أخذت معظم التشريعات الضريبية سواء العربية منها أم الأجنبية(1). بمبدأ سنوية الضريبة وهذا ماسوف نوضحه وكما يأتي :-

أولاً :- موقف التشريع الضريبي الأردني :-

أخذ المشرع الضريبي الأردني بمبدأ سنوية الضريبة على الدخل ويبدو ذلك واضحاً من خلال نص الفقرة (أ) من المادة (5) التي نصت على أن (تفرض الضريبة على الدخل الخاضع للضريبة الذي جناه أي شخص أو تأتى عن أية سنة بعد انتهائها ولو انقطع مصدر الدخل خلالها) وعرف القانون الاردني السنة في المادة (2) منه على أنها (المدة التي تبدأ باليوم الأول من شهر كانون الثاني وتنتهي في الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول من السنة نفسها) . وعلى الرغم من نص المشرع الاردني على مبدأ سنوية الضريبة فإنه خرج عن هذا المبدأ في بعض الحالات ، فقد أجاز إخضاع الدخل المتحقق في أقل من السنة للضريبة كحالة التقدير على دخل المكلف الذي ينوي مغادرة البلاد نهائياً إذ نصت الفقرة (أ) من المادة (40) من قانون ضريبة الدخل الاردني على أنه (يجوز للمقدر إجراء التقدير على أي شخص على وشك مغادرة المملكة نهائياً قبل نهاية السنة وفرض الضريبة المستحقة عليه عن الفترة السابقة من السنة) . وكذلك الحال بالنسبة إلى بدء نشاط المكلف بعد بداية السنة المالية فعند نهايتها وبداية السنة التقديرية يقوم المقدر (موظف السلطة المالية) بتقدير دخله الذي يقل عن سنة كاملة . وقد أكد القضاء الضريبي الأردني هذا الاتجاه من خلال قرار محكمة التمييز رقم 587/85 لسنة 1986 الذي جاء فيه (لقد أجاز الفقه للمؤسسات الحديثة أن تتخذ سنة حسابية أقل أو أكثر من أثني عشر شهراً)(2). وشمل الاستثناء الرواتب والأجور وما في حكمهما أيضاً فهذه يجري حجزها عند المنبع(3) ، كما أجاز المشرع الأردني خصم الديون المعدومة من سنة التقدير بالرغم من كونها مستحقة قبل بدء هذه السنة وبالمقابل فرض عليها في سنة تحصيلها(4) ، وكذلك أجاز المشرع خصم الخسائر التي تتحقق خلال سنة معينة من أرباح السنوات الأخرى ، كما أجاز تدوير الاستهلاكات بالرغم من أنها تعود إلى سنوات سابقة على السنة مدار التقدير(5) ، وأخضع المشرع الضريبي الاردني بدل الخلو وبدل المقايضة والمبالغ المقبوضة الناتجة عن التصرف بالعلامة التجارية أو براءة الاختراع أو حقوق التأليف والطبع أو التصميم لضريبة الدخل بعد توزيعها على عدة سنوات بالرغم من أنها تقبض في سنة واحدة(6) ، فيما أجازت المادة(6) من القانون ذاته للمكلف الذي اعتاد إقفال حساباته في موعد يختلف عن نهاية السنة الضريبية أن يستمر على ذلك وتقوم دائرة الضريبة باستيفاء الضريبة عن دخله المتحقق له بعد انتهاء السنة الحسابية الخاصة به(7) .

ثانياً :- موقف التشريع الضريبي المصري :-

لدى إطلاعنا على قانون ضريبة الدخل المصري رقم 187 لسنة 1993 لاحظنا ان الضريبة الموحدة تسري على أساس سنوي وما يؤكد ذلك أحكام المادة (1) منه التي نصت على أن (تفرض ضريبة سنوية على مجموع صافي دخل الأشخاص الطبيعيين…) أي أن المشرع المصري أخذ بقاعدة سنوية الضريبة وقد تأكدت هذه القاعدة بالمادة (15) التي تنص على ما يأتي: (… كما تسري هذه الضريبة على صافي الأرباح التي تتحقق خلال السنة من أي نشاط تجاري أو صناعي ولو اقتصر على صفقة واحدة …) وكذلك المادة (26) التي تنص على أن (تحدد الإيرادات الداخلة في وعاء الضريبة سنوياً على أساس صافي الربح خلال السنة السابقة أو في فترة الاثني عشر شهراً التي اعتبرت نتيجتها أساساً لوضع آخر ميزانية بحسب الأحوال) . وأشارت المادة (67) أيضاً إلى قاعدة السنوية من خلال نصها على (تحدد الايرادات الداخلة في وعاء الضريبة سنوياً على أساس صافي الأرباح خلال السنة السابقة) . وقد حدد المشرع المصري السنة الضريبية وجعلها مطابقة للسنة الميلادية(8) . وقد خرج المشرع الضريبي المصري أيضاً على مبدأ سنوية الضريبة بوفاة المكلف أو بانقطاع إقامته في مصر(9) ، وفي هاتين الحالتين الاستثنائيتين تقتصر محاسبة المكلف على أساس صافي الايرادات التي حققها قبل وفاته أو انقطاع إقامته في مصر وهناك استثناء يرد على مبدأ استقلال السنوات الضريبية قرره المشرع المصري في المادة (28) إذ نص على أنه إذ حقق الشخص الخاضع للضريبة خسارة في إحدى السنوات فان هذه الخسارة تخصم من الأرباح المحققة في السنة التالية فإذا لم يكف الربح لتغطية الخسارة كلها ، يتم ترحيل الباقي إلى السنة التالية … وهكذا حتى السنة الخامسة ، بعدها لا يجوز ترحيل أية خسائر باقية ، على أن عملية ترحيل الخسائر قصرها المشرع على تلك الناتجة عن ممارسة المهن غير التجارية (المهن الحرة) وبشرط إمساك دفاتر منتظمة(10) . أما ما يتعلق بالديون المعدومة فلم نجد في القانون المصري نصاً يعالجها ولكن القضاء الضريبي في مصر أخذ بهذا الاتجاه . وما يؤكد ذلك قرارات حكم محكمة استئناف الإسكندرية في 6/5/1995 عندما قررت بأن (يخصم من وعاء الضريبة الديون المعدومة على أن يدخل ما يحصل فيها فيما بعد لوعاء الضريبة للسنة التي حصلت بها)(11). أما في ظل القانون المصري الجديد المرقم (91) لسنة 2005 فقد نص في المادة (5) منه على أن (الفترة الضريبية هي السنة المالية التي تبدأ من أول يناير وتنتهي في 31 ديسمبر من كل عام أو أي فترة مدتها اثنا عشر شهراً تتخذ أساساً لحساب الضريبة) أي أن المشرع الضريبي المصري قد نص وبشكل صريح على السنوية وأكد أيضاً من المادة نفسها على استثناءات أقل من السنة أو أكثر واستحقاق الضريبة بوفاة المكلف أو انقطاع إقامته أو توقفه كلياً عن مزاولة النشاط. فضلاً عن انه نص في المادة (29) منه على الخسائر وفي المادة (28) على الديون المعدومة وفي المادة (25) على الاستهلاك .

ثالثاً :- موقف التشريع الضريبي السوري :-

أخذ المشرع الضريبي السوري بمبدأ سنوية الضريبة وذلك من خلال نصه على أن (تطرح الضريبة على أساس الربح الصافي المتحقق خلال سنة الأعمال وتحسب السنة من 1/1 الى 31/12)(12) . وقد اعتبر المشرع السوري سنة الأعمال بالنسبة إلى التكليف بضريبة الدخل هي سنة التكليف(13) . كما خرج المشرع السوري عن سنوية الضريبة في الضريبة على المرتبات والضريبة على ايرادات رؤوس الأموال المنقولة وكذلك أخذ المشرع السوري بالسنة الحسابية إذ نص على أن (يجوز بقرار وزير المالية اعتبار البدء في سنة التكليف غير 1/1 إذا كانت طبيعة عمل المنشأة أو المكلف يبرر ذلك ..)(14). كما أخذ بتدوير الاستهلاكات(15). من كل ما تقدم يتضح أن جميع التشريعات المقارنة أخذت بمبدأ سنوية الضريبة ولاحظنا بان المشرع الضريبي العراقي النافذ قد جعل التقدير في السنة التقديرية التالية لسنة نجوم الدخل وخاصةً الدخول الناجمة عن مصادر الدخل المذكورة بالفقرات (1،2،3،6) من المادة الثانية وهذا هو الاتجاه نفسه في كل من التشريع الانكليزي والاردني . وقد أورد مشرعنا الضريبي الكثير من الاستثناءات على المبدأ منها أنه أجاز للسلطة المالية أن يجري التقدير وفرض الضريبة على بعض الدخول في مدة تقل عن سنة كانقطاع مصدر الدخل إذ يتم التقدير في نفس سنة الانقطاع . كما الزم المشرع السلطة المالية وحسناً فعل ذلك بتقدير الدخول الناجمة عن الرواتب والأجور وما في حكمهما والأرباح الناجمة عن نقل ملكية العقار أو حق التصرف فيه ودخول غير المقيم التي أوجب تقديرها في سنة تسلمها أو قيدها لحسابه في أحد البنوك وليس في السنة التقديرية التالية لسنة نجوم الدخل كما أجاز للسلطة المالية الرجوع بالتقدير على المكلف وتقديره إضافياً لمدة خمس سنوات سابقة للمكلف المسجل وابتداء من تاريخ تحقق الدخل بالنسبة إلى المكلف غير المسجل كما أجاز لها تنزيل الخسائر التي تستوعب أرباح المكلف في سنة معينة من أرباح نفس المصدر وفي السنوات الخمس التالية وكذلك أجاز تنزيل الديون المعدومة من الارباح في السنة التي تقتنع السلطة المالية فيها بتعذر تحصيلها ويجوز لها أيضاً إخضاعها للضريبة في أية سنة تستوفي فيها هذه الديون التي سبق اعتبارها معدومة. وعموماً فإن غالبية التشريعات الضريبية المقارنة اعتمدت على مبدأ سنوية التقدير وفرقت بين السنة المالية والسنة التقديرية واضعة بعض الاستثناءات التي لا تختلف في جوهرها عن تلك التي أوردها المشرع الضريبي العراقي ، أما المشرع الفرنسي والمصري والسوري فقد ساوى كل منهم بين السنة المالية والسنة التقديرية وجعل السنة التي ينجم فيها الدخل هي السنة التقديرية نفسها .

___________________________

1- كالتشريع الانكليزي الذي أخذ بفرض الضريبة على الربح الناجم للمكلف في السنة السابقة على سنة الربط (السنة التقديرية) وقد جعل المشرع هذه السنة الأخيرة تبدأ في 6/4 من كل سنة ميلادية وتنتهي في 5/4 من السنة الميلادية التالية ، وقد خرج المشرع الانكليزي عن المبدأ العام (سنوية التقدير) بإجازته خصم الديون المعدومة من أرباح السنة التي تحقق فيها إعدامها ويجيز إخضاع الدين السابق خصمه على أنه معدوم للضريبة في السنة التي سدد فيها هذا الدين ويرد استثناء آخر على مبدأ سنوية التقدير يتعلق بدخول المنشآت الجديدة إذ يجري تحديد فترة الضريبة منذ بدء نشاطها الى حين انتهاء سنة الربط وتربط عليها الضريبة أيضاً في سنة الربط التالية لبدء نشاطها على أساس الأرباح المتحققة لها من تاريخ بدء النشاط وحتى انتهاء سنتها المالية المنتهية خلال سنة الربط والاستثناء الآخر هو في حالة انقطاع مصدر الدخل فقد أقر التشريع الانكليزي ربط الضريبة في هذه الحالة في نفس سنة انقطاع المصدر وعلى أساس أرباح السنة السابقة . راجع : د. عبد المنعم فوزي (النظم الضريبية ) ، مصدر سابق، ص206 ؛ د. هشام العمري (اتجاهات المشرع العراقي في ضريبة الدخل) مصدر سابق ، ص276 ومابعدها ؛ Alan Melville ، “Taxation finance Act 2000،” Prentice Hall، England، 2002 ، p4

أما المشرع الفرنسي :- فهو الآخر أخذ بمبدأ سنوية الضريبة إذ حددها القانون الصادر سنة 1917 وجعلها نفس السنة التقويمية التي تبدأ في 1/1 وتنتهي في 31/12 من كل عام واستمر العمل بها حتى في ظل قانون الاصلاح الضريبي لسنة 1948 الذي حدد السنة الضريبية إلا أنه جعل سنة نشوء الدخل (السنة المالية) هي سنة الربط (السنة التقديرية ) فأصبح الربط كقاعدة عامة يتم في نفس سنة تحقق الدخل ، ويجري تحصيل الضريبة في فرنسا عن طريق الورد إذ تدفع الضريبة مقدماً وعلى أربعة أقساط تقدر قيمة كل قسط بنسبة (20%) من أرباح السنة السابقة . وفي نهاية السنة المالية تتم التسوية النهائية فأما أن يكون المكلف قد دفع أقل مما عليه دفعه فيكلف بدفع الفرق أو أن يكون قد دفع أكثر مما عليه فيطالب باسترداد الفرق أو يطالب بخصمه من أقساط السنة التالية ويسوغ موقف المشرع الفرنسي بالمساواة بين السنة المالية والتقديرية على أساس تذليل الصعوبات التي تترتب على التفرقة بينهما إذا كانت أعباء المكلف العائلية تأخذ بالاعتبار في بداية سنة الربط مع أنها قد تكون تغيرت عما كانت عليه من خلال سنة تحقق الدخل ، فضلاً عن أن سنة الربط وسنة الربح تعجلان من الوفاء بالضريبة وقد خرج المشرع الفرنسي عن قاعدة سنوية تقدير الضريبة في حالة ترحيل الخسائر العادية عن أرباح السنوات الخمس التالية لسنة تحققها وأجاز للمكلف أيضاً أن يتخذ سنة حسابية تختلف في بدايتها ونهايتها عن السنة الضريبية سواء أكانت أقل من أثني عشر شهراً أم أكثر . راجع:

د. عبد المنعم فوزي (النظم الضريبية) ، مصدر سابق ، ص183 ومابعدها ؛

Jean-Yves Mercieret Bernard Plagnet، O.P.cit، P61

2- مشار اليه في جهاد الخصاونة ، مصدر سابق ، ص95 .

3- الفقرة (أ) من المادة (19) من قانون ضريبة الدخل الاردني المرقم 57 لسنة 1985 المعدل .

4- الفقرة (ز) من المادة (9) من قانون ضريبة الدخل الاردني المرقم 57 لسنة 1985 المعدل .

5- الفقرة (ي) من المادة (9) من قانون ضريبة الدخل الأردني المرقم 57 لسنة 1985 المعدل .

6- البندان (7،8) من الفقرة (أ) من المادة (3) من القانون نفسه .

7- جهاد الخصاونة ، مصدر سابق ، ص ص 95-98 .

8- المادة (5) من قانون ضريبة الدخل المصري المرقم 187 لسنة 1993 المعدل .

9- المادة نفسها ، من القانون نفسه .

0[1]- المادة (69) من قانون ضريبة الدخل المصري المرقم 187 لسنة 1993 المعدل .

1[1]- مشار اليه في : د. محمد طه بدوي ومحمد حمدي النشار (أصول التشريع الضريبي) ، مصدر سابق ، ص585 .

2[1]- الفقرة (أ) من المادة (5) من قانون ضريبة الدخل السوري المرقم 24 لسنة 2003 .

3[1]- الفقرة (ب) من المادة (5) من القانون نفسه .

4[1]- الفقرة (ج) من المادة (5) من القانون نفسه .

5[1]- البند (5) من الفقرة (ب) من المادة (7) من القانون نفسه .

المؤلف : عبد الباسط علي جاسم الزبيدي
الكتاب أو المصدر : وعاء ضريبة الدخل في التشريع الضريبي العراقي
الجزء والصفحة : ص193-197

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .