انعقاد العقد:
المواد (32 – 192):

تعدد المادة (32) أركان العقد التي لا يقوم بغير توافرها كلها مجتمعة، وتقضي بانعقاده بمجرد توافرها. وأركان العقد هي الرضاء – المتمثل في ارتباط الإيجاب بالقبول – والمحل والسبب، وذلك فضلاً على الشكل الذي يتطلبه القانون، في حالات خاصة، لانعقاد العقد.

وقد حرص المشروع، في هذه المادة، على أن يذكر المحل والسبب، باعتبارهما ركنين لازمين لانعقاد العقد، جنبًا إلى جنب مع الرضاء، وهو في ذلك يسير على نهج المادة (1103) من القانون المدني الفرنسي، بعد أن استبعد منها أهلية التعاقد، اعتبارًا بأنها لا ترتقي إلى مرتبة ركن في العقد، وبأن عدم توافرها لا يمنع من ذات انعقاده، وإنما يعيب الرضاء به فحسب بما يجعله قابلاً للإبطال.

ولم يشأ المشروع أن يساير بعض التقنينات الغربية التي تقول بقيام العقد بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول، أو توافق الإرادة، من غير ذكر للمحل والسبب. كما أنه لم يشأ أن يساير تقنينات أخرى عربية، كالقانون المصري (المادة 89)، والقانون الأردني (المادة 90)، التي وإن لم تذكر بدورها المحل والسبب كركنين لازمين لانعقاد العقد، قرنت توافق الإرادة، أو ارتباط الإيجاب بالقبول، بوجوب ” مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد “، فالعقد لا ينعقد بتوافر الرضاء وحده. وإنما يلزم إلى جانبه المحل والسبب، وهذا أمر جوهري ينبغي التصريح به. ولا يجزئ عنه ذكر عبارة عامة تفيد وجوب مراعاة ما يقرره القانون من أوضاع معينة لانعقاد العقد. لأن هذه العبارة قد تنصرف إلى الشكل الذي يتطلبه القانون، في حالات خاصة. وهو بالفعل المعنى الذي يقصده منها المشروع، وهي على أية حال أدنى من أن تدل دلالة واضحة على أمرين يتمثلان ركيزتين أساسيتين يقوم العقد عليهما، إلى جانب الرضاء، وعلى نفس المرتبة معه.

وفي القول بأن العقد ينعقد إذا ورد الرضاء على محل واستند إلى سبب معتبرين قانونًا، لم يشأ المشروع أن يقف عند الجدل الذي ثار في الفقه حول ما إذا كان المحل أو السبب يعتبر ركنًا في الالتزام أو في العقد أو حتى في الإرادة، فأيًا ما كان من أمر الخلاف الذي نشب في هذا الخصوص، فإن كل ما يتعلق بالالتزام ينعكس بالضرورة على العقد الذي من شأنه أن يولده. فالمحل المباشر للعقد هو الالتزامات التي ينشئها. وبهذه المثابة، يتمثل ما يعتبر ركنًا في الالتزام، ركنًا في العقد أيضًا، وإن كان ذلك بطريق غير مباشر.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .