مقال قانوني حول عقوبة استعمال المعايير والمكاييل غير القانونية

مقال حول: مقال قانوني حول عقوبة استعمال المعايير والمكاييل غير القانونية

عقوبة استعمال المعايير والمكاييل غير القانونية أو المغشوشة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

المحامي: أحمد قطيش
لقد حدد الباب الحادي عشر من قانون العقوبات السوري الجرائم التي تقع على الأموال وخص الفصل الرابع منه الغش في المعاملات ونصت المواد /663/ حتى /667/ على عقوبة اقتناء واستعمال عيارات أو مكاييل أو عدد وزن تختلف عن العيارات والمكاييل المعينة في القانون أو غير موسومه

وحدد القراران /192-193/ل.ر لعام 1935 وتعديلاتهما شروط صنع العيارات والمكاييل ودقتها وشروط فحصها ووسمها حتى تكون مطابقة للشروط القانونية. والعقوبة التي فرضها القانون على مخالفتها هي عقوبة تكديرية ( الحبس والغرامة ) والعيارات والمكاييل المحكي عنها هي الكيلو غرام وأقسامه بالنسبة للبضائع التي تباع بالوزن والمتر كوحدة قياس طولية بالنسبة للبضائع التي تكال بالأمتار واللتر كوحدة وزن بالنسبة للبضائع التي تباع بالحجم ( السوائل – والمحروقات ) وكل نقص في وحدات الوزن والحجم أو الطول يعتبر جرماً معاقباً عليه شرعاً وقانوناً.

ويكون بقصد تحقيق كسب غير مشروع. والله سبحانه حرم أعمال الغش بالوزن والكيل ووصف فاعليها بالمطففين وأنزلت سورة سميت باسمهم ( سورة المطففين ) والمطفف كما جاء بالتفسير هو الذي ينقص الوزن والكيل والتطفيف هو النقصان وأصله الطفيف وهو الشيء اليسير لأن المطفف لا يكاد يسرق في الكيل والوزن إلا الشيء اليسير ( صفوة التفاسير ) وقد افتتحت السورة الكريمة بوعد المطففين بالهلاك والعذاب والدمار بقوله تعالى : (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون }.

صدق الله العظيم وقد أهلك الله قوم شعيب عليه السلام لبخسهم المكيال والميزان وروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في هذا الموضوع لا مجال لذكرها واستعمال الأوزان والمكاييل غير القانونية الغاية منها تحقيق ربح كبير إلا أن هذا الربح غير مشروع.

والقانون السوري اعتبر مثل هذه الأفعال جرائم معاقباً عليها. فقد نصت المادة /10/ من القانون رقم /158/ لعام 1960 المعدل بالقانون /47/ لعام 2001 المتعلق بقمع الغش والتدليس على ما يلي : “” يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من /2000/ل.س إلى /50000/ل.س أو بإحدى هاتين العقوبتين من خدع أو شرع في خداع المتعاقد معه بأي طريقة من الطرق الآتية : – في عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها.

– في ذات البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه. – في حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة وعلى العموم العناصر الداخلة في تركيبها.

– تزاد العقوبة في جميع الحالات السابقة إلى الحبس لمدة لا تتجاوز السنتين وغرامة لا تتجاوز /100000/ل.س أو إحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة أو شرع في ارتكابها باستعمال طرق أو مقايسس أو مكاييل أو دفعات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة ولو حصل ذلك قبل إجراء العمليات المذكورة أو عند تعدد المخالفات أو تكرارها “”.

وقد انتشرت عمليات الغش بشكل واسع سواء أكانت المواد فاسدة أو غير صالحة للاستهلاك البشري كما نطالع يومياً بالصحف أو بنقص الوزن في ذات المادة أو نقص المواد الأساسية الداخلة في صناعتها وتركيبها ( كنقص نسبة المادة الفعالة بالدواء او نقص الاسمنت والحديد اللازم لتسليح البناء ).

أو لمخالفة المنتج المواصفات المحددة من الجهات المختصة علماً أن غالبية المواد والمنتجات الصناعية والغذائية والدوائية والزراعية لها مواصفات محددة يجب التقيد بها ومخالفتها يستوجب العقوبة القانونية. فالعمل التجاري في أبسط صورة الشراء من أجل البيع بقصد الربح والعمل التجاري محلل شرعاً وقانوناً والتجارة مهنة قديمة قدم المجتمعات والدولة تسعى إلى تنظيمها وتطويرها لأنها إحدى روافد اقتصادها.

ولأن الغش أصبح حالة من حالات الفساد المنتشر والدولة بكافة هيئاتها المخولة بمكافحته جادة في الكشف عنه ومعاقبة فاعليه وما تنشره الصحف السورية يومياً دليلاً على مدى انتشاره والجهد المبذول لقمعه ومكافحته ولتعاون الأفراد بإعلام الجهات المختصة عن حالات الغش أثر كبير في مكافحته والغش كحالة فساد لا يقل ضرره عن الرشوة التي تسعى الدولة لمكافحتها فكم من مادة غذائية ضبطت تباع في الأسواق مضرة بالصحة وغير صالحة للاستهلاك البشري وكم من مادة دوائية سحبت من الأسواق لمخالفتها للمواصفات أو انتهاء صلاحيتها.

لذلك فإن الدولة بإصدارها القوانين والقرارات التنظيمية لمهنة التجارة وبتحديدها المواصفات لكل منتج دوائي أو غذائي أو صناعي الغاية منه تحقيق الأفضل ومنع ممارسة المهنة ممن يسيء إليها وفرض العقوبة على المخالفين وليس تقييد حرية العمل التجاري.. فالتاجر الذي يحقق أكبر نسبة ربح مشروع هو تاجر ناجح وله مكانة مميزة بالمجتمع ولا يعتبر مخطئاً أو مجرماً لأن التجارة علم وفن وأخلاق وأمانة الغاية من ممارستها الربح لذلك يجب ألا تدنس بممارستها من أشخاص يسعون لكسب غير مشروع معاقب عليه شرعاً وقانوناً وعلى من يفعله الامتناع عن فعله وليعلم من يقدم عليه إن استطاع أن يتملص من العقوبة القانونية فلن يستطع أن يتملص من العقوبة الشرعية.‏

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.