الغبن العقاري مع أمثلة واقعية بمدينة حلب

 

 شريحة كبيرة من المواطنين الذين كانوا ضحايا للسلب القانوني بشكله الخالص والنظامي و الاحتيال بجميع طرقه الشرعية وغير الشرعية .

عكس السير رصد عدة حالات متشابهة في المضمون لكنها مختلفة في الأسلوب والتفاصيل و طريقة الاحتيال وقام باستطلاع رأي القانون في كل مشكلة ليكون الناس على بينة في كيفية الحفاظ على حقوقهم لا سيما ونحن في ظل التهافت على جمع العقارات والاموال و ( الشاطر يجمع ويكسب أكثر ) .

وقام عكس السير بمتابعة عدة حالات كانت ضحية تلاعب المستغلين وفيما يلي نسرد كل حالة على حدا مع رأي القانون و وجهة نظره فيها .

العقار مبني و مسكون منذ عشرات السنين .. ولكن
بداية مع ” عمر بيطار ” و ” شيخ محمد عبدو” فهما أسرتان مكونتان من أربع عائلات في كل بيت و عائلة أخرى في بيت مجاور في منطقة السريان القديمة , حيث قالوا لعكس السير ” قام عناصر الشرطة بتوجيه رسمي من المحكمة بطردنا خارج منازلنا عند الساعة التاسعة مساء بتهمة عدم الملكية الشرعية للمنازل التي نقطنها منذ عشرات السنين “.

وتابعوا ” في نفس الوقت الذي أدعى ( شكيب.ص ) بأنه اشترى العقار منذ عام /2000/ وسافر ليتفاجأ بعد عودته عام /2006/ بإشادة بناء عليه و إشغاله من قبلنا مع العلم أننا نمتلكه منذ زمن طويل و العقارات مشادة منذ عشرات السنين “.

و قال “عمر بيطار و شيخ محمد عبدو” أصحاب المنزلين لـ عكس السير ” امتلكنا العقارات منذ زمن طويل بعقود شراء نظامية ولدينا الاثبات بذلك و لدينا تقرير لجنة خبرة مشكلة من محكمة البداية بحلب تثبت بأن العقار تم بناءه منذ أكثر من /30/عام ومع ذلك لم نجد الإنصاف في ثبوت الملكية “.

وأضافا ” اشترينا المنزلين و قمنا بتزويدهم بعدادات ماء و كهرباء و لدينا ايصالات وفواتير تعود لعام /1982/ للمالكين الذين اشترينا منهم وما قمنا نحن بتسديده على مر السنين للعقار نفسه و تمت عملية الإخلاء بدون سابق انذار او علم وكأننا مجرمين “.

وتابعا ” لم يكن موجود في البيت لحظة الإخلاء سوى النساء والأطفال و قامت لجنة التنفيذ و عناصر المؤازرة برميهم في الشارع بدون رحمة ولا تهاون مما سبب اضرارا جسدية ونفسية لهم “.

القانون : الإقامة الفعلية فقط لا تحمي من الإخلاء
وبدوره قال المحامي علاء السيد عن هذه الحالة “هناك حالات قديمة قام فيها شخص بشراء أراضي كانت قديما على اطراف المدينة وتوفي هذا المالك ، ويكون الورثة خارج البلاد ، فيقوم البعض من العامة بوضع يدهم على اجزاء من هذا العقار والبناء عليه بشكل غير نظامي ثم يبيعونه بعقود عرفية الواحد للآخر معتقدين أن إقامتهم الفعلية في العقار المبني تحميهم من الاخلاء “.

وتابع “عندما يشتري شخص ما العقار من أصحابه الأصليين ( الورثة ) بشكل اصولي و تكون حصص هؤلاء الورثة مسجلة قيدا في السجل العقاري ، ويقوم برفع دعوى يطالب فيها بإخلاء العقارات فتطلب المحكمة من شاغلي هذه العقارات المستند القانوني لاشغالهم فيبرزون هذه العقود العرفية التي لا تعتبر مستندا قانونيا على اعتبار انها لم تبرم مع مالكي العقار قيدا أو مع ورثتهم وانما هي بحكم وضع اليد غير المشروع و عادة تقرر المحاكم بالنتيجة نزع يدهم وتسليم العقار الى مالكيه قيدا”.

بين الجد والحفيد .. أسر ترمى في الشارع مع أطفالها
أما في حلب الجديدة , فتشابه اسم الجد والحفيد , وبين التلاعب أو المؤامرة , واجهت مجموعة من الأسر أرض الشارع مع أطفالها بالقرب من مشفى الشهباء .

وقال المتضررون “محمد طحان –حسان اليوسف –أحمد اليوسف –عماد الراشد –عبد الرحمن نحلاوي ” لـ عكس السير “اشترينا البيوت من الجد (أحمد شيخوني بن خليل) وقام حفيده (أحمد شيخوني بن خليل) بوضع إشارة حجز على العقار بعد عدة سنوات من تأديتنا كامل المبلغ لثمن البيت مدعيا الملكية له وليست لجده وأنه قام بشرائها من جده منذ فترة طويلة”.

في الوقت الذي توارى فيه الجد عن الأنظار على حسب قول الجوار والملمين بالمشكلة منوهين إلى تآمر الجد مع الحفيد في صياغة عملية السلب القانونية بشكلها الأصولي .

وقال آخرون “الجد مستديم السفر مما جعله يوقع و يبصم على ورقة فارغة لولده ليقوم بأعمال البيع والشراء بغياب الجد وهنا استغل الحفيد هذه الورقة ليقوم بتحويل ملكية العقار اليه و إخلاء البناء من الساكنين “.

وبذات الوقت قال المتضررون لـ عكس السير “ حصلنا على إقرار ملكية من الجد يضمن لنا حقوقنا في الملكية الى أن يقوم بتقسيم العقار الى مقاسم سكنية كضمان لحقوقنا في العقار “ .

علما أن الاقرار يحصل بين أي شخصين بوجود جهة قضائية ليضمن المشتري جزء من حقه في العقار أو حقه بالكامل ولكن السؤال هل ذلك يكفي لضمان حقهم في بيوتهم التي سكنوها منذ سنين .

القانون : الاصل في الملكية العقارية أن يكون العقار مسجلا في السجل العقاري وليس المحاكم المدنية

وبدوره قال المحامي علاء السيد لعكس السير “الاصل في الملكية العقارية أن يكون العقار مسجلا في السجل العقاري واذا كان مكونا من عدة طوابق يجب ان يكون مفرزاً كل طابق على حدى و يتم تسجيل الملكية لكل طابق منفردا بموجب الإفراز الطابقي “.

وتابع “بسبب صعوبة ظروف تراخيص البناء و مراحل الإفراز المعقدة لجأ الكثيرون لبناء عقارات مؤلفة من عدة طوابق على الوضع الراهن بدون رخص و بشكل مخالف ،فاصطدموا بعدها باستحالة تثبيت الملكية لعدم وجود التراخيص الهندسية والبلدية التي تسمح بالافراز الطابقي لاحقا ، وعندما كانت تباع هذه الطوابق يبقى العقار مسجلا في السجل العقاري بصفة أرض معدة للبناء بينما يكون على ارض الواقع بناء مؤلف من عدة طوابق مبنية فعليا ، وبالتالي لايمكن اجراء فراغة نظامية تثبت حقوق المالك عندما يشتري طابق في هذا البناء في السجل العقاري “.

وأضاف ” حينها لجأ البائعون والمشترون لتثبيت البيوع والشراء في المحاكم المدنية وكانت الطريقة ان تقوم المحكمة بتعيين خبير لوصف هذه الشقة المبنية على الارض المعدة للبناء فيصفها مثلا ( شقة مؤلفة من خمس غرف في الطابق الأول اتجاه كذا وكذا مبنية على العقار المحضر رقم كذا ) ويصدر حكم المحكمة بتثبيت شراء فلان للشقة بمواصفات معينة قائمة على المحضر كذا بعد أن يقوم المشتري بوضع اشارة دعوى على صحيفة العقار “.

وأردف ” المشكلة بدأت عندما حاول المشترون تثبيت ملكيتهم هذه في السجل العقاري عبر تنفيذ الاحكام القضائية فاصطدموا باستحالة هذا الأمر لأن العقار بحاجة لتحويل صفته من أرض معدة للبناء وتصحيح أوصافه وترخيصه في نقابة المهندسين والبلدية ومديرية المساحة والسجل المؤقت ومديرية المالية وغيرها من الجهات المختصة ، حينها اكتفى المشترون بالحكم القضائي الذي بحوزتهم معتبرين انه يضمن حقوقهم ، ولكن في حقيقة الأمر هذا الحكم لايمكن تنفيذه في السجلات العقارية وسهى المشترون أن المرجع الاول و الاخير لملكية العقارات هو السجل أو الصحيفة العقارية وليس المحاكم المدنية المختصة”.

وتابع السيد ” بعد انتشار هذه المشكلة في الكثير من العقارات امتنعت أغلب المحاكم عن تثبيت شراء هذه الشقق و و عن اصدار الأحكام التي تسمى اصطلاحا (حكم وصف حالة ) وبدأت المحاكم تطالب بأن تكون اجراءات تسجيل الملكية العقارية في السجل العقاري اصولية أو ان تكون العقارات مفرزة، و أصبحت المحاكم تثبت انتقال الملكية العقارية على اساس حصة سهمية في الأرض المعدة للبناء ، دون الاشارة الى البناء المخالف المقام عليها ، مع بقاء قلة من المحاكم التي تقر الدعاوي و تصف فيها الشقق غير المرخصة و تصدر حكما وصفيا بذلك .

و هذا الامر زاد في تعقيد المسألة فلا الحكم الوصفي للشقة يمكن تنفيذه في السجل العقاري ، و لا حكم بيع حصص سهمية من ارض هي في الواقع مبنى مشيد و ليست ارض ،كلا الامرين لا يوصل لكل ذي حق حقه ، و يجب ايجاد مخرج و حل قانوني يكفل ضمان حقوق الناس “.

وختم بالقول : “ هناك حالات يقوم فيها البائع والمشتري بتسجيل دعوى اقرارية مستعجلة يسمع فيها القاضي اقرار البائع ببيعه وقبضه الثمن وقبول المشتري بذلك ، وهذه الدعاوي قانونا لاتحتاج لوضع إشارة دعوى على صحيفة العقار في السجل العقاري ، علما ان هذه الاشارة هي التي تكفل حقوق المشتري ، ويكتفي بعض المشترين بالدعوى الاقرارية المستعجلة التي بدون اشارة دعوى لجهلهم القانوني بأن العبرة في السجل العقاري لمن يضع اشارته أولا ،

و بالتالي إن قام المالك الاصلي للعقار بالاقرار في دعوى تثبيت بيع ثانية يضع بموجبها المشتري الجديد اشارة دعواه على صحيفة العقار خاصة مع عدم وجود اشارة سابقة للمشتري الاول ، يحق للمشتري الثاني تثبيت شراءه واخلاء كل من سبقه من مشترين لا اشارة لهم

وحينها يحق للمشترين الذين لم يضعوا الاشارة و تم اخلائهم ان يعودوا و يطالبوا المالك الاساسي بما قبضه منهم عندما باعهم العقار و يلاحقوه بجرم الاحتيال لبيعه العقار لأكثر من مرة فإن لم يكن يملك شيئا ضاعت حقوقهم .

و القاعدة القانونية تقول : الجهل بالقانون ليس عذرا
تاجر بناء يغتصب منزلين ويؤجرهما ويستعين بـ ” معارفه ”
وبالنظر لحجم المشاكل السابقة و قيمتها المادية فإن مشكلة “مصطفى السمان ” لا تقل اهمية عنها حيث قام السمان بشراء منزلين في حي صلاح الدين بموجب عقود بيع وشراء تثبت ملكيته للعقارين في الوقت الذي قام شخص يعمل تاجر بناء في المنطقة باغتصاب المنزلين و تأجيرهما لأشخاص غرباء بدون علمه أو موافقته “.

وقال “سمان ” لـ عكس السير “ رفعت دعوى عليه لم استفد منها شيئا بسبب علاقات تاجر البناء الواسعة ومعارفه في عدة جهات بالرغم من اسبقياته في البناء المخالف و ابتزاز أهل المنطقة ودفع الرشاوي “.

و أضاف السمان “قام عماد بتهديدي و طلب مبلغ من المال كي يعيد لي حقي و لكني رفضت عندها قام بتنفيذ تهديده واغتصب مني المنزلين لأني لم أتجاوب أو أنصاع لطلباته “.

القانون : عقد البيع والشراء لايثبت الملكية القطعية منفردا ان لم يكن للعقار كيان قانوني

وحول هذه الحالة ومثيلاتها , قال المحامي علاء السيد “جرت العادة في حي صلاح الدين مثلا أن تكون رخصة البناء الأساسية لبناء يتألف من طابق دكاكين وطابقين نظاميين ، و بعد بناء العقار النظامي و بيعه و نقل ملكيته للمشترين في السجل العقاري ،و بذلك يكون سطح البناء مملوكا على الشيوع لكامل مشتري الدكاكيين و الشقق في الطابقين النظاميين ،

حينها يقوم تجار المخالفات بإشادة طوابق اضافية فوق سطح الطوابق المرخصة قد تصل الى ستة طوابق ، و تكون الطوابق الجديدة بدون رخصة بناء او قيود في السجل العقاري و دون اي اشراف هندسي يضمن السلامة الانشائية ، فهي عقارات غير مسجلة و لا قيود لها و لا مالك قانوني مسجل لها ، ويبيعونها بموجب عقود عرفية ،

وفي حال ترك المشتري العقار خاليا لأي سبب كان , يعود تاجر المخالفات و يضع يده على العقار باعتبار ان المشتري لايملك اي مستند قانوني سوى العقد العرفي لعقار غير مسجل و لا كيان مستقل له ، وهذه الورقة العرفية لا تعتبر في هذه الحالة مستندا قانونيا وبذلك يضيع العقار على المشتري.

ننصح قبل كل عملية شراء بالرجوع لبيان القيد العقاري و ان يكون الشراء من المالك قيدا او وكيله القانوني و ان لا يرضى المشتري بأي شخص يوقع عقد البيع غير المالك قيدا او الحائز على حكم قضائي اصولي مبرم بتثبيت البيع ، و ليس مجرد اقرار قضائي مستعجل لم يصدر بموجبه حكم تثبيت بيع مبرم .

ان لا يقبل المشتري بما يكتب في بعض العقود مثلا (البائع فلان ينوب عنه فلان ) فمن ينوب عن المالك بالبيع و التوقيع يجب ان يبرز وكالة مصدقة من الكاتب بالعدل حديثة التاريخ و ترفق بالعقد لئلا تضيع حقوق المشتري و ينكر المالك صلته بمن ناب عنه و باع دون وكالة اصولية و بالتالي ينكر البيع و قبض القيمة .

و يجب ان يكون المشتري عالما بأن ما يسمى اصطلاحا بين الناس “حكم وصف شقة ” لا يمكن في المستقبل تنفيذه في السجل العقاري “.

وتثير هذه الظاهرة فكرتين :
الأولى بأن هؤلاء المغبونين لا يعلمون بأن امتلاكهم للبيت هو بطريقة النصب والاحتيال ضمن البناء المخالف .

والثانية أين الرقابة البلدية والتشديد الفعلي على قمع البناء المخالف و ضبط مناطق السكن العشوائي و مناطق المخالفات بالطريقة التي تضمن لكل ذي حق حقه و تمنع اعمار طوابق مخالفة لا قيود لها .
كلمة أخيرة ….

القانون لا يحمي المغفلين .. و الجهل بالقانون ليس عذرا ..هذا صحيح , ولكن يجب وضع معايير وقواعد لضبط المحتالين والنصابين ومنعهم من استغلال هؤلاء ” المغفلين الذين لا ذنب لأطفالهم وعائلاتهم .

ابراهيم حزوري – عكس السير
منقول