المساهمة في الجريمة هي أن يقوم عدّة أشخاص بارتكاب الجريمة نفسها(1). وعليه فأن الجاني في هذه الحالة يكون أكثر من شخص كما أن الجريمة المرتكبة هي واحدة وهكذا يلاحظ أن هناك ركنين للمساهمة في الجريمة: الركن الأول هو (تعدد الجناة)والثاني هو (وحدة الجريمة المرتكبة) فإذا تخلف أحد هذين الركنين فأنه لا مجال للقول بأن هناك مساهمة في الجريمة(2).. إن صور التعاون (المساهمة) في الجريمة الواحدة إذا ما نظرنا أليها من حيث قربها من الفعل المادي المكون للجريمة الأصلية وبعدها عن هذا الفعل نجد أن هناك صورتين من صور المساهمة في الجريمة، الأولى وهي المساهمة الأصلية في الجريمة ويسمى مقترفها بـ (فاعل أصلي) والثانية المساهمة التبعية في الجريمة ويسمى فاعلها بـ (شريك).

أولاً. المساهمة الجنائية الأصلية في الجريمة

هي أن يقوم كل من الجناة بمباشرة السلوك الذي يدخل في بناء الجريمة (الركن المادي) ومثال ذلك أن يقوم شخصان بارتكاب جريمة قتل فيقوم الأول بتقييد المجني عليه وربطه ليمنعه من الهرب فيما يقوم الثاني بإطلاق النار عليه فيردي به قتيلاً وهنا نكون أمام فاعلين (مساهمين) أصليين في الجريمة(3). حيث نجد أن كلاً من الفاعلين قد باشر السلوك الإجرامي بطريقة مباشرة، مما أدى إلى وقوع النتيجة الجرمية بالشكل الذي وقعت به، وللمساهمة الأصلية في الجريمة أركان لابد من توافرها للقول بأن هناك مساهمة أصلية في الجريمة وَ أركان المساهمة الأصلية في الجريمة لا تختلف عن أركان الجرائم الأخرى ففيها ركنان مادي ومعنوي والركن المادي في المساهمة الأصلية يتمثل في قيام الجاني بمباشرة فعل أو مجموعة أفعال تتيح له أن يقوم بدور أساسي ومباشر في تنفيذ الجريمة، وللركن المادي للمساهمة الأصلية صور متعددة عمد المشرع العقابي على تحديدها بشكل صريح وهذه الصور هي(4).:

1.أن يكون هناك شخص واحد ينفرد بالدور الرئيس في ارتكاب الجريمة.

2.أن يرتكب شخصان أو أكثر الجريمة بحيث يقوم كل منهم بعمل من الأعمال المكونة للجريمة.

3.أن يقوم شخص بارتكاب الجريمة مع غيره.

4.إذا قام شخص بدفع آخر غير مسؤول جزائياً لارتكاب الجريمة كما لو قام شخص بإعطاء سكين إلى (معتوه) وطلب منه أن يقوم بطعن آخر فطعنه وأرداه قتيلاً.

5.حالة أن يحضر الشريك محل الجريمة على أن يكون ذلك في أثناء مباشرة ارتكاب هذه الجريمة وليس بعد ذلك أو قبل ارتكاب هذه الجريمة.

أما الركن المعنوي لهذه المساهمة فيتمثل بالعنصر النفسي الذي يقوم لدى المساهمين في الجريمة بحيث تنصرف إرادة كل فاعل يساهم في ارتكاب هذه الجريمة إلى التدخل في الجريمة المرتكبة مريداً الفعل المادي الذي يقوم بمباشرته كما يريد النتيجة كغاية لهم وهذه هي الإرادة الآثمة التي تتجه لمخالفة القانون، والقصد الجنائي في المساهمة الأصلية يتمثل بعنصرين الأول هو أن يعلم كل مساهم بأن فعله يساهم مع أفعال زملائه في ارتكاب الجريمة والعنصر الثاني اتجاه إرادة جميع المساهمين إلى تحقيق النتيجة الجرمية كأثر لأعمالهم مجتمعة(5). أما الركن الشرعي للمساهمة الأصلية فلا تحتفظ المساهمة الأصلية بخاصية تختلف فيها عن الجرائم الأخرى فيما يتعلق بهذا الركن وعليه يمكن الرجوع إلى القواعد العامة في هذا المجال.

ثانياً. المساهمة الجنائية التبعية في الجريمة.

المساهمة الجنائية التبعية هي عبارة عن نشاط أو سلوك يرتبط بالفعل الجرمي الصادر من الفاعل الأصلي للجريمة مما يؤدي إلى إدخال مرتكب هذا النشاط تحت طائلة العقاب إذ أن نشاط المساهم التبعي أو سلوكه لا يتضمن تنفيذاً للـركن المادي للجريمة، ولكن هذا لا يمنع من القول بوجود رابطة بين هذا السلوك أو النشاط والفعل الإجرامي ونتيجة هذه الرابطة هي رابطة السببية فالمساهمة التبعية تستوجب أن يكون هناك نشاط صادر من الشريك وهذا النشاط غير مجرَّم في القانون لذاته ولولا صلته بالفعل الإجرامي الذي يرتكبه الغير لما وقع على الشريك العقاب، وعليه فأن الشريك وما يقوم به من نشاط يستمد صفته الإجرامية من أجرام الفاعل الأصلي للجريمة(6). فهو كما يعرفه الدكتور أحمد فتحي سرور بأنه (إعارة قاصرة على الجريمة دون مرتكبها)(7). لقد عرَّف المشرع العراقي الشريك في المادة (48) من قانون العقوبات العراقي والتي نصت على أنه (يعد شريكاً في الجريمة:- 1- من حرَّضَ على ارتكابها فوقعت بناءً على هذا التحريض. 2- من أتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة فوقعت بناءً على هذا الاتفاق. 3- من أعطى الفاعل سلاحاً أو آلات أو أي شيءٍ آخر مما أستعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعده بأي طريقة أخرى في الأعمال الممهدة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها) ومن خلال هذا التعريف نجد أن للمساهمة التبعية أركاناً لابد من توافرها لقيام هذه المساهمة(8). وأول هذه الأركان هو الركن المادي (النشاط الإجرامي في المساهمة الجنائية التبعية) وهنا فأن المساهم التبعي لا يسأل عن الجريمة إلاّ إذا كانت مساهمته فيها عن طريق إحدى الوسائل التي يحددها القانون حصراً والتي تتمثل بالتحريض والاتفاق والمساعدة. أما ما يتعلق بالتحريض فيقصد به لغوياً هو الحث على الشيء والدفع أليه ويمكن أن تعطي بعض الكلمات نفس الدلالة لكلمة التحريض في اللغة العربية مثل (دفع) أو (حثَّ) أو (قامَ) فهي ترادف كلمة التحريض في الدلالة والتعبير(9). وقد وردت كلمة التحريض في القرآن الكريم في قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)(10). أما قانوناً فيقصد بالتحريض هو (استمالة بقية المساهمين إلى ارتكاب الجريمة)(11). فالمحرض يبرز خطورة إجرامية تستوجب العقاب إذ إنه هو الذي يقوم بخلق فكرة الجريمة وتدعيمها لدى الفاعل ومن ثم تقع الجريمة بناءاً على هذا التحريض، إن التحريض في جوهره حالة نفسية ولكن تظهر إلى حيز الوجود المادي بوسائل التعبير عن الإرادة وهذه الوسائل لا تشترط فيها معظم القوانين طريقة معينة أو وسيلة معينة ومحددة وهذا هو حال القانون العراقي والمصري والليبي بخلاف ما ذهب أليه القانون الأردني حيث حدد وسائل التحريض في المادة (80) وهي (إعطاء نقود، تقديم هدية، التأثير بالتهديد أو بالحيلة أو الدسيسة أو بصرف النقود أو بإساءة الاستعمال في حكم الوظيفة)(12).ويرى الباحث إن ما ذهب أليه المشرع العراقي والمصري والليبي هو الأصح، فهناك العديد من الوسائل التي تختلف باختلاف علاقة المحرض بمرتكب الجريمة يمكن أن يستميل المحرض فيها مرتكب الجريمة ودفعه إلى ارتكابها وهذه الوسائل لا يمكن الإحاطة بها من أي ملكة قانونية لأي مشرع عقابي، وهكذا يمكن القول إن قيام التحريض مسألة تتعلق بالوقائع يفصل فيها قاضي الموضوع معللاً حكمه بطريقة قانونية تسوغ اعتقاده بحقيقة وقوع التحريض(13). اما الاتفاق(14). فيحصل عندما تتجه نية أطراف هذا الاتفاق على ارتكاب الجريمة التي تم الاتفاق عليها، والاتفاق هو عبارة عن حالة نفسية تتعلق بمكنونات النفس وله مظهره الخارجي الذي يستمده من وسائل التعبير عن الإرادة وهذه الوسائل قد تكون كتابية أو شفهية أو حتى بمجرد الإشارة. ويلتقي الاتفاق مع التحريض بأن الوسيلتين هما عبارة عن حالة نفسية داخلية ولكن يختلف الاتفاق عن التحريض إن الأخير تكون فيه إرادة المحرض أكثر وأقوى رغبة في إحداث الجريمة ومن ثم تعمل على استمالة إرادة مرتكب الجريمة إليها أما في الاتفاق فنجد هناك تقارباً وتعاقداً بين الإرادتين من دون أن يكون هناك تأثير إرادة أكثر استمالة للجريمة على الإرادة الأخرى(15). أما آخر وسائل المساهمة التبعية فهي المساعدة ومعناها (نشاط يرتبط بالفعل الذي جرمه القانون في نتيجته برابطه سببية دون أن يتضمن تنفيذاً للجريمة أو قياماً بـدور رئيـس فـي ارتكابها)(16). وهكـذا نجـد أن الاشتراك بالمساعدة لا يتحقـق إلا بقيـام الشريك بنشـاط معيـن يدخل مع فعـل الفاعـل الأصلـي فيعمـل على إعانتـه أو تعضيـده للقيـام بفعلـه الجـرمي (ارتكاب الجريمـة) . ويـرى الباحـث بأن الاشتراك فـي الجريمة (المساهمـة الجنائيـة التبعيـة) تكـون بفعـل إيجابـي دائمـاً فقـد بين المشـرع وسائـل الاشتراك وجميـع هـذه الوسـائل تتطلـب بطبيعـة الحـال نشاطـاً إيجابيـاً فلا يمـكـن أن تتـم عمليـة التحـريض أو المساعـدة أو الاتفاق بمـوقف سلبـي تمامـاً أمـا إذا امتنـع الشريك عن القيـام بالعمـل الواجـب عليـه القيـام بـه فهـذا لا يغيـر من الفرض المتقـدم وهـذه الحالـة تكـون أكثـر وضـوحاً فـي الاشتـراك بالمساعدة(17). وأخيـراً فـإن وجـود الرابطـة السببية بين نشاط الشريك وجريمـة الفاعـل هـي عنصـر فـي الركـن المـادي للمساهمـة التبعيـة فإذا تخلـف هـذا العنصـر تخلـف الركـن المـادي للمساهمـة التبعيـة ولـم يعـد بالإمكـان أن يسـأل شخـص عـن مساهمـة تبعيـة فـي جـريمة مـا(18). ولكـن توفـر الركـن المـادي للمساهمـة التبعية بالشكل الـذي تمـت الإشـارة إليـه غيـر كافِ لقيـام المساهمـة التبعيـة بل لابد مـن أن يقـوم إلى جـانب هـذا الركـن المـادي(ركـن معنوي وركن شرعـي) وهـي الأركان الثلاثة اللازمـة لقيام أيـة جريمـة والركن المعنوي في المساهمـة التبعيـة نعنـي به هـو توفر القصـد الجنائي لدى الشريك وعليه لكـي يعـد الركـن المعنـوي متوافـراً يقتضـي علـم الشـريـك بطبيعـة السلـوك الـذي يقـوم بـه ومـا يمكن أن يتـرتب عليـه مـن نتيجـة إجراميـة، بعبـارة أكثـر دقة إن يكون الشـريك قاصـداً مـع الفـاعـل الأصلـي ارتكاب الجـريمـة. والقصـد الجنـائي لـدى الشريك افتراضي في كل من (التحريض والاتفاق) لأن طبيعة هذا النشاط يتضمنه بالضرورة ولكن الأمر يختلف في وسيلة الاشتراك بالمساعدة لهذا نجد إن المشرع العراقي اشترط بصريح العبارة توافر القصد الجنائي لدى الشريك بالمساعدة(19). لفعل أو نشاط المساهم التبعي وهذه الصفة غير المشروعة ليست ملازمة لنشاط الشريك ذلك لأن نشاط الشريك في أصله غير مشروع وإنما يستمد الصفة غير المشروعة من الفعل الإجرامي للمساهم الأصلي (الفاعل للجريمة)، وهكذا نجد أن الصفة التبعية واضحة حيث إن عدم المشروعية لا تكمن في نشاط المساهم التبعي وإنما تكمن في فعل الفاعل الأصلي والذي يجرمه القانون العقابي في ذاته وعليه فالشريك هو مساهم تبعي لا يكتسب الصفة الإجرامية في ذاته بل لا بد له من إجرام فاعل أصلي يشتق منه الصفة الإجرامية(20).

ثالثاً. التمييز بين المساهمة الجنائية الأصلية والتبعية.

تبين من خلال ما تقدم إن نشاط المساهمين في الجريمة ليس من نوعاً واحداً وبالأخص عندما يكون هنالك من يرتكب الجريمة بوصفه فاعلاً أصلياً ومن يتدخل في ارتكاب الجريمة بوصفه فاعلاً ثانوياً أو تبعياً، والباحث يرى هنا ضرورة التمييز بين المساهم التبعي في الجريمة وبين المساهم الأصلي فيها فحيث إن المراد معرفته هو (هل يعد نشاط تبييض الأموال من قبيل المساهمة التبعية؟) فلا بد هنا أن يكون هنالك افتراض أن مرتكب نشاط تبييض الأموال لم يقم بدور رئيس في تنفيذ الجريمة الأصلية بل يتمثل نشاطه بمجرد غسل الأموال التي تحصلت من هذه الجريمة وعليه لابد أن يكون هنا معيار للتميز بين متى يعدّ نشاط تبييض الأموال الذي قام به (الغاسل) مجرد نشاط ثانوي تبعي (مساهمه جنائية تبعية) وبين ما إذا تعدى هذا النشاط هذه الصفة التبعية ليعد فعلاً أصليا يدخل في تكوين الركن المادي للجريمة الأصلية كما لو قام شخصان بالمتاجرة بالمواد المخدرة وقام أحد هذين الشخصين بفتح معرض للسيارات مثلا بالمال المتحصل من الجريمة الأصلية من أجل إخفاء آثار جريمتهما فهنا لا يعد نشاط تبييض الأموال من قبيل المساهمة التبعية بل يعاقب الجاني هنا فقط عن النشاط الإجرامي الأصلي وهو (الإتجار غير المشروع بالمخدرات) أما نشاط تبييض الأموال في هذا الفرض المتقدم فما هو إلا محاولة لإخفاء آثار جريمتهما الأصلية ومن ثم لا يعاقبون عن هذا النشاط على الاستقلال. ولأجل التمييز بين الفاعل (المساهمة الأصلية) والشريك (المساهمة التبعية) فقد ظهر معياران مختلفان في هذا المجال أحدهما شخصي والآخر موضوعي فالأول ينظر إلى الركن المعنوي للجريمة (مكمن إرادة مرتكبي الجريمة) فإرادة الفاعل تتجه مباشرة نحو الفعل التنفيذي للجريمة حيث إن إرادة الفاعل هي التي تقود إرادة الشريك للجريمة، حيث ينظر الفاعل للجريمة على أساس إنها مشروعهُ الإجرامي بينما إرادة الشريك تتجه إلى مجرد الإسهام في تحقيق مشروع الفاعل الإجرامي فإرادة الشريك تكون منقادة لإرادة الفاعل وتابعة لها(21). أما المعيار الموضوعي فينظر إلى الركن المادي للجريمة، وعليه فإن الفاعل في الجريمة هو من يباشر بنفسه الفعل المكون للركن المادي للجريمة ولا يشترط لكي يعـد مرتكب الفعل فاعلاً أصلياً أن يباشر جميع الفعل المكون للركن المادي بل يكفي لكي يعدّ فاعلا أصلياً أن يرتكب جزءاً من هذا الفعل ويقوم غيره بإتمام الجزء الآخر فكل من هذين الفاعلين هو مساهم أصلي في الجريمة وكذلك الحال لو كان الركن المادي للجريمة يتكون من أكثر من فعل كما لو قام شخصان بارتكاب جريمة قتل فقام أحدهما بتقييده والآخر قام بإطلاق الرصاص عليه أو قام شخصان باغتصاب امرأة فقام أحدهما بضربها ومسكها لمنعها من المقاومة وقام الآخر بمواقعتها ففي الأمثلة المتقدمة يكون كل منهما فاعلاً أصلياً في الجريمة أما الشريك في الجريمة فهو من يقوم بعمل ممهد أو مسهل للفاعل في تنفيذ الجريمة ويكون فعله خارجاً عن نطاق الركن المادي للجريمة الأصلية، وهذا هو الرأي الأرجح من وجهة نظر الباحث وعلى أساسه يمكن معرفة ما إذا شكل نشاط تبييض الأموال مساهمة تبعية مع فعل الفاعل الأصلي للجريمة(22).

________________________________

[1]- هذا المفهوم للمساهمة الجنائية لم يختلف فيه الفقه الجنائي وجاءت تعريفات الفقه الجنائي مطابقة تماماً لبعضها فقد عرَّفها د. أكرم نشأت بأنها تعدد الجناة في جريمة واحدة كما عرَّفها د. علي حسين الخلف بأنها ( تعاون أكثر من شخص في ارتكاب جريمة واحدة).

– للمزيد من التفصيل أنظر:- د. محمود نجيب حسني- شرح قانون العقوبات- القسم العام- الطبعة الثالثة- دار النهضة العربية- القاهرة- 1973- ص398- د. علي حسين الخلف- الوسيط في شرح قانون العقوبات- الطبعة الأولى- مطبعة الزهراء- بغداد- 1968- ص551.

2- ونعني (بتعدد الجناة) هو أن يكون الجاني أكثر من شخص واحد فإذا كان الجاني شخصاً واحداً فلا تتحقق المساهمة الجنائية ولو تعددت الجرائم بل يجب أن يكون هناك تعدد للجناة لأن صفة المساهمة للمشاركة تتطلب وجود شخصين أو أكثر أما إذا تعدد الجناة وتعددت جرائمهم أي ان كل واحد منهم أرتكب جريمة مستقلة عن الجريمة الأخرى فأنه لا تتحقق المساهمة الجنائية في هذه الحالة أيضاً. أما المقصود بـ(وحدة الجريمة المرتكبة) فأنه يجب أن تكون الجريمة المرتكبة واحدة فإذا كانت جرائم متعددة بأن ينفذ شخص جريمة القتل مثلاً ويقوم آخر بإخفاء جثة القتيل فتكون كل جريمة مستقلة عن الأخرى ولا تتحقق المساهمة الجنائية في هذه الحالة أيضاً.

طارق شكري زينل- المساهمة الأصلية في الجريمة- بحث مقدم إلى مجلس العدل- المعهد القضائي- ص4.
للمزيد من التفصيل أنظر:- المحامي محسن ناجي- الأحكام العامة في قانون العقوبات- الطبعة الأولى- مطبعة العاني- بغداد- 1974- ص267.

3- جندي عبد الملك- الموسوعة الجنائية- الجزء الأول- مطبعة دار الكتاب المصرية- القاهرة- 1931- ص686.

4- عالج المشرع العراقي الركن المادي للمساهمة الأصلية في م (47) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بالنص:-

يعد فاعلاً للجريمة:-

أولا. من ارتكبها وحده أو مع غيره.

ثانياً. من ساهم في إرتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فقام عمداً أثناء ارتكابها بعمل من الأعمال المكونة لها.

ثالثاً. من دفع بأية وسيلة شخصاً على تنفيذ الفعل المكون للجريمة إذا كان هذا الشخص غير مسؤول جزائياً عنها لأي سبب.

ثم عاد المشرع العراقي في م (49) ليجعل من يعد شريكاً بموجب المادة (48) فاعلاً أصلياً للجريمة إذا كان حاضراً في أثناء إرتكابها أو إرتكاب أي فعل من الأفعال المكونة لها.

5- لقد توسع المشرع العراقي في معالجته للمساهمة الأصلية حيث نجد أن نظيره المصري في م (39) من قانون العقوبات المصري لعام 1937 وأيضاً المادة (99) من قانون العقوبات الليبي لعام 1953 والمادة (75) من قانون العقوبات الأردني لعام 1960 والمادة (212) من قانون العقوبات السوري لعام 1949 والمادة (213) من قانون العقوبات اللبناني لعام 1948 تناولوا المعنى الوارد في الفقرتين (الأولى والثانية) من م (47) من قانون العقوبات العراقي في حين أنفرد المشرع العراقي عن نظيره المشرع العربي في القوانين سالفة الذكر فيما ذكره في الفقرة الثالثة من المادة (47) وأيضاً في نص المادة (49) فلا يوجد في القوانين السابقة نص يماثل ما ورد في الفقرة الثالثة من م (47) وأيضاً ما ورد في م (49).

6- د. سامي النصراوي- المبادئ العامة في قانون العقوبات- الجزء الأول- الطبعة الأولى- بغداد- 1977- ص267. و كمال عبد الصمد علي- الاشتراك في إطار المساهمة الجنائية- بحث مقدم إلى المعهد القضائي- 1985- ص19.

7- أشارت إليه: شهلاء جمعة منجي النصراوي- التهرب الضريبي وأثره في المسؤولية الجنائية- رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون- جامعة بابل- 2003- ص133.

8 – عالج المشرع المصري المساهمة التبعية في المادة (40) من قانون العقوبات المصري، أيضاً المشرع الليبي في م (100) من قانون العقوبات الليبي ولم يختلف المنهج الذي سار عليه كل من القانونين المتقدمين عن منهج المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي في حين أختلف النهج الذي سار عليه المشرع في قانون العقوبات الأردني الذي عالج هذه المساهمة في المادة (67) حيث عدّ الفاعلين مع غيرهم شركاء كما عاقب المشرع الأردني المحرض والذي عدّه مساهماً تبعياً بعقوبة أخف من عقوبة الجريمة التي حرض على ارتكابها ولو لم يتم ارتكابها كما عاقب المتدخل والذي عدّه أيضاً مساهماً تبعياً بذات العقوبة (عقوبة المحرض) في حالة ارتكاب الجريمة التي تدخل في ارتكابها.

– للمزيد من التفصيل راجع نصوص المواد (76- 81- 80/2) ق.ع. الأردني رقم 16 لسنة 1960.

9- ياسين خضير عباس المشهداني- الإشتراك- بحث مقدم إلى المعهد القضائي- بغداد- 1985- ص32.

0[1]- الآية (65) سورة الأنفال.

1[1]- د. سامي النصراوي- المبادئ العامة في قانون العقوبات- مصدر سابق- ص270.

2[1]- إذا كان التحريض بالمعنى المشار أليه (وسيلة اشتراك) لا يعاقب عليه القانون إلاّ إذا أفضى إلى وقوع الجريمة فأن مجرد فعل التحريض يمكن أن يكون جريمة معاقباً عليها دون أن تقع الجريمة التي جرى التحريض عليها ومثال ذلك جريمة التحريض على ارتكاب إحدى الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي (170) ق.ع.عراقي حيث تنص ((يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشرة سنين من حرَّض على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد (156 إلى 169) ولو لم يترتب على تحريضه أثر)) وهناك العديد من الجرائم الأخرى التي يعد فعل التحريض المجرد جريمة قائمة بذاته يستوجب عقاب مرتكبه مثال ذلك م (212) ق.ع. العراقي.

– للمزيد من التفاصيل أنظر:- د.أكرم نشأت إبراهيم- القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن- الطبعة الأولى – مطبعة الفتيان – بغداد – ص213-214.

3[1]- الأصل إن الأدلة في المسائل الجزائية إقناعية وان القاضي الجزائي يحكم بما اطمأن إليه ضميره وما اقتنع به لا يتقيد بدليل معين من الأدلة ويكون له مطلق الحرية في تقدير قوة الدليل المقدم في الدعوى وله أن يطرح أي دليل لا يطمئن له ويأخذ بدليل آخر يرجحه كما إن له أن يُكون عقيدته من الأدلة في مجموعها طالما كانت ذات أثر في نتيجة اقتناعه فيقوم بموجب سلطته التقديرية في وزن قيمة كل دليل على حده وله سلطة تنسيق الأدلة المقدمة أليه واستخلاص نتيجة منطقية من هذه الأدلة مجتمعة أو متساندة في إقرار براءة المتهم أو ادانته، وعليه فإن للمحكمة الحرية المطلقة في تقدير الأدلة وترجيح بعضها على بعضها الآخر أياً كان نوعها ومصدرها وللقاضي أن يستعمل الطرق التي تؤدي به إلى الحقيقة كافة وان يستنتج هذه الحقيقة من كل ما يمكن أن يدل عليها في رأيه وهو المرجع في تقدير صحة الدليل وما به من قوة الدلالة فلا يحكم في الدعوى إلاّ طبقاً لاقتناعه واعتقاده.

للمزيد من التفصيل أنظر: طه خضير القيسي – حرية القاضي في الإقتناع – الطبعة الأولى – آفاق عربية- بغداد – 2001 – ص77-86.

4[1]- الإتفاق على إرتكاب الجريمة هو غير التوافق على إرتكابها ففي الإتفاق هناك إنعقاد لإرادتين أو أكثر على إرتكاب الجريمة ويكون هناك قصد مشترك على تنفيذ هذه الجريمة أما في التوافق فإن كل إرادة إنصرفت بمفردها ودون إتفاق نحو الجريمة المرتكبة وعليه فإن الأشخاص الذين تتوافق إرادتهم بمحض المصادفة لتقوم جريمة على أساس هذا التوافق لا يعدّون شركاء في الجريمة التي وقعت بل يسأل كل من هؤلاء عن الفعل الذي قام به إذا كان فعله مجرماً قانوناً.

– للمزيد من التفصيل أنظر: محسن ناجي – الأحكام العامة في قانون العقوبات – مصدر سابق – ص288-289.

5[1]- د. سامي نصراوي- المبادئ العامة في قانون العقوبات- مصدر سابق- ص272-273.

6[1]- خالد جواد معين الساعدي- المساعدة وسيلة الإشتراك في الجريمة- بحث مقدم إلى المعهد القضائي- 1990- ص69.

7[1]- هناك خلاف في الفقه القانوني حول هذا الموضوع حتى إن من أهم الإنتقادات التي وجهت للمؤتمر الدولي السابع لقانون العقوبات المنعقد في أثينا عام 1957 هو عدم التطرق لموضوع الإشتراك في الجريمة وما إذا كان فعل الشريك إيجابياً أم سلبياً فلم يحسم المؤتمر ذلك في مقرراته.

– للمزيد من التفصيل أنظر: د. أحمد علي المجذوب – التحريض على الجريمة – الطبعة بلا – القاهرة – 1970 – ص192.

18- لقد ذهب المشرع العراقي إلى وضع بعض الحالات الإستثنائية لبعض الجرائم جعل من تعدد الجناة فيها ظرفاً مشدداً يستوجب تشديد العقاب إستثناءاً من المبدأ العام في هذا المجال حتى وإن توافرت شروط المساهمة الجنائية في إرتكاب هذه الجرائم ومن هذه الجرائم هي جريمة السرقة بموجب المادة (440) حيث تنص هذه المادة ( يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت من إرتكب سرقة إجتمعت فيها الظروف التالية:-

1-……… .

2- من شخص فأكثر.) وكذلك المواد (441 و 442 و 443 / ثالثاً و 444 / رابعاً ) في الباب الثالث (الجرائم الواقعة على المال) الفصل الأول (جريمة السرقة) حيث تم تشديد العقوبة فيها بموجب قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل المرقمة (1631) في 30/10/1980 و(1133) في 2/9/1982 والمادة (478) والمادة (479/2) الواردة في الفصل العاشر (جرائم التخريب والإتلاف ونقل الحدود) الفرع الأول (جرائم التخريب والإتلاف).

9[1]- تنص المادة (48/3) من قانون العقوبات العراقي ((من أعطى الفاعل أو الفاعلين سلاحاً أو أي شيء آخر مما أستعمل في إرتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعده عمداً بأي طريقة أخرى)) ومن النص المتقدم نجد إن المشرع العراقي إشترط توفر القصد الجنائي لدى الشريك بالمساعدة معبراً عن هذا القصد الجنائي بعبارة (مع علمه بها) وعبارة (عمداً) وهي تعبير دقيق وواضح عن إشتراط توفر القصد الجنائي لدى الشريك بالمساعدة.

– للمزيد من التفصيل أنظر: د. أكرم نشأت إبراهيم– القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن– مصدر سابق – ص219 و د. محمود إبراهيم إسماعيل– شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات– الطبعة بلا – القاهرة – 1959 – ص317.

20- د. علي راشد- القانون الجنائي المدخل وأصول النظرية العامة- الطبعة الثانية- دار النهضة العربية- القاهرة-1974- ص456.

21- د. نشأت أكرم إبراهيم- القواعد العامة في القانون المقارن- مصدر سابق – ص203.

22- للمزيد من التفصيل أنظر: كمال عبد الصمد علي- الإشتراك في إطار المساهمة الجنائية- مصدر سابق- ص26-29.

المؤلف : عمار غالي العيساوي
الكتاب أو المصدر : المسؤولية الجنائية عن جريمة تبييض الاموال

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .