ينصرف المقصود بعناصر الاقامة هنا، الاقامة العادية ولذلك فانها تخص الاشخاص الطبيعية دون الاشخاص المعنوية.

وللاقامة عنصران او ركنان(1):-

1- الوجود الطبيعي.

2- نية الاقامة.

ولكي نقف على هذه العناصر، سوف نقسم هذا الموضوع الى فرعين سيخصص الفرع الاول للوجود الطبيعي والفرع الثاني لنية الاقامة.

الفرع الأول : الوجود الطبيعي

وهو ركن مادي يتمثل في اقامة الشخص بصورة فعلية داخل الدولة او على اقليمها على اساس الاعتياد(2)، ولايستلزم لتحقق هذا الركن، توفر سكن دائم لهذا الشخص، غير ان وجوده يمثل قرينة على الاقامة وعندئذ تتحقق الاقامة عندما يمتلك او يؤجر داراً او حتى عندما يكون نزيلاً في فندق مثلاً خلال السنة الضريبية(3). هذا ويلاحظ ان الشخص عندما يكون مقيماً في بلد ما ويملك داراً مؤثثة في بلد آخر معداً لغرض الزيارة فان هذا الشخص لايعتبر مقيماً في القطر الاخير، (بالرغم من امتلاكه دار سكن) ذلك اذا لم يسكن فيه خلال السنة الضريبية المدة المحددة في نظر المشرع الضريبي في ذلك البلد(4). ولابد ان نشير هنا الى انه ليست هناك علاقة بين الاقامة والجنسية، فالفرد له حق قانوني في الاقامة ببلد الجنسية ومع ذلك فقد لايكون مقيماً فيه بل مقيماً في بلد غيره. فاذا ماقام شخص غير عراقي (اجنبي) بزيارة العراق لقضاء بعض الحاجيات واستمرت زيارته ثلاثة اشهر وغادر بعدها، فلا يعتبر مقيماً بنظر المشرع العراقي ولكن لو قام في السنة الضريبية نفسها بزيارة العراق مرة ثانية وقضى فيه ثلاثة اشهر اخرى، فهنا يعد هذا الشخص مقيماً لاغراض ضريبة الدخل ويخضع جميع دخله المتحقق في العراق فقط للضريبة العراقية(5). وبناءً عليه يعتبر مقيماً الشخص الذي يزور العراق بصورة منتظمة لانجاز بعض الاعمال من دون ان يكون له محل دائم للسكن(6)، على ان تستغرق هذه الزيارات المدة القانونية المقررة لاجل اعتباره مقيماً على الرغم من انه يعيش خارج العراق(7).

الفرع الثاني : نية الإقامة(8).

وهو الركن الثاني لمبدأ الاقامة ويمكن تسميته بالركن المعنوي الى جانب الوجود الطبيعي (الركن المادي)، ولذلك لكي نكون امام معيار الاقامة كضابط لفرض الضريبة، لابد ان يكون للفرد قصد في الاستقرار بشكل معتاد أي لديه نية الاقامة، لهذا لايعتبر العابر او الزائر مقيماً، فطول البقاء في البلد ليس بذي اهمية في هذا الشأن فالمهم هو قصد السكنى ولذلك نجد ان الفرق بين مبدأ الاقامة والموطن فيما يخص ركن النية، انه في الاول هو نية السكنى بينما في الثاني نية الاستقرار. ويرى جانب من الفقه ان اركان الاقامة هي اركان الموطن نفسها(9) وبالتالي قد تختلط الاقامة بالموطن. ولكن البعض الاخر يرى خلاف ذلك ويذهب الى التفرقة بينهما باعتبار ان الفرد ليس له الا موطن واحد في حين قد يكون له اكثر من محل اقامة خاصة ان بعض الدول لاتشترط البقاء مدة معينة على اراضيها لكي يصبح الفرد مقيماً فيها(10). على ان هذا الركن وهو نية الاقامة يجب عدم التسليم به مطلقاً، والسبب في ذلك هو ان الكثير من التشريعات الضريبية لاتعول عليه، بحيث تعتمد على الركن المادي (الوجود الطبيعي) في اقليمها من دون ان تعلق اهمية تذكر على ركن النية(11).

________________

[1]- توفيق الهش- اقليمية الضريبة على الدخل التجاري في القانون الاردني- مرجع سابق- ص16.

2- د. مدحت عباس امين- ضريبة الدخل في التشريع الضريبي العراقي- مرجع سابق- ص4.

3- عادل الحيّادي- الضريبة على الدخل العام- مرجع سابق- ص160.

وكذلك، د. طاهر الجناني- اقليمية الضريبة في قانون ضريبة الدخل- مرجع سابق- ص67.

4- مثلا يتطلب المشرع العراقي مدة لاقامة العراقي هي اربعة اشهر خلال سنة نجوم الدخل اما بالنسبة لغير العراقي فانه يتطلب لكي يكون مقيماً اربعة اشهر متصلة او ستة اشهر متقطعة خلال سنة نجوم الدخل هذا ماجاء في البند (أ) الفقرة (10) من المادة الاولى من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل. ايضاً نرى ان قانون ضريبة الدخل الاردني يتطلب مدة لاقامة الشخص الطبيعي الاردني مدة لاتقل مجموعها 120 يوم متصلة او منقطعة في السنة وكذلك غير الاردني ان يقيم مدة متصلة او منقطعة لاتقل مجموعها عن 183 يوم هذا ماجاء في المادة الثانية من القانون المشار اليه اعلاه والمرقم 57 لسنة 85، كذلك انظر في ذلك د. اعاد حمود القيسي- المالية العامة والتشريع الضريبي- عمّان- الطبعة الثالثة-مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع- 2000- ص171 ومابعدها.

5- البند (ء-1) من الفقرة (11) من المادة الاولى من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل وكذلك الفقرة (3) من المادة الخامسة.

6- يلاحظ ان المشرع الفرنسي لايشترط المسكن الدائم لغرض الضريبة وبالتالي عدّه مقيماً بل يكفي ان يكون مسكناً ثانوياً باعتباره يعبر عن حالة التفاعل والارتباط بمجتمع الدولة المعنية (الفرنسية) انظر في ذلك: د. محمد علي عباس- تعيين الاشخاص الخاضعين لضريبة الدخل بالركون الى معيار السكن (التجربة الفرنسية)- بحث منشور في مجلة المالية تصدر من وزارة المالية- العدد الاول- السنة 1988- ص140.

7- د. عوض فاضل الدليمي- محاضرات القيت على طلبة الدراسات العليا- مرجع سابق.

8- يرى جانب من الفقه الضريبي ان الركن الثاني للاقامة ليس نية الاقامة وانما بقاء الفرد مدة من الزمن فيها سواء اكانت لديه نية الاقامة ام لا، ودليلهم على صحة ماذهب اليه هذا الطريق مثلا ان المشرع العراقي يعتبر الفرد مقيماً اذا سكن مدة من الزمن هذا بالنسبة للعراقي او غير العراقي سواء اكانت لديه النية في الاستقرار في العراق من عدمه ونحن من جانبنا نميل الى هذا الرأي الوجيه انظر حول ذلك:-

د. عوض فاضل الدليمي- محاضرات القيت على طلبة الدراسات العليا- مرجع سابق.

9- د. عادل الحيّاري- الضريبة على الدخل العام- مرجع سابق- ص162.

10- د. عوض فاضل الدليمي- محاضرات القيت على طلبة الدراسات العليا- مرجع سابق فمثلاً يلاحظ ان المشرع العراقي اعتبر رعايا الدول العربية مقيمين في العراق استثناءً من شرط المدة اللازمة للسكن كما جاء في البند (جـ) الفقرة (1) من المادة الاولى من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 82 المعدل.

1[1]- توفيق الهرش- اقليمية الضريبة على الدخل التجاري في القانون الاردني- مرجع سابق- ص17.

وعلى سبيل المثال نجد ان المشرع العراقي سار في هذا الاتجاه كما في البنود (أ، ب، جـ، ء) الفقرة (10)- المادة الاولى من قانون ضريبة الدخل رقم 113 لسنة 82 المعدل، ان هذا القول بالرغم من وجاهته، الا انه لايمكن التسليم به مطلقاً، فالمشرع عندما تطلب مدة بقاء في العراق، مثلا افترض ان لديه نية اقامة ولذلك يعد هذا الركن متحققاً سواء أكانت نيته الحقيقية الاقامة في العراق ام لا. وبالتالي لايمكن الركون الى مبدأ الاقامة الا بتحقق الركنين معاً وهما الوجود الطبيعي ونية الاقامة وهذا مايؤيد صحة قولنا السابق ان المشرع استعاض عن ركن النية في اقامة الشخص الطبيعي في العراق بقاءه مدة من الزمن.

المؤلف : خيري ابراهيم مراد
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
الجزء والصفحة : ص5-7

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .