لقد تعددت تعريفات الفقه لفكرة الموطن فقد عرفه سافيني “أنه المحل الذي اختاره الشخص اختياراً حرا ليسكن فيه سكنا نهائيا وليكون مركزا لصلاته القانونية ولأشغاله(1). كما عٌرف دايسي بأنه “البلد الذي هو في الواقع المأوى النهائي للشخص ولكنه يجوز أن يكون في بعض الأحيان البلد الذي يعتبره القانون مأوى له سواء كان مقيما فيه أولا” وكذلك عرفه ستوري بأنه “ المكان الذي يستقر فيه الشخص ويتخذ منه مركزاً لمصالحه (2). وهو بهذا المعنى يعني حالة واقعية تتجاوب مع حالة قانونية ألا وهي ضرورة ربط ما بين الفرد وبقعة من بقاع الأرض برباط قانوني ، وبعبارة أخرى ضرورة تقرير مقر قانوني للفرد حتى يتيسر تنظيم الحياة القانونية لذلك فان القانون يعتد بتلك الحالة الواقعية ويجعل منها فكرة قانونية هي “الموطن” بمعناه القانوني وهو كونه رابطة قانونية بين الفرد ومكان معين(3).

ونحن نتفق مع رأي الدكتور غالب علي الداؤدي في كون الموطن فكرة واقعية يرتب عليها القانون اثار معينة تتعلق بكونه رابطة قانونية بين الفرد ومكان معين . ويعرف الفقيه الكاساني (الحنفي) الموطن بانه “وطن الإنسان في بلدته أو بلدة أخرى اتخذها دارا للتوطن بها مع أهله وولده ، وليس من قصده الارتحال عنها بل العيش فيها” ويلاحظ في هذا الصدد أن فقهاء الشريعة الإسلامية يستعملون اصطلاح الوطن بمعنى الموطن(4).

وقد عرف المشرع العراقي (الموطن) في المادة الثانية والأربعين من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 (والذي اصبح نافذا في سنة 1953) إذ جاء فيه أن الموطن (هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة أو مؤقتة ويجوز ان يكون للشخص اكثر من موطن واحد) ، وكذلك عرف المشرع المصري الموطن في المادة الأربعين (فقرة أولى) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 بأنه (المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة) وأخذ المشرع الأردني بالنص العراقي والمصري لتعريف الموطن في المادة التاسعة والثلاثين من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 . كما عرف المشرع الفرنسي الموطن في التقنين المدني في المادة 102 على أنه ” موطن كل فيما يتعلق بممارسة حقوقه المدنية هو مكان عمله الرئيس (5) .

______________________

([1]) د .عبد الحميد ابو الهيف ، القانون الدولي الخاص في اوربا وفي مصر ، مطبعة السعادة ، 1927 ، ص82-83 .

(2) د. غالب علي الداؤدي ، الاستاذ حسن الهداوي ، القانون الدولي الخاص (الجنسية ، الموطن ، مركز الاجانب واحكامهم في القانون العراقي) ، ج 1 ، ص172 .

(3) د.عز الدين عبد الله ، القانون الدولي الخاص المصري ، ج 1 في (الجنسية والموطن وتمتع الأجانب بالحقوق) ، الطبعة الثالثة ، مطبعة جامعة القاهرة ، 1954، ص307 .

(4) الإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ط2 ، ج1 ، دار الكتاب العربي ، 1982، ص103 .

(5) Code Civil ، Litec ، Paris ، 2003

المؤلف : ريا سامي سعيد الصفار
الكتاب أو المصدر : دور الموطن في الجنسية
الجزء والصفحة : ص4-5

اعادة نشر بواسطة محاماة نت