بحث ودراسة قانونية هامة حول الشيك و جرائمه في القانون الأردني

اعداد

عبدالفتاح محمد صوالحه

الفهرس
الإهداء
المقدمة
المبحث الأول : تعريف الشيك ووظائفه وشروطه
المطلب الأول : تعريف الشيك
المطلب الثاني : وظائف الشيك
المطلب الثاالث: شروط الشيك
الفرع الأول : الشروط الموضوعية للشيك
الفرع الثاني : الشروط الشكلية للشيك
المبحث الثاني: صور الجرائم الواقعة على الشيك
المطلب الأول: جريمة إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قائم
وقابل للصرف
المطلب الثاني: جريمة سحب مقابل الوفاء كله أو بعضه
بعد إصدار الشيك
المطلب الثالث: جريمة إصدار أمر إلى المسحوب عليه
بالإمتناع عن صرف الشيك في غير الحالات
التي يجيزها القانون
المطلب الرابع: جريمة تظهيرالشيك أو تسليم الغيرشيكاً مستحق
الدفع مع العلم بأنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو يعلم
أنه غير قابل للصرف
المطلب الخامس: جريمة تحرير شيك أو التوقيع عليه بصورة
تمنع صرفه .
المبحث الثالث: المحاكمة في جرائم الشيك
المطلب الأول: العقوبة التي يفرضها القانون لجرائم الشيك
المطلب الثاني: الدعوى الجزائية(دعوى الحق العام)
المطلب الثالث: الدعوى المدنية (دعوى الحق الشخصي)
المطلب الرابع: الدفوع في جرائم الشيك
الفرع الأول : الدفوع الجوهرية في جرائم الشيك
الفرع الثاني : الدفوع غير الجوهرية في جرئم الشيك
الملاحــــــق:
أولاً: فتوى تتعلق بتحريم إصدار شيك بدون رصيد 65
ثانياً: نماذج لوائح شكاوى في جرائم الشيك 69
خلاصة البحث: التوصيات
الخاتمة 73
مراجع البحث
الفهرس

الإهداء

أقول من قلبي لمن سكنت قلبي :
يا قدس يا مدينتي
يا قدس يا حبيبتي
غداً…غداً سيزهر الليمون
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون
وتضحك العيون
وترجع الحمائم المهاجرة
الى السقوف الطاهرة

المقدمة

نتيجة التوسع الهائل في المعاملات والمبادلات التجارية والمدنية ، وحيث أن هذه المعاملات والمبادلات يحكمها عنصر السرعة ، فقد كان لا بد من إيجاد وسائل وبدائل تحل محل النقود في التعاملاتِ، يكون لها خاصية السرعة والسهولة والمرونة، ومن خلالها يمكن درء المخاطر التي قد تسببها عمليات حمل النقود أو نقلها.

لذا فقد حل الشيك كأداة وفاء تقوم مقام النقود، ولها نفس القيمة التي للنقود، هذه الوسيلة الخلاََََﱠقة التي ابتدعها الإنسان ووضع لها ضوابط رصينة تستدعي منا الوقوف مليا ً عند هذه الورقة التي تسمى (الشيك) .

وإنه ولِما للشيك من أهمية خاصة كأداة وفاء، أصبح يستخدم بشكل كبير في جميع مناحي الحياة، ويقوم في التعامل مقام النقود تماماً، فقد كان من الطبيعي أن يتصدى المشرّع الأردني لهذا الموضوع الهام فجاءت المواد من (228 الى 281) من قانون التجارة رقم (12) لسنة 1966 لتنظم أحكام الشيك ، كما جاءت المادة (421) من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم (11) لسنة 1996 لتقرر الحماية اللازمة للشيك وذلك بالنص على العقوبة المقررة للجرائم التي تقع عليه، وقد وضعت هذه التشريعات تدعيماً للثقة بالشيك، مما ساعد على انتشاره في مختلف أوجه الحياة.

وفي هذا البحث سوف أتعرض ومن خلال ثلاثة مطالب إلى ما يلي:
– تعريف الشيك ووظائفه وشروطه.
– صور الجرائم الواقعة على الشيك.
– المحاكمة في جرائم الشيك.
وفي الملاحق ،سأعرض فتوى تتعلق بحرمة إصدار شيك بدون رصيد، كما سأعرض نماذج لوائح شكاوى في جرائم الشيك.وسأضمنه توصياتي .

المبحث الأول تعريف الشيك ووظائفه وشروطه

تمهيد وتقسيم:

سوف أتعرض في هذا المبحث إلى تعريف الشيك ووظائفه وشروطه الموضوعية التي تتعلق بالأهلية والرضاء والمحل والسبب، والشكلية الواجب توافرها في المحرر لكي نصبغ عليه صفة الشيك والتي منها ما يكون إلزامي و بدونها لا يمكن للشيك أن يكون محلا للحماية ومنها ما يكون إختياري ولا تؤثر على الشيك كأداة وفاء تقوم مقام النقود ، وذلك في ثلاثة مطالب كما يلي :

– المطلب الأول : تعريف الشيك.
– المطلب الثاني : وظائف الشيك.
– المطلب الثالث : شروط الشيك .

المطلب الأول تعريف الشيك

“عرف الشُرّاح الشيك بتعريفات متعددة ،وهي وإن اختلفت في صياغتها إلا أنها تتحد جميعاً في تبيانها لطبيعة الشيك وخاصيته في أنه يقوم مقام النقود في الوفاء ،فمن ذلك ما عرﱠف به بأنه أمر من الساحب الى المسحوب عليه بأن يدفع بمجرد الإطلاع مبلغاً معيناً من النقود الى المستفيد أو لإذنه أو الى الحامل ،وبأنه أمر مكتوب وفقاً لأوضاع حددها العرف يطلب به الساحب الى المسحوب عليه أن يدفع بمقتضاه بمجرد الإطلاع عليه مبلغاًً من النقود لشخص معين أو لإذن شخص معين أو لحامله ،وبأنه صك يأمر بموجبه محرره (الساحب ) شخصاً آخر (المسحوب عليه) يكون في الغالب مصرفاً أن يدفع مبلغاً من المال إما لأمره أولأمر شخص يعينه بمجرد الاطلاع على الصك” (1) وقد عرفته المادة( 123/ج) من قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة 1966 بأنه:

” محرر مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون ويتضمن أمراً صادراً من شخص هو الساحب إلى شخص آخر يكون مصرفاً وهو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث أو لأمره أو لحامل الشيك – وهو المستفيد – مبلغاً معيناً بمجرد الإطلاع على الشيك “.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د.حسن صادق المرصفاوي: المرصفاوي في جرائم الشيك،منشأة المعارف بالإسكندرية سنة 2000ص62

“ومن خلال هذه التعاريف نجد بأن الشيك ينشىء علاقة بين ثلاثة أطراف هم:
1. الساحب وهو من يصدر الشيك ويوقع عليه .
2. المسحوب عليه ( المصرف ) وهو من يدفع النقود المحددة في الشيك.
3. المستفيد وهو الشخص الذي يصدر الشيك لمصلحته وقد يكون المستفيد هو الساحب ذاته حينما يجمع الشخص بين صفتي الساحب والمستفيد، ويصح أن يكون المستفيد هو حامل الشيك أو شخص آخر يذكر اسمه فيه”(1) .
“والشيك يختلف عن غيره من الأوراق التجارية كالكمبيالة والسند الأذني في أن هذه الأخيرة أدوات ائتمان لا تستحق السداد الا بعد مضي فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر ، أما الشيك فلا يكون بحسب طبيعته الأصلية أداة ائتمان أبداً، بل انه أداة وفاء فحسب، لأنه واجب الدفع بمجرد تقديمه إلى المسحوب عليه ، فهو كالنقد سواء بسواء لأنه ليس إلا إيصالاً بنقود موضوعة تحت تصرف حامل الإيصال في أي وقت يطلبها “(2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د.سمير محمد عبد الغني: شرح قانون الجزاء الكويتي – القسم الخاص ، دار الكتب القانونية – المحلة الكبرى سنة 2007 ص 275 .
(2) د. رؤوف عبيد : جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال – دار الفكر العربي
ط 8 سنة 1985 ص 505

المطلب الثاني وظائف الشيك(1)

يقوم الشيك بوظائف اقتصادية هامة ، وهذه الوظائف هي :

1- الشيك ذو أهمية كبيرة في الحياة العملية فهو يسهل التعامل بين الأفراد وينشط الحياة التجارية في البلاد فيستعمل لسحب النقود المودعة لدى المصارف .
2- الشيك أداة وفاء فهو يقوم بوظيفة الوفاء في المعاملات التجارية فبدلاً من أن يدفع المشتري ثمن البضاعة نقداً يحرر شيكاً للبائع يتضمن المبلغ المساوي للثمن وبذلك يكون قد أوفى قيمة البضاعة بإحالة البائع لتسلم المبلغ من المصرف .
3- يستعمل الشيك كأداة لإثبات الوفاء بالإلتزامات إذ عندما يوفي المدين دينه بموجب شيك لدائنه يقيد صرف هذا الشيك في قيود المصرف المسحوب عليه.
4- يستعمل الشيك كوسيلة لإقراض مبلغ من النقود .
5- تظهر أهمية الشيك في أنه يوفر ضماناً جديداً لحامله بما يقرره له القانون من جزاء عند عدم الوفاء بسبب إنعدام الرصيد أو عدم كفايته أو المعارضة في وفائه في غير الحالات التي يجيزها القانون أو استرداد الرصيد بعد سحب الشيك أو تحريره أو توقيعه بصورة تمنع صرفه.
______________________________________________
(1)المحامي صلاح الدين محمد شوشاري : جرائم الشيك في قانون العقوبات ، د.ن عمان سنة2005 ص 23 – د. زهير عباس كريم : النظام القانوني للشيك، دار الثقافة ،عمان سنة 1997 ص 24.

المطلب الثالث شروط الشيك

يشترط لإنشاء الشيك نوعين من الشروط إحداها شروط موضوعية والأخرى شروط شكلية، وسوف نتحدث عن هذه الشروط في الفرعين التاليين :

الفرع الأول :الشروط الموضوعية للشيك .

إن تحرير الشيك والتوقيع عليه وإصداره هو تصرف قانوني صادر من الساحب ،لذا يجب أن تتوافر له شروط موضوعية المتطلبة بصفة عامة لصحته لنفاذ التصرفات القانونية ،وتتعلق هذه الشروط بالأهلية والرضاء والمحل والسبب .

1ـ الأهلية :

“يقصد بالأهلية هي قابلية أو صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات من ناحية، وهي ما تعرف بأهلية الوجوب، وهي من ناحية ثانية صلاحية أو قابلية الشخص للقيام بالأعمال والتصرفات القانونية وهي تعرف بأهلية الأداء.
فأهلية الوجوب باعتبارها صلاحية لاكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات ليست سوى الشخصية القانونية، فهي لذلك تثبت لكل شخص طبيعي(إنسان) بغض النظر عن مرحلة عمره ، وهي تبدأ مع ولادته وتنتهي بوفاته .
أما أهلية الأداء والتي هي عبارة عن صلاحية الشخص الطبيعي للتعبير عن إرادته بطريقة ترتب آثار قانونية فهي لا تتوافر للإنسان إلا بعد أن تتوافر له أهلية الوجوب ، لذلك فليس كل شخص توافرت له أهلية الوجوب تتوافر له أهلية الأداء حتما”(1)
____________________________________________
(1) د. نائل عبدالرحمن صالح ، تاريخ إصدار الشيك وأهميته التجارية والجزائية مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان سنة 1995ص 16-1
ويجب أن تتوافر أهلية الأداء للشخص الذي يصدر شيكاً ويطرحه للتداول، وتكتمل أهلية الشخص ببلوغه سن الثامنة عشرة من عمره وكان متمتعاً بقواه العقلية غير محجور عليه، حيث نص على ذلك القانون المدني في المادة (43) منه والتي جاء فيها:
1. كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه .
2. وسن الرشد هي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة .
أما إذا كان الشخص غير متمتعاً بالأهلية لعدم بلوغه السن القانوني أو كان صغيرا غير مميز أو مجنوناً أو معتوهاً فإنه لا يكون أهلاً وتقع جميع تصرفاتهم تحت طائلة البطلان، حيث نصت المادة (127) من القانون المدني الأردني على: (الصغير والمجنون والمعتوه محجورون لذاتهم) ولا عبرة لمن فقد أهليته بعد إنشاء الشيك حيث في هذه الحالة يبقى صحيحا منتجاً لكافة آثاره القانونية (المادة 250 من قانون التجارة الأردني).

2- الرضاء:

يُشترط أنَّ الساحب عندما أصدر شيكاً وحرره وطرحه للتداول قد طرحه بإرادته الحرة السليمة وبرضاء واضح دون إكراه أو تغرير أوغبن أو غلط،أي أن يكون الإلتزام الصرفي مبنياً على الرضا الخالي من العيوب المبينة في المواد(135- 156) من القانون المدني الأردني وهي الإكراه أو التغرير أوالغبن أوالغلط فإن شاب تصرف الساحب إكراه أو تغرير أوغبن أو غلط ترتب على هذا بطلان الإلتزام بطلاناً مطلقاً أو نسبياً وفقا للقواعد المقررة في القانوني المدني أو القانون التجاري حسب الأحوال ،”وإنه وفي حالات الإكراه أو التغرير أو الغبن أو الغلط وإن كانت إرادة محرر الشيك مشوبة بعيب بالنسبة للإلتزام الأصلي إلا أن هذا العيب لا أثر له في ظاهر الشيك الذي حوى من البيانات الشكلية ما يكفي لإزجاء الثقة فيه وقيامه مقام النقود في الوفاء”(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. حسن صادق المرصفاوي: المرجع السابق ص 82

3- المحل:

إنﱠ محل الإلتزام في الشيك هو دائماً مبلغ محدد من النقود رقماً وكتابةًًً، وعليه يجب أن يكون محل الإلتزام في الشيك معيناً تعييناً دقيقاً نافياً لكل لبس أو غموض أو جهالة، ولا تأثير لإرتفاع أو إنخفاض قيمة النقود على مقدارالمبلغ المحدد بالشيك، وعليه فإن كان محل الإلتزام شيئاً غير النقود أو كان مجهلاً ترتب على ذلك بطلان الشيك بطلاناً مطلقاً سواء من الناحية المدنية أو الجزائية لاتحاد الحكمة في الصورتين .

4- السبب :

المقصود بالسبب في الشيك هو أساس الإلتزام الوارد به أي العلاقة القانونية التي من أجلها حرر الساحب الشيك لمصلحة المستفيد، ويجب أن يكون سبب الإلتزام موجوداً وصحيحاً ومباحاً غير مخالف للنظام العام أوالآداب وهذا ما نصت عليه المادة ( 165 ) من القانون المدني الأردني .

ويختلف الوضع في القانون الجزائي حيث أنﱠ الهدف من التجريم كما نصت عليه المادة ( 421 ) من قانون العقوبات هو حماية التعامل بالشيكات بإعتبارها أداة وفاء تحل محل النقود، فقد يكون سبب تحرير الشيك شيئاً غير مباح إلا أنﱠ المسؤولية الجزائية تقوم بحق الساحب ما دامت هذه العيوب لم تظهر في الشيك، حيث لا عبرة في الأسباب التي دفعت لإصدار الشيك لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجزائية.

الفرع الثاني : الشروط الشكلية للشيك.

هي البيانات الواجب توافرها في المحرر لكي نصبغ عليه صفة الشيك كونه أداة وفاء تقوم مقام النقود .
نبين أولاً وجوب أن تكون مكتوبة، ونعرض ثانياً للبيانات الإلزامية الواجب توافرها في الشيك،ثم للبيانات الإختيارية في ثالثاً.

أولاً- شرط الكتابة :

نصت المادة (123/ج)من قانون التجارة على أنﱠ الشيك محرر مكتوب وعليه”يشترط أن يكون الشيك معروفاً فالقانون لا يعرف الشيك الشفوي ، ولا يجوز إثبات الشيك بالقرائن أو البينة أو اليمين . لكن لا يشترط أن يكون الشيك مكتوباً على نماذج معينة معدة من البنك لهذا الغرض فمتى حُرِّر الشيك على أي ورقة واستوفى البيانات التي تجعل له مظهر الشيك كان محلاً للحماية ، وإذا كان العمل يجري على أن يكون سحب الشيكات على نماذج مطبوعة ومعدة سلفاً من قبل البنك المسحوب عليه فإنه ليس هناك ما يحول من الناحية القانونية دون قيام جريمة إصدار شيك بدون رصيد لو كان الشيك محرراً على ورقة عادية ، ولا عبرة باللغة التي كتب بها الشيك ، كما لا يشترط أن يكون التوقيع عليه بذات اللغة التي حرر بها مضمون الشيك ، وقد يكتب الشيك بخط اليد أو على الآلة الكاتبة ، وقد يحرر بخط الساحب أو بخط غيره بشرط أن يحمل توقيع الساحب”(1) ” بالإمضاء أو بالختم أو ببصمة الإصبع” (المادة 221/1 من قانون التجارة الأردني ).
(1) د.فتوح عبد الله الشاذلي : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار الهدى للمطبوعات – الأسكندريه ، ط1 سنة 2001 ص 660.

ثانياً – البيانات الإلزامية الواجب توافرها في الشيك :

هي البيانات التي تطلبها المشرع حتى تجري الورقة مجرى النقود ويتوافر لها الحماية المطلوبة والمنصوص عليها بالمادة (228) من قانون التجارة الأردني وهي :
أ-كلمة (شيك) مكتوبة في متن السند وباللغة التي كتب بها .
ب- أمر غير معلق على شرط بأداء قدر معين من النقود .
ج- اسم من يلزمه الأداء ( المسحوب عليه ).
د- مكان الأداء .
ھ- تاريخ إنشاء الشيك ومكان إنشائه .
و- توقيع من أنشأ الشيك (الساحب).

أ‌- كلمة (شيك) مكتوبة في متن السند وباللغة التي كتب بها .

وهذا ما نصت عليه أيضاً الفقرة(1) من المادة الأولى من قانون جنيف الموحد للشيك حيث نصت على وجوب ذكر لفظ الشيك مكتوباً في متن الصك و باللغة التي كتب بها .
و إنﱠ الغاية من كتابة كلمة شيك حتى نميزه عن غيره من الأوراق التجارية الأخرى، إلا أن قانون التجارة الأردني جاء باستثناء على هذه القاعدة حيث نصت المادة (229/د) على أن خلو السند من ذكر كلمة ( شيك) وكان مظهره المتعارف عليه يدل على انه شيك لا ينفي عنه هذه الصفة .

ب – أمر غير معلق على شرط بأداء قدر معين من النقود.

يجب أن يتضمن الشيك أمراً صادراً من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يدفع مبلغ معين من النقود لمصلحة المستفيد وبمجرد الإطلاع،وهذا هو جوهر الشيك، فينبغي أن يكون الأمر غير معلق على شرط ، بمعنى أن يكون باتاً ومنجزاً، وذلك حتى لا يتحول الشيك عن وظيفته كأداة وفاء واجبة الدفع بمجرد الإطلاع ويصبح أداة ائتمان.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز:
” إن المادة (228/ب) من قانون التجارة توجب أن يشتمل الشيك على أمر غير معلق على شرط بأداء مبلغ معين من النقود .
إذا خلا الشيك من أحد البيانات الإلزامية المذكورة في المادة (228) من قانون التجارة فإنه يفقد صفته كشيك عملاً بالمادة (229) من نفس القانون وبالتالي فمتى فقد الشيك صفته كشيك فإنه يتحول إلى سند عادي.
لا يعتبر الشيك شيكاً بالمعنى القانوني إذا تضمن الشيك شرطاً بأن تدفع قيمته عندما تباع قطعة الأرض المذكورة فيه وذلك لأنه معلق على شرط خلافاً لما نصت عليه الفقرة (ب) من المادة (228) من قانون التجارة ” (1).

وقضت في قرار آخر:

“الشيك المعلق على شرط يفقد صفته كشيك طبقاً للمادة (228) من قانون التجارة ولا يجوز ملاحقة الساحب ومعاقبته بمقتضى المادة (421) من قانون العقوبات لأن الشيك المعلق على شرط لا يكون واجب الأداء إلا بتحقق الشرط وان ذلك يخالف طبيعة الشيك الذي هو أداة وفاء،وحيث أن العبارة الواردة في نص الشيك والتي نصها “وذلك على حساب مؤسسة عمر حسن الجعفري” أي أن الشيك أعطي من قبل المشتكى عليه تأميناً لسداد حساب مؤسسة عمر الجعفري أي أن الشيك لا يصرف إلا إذا قامت مؤسسة الناطور (المسحوب له )بتسديد حساب مؤسسة عمر حسن الجعفري مما يفقده صفته كشيك ولا يجوز ملاحقة الساحب ومعاقبته عن جرم إعطاء شيك لا يقابله رصيد”.(2)
(1) تمييز جزاء (153/87) : مجلة نقابة المحامين،سنة 1988 ص1028.
(2)تمييز جزاء (161/2000 ):مجلة نقابة المحامين سنة 2002 ص2384.

ج-اسم من يلزمه الأداء ( المسحوب عليه ).

وهو من يوجه إليه الأمر بالدفع ويلزمه الوفاء بمبلغ الشيك ، وينبغي أن يكون المسحوب عليه مصرفاً حسب نص المادة (230/1) من قانون التجارة ، وان عدم ذكر اسم البنك المسحوب عليه الشيك يفقد هذه الورقة صفتها كشيك ومن ثم تصبح سنداً عادياً وتفقد بذلك الحماية الجزائية .
“وبذلك اوجب القانون على الساحب ان يعين اسم المسحوب عليه المصرف تعييناً نافياً للجهالة ، حتى يمكن للمستفيد أن يهتدي بسهولة ليطالبه بدفع قيمته ، على انه اذا سحب شيكاً على غير مصرف فلا يعتبر شيكاً وهذا ما يستفاد من نص المادة (230/2 ) من قانون التجارة حيث تنص 🙁 الصكوك الصادرة في المملكة الأردنية الهاشمية المستحقة الوفاء فيها والمسحوبه على غير المصارف في صورة شيكات لا تعتبر كشيكات صحيحة ). ومن الجديربالذكر ان نشير الى أن المادة (280) من قانون التجارة الأردني نصت على : (يطلق لفظ مصرف في هذا القانون على كل الأشخاص والمؤسسات المرخص لها بأعمال المصارف) . وحسب نص هذه المادة فإنه يعتبرمصرفا الشركات والمؤسسات المالية المرخص لها بأعمال الصرافة “. (1)

د- مكان الأداء :

وهو مكان الوفاء وهو ما إشترطته المادة (228/د) من قانون التجارة الأردني ” وذلك للتيسير على الحامل سهولة الإهتداء إلى مكان الوفاء ليطالب بقيمة الشيك”(2).
“وهذا البيان وان كانت له أهمية في تحديد الإختصاص إلا أنه لا أثر إطلاقاً لإغفاله أو ذكره على طبيعة الورقة وكونها شيكاً ، لذا قضي بأن مكان سحب الشيك ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها فقدان الشيك لصفته في القانون التجاري “(3).

(1) مفلح الزعبي: جريمة إصدار شيك بلا رصيد ، رسالة ماجستير ، الجامعة الأردنية ، د. ن عمان سنة 1989 ص 46 .
(2) مفلح الزعبي: المرجع السابق ص 45.
(3) د. حسن صادق المرصفاوي :المرجع السابق ص121.

وإن المادة (229/أوب) من قانون التجارة إعتبرت هذا البيان غير إلزامي ولا يترتب على عدم ذكره بطلان الشيك حيث نصت على:
(إذا لم يذكرمكان الأداء فالمكان الذي يذكر بجانب اسم المسحوب عليه يعد مكاناً للدفع ، فإذا ذكرت عدة أمكنة بجانب إسم المسحوب عليه، يكون الشيك مستحق الأداء في أول محل مبين فيه. وإذا خلا الشيك من هذه البيانات أومن أي بيان آخر كان واجب الأداء في المكان الذي يقع فيه المحل الرئيسي للمسحوب عليه).

ھ- تاريخ ومكان إنشاء الشيك:

إن مكان إنشاء الشيك وإن كان من البيانات الإلزامية التي نصت عليها المادة(228) من قانون التجارة ، إلا أن المادة (229/ج) من نفس القانون نصت على :
(إذا خلا من بيان محل الإنشاء يعد منشئاًً في المكان المبين بجانب اسم الساحب وإذا لم يذكر مكان الإنشاء فيعتبر مكان تسليمه للمستفيد هو مكان الإنشاء).
أما بالنسبة لتاريخ إنشاء أو إصدار الشيك فهو ” من البيانات الإلزامية لما لها من أهمية من حيث حساب المدة التي اشترط القانون تقديم الشيك خلالها للوفاء ، ولتحديد مدة التقادم وحساب فترة الريبة للتجار، والتحقق من وجود رصيد عند إعطاء الشيك أم لا حتى تقوم جريمة إعطاء شيك بدون رصيد وفق المادة (421) من قانون العقوبات الأردني ” (1) .
وهذا البيان الإلزامي هو من أكثر البيانات التي تثير صعوبة في التطبيق العملي، وقد أفرز الواقع العملي في التعامل بالشيكات صوراً لحالات الخلاف هذه وخاصة فيما يلي:-
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د.محمد صبحي نجم : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان ، ط1 – الأصدار الثالث سنة 2006 ص262.

1- خلو الشيك من التاريخ عند إصداره .

” الفقه القانوني مجمع على أن تاريخ إصدار الشيك يعتبر من العناصر الأساسية التي تؤلف الشيك، إلا أنه لم يتفق حول آثار إنعدام ذكر هذا التاريخ في متن السند.

ففي حين ذهب البعض إلى أن خلو الشيك من تاريخ إنشاءه يفقده هذه الصفة، ويعتبر كأن لم يكن ويتحول إلى سند دين عادي يتضمن إعترافا من جانب المدين بحق الدائن بالمبلغ المثبت بالسند، بالمقابل ذهب البعض إلى أن السند لا يفقد صفة الشيك إن خلا من تاريخ الإنشاء، إذ إن إعطاء وتسليم الشيك من الساحب إلى المستفيد يعني أنه فوضه في وضع التاريخ المناسب قبل تقديمه للمسحوب عليه للحصول على مقابل الوفاء، أو كما ذهب البعض الآخر إلى أن السند يبقى محتفظاً بصفته شيك بهدف معاقبة الساحب الذي أساء إستخدام هذه الورقة التجارية التي هي أداة وفاء وأراد تحويلها إلى أداة إئتمان، حيث أن فقدان صفة الشيك يعني إفلات الساحب من دائرة العقاب لفقدان عنصر أساسي من عناصر إصدار شيك بدون رصيد “(1).

وفي القانون إن تاريخ إنشاء الشيك هو من البيانات الإلزامية، التي إن خلا منها يفقده صفته، ويتحول إلى سند عادي وذلك سنداً لأحكام المادتين (228) و (229) من قانون التجارة الأردني، هذا وقد عاقبت المادة (275/6) من قانون التجارة كل من أصدر شيكاً بدون تاريخ بغرامة لا تتجاوز خمسة دنانير، مما يعني أن المشرع إعتبر الشيك الخالي من تاريخ إنشاءه شيكاً بالمعنى القانوني . وأن هذا النص يتعارض مع ما ورد بالمادتين (228) و (229).
__________________________________________
(1)د. نائل عبدالرحمن صالح: المرجع السابق ص 6-7.

أما القضاء الأردني فقد إستقر في أحكامه على الأخذ بمنطوق المادتين (228) و (229) من قانون التجارة، وأنه تطبيقا لذلك فقد قضت محكمة التمييز في قرار لها بما يلي :

“بالرجوع لنص المادتين (228)و (229) من قانون التجارة، فإن الصك الذي لا يكتب عليه التاريخ لا يعتبر شيكاً، وعليه فإن إغفال التاريخ في السند يفقده صفته كشيك ويفقده الحماية الجزائية وأما القول بأن تسليم الشيك الخالي من التاريخ للمستفيد يعني تفويضه بوضع التاريخ، هو قول مخالف للقانون، لأن التفويض توكيل، والتوكيل لا بد أن يثبت بسند خطي “(1)

كما قضت :

“لا يرد القول على جريمة إصدار الشيك بدون رصيد تظل قائمة ولو خلا الشيك من تاريخ إنشائهِ بحجة أن الساحب قد فوض المستفيد في وضع التاريخ قبل تقديمه إلى المسحوب عليه ذلك لأن مجرد إصدار الشيك بلا تاريخ يفقده صفته كشيك عملاً بصراحة نص المادة (229) من قانون التجارة ولا مساغ للإجتهاد في مورد النص “(2)
______________________________________________
(1) تمييز جزاء(783/97) :المجلة القضائية سنة 1998 ص 502 .
(2) تمييز جزاء (77/79):مجلة نقابة المحامين سنة 1979م ص1057.

2. الشيك الذي يحمل تاريخين

إنقسم الفقه إلى قسمين قسم ذهب إلى أن الشيك الذي يحمل تاريخين أحدهما للإصدار والآخر للإستحقاق هو أداة إئتمان وليس أداة وفاء ، فلا يتمتع والحالة هذه بالحماية الجزائية.
وذهب القسم الآخر الى أن الشيك الذي يحمل تاريخين يظل شيكاً رغم حمله لتاريخين، معتبرين أن تاريخ الإستحقاق كأن لم يكن إكتفاءً بتاريخ سحبه ، وذلك أن ( الشيك يجب أن يكون واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن ). (مادة 245 من قانون التجارة) .
وقد انحازت محكمة التمييز في بادئ الأمر الى الاتجاه الأول ، حين قضت :

” أن حمل الشيك تاريخين أحدهما للإصدار والثاني للإستحقاق يخرجه عن كونه شيكاً لأغراض تطبيق نص المادة (421) من قانون العقوبات، لذلك فلا مسؤولية جزائية تقع على معطي مثل هذا الشيك “(1)

إلا أن أحكامها فيما بعد جرت على الأخذ بالرأي الثاني حين قضت :
“إن مجرد وجود تاريخين على الشيك أحدهما تاريخ إصداره والثاني تاريخ إستحقاق قيمته لا يخرجه عن صفة الشيك ، وذلك لأن المادة (245)من قانون التجارة تنص على أن الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن بمعنى أنه لا عبرة إلا لتاريخ إصدار الشيك” (2).

(1) تمييز جزاء (57/62): مجلة نقابة المحامين سنة 1962 ص 797.
(2) تمميز جزاء (32/74): مجلة نقابة المحامين سنة 1974 ص 950.

“ولدينا أن للرأي الثاني سلامته من حيث حججه ،فضلاً أنه يحقق الحماية الجنائية لحسني النية ممن يتداولون الشيكات في معاملاتهم المالية ولا يدركون الفرق الجوهري الدقيق بين الشيك كأداة وفاء ينبغي أن يحمل تاريخاً واحداً وبين سواه من المستندات الإئتمانية التي تحمل أساساً تاريخين ،تاريخ السحب وتاريخ الإستحقاق.على أننا نتفق مع من لم يذهب مع هذا الرأي على إطلاقه، وتفصيل ذلك أنه إذا كانت الورقة المحررة ذات التاريخين تفصح عن كونها قد استحالت إلى أداة ائتمان لا أداة وفاء وكان إفصاحها هذا ظاهراً فإنها لا تعتبر شيكاً في حالتنا هذه لأنها – وهذا شأنها من الإفصاح – تنبئ المطلع عليها بأنها في حقيقتها ليست إلا أداة ائتمان. ومن أمثلة هذا الإفصاح الواضح الحالة التي يؤشر فيها على الشيك باستنزال ما دفع من قيمته الأصلية فيحمل بذلك تاريخين ،تاريخ استحقاق وتاريخ استنزال الجزء الذي دفع قيمته الأصلية،في هذه الحالة يكون الشيك قد فقد منذ هذه اللحظة على حد تعبير النقض المصرية مقوماته كأداة وفاء تجري مجرى النقود وانقلب إلى أداة ائتمان تخرج مجال الحماية الجنائية للشيك بمعناها المعروف قانوناً” (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. كامل السعيد : شرح قانون العقوبات – الجرائم الواقعة على الأموال، دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان ، ط 1، الإصدار الثاني سنة 2009، ص 286- 287.

3- صورية تاريخ الشيك :

وقد يحدث بأن يكون التاريخ المثبت على الشيك غير التاريخ الحقيقي لإصداره “وتأتي صورية التاريخ على الشيك إما بتقديمه لإخراج التصرف بسحب الشيكات من دائرة تصرفات الريبة أو لجعله سابقاً على إيقاع الحجز وإما بتأخيره إلى اليوم الذي يتمكن فيه الساحب من إيجاد الرصيد لدى المسحوب عليه”(1).

وفي رأيي وبما أن الشيك أداة وفاء مستحق الدفع بمجرد الإطلاع فإن صورية التاريخ لا تؤثر عليه كشيك محمي جزائياً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المحامي صلاح الدين محمد شوشاري: المرجع السابق ص44.

و . اسم وتوقيع من أنشأ الشيك (الساحب)

إن خلو الشيك من إسم وتوقيع الساحب يخرجه عن صفته كشيك وتسقط عنه الحماية الجزائية .
“ويعتبر إسم الساحب وتوقيعه أهم بيان في الشيك ،ولا قيمة للمحرر بدون هذا البيان الجوهري ،فيصبح الشيك منعدماً جزائياً ومدنياًً ،ومن الجائز أن يكون التوقيع بلغة غير التي تحرر بها الشيك ، فقد يكون الشيك مكتوبا باللغة العربية ويوقع الساحب بلغة أجنبية أو العكس ،ويلاحظ أنه قد يحمل الشيك أكثر من توقيع كما هو الحال بالنسبة للشركات أو المؤسسات التي غالباً ما تستلزم توقيع إثنين من المسؤولين كمدير الشركة والمدير المالي ، ولا يصرف الشيك إلا إذا كانت التوقيعات متطابقة مع نموذج التوقيع المودع لدى البنك ،أما إذا كان التوقيع غير مطابق وثبت أن ذلك كان بسوء نية انطبقت عليه المادة (421/ھ ) من قانون العقوبات .
ولا يلزم في القانون أن تكون بيانات الشيك محررة بمعرفة الساحب فقد يكتبها شخص آخر أو تكتب بالكمبيوتر أو بالآلة الكاتبة ،ويلزم فحسب أن يكون موقعاً عليها بإمضاء الساحب شخصياً أو بوضع ختمه أو بصمته عليه”(1)
هذا وقد نصت المادة (221) من قانون التجارة الأردني على: (يطلق لفظ التوقيع في هذا الكتاب على الإمضاء والختم وبصمة الإصبع ويجب أن يشهد شاهدين على صاحب الختم أو البصمة بأنه وقع أمامهما عالماً بما وقع عليه ) .
وإن الحكمة التي أرادها المشرع من الشاهدين هي لإزجاء الثقة بالشيك وللإطمئنان بأن الشيك قد صدر من صاحب الحق في إعطائه .
_______________________________________________
(1) د.سمير محمد عبد الغني :المرجع السابق ص279

ثالثا- البيانات الاختيارية في الشيك(1)

حين تتوافر في السند كافة البيانات الإلزامية التي نص عليها المشرع، فإن هذا السند يكتسب صفة الشيك، ويتضمن الشيك بالإضافة الى البيانات الإلزامية بعض البيانات الأخرى الإختيارية، وهذه البيانات لم ترد في نص واحد في قانون التجارة وإنما وردت في نصوص متفرقة، وفي حالة خلو الشيك من أحد هذه البيانات، فإن ذلك لا يؤثر على صفته كأداة وفاء تقوم مقام النقود ،وفي ما يلي ذكر لبعض هذه البيانات :

أ- المستفيد: والمستفيد من الشيك هو صاحب الحق في اقتضاء قيمته،وإذا لم يذكر اسم المستفيد في الشيك،فإن هذا الشيك يكون مستحق الأداء لحامله.وقد نصت المادة ( 233) من قانون التجارة على انه يجوز اشتراط أداء الشيك:
1- الى شخص مسمى مع النص صراحة على (شرط الأمر)أو بدونه . كأن تذكر في الشيك عبارة (ادفعوا لأمر فلان).
2- الى شخص مسمى مع ذكر شرط (ليس لأمر)،أو أية عبارة أخرى تفيد هذا الشرط.
3- الى حامل الشيك.
كما يجوزان يكون الشيك مسحوبا لمصلحة شخص مسمى، أما الشيك المنصوص فيه على عبارة (أو لحامله) أو أية عبارة أخرى تفيد هذا المعنى فيعتبر شيكا لحامله.
وهنالك نوع من الشيكات التي قد تشتمل على شرط (عدم القابلية للتداول)،وهذا النوع من الشيكات لا تدفع قيمتها إلا لحملتها الذين تسلموها مقترنة بهذا الشرط.

ب- شرط الوفاء في محل مختار: حيث نصت على ذلك المادة (236) من قانون التجارة، ويعتبر مثل هذا الشرط من البيانات الإختيارية ومقتضاه أنه يجوز إشتراط الوفاء بقيمة الشيك في موطن أحد الأغيار سواء أكان في الجهة التي فيها موطن المسحوب عليه أم في أي جهة أخرى بشرط أن يكون هذا الغير مصرفاً.

ج- طبيعة مبلغ النقود التي يتم دفعها كمقابل للوفاء بقيمة الشيك : لم يشترط المشرع الأردني أن يكون الشيك محرراً بنوع معين من العملة، فيجوز أن يكون بالدينارالأردني ، كما يمكن إصدار الشيك بإحدى العملات الأجنبية طالما أن الساحب لديه رصيد من هذه العملة لدى المسحوب عليه (البنك).

(1) د.محمد سعيد نمور: شرح قانون العقوبات – القسم الخاص، الجرائم الواقعة على الأموال، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ط1 ، الإصدار الثاني سنة 2007 ص 324-325

المبحث الثاني صور الجرائم الواقعة على الشيك

تمهيد وتقسيم :

قد يلجأ البعض الى إساءة استخدام الشيك في التعاملات لذلك تدخل المشرع الأردني لحماية هذه الورقة من الاعتداءات التي تقع عليها ،فجاءت المادة (421) من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960م المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1996 لتقرر العقوبات للجرائم الواقعة على الشيك والتي حصرها بخمسة جرائم و سوف أعرض لأركان كل صورة من هذه الجرائم من خلال خمسة مطالب مقسمة كالتالي:

المطلب الأول – جريمة إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للصرف .

المطلب الثاني – جريمة سحب مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد إصدار الشيك.

المطلب الثالث – جريمة إصدار أمر إلى المسحوب عليه بالإمتناع عن صرف الشيك في غير الحالات التي يجيزها القانون.

المطلب الرابع – جريمة تظهيرالشيك أو تسليم الغير شيكاً مستحق الدفع مع
العلم بأنه ليس مقابل يفي بكامل قيمته أو يعلم أنه غيرقابل للصرف.

المطلب الخامس – جريمة تحرير شيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه .

المطلب الأول جريمة إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للصرف

نصت المادة (421/1/أ) من قانون العقوبات الأردني على هذه الجريمة بقولها :
(إذا أصدر شيكاً وليس له مقابل وفاء قائم وقابل للصرف )
يتبين من هذا النص إن لهذه الجريمة أركان ثلاثة هي :

الركن الأول:إصدار شيك.
الركن الثاني: عدم وجود مقابل وفاء قائم وقابل للصرف .
الركن الثالث: القصد الجرمي .

أولاً: إصدار الشيك :

يقصد بإصدار الشيك إعطاءه، أي تسليمه من الساحب إلى المستفيد بقصد التخلي عنه نهائياً، وعليه فإن جوهر فعل الإصدار هو تسليم الشيك بالمعنى القانوني للتسليم والذي يتم بالمناولة المصحوبة بإرادة التخلي عن الحيازة لدى من أصدر الشيك وإرادة اكتساب الحيازة لدى من تسلمه ، وعليه لا يتحقق فعل إعطاء أو تسليم الشيك إذا انتفت إرادة الساحب في التخلي نهائياً عن حيازة الشيك إلى المستفيد، كما لو كان قد سرق من الساحب أو فقد منه أو زور عليه، وتقوم الجريمة بمجرد تمكين المستفيد من حيازة الشيك بصفة نهائية .

ويمكن القول بأن عملية إصدار الشيك هي بداية النشاط الجرمي، ولا تتحقق جريمة الإصدار بمجرد القيام بأفعال سابقه أو لاحقه على فعل الإصدار كتحرير الشيك أو إنشائه والتوقيع عليه ما دام الشيك في حوزة الساحب ، وتعتبر تلك الأفعال من قبيل الأعمال التحضيرية التي لا عقاب عليها سنداً للمادة (69) من قانون العقوبات .

وعليه فإن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم أو قابل للصرف تتحقق بمجرد إصدار الشيك أي تسليمه إلى المستفيد المقترن بنية التخلي النهائي عنه فيتمكن المستفيد من التصرف به، إما بتظهيره لغيره، أو بقبض قيمته من البنك .

وإن قيام حامل الشيك (المستفيد) بتقديمه إلى البنك بغرض استيفاء قيمته وإن قام البنك بالإفادة بعدم وجود رصيد للساحب، أو أن الرصيد غير كاف لتغطية قيمة الشيك ماهو إلا إجراء كاشف عن وقوع الجريمة.
وخروج الشيك من حوزة الساحب وطرحه للتداول واقعة مادية يقوم عليها الدليل بكافة وسائل الإثبات، وقد يحدث أن يكون الشيك قد خرج من حوزة الساحب جبراً عنه أو نتيجة لتصرف مشوب بالغش وفي هذه الصورة تنتفي إرادة التخلي فينعدم الركن المادي للجريمة عندها لا ُيسأل الساحب جنائياً عن جريمة إصدار شيك بلا رصيد .

ثانياً: عدم وجود مقابل وفاء قائم وقابل للصرف:

مقابل الوفاء هو عبارة عن الرصيد أو المؤونة، ومقابل الوفاء أو الرصيد هو عبارة عن مبلغ من النقود يمثل ديناً للساحب في ذمة المسحوب عليه قابل للتصرف فيه ومساوٍ لقيمة الشيك، وهذا المقابل ليس شرطاً لقيمة الشيك ولا يلحق الشيك البطلان لعدم وجود رصيد كاف أو قائم، بل إن عدم وجود الرصيد أو عدم كفايته ركن من أركان جريمة شيك بدون رصيد .

“ويتحقق عدم وجود الرصيد وقت تقديم الشيك للبنك لصرفه وقبل تقديمه أيضاً لقبض قيمته ، ولا يؤثر في مسآلة الجاني قيام المسحوب عليه بسداد قيمة الشيك للمستفيد على سبيل المجاملة أو التستر على الساحب دون إتفاق مسبق بينهما‘ كما لا يؤثر لو أن المستفيد علم بعد ختم الشيك من البنك لعدم وجود رصيد بأن الساحب قد قام بوضع مبلغ الرصيد في البنك، وسبب ذلك أن المشرع أراد حماية الشيك كورقة مستحقة الدفع بمجرد الإطلاع، ولأن الشيك يحل محل النقود في المعاملات، المهم أن يكون الرصيد موجوداً بالفعل وكافياً وقابلاً للسحب وقت إعطاء الشيك.

وتتحقق الجريمة إذا كان هنالك رصيد في البنك لكن هذا الرصيد غير كاف لتغطية قيمة الشيك مهما كانت قيمة النقص إلا إذا كان النقص بسيطاً فقد تقوم قرينة على حسن نية الساحب وعدم توافر القصد الجرمي لديه وعلينا أن نفرق بين تفاهة النقص وبين مقدار قيمة الشيك، إن كان مثلاً عشرون دينار ولا يوجد رصيد كلية هنا تقوم الجريمة ويسأل الساحب عنها وهذا ما أكدته محكمة التمييز الأردنية .
وقد يكون الرصيد موجوداً وكافياً لسد قيمة الشيك ولكنه غير قابل للسحب لأنه محجوزاً عليه ، أو أن يكون الساحب محجور عليه ، أو أشهر إفلاسه هنا تقوم الجريمة طالما أن إصدار الشيك جاء بعد ذلك ، أما إذا أعطى الساحب الشيك ثم حجز على الرصيد أو حُجر على الساحب بعد ذلك أو أشهر إفلاسه فلا تقوم الجريمة لأن وقت إصدار الشيك كان له رصيد كافٍ وقابل للسحب.
ويسأل الساحب عن الجريمة أيضا حتى لو وفى بعد ذلك بجزء من قيمة الشيك أو به كله بعد رده من البنك،لأن أساس الجريمة عدم كفاية الرصيد أو عدم وجوده كليا”(1)

وقد قضت محكمة التمييز وفيما يتعلق بعدم وجود مقابل وفاء قائم وقابل للصرف بما يلي :

” إنﱠ مراد الشارع من العقاب على إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، هو حماية هذه الورقة من التداول بين الجمهور وحماية قبولها في المعاملات على أساس أنها تجري فيها مجرى النقود .
إن وفاء المشتكي عليه لقسم من قيمة الشيك لا يعفيه من المسؤولية لأن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتم حين إصداره وتسليمه للمستفيد ما دام سحبه وهو يعلم أن لا رصيد له لدى البنك قائم ومعد للدفع “.( 2)
__________________________________________
(1) د. محمد صبحي نجم : المرجع السابق ص 277
(2) تمييز جزاء (98/82): مجلة نقابة المحامين سنة 1982م ص 1178.

ثالثاً / القصد الجرمي :

جريمة إعطاء شيك بدون رصيد هي من الجرائم المقصودة (العمدية ) التي يستلزم القانون لقيامها توافر القصد الجنائي، أي انصراف إرادة الساحب إلى تحقيق وقائع الجريمة مع العلم بأركانها المختلفة كما يتطلبها القانون، والذي عبر عنه المشرع في المادة (421) من قانون العقوبات بعبارة بسوء نية ، وقد أثار هذا التعبير خلافاً فقهيا حول نوع القصد المتطلب لقيام الجريمة، لكن الفقه والقضاء استقرا على أن عبارة (سوء النية ) التي نص عليها المشرع يراد بها القصد العام الذي يتوافر بالعلم والإرادة دون تطلب قصد جنائي خاص ، أي انه يجب أن يتوافر لدى الساحب وقت إصدار الشيك عنصر العلم بأن هذا الشيك لا يقابله رصيد على الإطلاق أو أن تكون المؤونة أقل من قيمة الشيك ،أو أن تقابله مؤونة كافية لكنها غير معدة للدفع ،أو أن المؤونة لم تكن موجودة ولكنها توافرت وقت عرضه على المسحوب عليه.
وقد قضت محكمة التمييز وتطبيقاً لذلك بما يلي :

“إن إعطاء شيك دون رصيد قائم للدفع يشكل جريمة إعطاء شيك دون رصيد ويتوافر ركنها المعنوي بتحقق القصد الجنائي العام ، وان مجرد علم الساحب بعدم توافر الرصيد القائم المعد للدفع يعد قرينة على سوء النية، ويكفي ذلك لقيام القصد الجنائي العام ” (1).

(1)تمييز جزاء (47/88) :مجلة نقابة المحامين سنة 1990 ص294

المطلب الثاني جريمة سحب مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد إصدار الشيك

تفترض هذه الصورة قيام الساحب باسترداد كل الرصيد أو بعضه بعد إصدار الشيك وتسليمه إلى المستفيد مما يجعل الوفاء بقيمة الشيك غير ممكنة.
ويشترط لقيام هذه الجريمة توافر ركنان لها هما:

– الركن الأول : استرداد الساحب مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد إصدار الشيك .
– الركن الثاني : القصد الجرمي .

أولا: استرداد الساحب مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد إصدار الشيك

عبَّر المشرع عن هذه الصورة في المادة(421/1/ب) من قانون العقوبات بقوله: ( إذا سحب بعد إصدار الشيك كل المقابل لوفائه أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته ).
” ويقصد بهذا أن يقوم مصدر الشيك في الفترة بين تحريره وتقديمه للوفاء باسترداد كل الرصيد الموجود لدى المسحوب عليه أو بعض ذلك الرصيد ، بحيث إذا قدم المستفيد الشيك لا يتقاضى قيمته ، والفرق بين هذه الصورة وصورة عدم وجود مقابل وفاء أو كونه اقل من قيمة الشيك، أن استرداد مقابل الوفاء كله أو بعضه يفترض انه وقت إصدار الشيك كان موجوداً ولكن هذا الفعل تم في تاريخ لاحق لذلك ،ويجب أن يكون سحب الرصيد بمعرفة الساحب.والعناية بذكر هذه الصورة هو الذي يمنح الشيكات الثقة المطلوبة لسهولة تداولها ، لأنها تلزم الساحب بأن يراعي دوماً أن يبقى في حسابه لدى المسحوب عليه مبلغاً من النقود يساوي بالأقل قيمة الشيك “(1)

(1) د. حسن صادق المرصفاوي: المرجع السابق ص 199

وانه وبمجرد إصدار الشيك من قبل الساحب فإن ملكية مقابل الوفاء تنتقل الى المستفيد ، عندها لايجوز للساحب أن يتصرف بهذا المقابل كأن يسترده كله أو بعضه ، ولكن وفي سبيل عدم الإخلال بالثقة التي أعطيت للشيك، فإنه وإن حدث أن استرد الساحب مقابل الوفاء بعد الإصدار فهذا أمر لاحق على الإصدار وقد جاءت هذه الصورة من صور التجريم لتلافيه .
ويثير قيام الجريمة بهذا الفعل التساؤل عن المدة التي يلتزم فيها الساحب بإبقاء الرصيد تحت تصرف المستفيد لدى المسحوب عليه، وقد عالجت المادة (246) من قانون التجارة الأردني ذلك التساؤل بنصها:

1- الشيك المسحوب في المملكة الأردنية والواجب الوفاء فيها يجب تقديمه للوفاء في خلال ثلاثين يوماًًًًًًً.
2- فإن كان مسحوباً في خارج المملكة الأردنية وواجب الوفاء في داخلها وجب تقديمه في خلال ستين يوماً إذا كانت جهة إصداره واقعة في أوروبا أو في أي بلد آخر واقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط ، وفي خلال تسعين يوماً إذا كانت جهة إصداره واقعة في غير البلاد المتقدمة.
3- ويبدأ الميعاد السابق الذكر من اليوم المبين في الشيك انه تاريخ إصداره.

وماذا لو قام الساحب بسحب مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد انقضاء المدة المحددة في المادة (246)من قانون التجارة الأردني ؟
وللإجابة على ذلك التساؤل ،نجد أنَّ رأي القضاء والفقه يقرر أن قيام الساحب بسحب مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد إصدار الشيك بحيث يصبح غير موجود أو غير كافٍ حتى لو كان بعد مضي المدد المبينة في المادة (246) من قانون التجارة لا يؤثر على قيام الجريمة ومعاقبة الساحب عن جريمة استرداد مقابل الوفاء وفق المادة (421)من قانون العقوبات، بالإضافة الى أن الشيك أداة وفاء بمجرد الإطلاع وتؤدي نفس الوظيفة التي تؤديها النقود، ويجب أن لا يؤثر على وظيفتها وطبيعتها في الوفاء عدم تقديمها لذلك خلال مدة الثلاثين يوماً، وهذا ما أكدته المادة (249/1) من قانون التجارة التي نصت على : ( للمسحوب عليه أن يوفي قيمة الشيك ولو بعد الميعاد المحدد لتقديمه )، كما أكدته محكمة التمييز الأردنية ،حيث قضت:
” إن مجرد التأخر في تقديم الشيك الى البنك المسحوب عليه لا ينفي مسؤولية المتهم بمقتضى المادة(421) من قانون العقوبات، ذلك لأن هذا الشيك كان حين إصداره مستوفياً لجميع الشروط القانونية ، ففقدانه لصفة الشيك بسبب عدم تقديمه للصرف في الموعد القانوني لا يؤثر على الوضع إذ أن العبرة في هذا الشأن لاستكمال الشيك شروطه القانونية وقت إعطائه لا وقت تقديمه للصرف “(1)

فعلى الساحب التزام بأن يراقب تحركات رصيده ويظل محتفظاً فيه بما يفي وقيمة الشيك حتى يتم صرفه .
“ونقول إن الهدف من تحديد هذه المواعيد في المادة (246) من قانون التجارة الأردني ، هو حماية حقوق الساحب والمظهرين كي يبقي هؤلاء على التزامهم بضمان وفاء قيمة الشيك مدة طويلة ، علماً بأن المادة(249) من نفس القانون قالت إن للمسحوب عليه أن يسدد قيمة الشيك ولو بعد فوات الميعاد المحدد لتقديمه حيث لا يحق للساحب المعارضة إلا في الحالتين فقط في حالة إفلاس الحامل وحالة فقدان الشيك ” (2).

وفي رأيي ومن خلال التناقض الواضح بين نصوص القانون فإنه ولكي يدرأ الساحب عن نفسه المسؤولية الجزائية، عليه أن يبقي مقابل الوفاء لدى المسحوب عليه الى أن يتم إستيفاء قيمة الشيك من قبل المستفيد أوالى أن تنقضي مدة التقادم والبالغة ثلاث سنوات في الجنح تبدأ من تاريخ وقوع الجريمة أي من تاريخ إعطاء شيك بدون رصيد إذا لم تجر ملاحقة بشأنها أو من تاريخ آخر معاملة تمت فيها إذا أقيمت الدعوى وأجريت التحقيقات ولم يصدر حكم بها وذلك سنداً لنص المادة (339) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

ثانياً : القصد الجرمي :

إن إصدار شيك ومن ثم قيام الساحب بسحب كل المقابل لوفائه أو بعضه هو من الجرائم المقصودة (العمدية) التي تقع عن علم وإرادة، ويتحقق القصد الجنائي بسحب الرصيد كله أو بعضه بعد إعطاء الشيك لأن الساحب يعلم أنه بفعله هذا يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذي أصدره،وإن قيام الساحب بسحب مقابل الوفاء كله أو بعضه بعد إصدار الشيك يدل على سوء نية الساحب للحيلولة دون تمكين المستفيد من قبض مقابل الوفاء، وتتوافر سوء النية هذه من تاريخ إصدار الشيك وطرحه للتداول.
_____________________________________________
(1) تمييز جزاء 56 /52: مجلة نقابة المحامين سنة 1953 ص 256 .
(2) د. محمد صبحي نجم : المرجع السابق ص 281 – 282.

المطلب الثالث جريمة إصدار أمر إلى المسحوب عليه بالامتناع عن صرف الشيك في غير الحالات التي يجيزها القانون.

وقد نصت على هذه الصورة المادة (421/1/ج) من قانون العقوبات الأردني بقولها:
(ج- إذا صدر أمراً إلى المسحوب عليه بالامتناع عن صرف الشيك في غير الحالات التي يجيزها القانون ).

ولهذه الجريمة ركنان هما :

الركن الأول – أمر إلى المسحوب عليه بالامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك.
الركن الثاني – القصد الجرمي .

أولاً: أمر إلى المسحوب عليه بالإمتناع عن الوفاء بقيمة الشيك .

هذه الصورة تقتضي أن يكون إصدار الشيك من قبل الساحب تم بصورة صحيحة وسليمة وأن هناك رصيد قائم وقابل للسحب ولكن الساحب أصدر أمراً إلى المسحوب عليه بالامتناع عن صرف الشيك ، وعليه فإن الأمر بالامتناع عن الصرف لا يصدر إلا من الساحب صاحب مقابل الوفاء والدائن للمسحوب عليه ، وتقوم هذه الجريمة بمجرد صدور ذلك الأمر من قبل الساحب، وعلة تجريم هذا الفعل هو أن المشرع أراد حماية الشيك كأداة وفاء تقوم مقام النقود.

والأمر بعدم الصرف يصدر الى المسحوب عليه بوصفه المدين في العلاقة القائمة بينه وبين الساحب ، وانه يخضع في الصرف لأوامر هذا الأخير ، ومن أثر هذا الأمر أن يمتنع المسحوب عليه عن السداد ، فلو خالفه أصبح مسؤولاً بقيمة الشيك في مواجهة الساحب لأنه في هذا بمثابة الوكيل إن خرج عن حدود الوكالة لزمته آثارها.

” وإن في هذه الحالة يكون الساحب موضعاً للمسآلة الجزائية، ومستحقاً للعقاب، ولا عبرة بالباعث أو السبب الذي أدى بالساحب الى إصدار مثل ذلك الأمر . فجريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد صدور الأمر من الساحب الى المسحوب عليه بعدم الدفع حتى لو كان هناك سبب مشروع، ذلك أن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على أساس انه يجري فيها مجرى النقود. وبعبارة أخرى فإن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر كالوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له لا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها بأن يصدر أمراً بعدم الدفع” (1)

إلا أنه وبالرغم من ذلك فقد أجاز المشرع الأردني وفي المادة (249/2) من قانون التجارة للساحب الحق في إصدار أمره إلى المسحوب عليه بعدم دفع قيمة الشيك في حالتي ضياع الشيك أو تفليس حامله . وإنه وفي هاتين الحالتين لا يعد الساحب مرتكباً لجرم إعطاء شيك بدون رصيد وبالتالي لا يسأل جنائياٴ كون القانون هو الذي منحه هذا الحق، فالمادة (59) من قانون العقوبات الأردني تنص على ( الفعل المرتكب في ممارسة حق دون إساءة استعماله لا يعد جريمة ).
وقضت محكمة التمييز في قرار لها يتعلق بهذا الموضوع بما يلي :

” انعقد الفقه والقضاء على أن ساحب الشيك يعتبر فاعلاً أصلياً في جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد ولو كان وكيلاً عن صاحب الحساب في البنك المسحوب عليه لأن وكالته عن صاحب الحساب لا تنفي أنه هو الذي قارف الجريمة .
إن المراد بسوء النية التي هي ركن من أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة (421) من قانون العقوبات هي انصراف نية الساحب عند تحرير الشيك إلى عدم دفع قيمته سواء لعدم وجود رصيد قائم معد للدفع أو بعلم أن الأمر بعدم الدفع يقف عقبة في سبيل دفع قيمة الشيك في يوم الإستحقاق.
إن مجرد الأمر للبنك بعدم دفع قيمة الشيك في غير حالتي السرقة أو إفلاس الحامل ينطوي بحد ذاته على سوء النية”(2).
(1) المحامي مصطفى محمود فراج : الشيك في القانون الأردني – بحث على الانترنت سنة 2009م.
(2) تمييز جزاء (112/81): مجلة نقابة المحامين سنة 1981ص 2082.

كما قضت :

” إن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق وفقاً لأحكام المادة (421) من قانون العقوبات، في حال صدور الشيك مستوفياً لشرائطه القانونية، ثم صدور أمر من الساحب إلى المسحوب عليه يأمره فيه بعدم صرفه في غير الحالات المنصوص عليها بالقانون، وعليه فإن هذه الجريمة تقع بمجرد صدور هذا الشيك مستوفياً لشرائطه الشكلية . إذا أصدر المميز ضده الشيكين موضوع الدعوى لأمر المشتكية وقد إستوفيا شروطهما القانونية، وأصدر بعد ذلك أمراً للمسحوب عليه بعدم صرفهما فإن مؤدى ذلك توافر كافة أركان الجرمين المسندين إليه، وضرورة معاقبته عنهما”(1)

ثانياً: القصد الجرمي:

ان قيام الساحب بإصدار شيك ومن ثم قيامه بإصدار أمر الى المسحوب عليه بالإمتناع عن الوفاء بقيمة الشيك هي من الجرائم المقصودة التي لا بد أن يتوافر لها مبدأ العلم والإرادة من جانب الساحب ، ويتحقق القصد الجنائي بمجرد إعطاء أمره الى المسحوب عليه بعدم الدفع ، وتتضح سوء نية الساحب بشكل جلي في مثل هكذا حالة والتي تتوافر لديه عند اصداره للشيك وطرحه للتداول .
_________________________________________________

(1) تمييز جزاء (873/2002) تاريخ 24/10/2002: منشورات مركز عداله.

الحالات التي يجيزها القانون والتي تعطي الساحب الحق في إصدار أمر الى المسحوب عليه بالإمتناع عن صرف الشيك (حالات المعارضة في الوفاء).

نصت المادة (249/2)من قانون التجارة الأردني على :(ولا تقبل معارضة الساحب على وفائه إلا في حالة ضياعه اوتفليس حامله ) ، ونعرض في ما يلي لهاتين الحالتين:

أولاً/ حالة ضياع الشيك:

“المراد بالمعارضة في حالة الضياع أن الساحب وقد فقد منه الصك توجب العدالة ألاّ تسدد قيمته إلى حامله خشية أن لا يكون لدى من له حق الرجوع عليه من المال ما يستوفي منه حقه ، وتحديد المراد من لفظ الضياع يرجع فيه إلى الحكمة من تقرير حق المعارضة للساحب، وهي بلا شك المحافظة على ماله من أن يستولي عليه من لا حق له فيه، حين لا يكون هو قد تصرف بإرادته في الشيك على نحو معين .
ومن ثم ينصرف لفظ الضياع الى كل صورة يخرج بها الصك من حوزة صاحبه بغير علم منه فقط ، وهذه تندرج تحتها صورتان الأولى فقد الشيك والأخرى سرقته ، إذ في كل من الحالتين لا تقوم ثمة إرادة تنسب الى الساحب ، ولأن هاتين الصورتين مما يقع في الحياة العادية لكل الناس ” (1).
“ويدخل في حكم الضياع ،السرقة البسيطة والسرقة الموصوفة ، والحصول على ورقة الشيك تحت وطأة التهديد والإكراه ، كما يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطرق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة المعارضة في الوفاء بقيمة الشيك ،وبذلك يدخل في نطاق الإباحة للحالات التي يصل فيها الشيك الى يد حامله عن طريق إحدى جرائم سلب المال .
_________________________________________
(1) د.حسن صادق المرصفاوي:المرجع السابق ص206

والخلاصة فإنه يرد على الإباحة للساحب في الأمر بعدم الدفع ثلاثة قيود وهي :

1. أن يكون الأمر بعدم الدفع واقعة لاحقة على إعطاء الشيك.
2. أن يكون الشيك قد خرج من حيازة المستفيد الى حيازة شخص آخر.
3. أن لا يكون الأمر بعدم الدفع مستنداً إلى احتجاج الساحب بحق لابد لحمايته من الدعوى ،أي حق متنازع عليه ، بحيث يقتضي الاعتراف به إجراء تحقيق وفصل في النتيجة التي تخلص إليها.”(1)

ثانياً/ إفلاس الحامل:

“إن في حالة إفلاس الحامل فإن المعارضة في الوفاء من الساحب يكون غير مفهوم لأنه من المقرر أن الحامل للشيك يتملك مقابل الوفاء ،ومن ثم فإن معارضة الساحب في هذه الصورة لا يكون إلاﱠ في شكل أمر بعدم الدفع يصدر منه ، ويترتب عليه تجميد الرصيد لدى المسحوب عليه الى حين الإنتهاء من النزاع حول صاحب الحق فيه.”(2)
وقد أعطى المشرع الأردني للساحب حق المعارضة على الوفاء بقيمة الشيك في حالة إفلاس حامله وبذلك فقد أضحى الأمر بعدم الوفاء قيداً وارداً على نص من نصوص التجريم وتوفرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة ولا يتحقق الإفلاس إلا بشهره من قبل الحامل وأن يكون واقعياً ، او رفعت عليه (على الحامل ) دعوى إشهار إفلاس.
(1) د.أيمن حسين العريمي و د.أكرم طراد الفايز:المسؤولية الجزائية عن جرائم الشيك في ضوء الفقه وأحكام القضاء ، دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان ، ط1 سنة 2008 ص99-100.
(2) د.حسن صادق المرصفاوي :المرجع السابق،ص210.

وقد قضت محكمة التمييز الأردنية :
” بأن مجرد الأمر للبنك بعدم دفع قيمة الشيك في غير حالتي السرقة أو إفلاس الحامل ينطوي بحد ذاته على سوء النية”(1).

وهناك حالات أخرى أجاز الديوان الخاص بتفسير القوانين وبقراره رقم (4) لسنة 1990 للساحب حق المعارضة في الوفاء بقيمة الشيك وهي من غير تلك التي نصت عليها المادة (249/2) من قانون التجارة الأردني وذلك في حالة الشيك المعيب ، وقرر بأن معارضة الساحب في وفاء مثل هذا الشيك هي معارضة مشروعة ، وقد علل قراره هذا بأن الشيك المعيب سواء أكان العيب في بياناته الإلزامية التي يترتب على خلوه منها فقدانه لصفة الشيك ،أو كان العيب في بطلان العلاقة بين الساحب والمستفيد والتي بني عليها إصدار الشيك، هذا بالإضافة إلى الحالات التي يحصل فيها المستفيد على الشيك بفعل جرمي كالسرقة أو الأحتيال أو التزوير .

وفي رأيي فإن مثل هذا التفسير فيه توسع في الحالات التي يجوز فيها للساحب المعارضة في الوفاء بقيمة الشيك ، مما يؤدي إلى زعزعة الثقة بالشيك الذي هو ورقه تقوم مقام النقود ، ويعطي المستفيد الفرصة للساحب للمعارضة في الوفاء ،واستعادة الشيك، وبالتالي يتنصل من الوفاء بقيمته للمستفيد ، مما يجرد المستفيد من حقه في هذا الشيك .
(1) تمييز جزاء (112 /81): مجلة نقابة المحامين سنة 1981ص 2082

المطلب الرابع جريمة تظهير الشيك أو تسليم الغير شيكاً مستحق الدفع مع العلــــم بأنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو يعلم أنه غير قابل للصرف .

نصت المادة (421/1/د) من قانون العقوبات على هذه الجريمة بما يلي:

( إذا ظهر لغيره شيكاً أو أعطاه شيكاً مستحق الدفع لحامله وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو يعلم أنه غير قابل للصرف ).

يلاحظ بأن آثارهذه الجريمة لا تقل من حيث النتيجة عن جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد ،”لذلك تدخل المشرع لحماية الأشخاص الذين يتداولون الشيك وهم لا يعرفون حقيقة العلاقة بين الساحب والمستفيد إذ ليس من العدالة في شيء معاقبة الساحب عن تحقيقه لنتائج تمس الثقة بالشيك وتخدع المتعاملين به بإصدار شيك لا يقابله رصيد ،وعدم معاقبة المظهر الذي يقوم بتظهير هذا الشيك بسوء نية فيحقق نفس النتائج “(1)

ولهذه الصورة من الجرائم الواقعة على الشيك ركنان :

– الركن الأول : تظهير الشيك أو تسليم الغير شيكاً مستحق الدفع ولكنه غير قابل للصرف .
– الركن الثاني :القصد الجرمي.

(1) د.محمد عودة الجبور :الحماية الجزائية للشيك بالقانون الأردني ، مطابع الدستور- عمان ، ط1 سنة 1989 ص160.

أولاً: تظهير الشيك أو تسليم الغير شيكاً مستحق الدفع ولكنه غير قابل للصرف.

التظهير عبارة عن تحويل للشيك من المستفيد الى مستفيد جديد يترتب عليه نقل الملكية من الأول الى الثاني ،ويمكن تعريف التظهير بأنه “تصرف قانوني بإرادة منفردة ينتقل بموجبه الحق الثابت في السند وهو دفع مبلغ معين من النقود من المظهر الى المظهر إليه “(1)

“ومن المعروف أن ملكية مقابل الوفاء في الشيك تنتقل بالتظهير أي بالتوقيع على ظهر الشيك وتسليمه الى المستفيد ،وكذلك بالتسليم أيضاً إذا كان الشيك لحامله ،وحتى لا ينصرف التجريم الى فعل إعطاء الشيك فقط ، ورغبة في مد غطاء الحماية للشيك في كل الصور العملية ،نص المشرع على تظهير الشيك وتسليم الشيك ،واعتبر كل من الفعلين جريمة”(2) .
“فالركن المادي لهذه الجريمة يتكون من كل نشاط أو سلوك ايجابي يقوم به الجاني إما بتظهير الشيك أو تسليمه للغير إذا كان الشيك لحامله .
وعليه فإن من يظهر الشيك لغيره مع علمه بعدم وجود رصيد لهذا الشيك في رأينا أنه لا يقل إجراماً عمن سحب الشيك ابتداءً ،لأن عدم الثقة في الشيك تتحقق ، فالعدل يتطلب معاقبة كل من عبث بالثقة بهذه الورقة سواءً كان ساحباً أم مظهراً” (3)
(1) د.عبدالقادر العطير : الوسيط في شرح القانون التجاري الاردني ، مكتبة دار الثقافة – عمان سنة 1998 ط1 ص120.
(2) د. حسن كامل المرصفاوي :المرجع السابق ص195.
(3) د. محمد صبحي نجم : المرجع السابق ص 286.

” ويكتب التظهير على الشيك أو على ورقة متصله به، ويجب على المظهر أن يوقع على ذلك التظهير ويعتبر من بيده الشيك أنه حامله الشرعي متى أثبت أنه صاحب الحق فيه بتظهيرات متصلة بعضها ببعض ولو كان آخر تظهير على بياض .

ويفترض أن يكون المستفيد هو الذي يقوم بتظهير الشيك متى كان هذا الشيك قد صدر لأمر شخص مسمى (المستفيد)، ويتم تداول الشيك في هذه الحالة بتظهيره وتسليمه إلى المظهر إليه، ومن شأن هذا التظهير أن تنتقل ملكية الشيك من المظهر إلى المستفيد”(1).

” ويختلف التظهير عن فعل إعطاء الشيك، فالتظهير هو نشاط لاحق على الإعطاء وهو تحويل لحق ثابت ومقرر في السند سبق وتم تحديده، بينما يتضمن الإعطاء تسليم الشيك للمستفيد بعد أن حددت قيمته في السند نفسه .

وإذا صدر الشيك وكان مستحق الوفاء لحامله، فيتم تداوله بتسليمه من الحامل إلى شخص آخر وذلك بنقل حيازته المادية من الساحب أو من المستفيد إلى المستلم ، بحيث يصبح الشيك تحت السيطرة الفعلية لهذا المستلم .

ويقتصر التجريم على فعل من يظهر أو يسلم لغيره شيكاً، ولا ينصرف التجريم إلى فعل من يقوم باستلام هذا الشيك الذي لا يقابله رصيد يفي بقيمته أو غير القابل للصرف، وهو يعلم حقيقة أمره “(2).
______________________________________________
(1) د.محمد عودة الجبور: المرجع السابق ص 156 – 157.
(2) د. محمد سعيد نمور: المرجع السابق، ص 343.

ثانياً/ القصد الجرمي:

جريمة تظهير الشيك أو تسليم الغير شيكاً مستحق الدفع ولكنه غير قابل للصرف هي من الجرائم المقصودة (العمدية) التي تتطلب ،فعلاً ارادياً يأتيه الجاني مع علمه بفعله هذا.

“أي أن المظهر يعلم تماماً انه يغرر بالمستفيد الآخر ويسلمه الشيك بعد التظهير ولا يوجد لهذا الشيك رصيد ،فسوء النية المتمثل بالعمل متوافر لديه بالإضافة الى قيامه بإرادته الحرة السلمية الخالية من أي عيب يشوبها بتظهير الشيك أو تسليم شيك مستحق الوفاء لحامله” (1).

“ويجب أن يتعاصر العلم بطبيعة الشيك وأنه غير قابل للصرف مع فعل التظهير أو التسليم للغير ،فإذا جاء العلم لاحقا ًلهذا الإجراء فلا مجال للقول بتوافر القصد الجرمي لدى المظهر”(2).
(1)د.محمد صبحي نجم : المرجع السابق ص287
(2)د.محمد عودة الجبور: المرجع السابق ص162.

المطلب الخامس جريمة تحرير شيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع صرفه .

ورد النص على هذه الجريمة في المادة (421/1/ھ ) من قانون العقوبات والتي جاء فيها:
( إذا حرر شيكاً أو وقع عليه بصورة تمنع صرفه ) .

“وهذه الجريمة تتكون من فعل مادي يأتيه الجاني بسوء نية ،ويتمثل بقيام الساحب بتحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تجعل المسحوب عليه يرفض صرفه ،والجريمة في هذه الحالة تؤدي الى نفس النتيجة التي تحدثها الجرائم الأخرى المتعلقة بالشيك إذ أنها كغيرها تؤثر في الثقة الواجب توافرها في الشيك كأداة وفاء “(1).

وتتكون هذه الجريمة من ثلاثة أركان هي :
– الركن الأول : تحرير الشيك .
– الركن الثاني :التوقيع على الشيك بصورة تمنع صرفه.
– الركن الثالث :القصد الجرمي.

أولاً:تحرير الشيك :

أي إصداره ،وتتم هذه العملية عند طرح الشيك للتداول بين الأفراد ، أو تسليمه للمستفيد يداً بيد ، أو بواسطة البريد ووصول الشيك للمستفيد .

ثانياً:التوقيع على الشيك بصورة تمنع صرفه :

ويكون ذلك بقيام الساحب بالتوقيع على الشيك بصورة مغايرة لتوقيعه المعتمد لدى البنك، مما يؤدي الى عدم صرف الشيك من قبل المسحوب عليه (البنك)، مع أن رصيد الساحب موجود ويكفي للوفاء بقيمة الشيك ، ولكن اختلاف التوقيع يحول دون صرفه .
(1) د. محمد سعيد نمور: المرجع السابق ص 344

وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز :
” حيث أن الشيك موضوع القضية هو شيك صحيح وأنه يشتمل على جميع البيانات الإلزامية التي أوجبت المادتان (228 و229) من قانون التجارة توافرها في الورقة لاعتبارها شيكاً ،وحيث أن المشتكى عليه عندما حرر الشيك وقع عليه بصورة تمنع صرفه ،فإن إعطاء الشيك على هذا الوجه يشكل الجريمة المنصوص عليها في المادة (421) من قانون العقوبات ،ويكون الحكم بإدانته بهذه الجريمة متفقاً مع القانون”.(1)

ثالثاً: القصد الجرمي :

في هذه الجريمة وكغيرها من الجرائم التي تقع على الشيك، والتي سبق ذكرها، هي من الجرائم المقصودة التي لابد وأن يتوافر لها مبدأ العلم والإرادة لدى الساحب . العلم بأن مثل هذا الفعل المقصود سوف يؤدي الى عدم صرف الشيك من قبل المسحوب عليه، وبذلك يمنع المستفيد من الحصول على قيمة الشيك ،وهو أيضاً ما انصرفت إرادة الساحب الى تحقيقه وذلك من خلال تحريره وتوقيعه بصورة تمنع صرف الشيك .

(1) تمييز جزاء (169/2001): منشورات مركز عدالة بتاريخ 22/3/2001.

المبحث الثالث المحاكمة في جرائم الشيك .

تمهيد وتقسيم

سأتطرق في هذا المبحث الى العقوبة التي يفرضها القانون لجرائم الشيك، و ثم الى الدعوى الجزائية (دعوى الحق العام ) ،وأعرج على الدعوى المدنية (دعوى الحق الشخصي) ،ثم أعرض للدفوع في جرائم الشيك ،وذلك في أربعة مطالب وعلى النحو التالي :

– المطلب الأول : العقوبة التي يفرضها القانون لجرائم الشيك .
-المطلب الثاني : الدعوى الجزائية (دعوى الحق العام) .
-المطلب الثالث : الدعوى المدنية (دعوى الحق الشخصي).
-المطلب الرابع : الدفوع في جرائم الشيك .

المطلب الأول العقوبة التي يفرضها القانون لجرائم الشيك .

بينت المادة (421) من قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم (11) لسنة 1996 العقوبة المفروضة على من يرتكب إحدى جرائم الشيك حيث نصت على :

1- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على مائتي دينار كل من أقدم بسوء نية على ارتكاب احد الأفعال التالية :

أ-إذا أصدر شيكاً وليس له مقابل وفاء قائم وقابل للصرف.

ب-إذا سحب بعد إصدار الشيك كل المقابل لوفائه أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته .

ج-إذا أصدر أمراً إلى المسحوب عليه بالإمتناع عن صرف الشيك في غير الحالات التي يجيزها القانون .

د-إذا ظهر لغيره شيكاً أو أعطاه شيكاً مستحق الدفع لحامله وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو يعلم أنه غير قابل للصرف .

ھ- إذا حرر شيكاً أو وقَّع عليه بصورة تمنع صرفه .

يتضح من النص أن جرائم الشيك هي من الجنح حيث لا تتجاوز عقوبتها الحبس مدة سنتين ، وينعقد الإختصاص القضائي فيها لقضاة الصلح سنداً للمادة (4/ج) من قانون محاكم الصلح رقم (15) لسنة 1952 المعدل بموجب القانون رقم(30) لسنة 2008م .
كما أن المشرع وبالفقرات (4،3،2) من المادة (421) من قانون العقوبات، خفف من العقوبات الواردة بالفقرة (1) من نفس المادة، حيث نصت الفقرات (4،3،2) على ما يلي :

2- مع مراعاة ما ورد في الفقرة (3) من هذه المادة ، لا يجوز للمحكمة عند أخذها بالأسباب المخففة في أي حالة من الحالات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة تخفيض عقوبة الحبس عن ثلاثة أشهر والغرامة عن خمسين ديناراً ولا يجوز استبدال الحبس بالغرامة في هذه الحالات.

3- على الرغم مما ورد في الفقرة (2) من هذه المادة على المحكمة أن تحكم في حالة إسقاط المشتكي حقه الشخصي أو إذا أوفى المشتكى عليه قيمة الشيك بغرامة تعادل 5٪ من قيمة الشيك على أن لا تقل عن مائة دينار حتى بعد صدور الحكم أو اكتسابه الدرجة القطعية.

4- تسري أحكام الفقرة (3) من هذه المادة على الأحكام التي اكتسبت الدرجة القطعية قبل نفاذ أحكام هذا القانون ويصدر القرار بذلك في هذه الحالة من قبل المحكمة التي أصدرت الحكم .

ويلاحظ بأن المشرع وبالفقرة (2) من المادة أعلاه، اوجب على المحكمة وعند أخذها بالأسباب المخففة في أي من الحالات المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة، أن لا تخفض عقوبة الحبس عن ثلاثة أشهر والغرامة عن خمسين ديناراً، وعدم استبدال الحبس بالغرامة في هذه الحالات ، وإذا قام المشتكي بإسقاط حقه الشخصي أو قام المشتكي عليه بالوفاء بقيمة الشيك، عندها على المحكمة أن تحكم بغرامة تعادل (5٪) من قيمة الشيك، على أن لا تقل عن مائة دينار، حتى وان اكتسب الحكم الدرجة القطعية، ويعفى المشتكى عليه من العقوبات الجزائية.
لكن يمكن للمحكمة أن تحكم بالعقوبة مع وقف التنفيذ ،إن رأت في أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أوسنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الإعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون ،وهذا وفقاً لنص المادة (54) مكرَّرة من قانون العقوبات .
ولم ينص المشرع على العقاب على الشروع في جرائم الشيك، فيكون العقاب مقتصراً على الحالات التي تقع فيها الجريمة تامة والسبب في ذلك أن الشروع في جرائم الشيك غير متصور في الحالات المنصوص عليها في المادة (421) من قانون العقوبات

وبالنسبة للهيئات المعنوية فقد نصت الفقرة (2)من المادة (74) من قانون العقوبات على :
( تعتبر الهيئات المعنوية بإستثناء الدوائر الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة الرسمية مسؤولة جزائياً عن الجرائم التي يرتكبها مديروها أو ممثلوها أو وكلاؤها باسمها أو لحسابها ).

كما نصت الفقرة (3) من المادة (74) من نفس القانون على :

( لا يحكم على الأشخاص المعنويين إلا بالغرامة والمصادرة .وإذا كان القانون ينص على عقوبة أصلية غير الغرامة أستعيض بالغرامة عن العقوبة المذكورة وأنزلت بالأشخاص المعنويين في الحدود المعينة في المواد من 22 الى 24 ).
وعليه فإن الهيئات المعنوية هي المسؤولية جزائياً عن الجرائم التي يرتكبها ممثلوها حيث يعاقب هؤلاء فيما إذا ارتكب الفعل بإسم الهيئة أو لحسابها كشخص معنوي .

وتتقادم الجرائم المرتبطة بالشيكات بمرور ثلاث سنوات من تاريخ وقوعها أي إصدار الشيك وطرحه للتداول إذا لم تجر ملاحقه بشأنها خلال تلك المدة، سيما وأن جرائم الشيكات هي من الجنح الصلحية التي لا تتجاوز مدة الحبس فيها عن سنتين.

المطلب الثاني الدعوى الجزائية ( دعوى الحق العام )

تقام دعوى الحق العام في جرائم الشيك لدى محكمة الصلح ، صاحبة الأختصاص النوعي في نظر مثل هكذا جرائم ، حيث نصت الفقرة (ج) من المادة (4) من قانون محاكم الصلح رقم (15) لسنة 1952 المعدل بموجب القانون رقم (30) لسنة 2008 على :
( بغض النظر عما إذا كانت تلك العقوبة مقترنة بغرامة أو لم تكن لقضاة الصلح النظر في الجنح التي لا تتجاوز أقصى العقوبة فيها الحبس مدة سنتين ) .

ونظراً لما تتميز به مثل هكذا دعاوى من سرعة في الفصل فيها فإن المتضرر يلجأ إلى تقديم شكواه إلى محكمة الصلح مع إحتفاظه بحقه في الإدعاء بالحق الشخصي، وقد يلجأ إلى تقديم الإدعاء بالحق الشخصي مطالبا بقيمة الشيك متزامناً مع الشكوى الجزائية وقبل فراغ المحكمة الجزائية من سماع بينة النيابة والتي عادة ما يمثلها في مثل هكذا شكاوى المشتكي أو وكيله ، ويجب حضور المشتكى عليه شخصياً أمام المحكمة في الجلسة المخصصة لتلاوة التهمة عليه وسؤاله عنها وكذلك الجلسة المخصصة لإعطاء إفادته الدفاعية ، وما عداها يجوز له أن ينيب عنه وكيلاً من المحامين ما لم تقرر المحكمة أن حضوره بالذات ضروري لتحقيق العدالة ، وهذا ما نصت عليه المادة (168/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
وبما أن قضايا الشيكات هي من القضايا الصلحية التي لا يفرض القانون تمثيل النيابة العامة فيها يجوز للشاكي أو وكيله حضور المحاكمة والقيام بدور ممثل النيابة العامة فيها من حيث تسمية البينة وتقديمها بما في ذلك إستجواب الشهود ومناقشة الدفاع وطلب إجراء الخبرة ، عملاً بالمادة (167) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

وإن جرائم الشيك هي من الجرائم التي لا يملك فيها قاضي الصلح حق إصدار مذكرة توقيف بحق المشتكى عليه فيها لأنها من الجرائم التي لا تزيد عقوبة الحبس فيها عن سنتين ، الا في حالة ان لم يكن للمشتكى عليه محل ثابت ومعروف في المملكه .( مادة 114 من قانون اصول المحاكمات الجزائية ) .

وإذا لم يحضر المشتكى عليه المتبلغ أو وكيله موعد المحاكمة ،للقاضي أن يحاكمه غيابياً ،وإذا حضر إحدى الجلسات وتخلف بعد ذلك تجري المحاكمة بحقه بمثابة الوجاهي ،ويكون الحكم الصادر بهذه الصفة قابلاً للإستئناف ، ولا يجوز إستئناف الحكم الصلحي الغيابي إلا أنه يجوز الإعتراض عليه خلال مدة عشرة أيام من اليوم التالي للتبليغ ، عملاً بالمادة (12) من قانون محاكم الصلح .

المطلب الثالث الدعوى المدنية (دعوى الحق الشخصي )

نصت المادة (6) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (9) لسنة 1961 المعدل بموجب القانون رقم (19) لسنة 2009 على :

1- يجوز إقامة دعوى الحق الشخصي تبعاً لدعوى الحق العام أمام المرجع القضائي المقامة لديه هذه الدعوى كما تجوز أقامتها على حده لدى القضاء المدني ، وفي هذه الحال يتوقف النظر فيها الى أن تفصل دعوى الحق العام بحكم مبرم .
2- إذا أقام المدعي الشخصي دعواه لدى القضاء المدني فلا يسوغ له العدول عنها وإقامتها لدى المرجع الجزائي .
3- ولكن إذا أقامت النيابة العامة دعوى الحق العام جاز للمدعي الشخصي نقل دعواه إلى المحكمة الجزائية ما لم يكن القضاء الذي قد فصل فيها بحكم في الأساس.

وبهذا فإن المشرع أعطى المشتكي خيارات ثلاثة لإقامة دعوى الحق الشخصي وهذه الخيارات هي:

أولاً : المطالبة بقيمة الشيك تبعاًً لدعوى الحق العام أمام المحكمة الجزائية

إن المشرع أعطى المشتكي الحق في إقامة دعوى إدعاءه قبل فراغ المحكمة الناظرة بالدعوى من سماع بينة النيابة، أي قبل أن يختم المشتكي لبينته وذلك سنداً للمادة (58) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

كما أعطى المشرع في المادة (278) من قانون التجارة لحامل الشيك أن يطلب من المحكمة الجزائية الحكم له بمبلغ مساوٍٍ لقيمة الشيك .

وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز:
“وإن الحكم بالإدعاء بالحق الشخصي يدور وجوداٴ وعدماٴ مع الحكم بالشق الجزائي ، فإذا قررت محكمة الإستئناف فسخ الحكم من الناحية الجزائية وإعلان عدم مسؤولية المشتكى عليه عن جرم إعطاء الشيكات موضوع الدعوى يوجب عليها رد الإدعاء بالحق الشخصي ما دام أن المستأنف إستأنف هذا الشق من الحكم ودفع الرسوم المطلوبة عن ذلك ويكون عدم تعرض محكمة الاستئناف للإدعاء بالحق الشخصي بعد أن أعلنت عدم مسؤولية المشتكى عليه مخالفا للقانون” (1)

ثانياً: إقامة دعوى بالمطالبة بقيمة الشيك لدى القضاء المدني قبل إقامة دعوى الحق العام .

إذا لجأ المدعي بالحق الشخصي إلى إقامة دعواه لدى القضاء المدني ثم رفعت بعد ذلك الدعوى الجزائية،ففي مثل هذه الحالة يحق له ترك الطريق المدني ونقل الدعوى إلى المحكمة الجزائية المنظور أمامها دعوى الحق العام

أما إذا لجأ إلى المحكمة المدنية بعد رفع الدعوى الجزائية، فليس من حقه أن يترك دعواه أمام المحكمة المدنية أو يرفعها أمام المحكمة الجزائية وذلك لأنه لم يسلك الطريق الجزائي منذ البداية، وإنما سلك الطريق المدني ويعتبر وكأنما تنازل ضمناً عن سلوك الطريق الجزائي .

أما إذا لجأ المدعي بالحق الشخصي للمحكمة المدنية وأقام دعواه لديها للمطالبة بقيمة الشيك ثم لجأ إلى المحكمة الجزائية وقدم شكواه، فإنه وفي مثل هذه الحالة يوقف السير بالدعوى المدنية إلى أن يصدر حكماً مبرما في موضوع الدعوى الجزائية .
(1) تمييز جزاء 635/96: مجلة نقابة المحامين سنة 1997 ص 2082 .

ثالثاً: إقامة الدعوى للمطالبة بقيمة الشيك أمام المحكمة المدنية بعد صدور حكم جزائي .

يتم إقامة هذه الدعوى بشكل منفصل عن الدعوى الجزائية وذلك للمطالبة بقيمة الشيك أمام القضاء المدني، ولا يتم ذلك إلا بعد صدور حكم جزائي قطعي في دعوى الحق العام، وأن ما يحدد إقامة هذه الدعوى أمام القضاء المدني هو الحكم الجزائي المبرم والذي عادة ما يكون بالإدانة، أو بعدم المسؤولية ،أو بالبراءة ، أو بالإسقاط، فإذا كان حكم المحكمة الجزائية يقضي بالإدانة فإن هذا الحكم يأخذ قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها ، وهذا ما نصت عليه المادة (332) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .

وفي حالة ما إذا كان الحكم الصادر عن المحكمة الجزائية يقضي بعدم المسؤولية، إما لأن الفعل لا يؤلف جرماً، أو لأنه لا يستوجب عقاباً، فإن ذلك لا ينفي حق المشتكي بإقامة دعوى الحق الشخصي والمطالبة بقيمة الشيك .

وفي حالة ما إذا كان حكم المحكمة الجزائية يقضي بالبراءة، لانتفاء التهمة، أو عدم كفاية الأدلة، فلا تملك المحكمة المدنية أن تحكم بقيمة الشيك، لأن حكم المحكمة الجزائية يكون حجة بما قضى به .

المطلب الرابع الدفوع في جرائم الشيك

قبل التطرق لهذه الدفوع التي تنفرد فيها جنحة إصدار شيك بدون رصيد فإنه لا بد من تعريف الدفع بصفة عامة، فقد جرى العمل في المسائل الجنائية على إطلاق كلمة الدفع على ” أوجه الدفاع الموضوعية والقانونية التي يثيرها الخصم لتحقيق غايته من الخصومة في الدعوى المنشورة أمام المحكمة إثباتاً لإدعائه أو نفياً لإدعاء خصمه” (1) وعادة ما يكون المتهم هو من يقوم بإثارة الدفع للتنصل من المسؤولية الجنائية الواقعة على عاتقه من خلال تهديم أركان الجريمة أو أحدها .

“وتنقسم الدفوع في جرائم الشيك من حيث الأهمية إلى نوعين حيث توجد الدفوع الهامة والمؤثرة في الدعوى والتي يتغير عند الأخذ بها وجه الرأي في الدعوى، وهذه يطلق عليها الدفوع الهامة أو إصطلاح الدفوع الجوهرية ، أما الدفوع الأخرى غير الهامة والتي لا تؤثر في الدعوى، ولا تستلزم رداً خاصاً من المحكمة ، فيطلق عليها الدفوع غير الجوهرية”(2) وسوف أتعرض لهذين النوعين من الدفوع من خلال فرعين .
(1) حامد الشريف: الدفوع في الشيك، دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية، ط1سنة 1994 ص 9 ، د.رؤوف عبيد : ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية، ط3سنة 1986 ص 163 .
(2) حامد الشريف: المرجع السابق ص 10

الفرع الأول: الدفوع الجوهرية في جرائم الشيك

وتنقسم الدفوع الجوهرية في جرائم الشيك إلى مايلي :

أولاً – الدفوع المتعلقة بالشروط الشكلية في الشيك.
ثانياً – الدفوع المتعلقة بسقوط الدعوى الجزائية في الشيك.
ثالثاً – الدفع بتحرير شيك تحت الإكراه.
رابعاً – الدفع بعدم إختصاص المحكمة لنظر دعوى الشيك .
خامساً – الدفع بالتزوير بالشيك .
سادساً – الدفع بأن المعارضة بمنع صرف الشيك طبقاً للحالات التي أجازها القانون

وسوف أقوم بشرح هذه الدفوع على النحو التالي:

أولاً: الدفوع المتعلقة بالشروط الشكلية في الشيك

إن الشروط الشكلية في الشيك هي التي تكون لازمة لقيام الجريمة وبالتالي تؤثر في قيام الجريمة وسوف أقسم هذه الدفوع إلى ما يلي:

أ- خلو الشيك من توقيع الساحب .
ب- خلو الشيك من تاريخ الإنشاء.
ج- خلو الشيك من إسم المسحوب عليه.
د- الدفع بأن الشيك أعطي على سبيل التأمين.
ه- الدفع بأن مقابل الوفاء شيء غير النقود.

أً: خلو الشيك من توقيع الساحب

“الدفع بخلو الشيك من توقيع الساحب، يعتبر من الدفوع الجوهرية التي يجب على المحكمة الأخذ بها، لأنها لو صحت لتغير وجه الحكم في الدعوى، إذ أن الشيك متى خلا من توقيع الساحب يعتبر ورقة لا قيمة لها ، لا يؤبه بها في التعامل على الإطلاق، لأن توقيع الساحب يعتبر من البيانات الجوهرية في الشيك، والدفع بخلو الشيك من توقيع الساحب هو دفع موضوعي يجوز إبداءه في أية حالة تكون عليها الدعوى، إلا أنه لا يجوز الدفع به لأول مرة لدى المحكمة العليا ، ذلك أنه ليس من النظام العام وهو دفع يخالطه واقع، كما أنه يجب على المحكمة الأخذ به إذا تحققت شروطه أو الرد عليه بما يفيده “(1)

ب: خلو الشيك من تاريخ الإنشاء

إن تاريخ إنشاء الشيك هو من البيانات الإلزامية التي أوردها المشرع بالمادة (228/ ﻫ) من قانون التجارة، وقد استقر القضاء الأردني في أحكامه على انه إذا خلا الشيك من تاريخ إنشائه فإنه يفقده صفته كشيك عملا بصراحة نص المادة (229) من قانون التجارة ، وبالتالي لا يتمتع بالحماية الجزائية، ولم يجز القضاء للمستفيد تعبئة التاريخ بعد تحرير الشيك من قبل الساحب الا اذا كان مفوضا بذلك بموجب سند خطي من الساحب ، لأن التفويض توكيل ، والتوكيل لا بد أن يثبت بسند خطي .

ج: خلو الشيك من إسم المسحوب عليه

يعد إسم المسحوب عليه (البنك) من البيانات الجوهرية التي تطلبها المشرع، وقد نصت المادة (230/1) من قانون التجارة على أنه لا يجوز سحب الشيكات إلا على مصارف، وقد فرضت المادة (275/1) من نفس القانون غرامة لا تتجاوز خمسين ديناراً على كل من سحب شيكاً على غير مصرف، وعليه فإن خلو الشيك من إسم المسحوب عليه يجعله غير متمتعاً بالحماية الجزائية.

د: الدفع بأن الشيك أعطي على سبيل التأمين

إذا وردت كلمة تأمين في متن الشيك فإن الوفاء يصبح معلقاً على شرط، ولا يمكن وهذه الحالة إضفاء الحماية الجزائية على هكذا شيكات، ويجوز الدفع بأن الشيك أعطي على سبيل التأمين شريطة أن تذكر كلمة (تأمين) على متن الشيك .

(1) د. شريف الطباخ: الدفوع في الشيك، توزيع وليد حيدر- الأسكندريه ، ط1 سنة 2008ص 193- 194

وقد قضت محكمة التمييز في حكم لها بخصوص هذا الدفع بما يلي :

“لا يعتبر شيكا بالمعنى القانوني اذا علق أمر أداء المبلغ المعين فيه على شرط عملا بالمادة 228/ب من قانون التجارة . اذا تضمن الشيك أنه أعطي كتأمين فإنه لا يعتبر شيكا لأنه معلق على شرط خلافا لنص المادة 228/ب من قانون التجارة وبناء على ذلك فإن ادانة المشتكى عله بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد ومعاقبته على هذا الأساس لا يتفق والقانون لأن فعله لا يؤلف جرما”(1)

ھ: الدفع بأن مقابل الوفاء شيء غير النقود .

لا يكون مقابل الوفاء إلا مبلغاً من النقود يسحبه الساحب من رصيده لدى المسحوب عليه، وعليه فلا يتصور بأن يكون سحب الشيكات على أشياء غير النقود، فإذا حرر الشيك بأشياء غير النقود فإنه يفقد صفته كشيك.
(1) تمييز جزاء 96/89 : مجلة نقابة المحامين ص339 سنة 19

ثانياً: الدفوع المتعلقة بسقوط الدعوى الجزائية في الشيك

وسوف نستعرض ذلك من خلال ما يلي :

أ- سقوط الدعوى بالتقادم.
ب- سقوط الدعوى كونها قضية مقضية.
ج- سقوط الدعوى لشمولها بالعفو العام.
د- سقوط الدعوى لوفاة المشتكى عليه.

أ: سقوط الدعوى بالتقادم

بما أن جريمة إصدار شيك بدون رصيد هي من الجنح فإنها تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجنحة أو من تاريخ آخر محاكمة تمت فيها إذا أقيمت الدعوى وأجريت التحقيقات ولم يصدر الحكم بها وهذا ما نصت عليه المادة (339) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
وتحتسب مدة الثلاث سنوات إعتبارا من التاريخ المثبت على الشيك.
والدفع بالتقادم هو دفع متعلق بالنظام العام يمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى وتثيره المحكمة من تلقاء نفسها .

ب: سقوط الدعوى كونها قضية مقضية

وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام ويجوز لكل خصم التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز، ويتعين على المحكمة أن تقضي برد الدعوى إذا تبين لها بأن سبق و تم الفصل فيها.

ويشترط لقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ما يلي:

1- وحدة أطراف الدعوى.
2- وحدة الموضوع.
3- وحدة السبب

ج: سقوط الدعوى لشمولها بالعفو العام

تسقط دعوى الحق العام بالعفو العام، وهذا ما نصت عليه المادة (337/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتبقى دعوى التعويض من أختصاص المحكمة الواضعة يدها على دعوى الحق العام حين صدور العفو العام ، بمعنى أن الدعوى المدنية لا تسقط بسقوط دعوى الحق العام.
والعفو العام يمحو الجريمة ويمحو العقوبة في دعوى الحق العام .

د: سقوط الدعوى لوفاة المشتكى عليه

ان وفاة المشتكى عليه يؤدي بالنتيجة إلى سقوط الدعوى الجزائية وكذلك العقوبة ، أي إن ذلك لا يوقف حق المشتكي بإقامة دعوى الحق الشخصي للمطالبة بقيمة الشيك على ورثة المتوفى، وهذا ما جاءت به الفقرتــــــــان (1 و 3) من المادة (336) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، ويعد هذا الدفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام .

ثالثاً: الدفع بتحرير شيك تحت الأكراه

يشترط لصحة الالتزام الناشئ عن علاقة قانونية ما أن يكون مبنياً على رضا صحيح ، وهذا الأخير لا يكون كذلك اذا شابه اي عيب من عيوب الإرادة المعروفة من غلط او إكراه أو تدليس ، وان أهم أثر يرتبه المشرع في القانون المدني عند توافر احد هذه العيوب هو جعل الإلتزام باطلاً بطلاناً مطلقاً أو نسبياً وفقاً للقواعد العامة في القانون المدني في هذا الشأن.

ولكون إصدار الشيك تحت تأثير غلط أو تدليس لايقع إلا نادراً لاسيما أمام قرينة سوء النية المفترضة في حق المتهم فإن تحرير الشيك تحت الإكراه المادي أو المعنوي أمر متصور جداً ،والدليل على ذلك هو الدفوع التي تثار في هذا المجال .

والمشكلة التي يمكن أن تثور في مجال جرائم الشيك بدون رصيد بصفة خاصة هو مدى تأثير بطلان الإلتزام الذي انشئ الشيك للوفاء به بسبب عيوب الإرادة لا سيما منها الإكراه على المسؤولية الجنائية للساحب، ومدى تأثير بطلان الشيك نفسه متى ثبت أنه حرر تحت تأثير الإكراه على المسؤولية الجنائية دائماً،وان تحرير الشيك تحت الإكراه يقتضي من القاضي تمحص وقائع كل قضية على حده لتحديد توافر القصد الجنائي من عدمه ، فإذا كان الإكراه قد شاب عملية إصدار الشيك وذلك بأن حرر الساحب الشيك تحت وطأة تهديد مادي أو معنوي أعدم حريته في إتيان التصرف انتفت مسؤوليته الجنائية ، والسبب في ذلك هو انعدام الإرادة الحرة في تحريرالشيك ، وقد قضت محكمة التمييز بهذا الخصوص بما يلي:

” إذاحضرت المتهمة عائشة إلى المشتكي سامي وطلبت منه أن يوصلها بالبكب العائد له إلى المستشفى كونها مريضة فوافق على ذلك وأثناء سيره طلبت منه أن يتوجه لمنزلها كونها لا تحمل نقودا فتوجه إلى منزلها الواقع في مدينة جرش جبل الشيخ مصلح وعندما وصل للمنزل تفاجأ بقيام المتهم نشأت بضربه بواسطة يده على وجهه ثم قام بسحبه إلى داخل منزل المتهمة عائشة وإغلاق المنزل عليه ثم قام بضربه بواسطة طربيزة على رأسه ثم قال للمتهمة عائشة ربطيه وشلحيه وقال للمشتكي (يا بربطك وبشلحك أو ببليك فيها) ويقصد المتهمة عائشة ثم قام المتهم نشأت بحمل سيف وهدد فيه المشتكي وطلب منه مبلغ 275 دينار فذكر له المشتكي بأنه لا يوجد معه سوى ثلاثة عشر ديناراً فأجبره بالتهديد بالسيف على توقيع شيك بهذا المبلغ ثم أخذ محفظة المشتكي وجهازه الخلوي وطلب منه احضار قيمة الشيك فذهب المشتكي إلى منزله وأحضر قيمة الشيك وأحضر معه الشاهد معاوية واعطى المتهم نشأت قيمة الشيك بعد أن أعاد له أغراضه حيث قدمت الشكوى وجرت الملاحقة. فإن الأفعال التي ارتكبها المميز ضده نشأت تشكل جرم اغتصاب توقيع بالتهديد وجرم حجز حرية شخصية وجرم الإيذاء خلافاً لأحكام المواد 414/2، 346، 334 من قانون العقوبات “(1)

(1) تمييز جزاء 237/2006 (هيئة خماسية) تاريخ 5/4/2006 : منشورات مركز عداله

رابعاً: الدفع بعدم إختصاص المحكمة لنظر دعوى الشيك

“إن جريمة إصدار شيك بدون رصيد لا تختلف عن غيرها من الجنح الأخرى من حيث الخضوع لنفس قواعد الإختصاص التي تحكم الجرائم أمام المحاكم حيث أنها ذات القواعد وإن وجد أختلاف بسيط في التطبيق.

ولن يقتصر الدفع بعدم الإختصاص في جريمة إصدار شيك بدون رصيد على نوع معين من الدفوع إذ قد يكون الدفع بعدم الإختصاص مكانياً أو نوعياً أو شخصياً أو وظيفياً ولم يثير أي من تلك الدفوع أية مشكله سوى الدفع بعدم الإختصاص المحلي – المكاني – في جريمة إصدار شيك بدون رصيد “(1).

وقد عالج المشرع الأردني وفي المادة (5/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية موضوع الإختصاص المكاني بنصه: (تقام دعوى الحق العام على المشتكى عليه أمام المرجع القضائي المختص التابع له مكان وقوع الجريمة أو موطن المشتكى عليه أو مكان إلقاء القبض عليه ولا أفضلية لمرجع على آخر إلا بالتاريخ الأسبق في إقامة الدعوى لديه).

وإن الدفع بعدم الإختصاص المكاني هو من الدفوع الجوهرية كما هو دفع من النظام العام التي يجوز إثارتها في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أول مرة أمام محكمة التمييز .
(1) حامد الشريف: المرجع السابق ص 116

وقد قضت محكمة التمييز بهذا الخصوص بما يلي:

” يستفاد من أحكام المادة (5/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بأنها تنص على ما يلي : (تقام دعوى الحق العام على المشتكى عليه أمام المرجع القضائي المختص التابع له مكان وقوع الجريمة أو موطن المشتكى عليه أو مكان إلقاء القبض عليه) . وحيث إستقر إجتهاد محكمة التمييز بأن لا أفضلية لمرجع على الآخر إلا بأسبقية تقديم الدعوى وإن هذه الدعوى قدمت لمحكمة صلح جزاء دير علا باعتبار أن الشيك موضوع هذه القضية مسحوب على البنك الأهلي / فرع دير علا فتكون محكمة صلح دير علا هي المختصة بنظرها . لهذا نقرر اعتبار محكمة صلح جزاء دير علا هي المختصة بنظر هذه الدعوى وإعادة الأوراق لمصدرها “(1)

خامساً: الدفع بالتزوير بالشيك

يعتبرالدفع بالتزوير لا سيما في التوقيع من الدفوع التي تهدم الركن المعنوي في جنحة اصدار شيك بدون رصيد لا لشيء إلا لكون التوقيع الذي يعتبر أهم بيان في الشيك ومن دونه يفقد السند وصفه، هذا هو حقيقة الأمر تعبير عن إرادة الساحب في إتيان العمل المادي اللازم لإكتمال جسم الجريمة وقيامها بركنيها المادي والمعنوي .
لكن ما تجدر الإشارة اليه في هذا المقام أنه على القاضي حال التصدي للدفع بالتزويرأن يتمحص الدفع بالعناية اللازمة ويأمر بالمضاهاة للتحقق من ثبوت التزوير من عدمه .وهو من الدفوع الجوهرية التي يجب إثارتها أمام محكمة الموضوع ولا يمكن بأي حال من الأحوال إثارته لأول مره أمام محكمة التمييز وإن جاز إثارته أمام محكمة الإستئناف.
___________________________________________
(1) تمييز جزاء 337/2003 ( هيئة خماسية ) تاريخ 7/4/2003 : منشورات مركز عداله

سادساً: الدفع بأن المعارضة بمنع صرف الشيك طبقاً للحالات التي أجازها القانون

أجاز القانون وفي المادة (249/2) من قانون التجارة للساحب وفي حالتي ضياع الشيك أو تفليس حامله أن يعارض على وفائه .
” والضياع يشمل حالة فقد الشيك ولو تم الفقد بإهمال أو تقصير من الساحب، وحالة السرقة أياً كانت الصورة التي تتم فيها السرقة وكذلك حالة الحصول على الشيك بطريق التهديد، وأنه وقياساً على الحالات التي يشملها لفظ الضياع يمتد هذا اللفظ ليشمل حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب لاتحاد العلة فيها.
أما بالنسبة لإفلاس الحامل فإنه يترتب على إفلاس حامل الورقة التجارية رفع يده عن إدارة أمواله ومن ثم يمتنع عليه إستيفاء حقوقه لدى الغير، إذ يقوم وكيل الدائنين بإدارة أموال المفلس، وبالتالي فإن وكيل الدائنين هو الذي يقع عليه عبء المعارضة تحت يد المدين لمنعه من الوفاء للحامل المفلس، ويستوفي هذا الوكيل قيمة الورقة فتدخل في الضمان العام للدائنين”(1).
(1) حامد الشريف: المرجع السابق ص 145 – 146

الفرع الثاني : الدفوع غير الجوهرية في جرائم الشيك

وهي الدفوع التي يمكن الإحتجاج وإثارتها وإن كان ذلك لا يؤثر على قيام الجريمة وهذه الدفوع هي :

أولاً: الدفع بخلو الشيك من البيانات الإختيارية

كما سبق وذكرنا فإن خلو الشيك من البيانات الإختيارية لايفقده صفته كشيك ويبقى متمتعاً بالحماية الجزائية ، وأبين فيما يلي البيانات الإختيارية التي إن خلا الشيك منها لايفقده صفته كشيك :

أ- كتابة اسم المستفيد.
ب- شرط الدفع في محل مختار.
ج- شرط الرجوع بدون مصاريف.
د- تأشير المسحوب عليه.
ه- تعدد النسخ.
ه- اشتراط الفائدة.

ثانياً: الدفع بصورية التاريخ في الشيك

لاعبرة في صورية التاريخ على الشيك ولا يفقده قيمته كشيك كما لا يفقد الحماية الجزائية المقررة له . وأن التاريخ الوارد في متن الشيك هو تاريخ صوري لا يترتب عليه بطلان الشيك ، وقد عاقبت المادة (275/1) من قانون التجارة بغرامة مقدارها خمسين دينار على كل من أثبت في الشيك تاريخاً غير صحيح.

ثالثاً: الدفع بأن الشيك يحمل تاريخين

نصت المادة (245) من قانون التجارة الاردني على ما يلي:
1- يكون الشيك واجب الوفاء لدى الإطلاع عليه وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن.

2- والشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره واجب الوفاء في يوم تقديمه.

وعليه فإن الدفع بوجود تاريخين على الشيك لا يؤثر في صحته كشيك.

رابعاً: الدفع بعلم المستفيد بعدم وجود رصيد

وهذا الدفع غير جوهري ولا يحق للساحب بأن يدفع بأن المستفيد الصادر لصالحه الشيك كان يعلم بعدم وجود رصيد للساحب وقت إعطاءه الشيك حيث أن علم المستفيد بعدم وجود الرصيد لا تأثير له على قيام الجريمة.

خامساً: الدفع بأن الشيك حرر لسبب غير مشروع

كأن يكون الإلتزام في الشيك باطلا كونه مبني على سبب غير مشروع كالدين الناتج عن القمار أو أن يكون مقابل رشوة أو لتسوية معاملة معيبة لنقص أهلية أحد أطرافها، وأنه ومهما كان سبب الإلتزام الوارد بالشيك باطلاً ، فإن ذلك لا يؤثر على قيام الدعوى والمسؤولية الجزائية بحق المتهم، فمتى كان المحرر قد إستوفى في الظاهر كافة البيانات والشروط التي يستوجبها القانون إستحق الحماية الجزائية المقررة قانوناً تدعيما للثفة في التعامل به كأداة وفاء .

الملاحق

اضافة الى ماتضمنه قانون العقوبات من تجريم وعقاب لكل من يصدر شيكاً لا يقابله رصيد فإ ن الشرع حرم أيضا ً القيام بمثل ذلك ، لذا فإنني ارتأيت أن أعرض فتوى صادرة عن أحد العلماء المسلمين تحرم إصدار شيك بدون رصيد ، وإنه وتعميماً للفائدة فقد عرضت نماذج لوائح شكاوى في جرائم الشيك وكما يلي :

أولاً : فتوى تتعلق بتحريم تحرير شيك بدون رصيد
ثانياً : نماذج لوائح شكاوى في جرائم الشيك

أولاً : فتوى تتعلق بتحريم تحرير شيك بدون رصيد

الشيك نوع من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة، كما ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي [ الأوراق التجارية – الشيكات … – من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة] مجلة المجمع العدد السابع ج 2 ص9. والتعامل بالشيكات الأصل فيه الجواز بشرط أن يكون وفق الضوابط الشرعية التي قررها الفقهاء المعاصرون وكذا المجامع الفقهية، وإصدار شيك بدون رصيد أمر معروف ويتعامل به الناس وخاصة التجار، حيث إنهم يشترون بضاعة ويعطون بائعها شيكاً متأخراً بلا رصيد، ويجوز إصدار شيك بدون رصيد إذا كان المصدر للشيك سيقوم بتغطية المبلغ المرقوم في الشيك قبل تاريخ استحقاقه، فإذا التزم مصدر الشيك بهذا القيد فلا حرج في إصداره شيكاً بدون رصيد.
وأما إذا أصدر شيكاً بدون رصيد وهو عازم على عدم تغطية المبلغ المرقوم في الشيك قبل تاريخ استحقاقه، وحان موعد صرف الشيك وليس له رصيد، فإن هذا العمل محرم لما يلي:
أولاً: لأن هذا يعتبر من باب تعمد إخلاف الوعد، والأصل في المسلم أن يفي بوعده، وخاصة أن مصدر الشيك إذا كان تاجراً فإنه يكون قد استلم البضاعة، وصاحب البضاعة ما سلَّمها له إلا ثقة به على أن يستلم ثمن البضاعة حين يأتي تاريخ الشيك المتأخر.
وكثيرٌ من النصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أمرت بالوفاء بالوعد وحثت على ذلك وذمت من لم يف بوعده فمن هذه النصوص قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ سورة المائدة الآية 1. فهذه الآية الكريمة تأمر بالوفاء بالعقود والوعد داخل في ذلك. قال الزجاج:[المعنى أوفوا بعقد الله عليكم وبعقدكم مع بعضكم مع بعض] نقله عنه القرطبي في تفسيره 6/33.

وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ سورة الصف الآية 3. وهذه الآية من أشد الآيات في وجوب الوفاء بالوعد لأنها تضمنت الذم الشديد لمن لم يف بما يعد. قال القرافي:[والوعد إذا أخلف قول لم يفعل فيلزم أن يكون كذباً وأن يحرم إخلاف الوعد مطلقاً] الفروق 4/20. وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ سورة النحل الآية 91. وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا سورة الإسراء الآية 34.
وورد في السنة النبوية ما يدل على وجوب الوفاء بالوعد فمن ذلك ما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا وعد أخلف. رواه البخاري ومسلم. وجاء في رواية أخرى عند مسلم، من علامات المنافق ثلاث . وفي رواية ثالثة عند مسلم أيضاً: آية المنافق ثلاث… وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم. وجاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. رواه البخاري ومسلم. وجاء في الحديث عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال:دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتها فقالت: تعال أعطك. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردت أن تعطيه؟ فقالت: أعطيه تمراً. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنك لو لم تعطه شيئاً كتبت عليك كذبة. رواه أبو داود وحسّنه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/943، وفي السلسة الصحيحة 2/384.

وجاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها،أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ في صلاته كثيراً من المأثم والمغرم -الإثم والدَّين- فقيل له: يا رسول الله، ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: إن الرجل إذا غرم -أي استدان- حدث فكذب ووعد فأخلف. رواه البخاري. والذي أميل إليه وأختاره وجوب الوفاء بالوعد ديانةً وقضاءً وهذا قول جماعة من أهل العلم منهم جماعة من فقهاء السلف كالفقيه المعروف ابن شبرمة والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والقاضي سعيد بن الأشوع وإسحاق بن راهويــــه وغيرهم.

ثانياً: إن إصدار شيك بدون رصيد مع عدم تغطيته في موعده يُعَدُّ من باب أكل أموال الناس بالباطل ولا شك في تحريم ذلك، يقول الله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ سورة البقرة الآية 188. ويقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ سـورة النســاء الآية 29. وعن صهيب رضي الله عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل يدين ديناً وهو مجمع على أن لا يوفيه إياه لقي الله سارقاً . رواه ابن ماجة والبيهقي وقال العلامة الألباني: حسن صحيح كما في صحيح سنن ابن ماجة 2/52.

ثالثاً: بعض المتعاملين مع البنوك الربوية يتفقون معها عند إصدارهم شيكات بدون رصيد، حيث يقوم البنك بتغطية قيمة هذه الشيكات التي لا رصيد لها واحتساب فوائد ربوية على مبلغ الشيكات، وهذا رباً واضح وهو محرم شرعاً بالنصوص الصريحة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول الله سبحانه وتعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أثيم إن الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين َفإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ سورة البقرة الآيات 275 – 279. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء. رواه مسلم.

رابعاً: إن إصدار شيك بدون رصيد مع عدم تغطيته في موعده، فيه إلحاق الضرر بالناس وهو أمر محرم وقد جاء في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم :لا ضرر ولا ضرار . رواه أحمد وابن ماجة والطبراني وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 250.

خامساً: إصدار شيك بدون رصيد مع عدم تغطيته في موعده، من المسائل المستجدة التي ينبغي أن يعاقب عليها بعقوبة تعزيرية رادعة، لأنها صارت منتشرة بين الناس بشكل كبير ويترتب عليها أضرار كثيرة، والقوانين الوضعية تعاقب عليها، فقد جاء في ذلك المادة 421 من قانون العقوبات الأردني:[ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على مائتي دينار كل من أقدم بسوء نية على ارتكاب أحد الأفعال التالية: أ- إذا أصدر شيكاً وليس له مقابل وفاء قائم وقابل للصرف. ب- إذا سحب بعد إصدار الشيك كل المقابل لوفائه أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته. ج- إذا أصدر أمراً إلى المسحوب عليه بالامتناع عن صرف الشيك في غير الحالات التي يجيزها القانون. د- إذا ظهَّر لغيره شيكاً أو أعطاه شيكاً مستحق الدفع لحامله وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بكامل قيمته أو يعلم أنه غير قابل للصرف. كما أن بعض البلدان قد وضعت عقوبات أخرى لمن يصدر شيكات بدون رصيد مثل شطب السجل التجاري لمن يصدر بشكل متكرر شيكات بدون رصيد، والتحفظ على محل التاجر أو شركته.

وخلاصة الأمر أنه يحرم إصدار شيكات بدون رصيد إذا لم يتم تغطية المبلغ المرقوم فيها، لاشتمال هذه العملية على عدة مفاسد بينتها.
والله أعلم.
أ.د حسام الدين بن موسى عفانه
استاذ الفقه وأصوله- جامعة القدس

ثانياً : لوائح شكاوى في جرائم الشيك

لائحة شكوى شيك بدون رصيد

لدى محكمة صلح جزاء اربد الموقرة
المشتكي: عنوانه رقمه الوطني وكيله المحامي رقمه النقابي
المشتكى عليه: عنوانه:

موضوع الشكوى:جرم إصدار شيك لايقابله رصيد خلافا لإحكام المادة 421 عقوبات

الوقائع :

أولاً- حرر المشتكى عليه للمشتكي شيكاً يحمل الرقم ( ) مسحوباً على بنك( ) بتاريخ / / بقيمة ( ) دينار أردني.

ثانياً- لدى عرض الشيك على البنك المذكور أعلاه أعيد دون صرف (لعدم وجود رصيد) أو (لعدم كفاية الرصيد) او (لإغلاق الحساب) أو (توقيعه بصورة تمنع صرفه)أو (لصدور أمر للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك).

ثالثاً- طالب المشتكي المشتكى عليه بدفع قيمة الشيك إلا أنه ممتنع عن الدفع دون مبرر قانوني .

رابعاً- محكمتكم الموقرة صاحبة الاختصاص بالنظر في هذه الشكوى.

الطلب : يلتمس المشتكي من محكمتكم الموقرة
تبليغ المشتكى عليه نسخة من هذه الشكوى ودعوته للمحاكمة ومجازاته حسب أحكام القانون ويحتفظ المشتكي بحقه بالادعاء بالحق الشخصي.
واقبلوا الاحترام
وكيل المشتكي

لائحة إدعاء بالحق الشخصي مقدم في دعوى جزائية

لدى محكمة صلح جزاء اربد الموقرة

المدعي بالحق الشخصي(المشتكي): عنوانه رقمه الوطني وكيله المحامي رقمه النقابي
المدعى عليه بالحق الشخصي(المشتكى عليه): عنوانه:
موضوع الادعاء:مطالبة بقيمة الشيك موضوع الدعوى الجزائية رقم ( )
قيمة الادعاء: ( ) دينار أردني.
الوقائع :
أولاً – إن تصرف المشتكى عليه الموضح في لائحة الشكوى المقدمة في الدعوى الجزائية ذات الرقم أعلاه أضر بالمدعي بالحق الشخصي (المشتكي) من جراء حرمانه من قيمة الشيك بالاضافة إلى النفقات التي تكبدها والبالغ مجموعها( ) دينار أردني.
ثانياً-لاتزال ذمة المدعى عليه بالحق الشخصي(المشتكى عليه) مشغولة للمدعي بالمبلغ المدعى به على الرغم من المطالبات المتكررة.

ثالثاً- محكمتكم الموقرة صاحبة الاختصاص بالنظر في هذه الشكوى.

الطلب: يلتمس المدعي بالحق الشخصي (المشتكي) من محكمتكم الموقرة:

1- تبليغ المدعى عليه بالحق الشخصي (المشتكى عليه) نسخة من لائحة الادعاء بالحق الشخصي ودعوته للمحاكمة.

2- بعد المحاكمة وعند الثبوت الحكم بإلزام المدعى عليه بالحق الشخصي (المشتكى عليه) بأن يدفع للمدعي بالحق الشخصي (المشتكي )المبلغ المدعى به والبالغ قيمته ( ) دينار أردني.

3- تضمين المدعى عليه بالحق الشخصي (المشتكى عليه) الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة

واقبلوا الاحترام

وكيل المدعي بالحق الشخصي

لائحة شكوى شيك دون رصيد مع ادعاء بالحق الشخصي

لدى محكمة صلح جزاء اربد الموقرة

المشتكي (المدعي بالحق الشخصي ): عنوانه رقمه الوطني وكيله المحامي:
المشتكى عليه (المدعى عليه بالحق الشخصي): عنوانه:
موضوع الشكوى: جرم إعطاء شيك لا يقابله رصيد وادعاء بالحق الشخصي
قيمة الإدعاء بالحق الشخصي ( ) دينار أردني.

الوقائع:

أولاً- حرر المشتكى عليه(المدعى عليه بالحق الشخصي )لأمر المشتكي(المدعي بالحق الشخصي ) شيكا يحمل الرقم( ) مسحوباً على بنك .فرع بتاريخ / / بقيمة( )دينارأردني .
ثانياً- لدى عرض الشيك على البنك المسحوب عليه أعيد دون صرف لعدم وجود رصيد.
ثالثاً- إن فعل المشتكي عليه ( المدعى عليه بالحق الشخصي ) يشكل جرماً خلافاً لأحكام قانون العقوبات.
رابعاً- طالب المشتكي (المدعي بالحق الشخصي) المشتكى عليه( المدعى عليه بالحق الشخصي ) بدفع قيمة الشيك البالغة ( ) دينار أردني إلا أنه ممتنع دون مبرر قانوني .
خامساً – يتخذ المشتكي (المدعي بالحق الشخصي) صفة الإدعاء بالحق الشخصي.
سادساً- محكمتكم الموقرة صاحبة الاختصاص بالنظر في هذه الشكوى وفي الادعاء بالحق الشخصي تبعا لدعوى الحق العام.
الطلب: يلتمس المشتكي (المدعي بالحق الشخصي) من محكمتكم الموقرة:
1-تبليغ المشتكى عليه ” المدعى عليه بالحق الشخصي” نسخة من هذه الشكوى ودعوته للمحاكمة ومجازاته حسب أحكام القانون.
2-إلزامه بدفع المبلغ المدعى به للمشتكي ( المدعي بالحق الشخصي) والبالغ قيمته ( ) دينار اردني.
3- تضمينه الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.

واقبلوا الاحترام

وكيل المشتكي( المدعي بالحق الشخصي )

التوصيات

لاحظت من خلال دراستي للنصوص القانونية المتعلقة بالشيك والتي أوردها المشرع الأردني في قانون التجارة وكذلك النص القانوني المتعلق بالعقاب وصور الجرائم التي تقع على الشيك الواردة في قانون العقوبات أن هناك قصوراً تشريعياً وتناقضاً في بعض النصوص، مما أدى إلى تضارباً في الإجتهادات القضائية. وأنه ولضمان إستقرار الأحكام وتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع أمام القانون فإنني أقدم التوصيات التالية:

أولاً: إصدار قانون خاص بالشيكات يتضمن جميع الأحكام المتعلقة به وبحيث يكون متوافقا لا متناقضاً في نصوصه .

ثانياً: إلغاء التعامل بالشيكات العادية (المكتبية) سيما وأنها أصبحت ظاهرة، والإقتصار على التعامل بالشيكات التي تصدرها البنوك وعلى النماذج المعتمدة من قبلها مع ضرورة إلغاء الفقرة (د) من المادة (229) من قانون التجارة الأردني التي تنص على ” د. إذا خلا من كلمة (شيك) وكان مظهره المتعارف عليه يدل على أنه شيك” .

ثالثاً: إيجاد نص تشريعي يجرم المستفيد الذي يحصل على شيك بدون رصيد مع علمه بذلك وقت تسلمه الشيك من الساحب وذلك تدعيماً للثقة بالشيك ولتمكينه من أداء رسالته كأداة وفاء لا سيما وإن الشيك معد للتداول وقد ينتقل من حامل إلى آخر ولا يعلم هذا الأخير بحقيقته.

رابعاً: تشديد العقاب على من يكرر إقتراف إحدى جرائم الشيك .

الخاتمة

في صفحات هذا البحث قمت بإستعراض موجز للشيك والجرائم الواقعة عليه وذلك من خلال ما أورده المشرع الأردني في قانون التجارة رقم (12) لسنة 1966 .
وقانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 المعدل بموجب القانون رقم (11) لسنة 1996 .
ومن خلال هذا الإستعراض الموجز أرجو أن أكون قد وفقت فيما هدفت له من بحثي هذا وهو التركيز بشكل خاص على الحماية الجزائية التي وضعها المشرع صوناً للشيك من عبث العابثين بغية توفير الثقة الكاملة فيه، كونه أداة وفاء تقوم مقام النقود في شتى التعاملات الحياتية .

مراجع البحث:

1. حسن صادق المرصفاوي : المرصفاوي في جرائم الشيك ، منشأة المعارف بالإسكندرية سنة 2000م .
2. د. سمير محمد عبد الغني : شرح قانون الجزاء الكويتي – القسم الخاص ، دار الكتب القانونية ، المحلة الكبرى الطبعة الأولى سنة 2007م.
3. د.رؤوف عبيد : جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال ، دار الفكر العربي ط 8 سنة 1985م.
4. المحامي صلاح الدين محمد شوشاري : جرائم الشيك في قانون العقوبات ، الطبعة الثانية ،د.ن عمان سنة 2005م.
5. د.نائل عبدالحمن صالح : تاريخ اصدار الشيك وأهميته التجارية والجزائية ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان سنة 1995.
6. د.فتوح عبد الله الشاذلي : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار الهدى للمطبوعات بالاسكندرية، الطبعة الأولى سنة 2001.
7. د. محمد صبحي نجم : قانون العقوبات – القسم الخاص – الجرائم المخلة بالمصلحة العامة والثقة العامة والجرائم الواقعة على الأموال وملحقاتها ، دار الثقافة للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى – الإصدار الثالث لسنة 2006م.
8. د. كامل السعيد : شرح قانون العقوبات – الجرائم الواقعة على الأموال ، دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان ، الطبعة الأولى ، الأصدار الثاني سنة 2009.
9. المحامي مصطفى محمود فراج : الشيك في القانون الأردني ، بحث على الانترنت سنة 2009م.
10. د.محمد سعيد نمور : شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ، الجزء الثاني ، الجرائم الواقعة على الأموال ، دار الثقافة للنشر والتوزيع- عمان الطبعة الأولى – الإصدار الثاني سنة 2007م.
11. .د.أيمن حسين العريمي و د. أكرم طراد الفايز : المسؤولية الجزائية عن جرائم الشيك في ضوء الفقه وأحكام القضاء ، دارالثقافة للنشر والتوزيع – عمان ،الطبعة الأولى سنة 2008م..
12. د.محمد عودة الجبور : الحماية الجزائية للشيك في القانون الأردني، مطابع الدستور، عمان ، سنة 1989م.
13. د. عبدالقادر العطير : الوسيط في شرح قانون التجارة الأردني ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان ، ط1 سنة 1998.
14. د. شريف الطباخ : الدفوع في الشيك ، توزيع وليد حيدر ، الطبعة الأولى سنة 2008.
15. حامد الشريف : الدفوع في الشيك أمام القضاء الجنائي، دار المطبوعات الجامعية- الإسكندرية ، الطبعة الأولى سنة 1994م .
16. مفلح محمد الزعبي : جريمة اصدار شيك بلا رصيد ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق – الجامعة الأردنية ، د.ن عمان سنة 1989.
17. مجلة نقابة المحامين الأردنيين .
18. منشورات مركز عداله .
19. المجلة القضائية .
20. قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة 1966.
21. قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم (11) لسنة 1996 .
22. قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (9) لسنة1961 المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 2009 .
23. القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976 .
24. قانون محاكم الصلح الصادر بموجب القانون المعدل رقم (30) لسنة 2008 .