لقد ورد لفظ الصنائع ضمن نص الفقرة (1) من المادة (2) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ عندما نص على خضوع (…والصنائع…) ويقصد بالصنائع جميع الحرف التي يمارسها الصناع المستقلون أي الذين يعملون لحسابهم الخاص وعلى مسؤوليتهم فلهم الربح وعليهم الخسارة ويعمل هؤلاء الصناع عادةً برأس مال قليل فهم حرفيون صغار يديرون أعمالهم بأنفسهم أو مع أفراد عائلتهم ، أو قد يستخدمون عند الضرورة وفي حالات نادرة شخصاً أو شخصين كالنجار والحداد والميكانيكي والخياط ، ويعد مصدر الربح خليطاً من العمل ورأس المال وأن كان الأخير لا يمثل حصة كبيرة في ذلك الربح وإلا تحولت العملية الى مضاربة وقلت أهمية العمل ، ولذلك عدت محكمة التمييز(1) ، الصائغ تاجراً الذي يشتري معدن الذهب وبعد صياغته يعرضه للبيع بعد أن يكسبه شكلاً آخر متوخياً في ذلك الكسب ، كذلك الخياط الذي يقوم بشراء الأقمشة لتحويلها الى بدلات وبيعها بثمن يزيد كثيراً عن ثمن شرائها .

ومما تجدر الإشارة اليه أن المشرع الضريبي العراقي قد نص على الصنائع أو المهن ونحن نرى أن الصنائع غير المهن لأن مصدر كل منهما يختلف عن الآخر فمصدر الصنائع هو مزيج من عمل ورأس مال أما مصدر المهن فهو من العمل فقط. أما العمليات الصناعية فهي العمليات التي تتناول المادة الخام بتحويل ما أو تتناول المادة نصف المصنوعة بتحويلها من شكل الى آخر من أجل بيعها للحصول على الربح وهذا ما يطلق عليه الصناعة التحويلية كصناعة المواد الكيمياوية وصناعة تجهيز المواد الغذائية وصناعة النسيج وملحقاته وصناعة الجلود والأخشاب وكذلك تشمل الصناعات الاستخراجية التي تتضمن استخراج الثروات من الطبيعة كاستخراج الفحم والحديد والبترول من أجل بيعها والحصول على ربح(2) .

ومما تجدر الإشارة إليه أن المشرع الضريبي العراقي قد أخضع جميع الأعمال الصناعية المتصلة بالأرض كأعمال المحاجر واستخراج المعادن واستغلال ينابيع المياه المعدنية وأعمالها لضريبة الدخل(3) . يتضح من ذلك أن القانون التجاري لم يحصر الأعمال الصناعية ، لذلك يرى بعض الفقهاء(4). أنه عند تفسير العمليات التي يخضع دخلها للضريبة ينبغي الرجوع الى معيار اقتصادي فني لتحديد المهن الصناعية واعتبارها المهن التي تتناول المادة بتحويل ما ، بشرط أن يتحقق الربح المراد إخضاعه للضريبة الى تفاعل العمل مع رأس المال .

أما عن موقف التشريعات الضريبية المقارنة فيلاحظ أن جميع التشريعات الضريبية قد أخضعت الصنائع لضريبة الدخل وقد وردت مع أرباح الأعمال التجارية إذ نص عليها المشرع الضريبي الأردني في الفقرة (أ/1) من المادة (3) من قانون ضريبة الدخل المرقم 57 لسنة 1985 المعدل على أنه يخضع للضريبة ( أرباح أو مكاسب أي عمل أو أي حرفة أو تجارة أو مهنة أو صنعة مهما كانت المدة التي جرت فيها ممارسة ذلك العمل أو تلك الحرفة أو التجارة أو المهنة أو الصنعة…) أما المشرع الضريبي المصري فقد خصص لها الباب الثاني (إيرادات النشاط التجاري والصناعي) ونص على خضوعها للضريبة في المادة (15). وكذلك نص عليها القانون الجديد المرقم 91 لسنة 2005 في المادة (19) منه كما نص عليها المشرع الضريبي السوري في المادة (2) والمادة (41) لذا استوجب عدم التوسع فيها وذلك لتجنب التكرار .

__________________

[1]- د. نوري الطالباني (القانون التجاري العراقي) ، ج1 ، بت ، ص221 مشار اليه في الوسواسي ، ج1 ، مصدر سابق ، ص57 .

2- د. حسين خلاف ( ضريبة الأرباح التجارية والصناعية) مكتبة النهضة العربية ، 1954 ، ص14 ، مشار اليه في : محمد عبد السلام عمر ( التشريع الضريبي ) ، مصدر سابق ، ص279 .

3- د. صالح عجينة ، مصدر سابق ، ص116 .

4- د. حسين خلاف ( ضريبة الأرباح التجارية والصناعية ) ، مصدر سابق ، ص14 مشار اليه في : د. محمد عبد السلام عمر ، مصدر سابق ، ص279

المؤلف : عبد الباسط علي جاسم الزبيدي
الكتاب أو المصدر : وعاء ضريبة الدخل في التشريع الضريبي العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .