صناعة أو حيازة أشياء مشابهة للعملات المتداولة :

هناك من الأفعال الخطيرة ما تخلق بطبيعتها ضرراً مماثلاً للضرر الذي يخلقه تزييف العملة ، وهذه الأفعال تتكون من صنع أشياء تشبه العملة المعدنية أو الورقية مشابهة من شانها تسهيل قبولها في المعاملات عن طريق الخلط بينها وبين العملة الحقيقية ، لذلك اهتمت كثير من التشريعات الحديثة بالعقاب على مثل هذه الأفعال ، حماية للعملة من خطر التقليد ولو كان ذلك لأغراض مشروعة كالأغراض الثقافية أو التجارية أو الصناعية(1). ووضح أن القانون في هذا التجريم يهمه درء الخطر عن العملة الصحيحة من الأفعال التي بينها ، وان ما ينصب حمايته عليه هو العملة المتداولة قانوناً معدنية كانت أم ورقية ، وأوراق البنكنوت المأذون بإصدارها ، وكذلك أوراق البنكنوت الأجنبية(2). ويكاد يجمع الفقه المقارن على ضرورة تجريم هذا الفعل بالرغم من عدم توافر قصد وضع العملة في التداول على أنها صحيحة ، وتقرر عقوبة اقل شدة من عقوبات جرائم تزييف العملة ، إذ يرى غالبية الفقه الفرنسي إن تجريم هذا السلوك يتم طبقاً للمادة (144 عقوبات فرنسي والتي تعاقب كل من صنع أو باع أو وزع أشياء أو مطبوعات أو نماذج تشبه من حيث شكلها الخارجي العملة المعدنية أو أوراق البنكنوت الوطنية والأجنبية ، وكذلك الأوراق ذات القيمة المالية ، والتي صنعت تقليداً لها بعقوبة الجنحة باعتبارها تدبيراً أو إجراءً وقائياً ضد الأساليب الإحتيالية التي ربما توجه إلى عامة الناس . وكذلك أن العقوبة تطبق دون حاجة لتوافر قصد الغش ، فإن مجرد فعل الصنع معاقب عليه في حد ذاته ، فيكفى أن يكون لدى الجاني إرادة صنع أو طبع مقلدة للعملة(3).

وعلى ذلك فان عدم توافر قصد الغش ليس له اثر في توقيع العقوبة ، إذ حكم في باريس بإدانة كيميائي قام بإعادة إنتاج أوراق بنكنوت وكذلك مدير جريدة قام بنشرها، وكان ذلك لغرض علمي هو تحذير الجمهور من المزيفين(4). أما القانون السويسري فهو أيضاً يعاقب على هذه الأفعال فقد نص في المادة (327) عقوبات سويسري كل من قلدّ أو زور العملات الورقية ولو لم يكن لديه قصد الغش كما لو كان التقليد للدعاية والإعلان ، بشرط ان يؤدي هذا التقليد أو التزوير إلى خطورة في التعامل تتأتى عن طريق عدم التمييز بين العملة الأصلية والعملة المزورة(5). ويعاقب القانون الألماني على هذه الجريمة بالمادة 360/6/ عقوبات ألماني التي تعاقب بالغرامة كل من صنع أو وزع منشورات متشابهة للعملة الورقية شكلاً أو نقوشاً(6). أما القانون الهندي فان المادة (489/ آ) تجرم التقليد بقصد الغش ، أما الفقرة (أ) فإنها تجرم التقليد بقصد الإعلان. وأما بالنسبة إلى القانون الأمريكي فقد نص في المادة (474/6) من قانون العقوبات الأمريكي بأن يعاقب لمدة خمسة عشر عاماً وبغرامة خمسة آلاف دولار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو زور أو نفذ أو حضر أو طبع مشابهات للعملة الورقية أو الأوراق المالية ولأي جزء منها أو باع هذه المطبوعات أو ادخلها للبلاد(7). أما بالنسبة إلى التشريع العراقي ، فقد نصت المادة (285/1)عقوبات عراقي (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائة دينار من صنع أو باع أو وزع أو روج أو عرض أو نقل أو حاز بقصد البيع أو التوزيع لأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية وتجارية إلاّ بترخيص من السلطة المالية) (أي البنك المركزي العراقي) وهكذا يمكن تطبيق المادة (285/1) عقوبات عراقي دون حاجة لتوافر قصد وضع العملة في التداول على إنها صحيحة ، كما هو الأمر في أفعال التزييف والاستعمال ، وإذا تغيرت نية الحائز أو البائع أو الموزع تغير هدف استعمال القطع أو الأوراق المشابهة للعملة إلى ترويجها بسوء نية ودفعها إلى الجمهور على أنها عملة صحيحة ، فإن المادتين (280 ، 281 ع. ع) تكون في هذه الحالة هي واجبة التطبيق .

_______________________

[1]- د. عادل حافظ غانم ، المصدر السابق ، ص137.

2- د. عبد المهيمن بكر ، المصدر السابق، ص437 .

3- د. عادل حافظ غانم ، المصدر السابق ، ص138 .

4- نقض فرنسي في 13 مايو سنة 1891 نقلاً عن د. عادل غانم حافظ ، المصدر السابق ، ص139.

5- شرح قانون العقوبات السويسري ، ص490 ، نقلاً عن : الأستاذ محمد وليد الحكيم ، المصدر السابق ، ص8

-6Dr.Walf gang. Steinke، falschge Idde likte Kriminal stateistike، wiesbaden، 1984، p. 402.

7- الأستاذ محمد وليد الحكيم ، المصدر السابق، ص9.

محل جريمة التلاعب بالعملة المتداولة :

محل هذه الجريمة هي قطع معدنية أو أوراق مشابهة في مظهرها للعملة المتداولة في العراق ، أو مشابهة للأوراق المصرفية المأذون بإصدارها قانوناً ، وهذا ما نصت به الفقرة /1 من المادة (285) من قانون العقوبات وهي كذلك تشمل الأوراق المصرفية (الأجنبية المأذون بإصدارها قانوناً) وفق الفقرة الثالثة من نفس المادة. إذن الجريمة هذه تقع على كل ما هو متداول في العراق من عملات ورقية أو معدنية وأوراق مصرفية مأذون بإصدارها قانوناً عراقية كانت أم أجنبية فضلاً عن إلى ما جاءت به المادة الأولى من القانون المرقم 165 لسنة 1975 التي أضافت عبارة جديدة إلى آخر الفقرة (1) من المادة (285) لتؤكد على تحقق الجريمة ومن ثم معاقبة مرتكبها بالعقوبة ذاتها المنصوص عليها في نفس الفقرة ، …. بالنسبة للمسكوكات الذهبية التي كانت عملة متداولة قانوناً أو عرفاً في العراق أو في دولة أخرى أو حاز أدوات تقليدها ، ومن هنا فان محل هذه الجريمة قد اتسع ليشمل المسكوكات الذهبية التي كانت عملة متداولة قانوناً أو عرفاً في العراق أو دولة أُخرى أي تلك المسكوكات الذهبية التي خرجت من التداول القانوني أو العرفي سواء في العراق أم في الخارج.

المؤلف : نجيب محمد سعيد الصلوي
الكتاب أو المصدر : الحماية الجزائية للعملة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .