تتباين التشريعات الضريبية في معاملة الخسائر الرأسمالية، فنجد البعض من هذه التشريعات من يجيز خصم الخسائر الرأسمالية، والبعض الآخر لا يسمح بخصم هذا النوع من الخسائر، كذلك نلاحظ إن هنالك تشريعات سكتت عن تحديد موقفها تجاه هذه الخسائر من حيث كونها جائزة الخصم أو على العكس من ذلك. فمن التشريعات التي أجازت خصم الخسائر الرأسمالية، التشريع الضريبـي المصري الذي اعتبر الأرباح الرأسمالية مصدراً من مصادر الدخل الخاضعة للضريبة وبالتالي إمكانية خصم الخسائر الرأسمالية ، فقد جاء في نص المادة (20) من القانون نفسه: (تسري الضريبة على الأرباح الناتجة عن بيع أي أصل من الأصول الرأسمالية للمهن والمنشآت المنصوص عليها في هذا الباب وكذا الأرباح المتحققة من التعويضات نتيجة الهلاك أو الاستيلاء على أي أصل من هذه الأصول أثناء حياة المنشأة أو عند انقضائها…)(1).

كذلك تضمن التشريع الضريبـي اليمني خصم الخسائر الرأسمالية نتيجة لخضوع الأرباح الرأسمالية للضريبة وذلك في نص المادة (9) من القانون الضريبـي والذي جاء فيه(2): (يكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرها المكلف ويدخل في ذلك ما ينتج عن بيع أي شيء من الممتلكات أثناء قيام المنشأة أو عند انتهاء عملها…). كما إن المشرع الضريبـي الليبـي سمح أيضاً بجواز خصم الخسائر الرأسمالية، إذ يقرر التشريع الضريبـي الليبـي خضوع الأرباح الرأسمالية للضريبة وتعتبر مصدراً أساسياً من مصادر الدخل الخاضعة للضريبة(3). وإذا كان الحق بخصم الخسائر الرأسمالية مقرراً في تشريعات ضريبية عربية فإن هذا الحق في خصمها تضمنته تشريعات ضريبية غير عربية أيضاً، كما هو الحال في التشريع الضريبـي الفرنسي والبلجيكي والدنماركي وكذلك التشريع الضريبـي في كل من إنكلترا وكندا. فنلاحظ إن المشرع الضريبـي الفرنسي قد أخذ بنظر الاعتبار ما تحققه المنشأة من أرباح أو خسائر رأسمالية عند فرض الضريبة ، وكذلك الحال في التشريع الضريبـي البلجيكي، إذ تحدد الأرباح والخسائر الرأسمالية بموجب هذا التشريع الأخير على أساس (الفرق بين ثمن بيع الأصول الثابتة وبين قيمتها الدفترية بعد تعديلها تبعاً لتغير القوة الشرائية للنقود)، أما في التشريع الضريبـي الدنماركي فنلاحظ إنه لا توجد ضريبة خاصة على الأرباح الرأسمالية ، إلا أن المشرع أخذ بنظر الاعتبار ما تتعرض له المنشآت التجارية والصناعية من خسائر وما تحققه من أرباح عند فرض الضريبة على الإيرادات العامة(4).إضافة إلى ذلك فإننا نجد إن المشرع الضريبـي الإنكليزي أجاز خصم الخسائر الرأسمالية من خلال ترحيلها إلى سنوات لاحقة إلى أن يستوعبها الربح الرأسمالي الذي يتحقق في هذه السنوات التالية، ويجيز المشرع الضريبـي الكندي خصم الخسائر الرأسمالية من وعاء الضريبة إذا ما تعرض لها المكلف خلال مزاولته لنشاطه الاقتصادي وذلك على أساس نسبة ومقدار معينين(5).

أما بالنسبة للتشريعات الضريبية التي لا تجيز خصم الخسائر الرأسمالية، كما هو الحال في التشريع الضريبـي الأردني، فإن المشرع في قانون ضريبة الدخل الأردني اتجه إلى عدم جواز خصم الخسائر المتولدة من التصرف بالأصول العائدة للمكلف (الخسائر الرأسمالية) ، ذلك لأن الأرباح الرأسمالية غير خاضعة للضريبة(6). فقد جاء في نص الفقرة (11/أ) من المادة السابعة من قانون ضريبة الدخل الأردني ما يلي(7): (يعفى من الضريبة إعفاءً كلياً : الأرباح الرأسمالية وتعتبر الأرباح الناجمة عن شراء الأراضي والعقارات والأسهم والسندات وبيعها من هذه الأرباح الرأسمالية باستثناء أرباح بيع أو نقل ملكية الأصول المشمولة بأحكام الاستهلاك المنصوص عليها في هذا القانون على أن يجري تنـزيل الخسائر الناجمة عن بيع أو نقل ملكية هذه الأصول المشمولة بأحكام الاستهلاك في حال تحققها، وتحدد هذه الخسارة بما يساوي الاستهلاك الذي تم تنـزيله لغايات هذا القانون أو الخسارة المتحققة أيهما أقل). كذلك نصت الفقرة (هـ) من المادة الحادية عشرة من قانون ضريبة الدخل الأردني (8). صراحة على عدم جواز إجراء تنـزيلات للخسارة الرأسمالية، وهذا ما يؤكد عدم إمكانية خصم الخسائر الرأسمالية من وعاء الضريبة . وعلى أساس ما تقدم فإن المكلف الذي لا يحاسب في الأردن على الأرباح الناتجة عن بيع الأصول العائدة للمنشأة أو المشروع مثلاً لا ينظر إلى الخسارة التي قد يتعرض لها من جراء هذا البيع أو هذا التصرف لهذه الأصول أيضاً، ونتيجة لذلك يتحمل المكلف وحده هذه الخسارة مهما بلغت قيمتها ومقدارها(9).

إضافة إلى ذلك فإن المشرع الضريبـي السوداني اتجه أيضاً إلى عدم جواز خصم الخسائر الرأسمالية من وعاء الضريبة ، وجاء ذلك تبعاً لانعدام فرض الضريبة على الأرباح والمصاريف الرأسمالية(10). وأخيراً وليس آخراً نشير إلى أن هناك تشريعات ضريبية سكتت عن بيان موقفها في معاملة الخسائر الرأسمالية، إذ جاءت نصوص هذه التشريعات خالية من ذكر الأرباح الرأسمالية باعتبارها مصدراً من مصادر الدخل الخاضعة للضريبة، كما خلت نصوصها أيضاً من الإشارة فيما إذا كانت الخسائر الرأسمالية واجبة الخصم من وعاء الضريبة باعتبارها تكليفاً واجب التنـزيل من الدخل الإجمالي أو إنها غير جائزة الخصم، ومن بين هذه التشريعات الضريبية هو قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982 المعدل، إذ أن نصوص هذا القانون لم تقرر ولم تشر بشكل صريح إلى تحديد معاملة الأرباح والخسائر الرأسمالية(11).

وبناءً على ما تقدم نلاحظ إنه بالرغم من تباين التشريعات الضريبية في مجال معاملة الخسائر الرأسمالية فإن أغلب التشريعات تتجه إلى جواز خصم الخسائر الرأسمالية سواءً بشكل صريح أو ضمني، وبالتالي اعتبار هذا النوع من الخسائر من بين التكاليف الواجبة التنـزيل من دخل المكلف الإجمالي عند تقدير دخله وفرض الضريبة عليه.

_____________________

1- قانون الضريبة الموحد رقم (157) لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم (187) لسنة 1993.

كذلك اتجه القضاء المصري إلى جواز خصم الخسائر الرأسمالية من وعاء الضريبة، مشار إلى ذلك لدى : د. عوض فاضل إسماعيل ، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبة، مصدر سابق، ص61.

2- قانون ضرائب الدخل اليمني رقم (31) لسنة 1991م.

3- نوح محمد عبد الرحيم، المحاسب الضريبـي ، الطبعة الأولى، مطابع دار الكتب، بيروت، 1971، ص329-330.

4-محمد حمدي النشار، مصدر سابق، ص98 وما بعدها.

5- د. عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبية، مصدر سابق، ص61.

6- أنظر نص المادة (3) من قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 المعدل والتي جاءت خالية من ذكر الأرباح الرأسمالية من بين مصادر الدخل الخاضعة للضريبة.

7- نفس القانون السابق.

8- قانون ضريبة الدخل الأردني رقم (57) لسنة 1985 المعدل .

9-عادل الحياري، الضريبة على الدخل العام ، دراسة مقارنة ، مطابع مؤسسة الأهرام، 1968، ص374-375. كذلك أنظر هشام العمري، مصدر سابق، ص249.

10-زكريا محمد بيومي، ضريبة الدخل في التشريع السوداني، مصدر سابق، ص112-113. – أنظر كذلك نص المادة (18) من قانون ضريبة الدخل السوداني رقم (65) لسنة 1971 المعدل.

1[1]- تجدر الملاحظة إلى أن البحث في موقف المشرع الضريبـي العراقي فيما يتعلق بمعاملة الخسائر الرأسمالية سنتناوله تفصيلاً في الفصل الثاني من الرسالة.

المؤلف : حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي
الكتاب أو المصدر : الخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص32-34

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .