ويقصد بحق تولي الوظائف العامة ان يكون لكل شخص تتوافر فيه شروط معينة الحق في تقلد الوظائف العامة في بلده(1) ،واكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان هذا الحق بنصه في المادة (21/2) منه على (لكل شخص بالتساوي مع الاخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده)ويخلو الدستور العراقي من نص يؤكد هذا الحق المهم ولكن هذا لايمنع من ثبوته اذ ان قوانين الوظيفة جسدته عند بيانها لشروط تولي الوظائف العامة عند عدم تمييزها بين مواطن واخر في تولي الوظائف العامة مادام انهما يوجدان في ظروف متساوية(2)،كما ان هذا الحق يمكن ان يدخل من ضمن عدد من الحقوق التي ينص عليها الدستور(3).

ان حق تولي الوظائف العامة لايمكن ان يكون مطلقا لكل شخص يرغب في شغل الوظيفة وانما يجب ان تتوافر فيه شروط معينة منها تلك التي نصت عليها الفقرة (4)من المادة السابعة من قانون الخدمة المدنية العراقي رقم (24)لسنة 1960 المعدل النافذ من وجوب ان يكون المرشح للوظيفة العامة حسن الاخلاق وهذا مايسمح للادارة ان تتدخل في التحري عن حسن اخلاق الشخص قبل تعيينه وموقف المشرع العراقي وان كان يبتغي في ذلك بالدرجة الاساس صون كرامة الوظيفة وهيبتها بمنع سيئي الاخلاق من النفوذ اليها والانتفاع منها الا انه يسمح من ناحية ثانية للادارة في حماية اخلاق المجتمع عن طريق مراعاة مشاعر افراد المجتمع بمنع المخالفين لاخلاقه من تقلد الوظائف العامة ادراكا من المشرع لخطورة امر تقلد اشخاص لمناصب وظيفية –لا سيما العليا منها- وهم يعتنقون اخلاقا مغايرة لاخلاق المجتمع الذي يعيشون فيه المتمثلة في حدوث رد فعل اجتماعي من افراد المجتمع يجب العمل على تفادي وقوعه،

ومن الجدير بالذكر في هذا المجال ان الفقرة (4)من المادة السابعة المتقدم ذكرها من القانون المذكور جعلت حسن الاخلاق شرطا مستقلا في التعيين عن شرط عدم الحكم على الشخص بجناية غير سياسية او بجنحة تمس بالشرف مثل السرقة والاختلاس والتزوير والاحتيال المذكور في الفقرة نفسها وذلك عن طريق الفصل بينهما بحرف (و) ويعني ذلك انه من الممكن منع الشخص من التعيين ان كان سيء الاخلاق وان لم يكن محكوما بجناية غير سياسية او جنحة تمس بالشرف. ولذلك فان موقف المشرع العراقي المذكور سابقا باشتراطه حسن الاخلاق في الشخص عند تعيينه اجاز للادارة اقصاءه من الوظيفة اذا اصبح سيء الخلق فيما بعد استنادا الى نص المادة(62)من قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل لتخلف احد شروط التعيين فيه.

وقد جرى القضاء المصري على تأكيد اختصاص الادارة في فرض العقوبات الانضباطية بحق الموظفين الذين يرتكبون افعالا مخلة بالاخلاق العامة لما يشكلـه ذلك من اخلال بكرامة الوظيفة واهدار لاصول الدين واستهتار بتقاليد المجتمع واخلاقه(4).

_______________

1- عبد الله صالح علي الكميم – الحقوق والحريات وضماناتها في ظل دستور الجمهورية اليمنية لسنة 1990 – رسالة ماجستير – كلية القانون – جامعة بغداد- 1995- ص72.

2- انظر المادة السابعة من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل-منشور في الوقائع العراقية – العدد(300) في 6/2/1960.

3- انظر مثلا المادة (14) التي عدت العراقيين متساوين امام القانون من دون تمييز والمادة(16) منه الخاصة بتكافؤ الفرص امام جميع المواطنين

4- انظر حكم المحكمة الادارية العليا – ق1010- س10 – في 22/ 6/ 1965 بشان تاييد حكم المحكمة التاديبية بالاسكندرية بمعاقبة رئيس قسم بادارة النقل العام لمنطقة الاسكندرية وكاتبة بالادارة المذكورة بالوقف عن العمل بدون مرتب لمدة شهرين بعد ضبطهما بمنزل زوجية الثانية في ساعة متاخرة ليلا باعتبار ان الذنب قوامه الاخلال بكرامة الوظيفة واهدار لاصول الدين واستهتار بتقاليد المجتمع المصري العربي الشرقي واخلاقه – اشار اليه فاروق عبد البر –دور مجلس الدولة المصري في حماية حريات الموظف العام- النسر الذهبي للطباعة -1998- ص141،وكذلك انظر حكم المحكمة الادارية العليا–ق903-س4-في 6/6/1959 اشار اليه فاروق عبد البر – دور مجلس الدولة المصري في حماية الحقوق والحريات العامة – الجزء الاول – مطابع سجل العرب -1988– ص139.

المؤلف : نجيب شكر محمود
الكتاب أو المصدر : سلطة الادارة في حماية الاخلاق العامة واثرها في الحريات العامة
الجزء والصفحة : ص158-159

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .