولكن يشترط أن تكون علي علم بمكان إقامة وعمل الزوج بالخارج.

بعد ذلك يتم تحويلها إلى الإدارة القنصلية بجاردن سيتي (عمارة إيزيس) حيث أنها الجهة المختصة بمتابعة المصريين العاملين بالخارج والتنفيذ عليهم حيث تقوم بإرسال الحكم إلى السفارة المصرية للبلد التي يعمل بها الزوج حتى يتم التنفيذ بالتعاون مع الجهات القضائية المختصة بالدولة الأجنبية مع مراعاة الاتفاقيات الخاصة بشرط المعاملة بالمثل. وتتم تلك الإجراءات كلها دون سداد أي رسوم أو مصروفات.
لذ يتحول الحصول علي مبالغ النفقة إلي إجراءات وتعقيدات إدارية تساهم في التنكيل بالزوجة أو المطلقة والأولاد أكثر منه التزام شرعي وقانوني يسد بعض الاحتياجات الأساسية لطالبات النفقة اللاتي يتخذون كل هذه الخطوات في ظل عدم وجود مورد رزق بالأساس لتغطية نفقاتهن الضرورية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وتعليم.

دعاوى النفقة أمام القضاء
يتناول هذا القسم دراسة وتحليل لعدد مائة واثنين وثلاثون دعوى قضائية لعدد اثنين وتسعون سيده تم تداولها أمام القضاء وذلك للوقوف علي الجوانب العملية التي تشكل عقبات في سير الدعاوى.
وقد تم اختيار هذه العينات بعد دراسة كاملة لهم من كافة الجوانب بحيث تشتمل العينة علي أنماط مختلفة من السيدات من ناحية السن والمستوى التعليمي والعمل ومحل الإقامة، ما بين المدن والمناطق العشوائية، والحالة الاجتماعية، ما بين متزوجة ومطلقة وأرملة، كذلك اختلاف دعاوى النفقة ذاتها وطرق تنفيذ أحكامها المختلفة حتى تكون هذه العينة مثال جيد لباقي الحالات الموجودة بالدولة ولم تشملهم الدراسة.