القانون وتطور المجتمع

محمد الشمري

يقاس تطور المجتمعات وتحضرها بالدرجة الأولى إلى النظم الاجتماعية والأمنية لديها وكيفية تطبيقها وفرض الجزاء على من يخالفها دون تمييز. وقد شهدنا هذه المرحلة بعد توحيد المملكة، وكيف انعكس التطبيق الصارم للنظام على التحول إلى المجتمع المنظم في الكثير من شؤون حياته. لكن مع تطور الحياة الاقتصادية وسرعة وتيرتها، وقدوم آلاف الوافدين إلى المملكة من جميع الجنسيات ومن مجتمعات تعاني من ضعف البنية القانونية في بلدانها وانتشار الفساد، ساهم في حدوث فراغ تنظيمي لبعض النواحي الاقتصادية والاجتماعية مثل المساهمات العقارية على سبيل المثال التي تمارس حتى الآن دون تنظيم، والفوضى المرورية التي ساهم في تفاقمها بعض الوافدين ممن تم استقدامهم بمهن سائقين، وضعف الصرامة في تطبيق النظام.
من ناحية أخرى، قد لا تكون المشكلة في عدم توفر النظام فهو موجود، ولكن المشكلة في تطبيقه، أو التهاون مع من يخالفه. ومن ذلك على سبيل المثال، نظام مكافحة التستر التجاري. فمنذ صدوره وتحديثه لم يتغير شيء على أرض الواقع بل زادت أعمال التستر التجاري، وكذلك نظام مكافحة التسول، ونظام السعودة، مع الاختلاف في التطبيق لصالح الأخير تقريباً.
نحن في حاجة إلى التحول إلى مجتمع النظام من جديد في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والمدنية. ولن يتحقق ذلك إلاّ بالتطبيق الصارم للنظام من قبل السلطة التنفيذية دون تمييز، ووجود قضاء متخصص وعلى كامل التجهيز والاستعداد للفصل فيما يعرض عليه في الوقت المناسب، وإصدار الأحكام الرادعة والسرعة في تنفيذها.
هناك مجتمعات قريبة منا تحولت إلى مجتمع النظام بالفعل، وانعكس ذلك على سلوك الأفراد لديها، وعلى الاقتصاد والأمن.