يكون هناك اشتراط لمصلحة الغير عندما يبرم شخصان عقدا و يشترط احدهما على الأخر حقا لشخص ثالث يستمده من العقد مباشرة بحيث لا يمر بذمة المشترط(1). والاشتراط لمصلحة الغير في حقيقته هو عمل قانوني يتم بين شخصين إلا أن تنفيذه يتعلق بثلاثة أشخاص هم المشترط والمتعهد والمنتفع، والأخير يعد من الغير بالنسبة للعقد المبرم بين المشترط والمتعهد ولكنه ومع ذلك يستمد حقه من العقد مباشرة استنادا إلى ذلك الاشتراط(2). وقد نصت على هذه القاعدة (الاشتراط لمصلحة الغير ) العديد من القوانين المدنية ، ففي فرنسا نص القانون المدني في المادة 1116 على أن (( لا يجوز للشخص على وجه العموم أن يشترط باسمه إلا لنفسه)) ثم استثنى من هذه القاعدة حالتين اوردهما في المادة1121 التي نصت على (( يجوز للشخص أن يشترط لمصلحة الغير إذا كان هذا الاشتراط شرطا في الاشتراط الذي يشترطه المشترط لنفسه أو في الهبة منه لآخر)) ثم عادت المادة1165 لتؤكد هذه الأحكام بقولها (( لا يكون للاتفاق من اثر إلا بالنسبة لطرفيه فهو لا يضر بالغير ولا ينفع الغير إلا ما نصت عليه المادة 1121 )). ويتبين من ذلك أن المشرع الفرنسي لا يجيز الاشتراط لمصلحة الغير إلا في حالتين استثنائيتين هما حالة إذا وهب المشترط شيئا للمتعهد واشترط عليه في مقابل ذلك شروطا لمصلحة شخص ثالث ، أما الحالة الثانية إذا ما عقد المشترط اشتراطا لنفسه ثم حمل هذا الاشتراط باشتراط لمصلحة شخص آخر وهذه هي حالة الاشتراط التبعي (3).

أما في مصر فقد اخذ القانون المدني بقاعدة الاشتراط لمصلحة الغير حيث قرر في البدء مبدأ نصت عليه المادة 152 بالقول ( إن العقد لا يرتب التزاما في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقا )، ثم نص على إجازة الاشتراط لمصلحة الغير في المادة 154 الفقرة الأولى بالقول ( يجوز للشخص أن يتعاقد باسمه على التزامات يشترطها لمصلحة الغير إذا كان له في تنفيذ هذه الالتزامات مصلحة شخصية مادية كانت أو أدبية)(4). و من الجدير بالذكر أن انتفاع الغير بعقد لم يكن طرفا فيه استنادا إلى قاعدة نظرية الاشتراط لمصلحة الغير هو أمر إرادي مقصود اتجهت إليه نية المتعاقدين ، ولو كان الأمر عرضيا لما عد التعاقد تعاقدا لمنفعة الغير ، فهناك آثار تنتقل إلى الغير وتكون غير مقصودة من المتعاقدين إلا أن القانون نص عليها استنادا إلى اعتبارات العدالة وضرورة استقرار المعاملات. تطبيقات قاعدة الاشتراط لمصلحة الغير كثيرة في الحياة العملية ، وابرز الأمثلة على ذلك عقود التأمين ، كأن يؤمن الشخص على حياته لمصلحة أولاده وزوجته ، أو قد يؤمن صاحب العمل لمصلحة عماله لتعويضهم عما يلحقهم من ضرر أثناء عملهم ،و يذهب عدد من الفقهاء إلى أن من أهم الصور التي تظهر فيها قاعدة الاشتراط لمصلحة الغير في عقود الاحتكار كعقد التزام المرافق العامة حيث تمنح الحكومة بموجب هذه العقود احد الأشخاص حق تقديم خدمة من الخدمات العامة فتشترط عليه شروطا لمصلحة الغير ( الجمهور) (5).

_________________________________

1- د. عبد الحي حجازي ، النظرية العامة للالتزام ، الجزء الثاني ، مصادر الالتزام، مطبعة نهضة مصر سنة 1954 ،ص266 .

2- د. منذر الفضل ،النظرية العامة للالتزام ، الجزء الأول ، مصادر الالتزام ، الطبعة الأولى ،بغداد 1991، ص228 .

3- محمد سامي مدكور ، المصدر السابق ، ص173 .

4- تقابلها المادة155 من القانون المدني السوري رقم 83 لسنة 1949 ، و المادة 210 من القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1976 ،أما القانون المدني العراقي فقد نص عليها في المادة 152.

5- ينظر د. عبد الحي حجازي، المصدر السابق ،ص261 ،و كذلك د. عبد المجيد الحكيم ، المصدر السابق ،ص317 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .