مبدأ المشروعية ( سيادة القانون)

المؤلف : مها بهجت يونس
الكتاب أو المصدر : مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية / العدد الاول / حقوق الانسان وحرياته…
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

يعني مبدأ المشروعية، ضرورة احترام القواعد القانونية القائمة، بأن تكون جميع تصرفات السلطات العامة في الدولة متفقة وأحكام القانون بمدلوله العام. سواء أكانت هذه السلطات تشريعية أو تنفيذية أو قضائية.(1).

ومن مقتضيات هذا المبدأ ان اعمال السلطات العامة وكافة اجراءاتها وتصرفاتها وقراراتها النهائية على أي مستوى كانت من التدرج، لا تكون صحيحة ولا منتجة لآثارها القانونية المقررة في مواجهة المخاطبين بها ٳلا بمطابقتها للقاعدة القانونية الأعلى التي تحكمها، فأن صدرت هذه أو تلك على غير مقتضى القانون واجب التطبيق فانها تكون غير مشروعة وتحولت الى مجرد اجراءات مادية غير قانونية، ومن ثم فلا بد من تقرير جزاء يتخذ حيالها حماية لحقوق الافراد وكفالة وصيانة لحرياتهم، وهذا الجزاء يتوقف على نوع العمل الخاطئ ومداه. فقد يأخذ صورة ابطال التصرف المخالف لمبدأ المشروعية، وقد تقتصر على جبر الضرر الذي أصاب الافراد، وقد يجمع بين الأثنين(2).

ويمثل مبدأ المشروعية (سيادة القانون) في الوقت الراهن، قمة الضمانات الأساسية الجدية والحاسمة لحقوق الانسان وحرياته، ٳذ يبلور هذا المبدأ كل ما استطاع الفرد أن يحرزه من مكاسب في صراعه مع السلطات الحاكمة لٳجبارها على التنازل عن كل مظاهر الحكم المطلق، وذلك عبر أجيال متعاقبة مرت على الانسانية حتى عصرنا الحالي(3 ) وتقريراً لهذا الخضوع لسيادة القانون تنص المادة ( ٥) من دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ على ان ” السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية “.

وقررت هذا المبدأ مواطن الدستور المختلفة ومنها : المادة ( ٦٧ ) والتي تنص على ان ” رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يمثل سيادة البلاد ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور “. والمادة ( ٧٥ رابعاً) منه التي تنص على ان ” في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية، يحل رئيس مجلس النواب، محل رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود نائب له، على ان يتم انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ الخلو، وفقاً لأحكام الدستور “.

كما تنص المادة ( ٨٧ ) على ان ” السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر احكامها وفقاً للقانون “. والمادة ( ٨٩ ) على ان ” تتكون السلطة القضائية الاتحادية، من مجلس القضاء الاعلى، والمحكمة الاتحادية العليا، ومحكمة التمييز الاتحادية، وجهاز الادعاء العام، وهيئة الاشراف القضائي، والمحاكم الاتحادية الاخرى، التي تنظم وفقاً للقانون “.

والمادة ( ١٤١ ) التي تنص على ان “يستمر العمل بالقوانين التي تم تشريعها في اقليم كوردستان منذ عام ١٩٩٢ ، وتعد القرارات المتخذة من حكومة اقليم كوردستان – بما فيها قرارات المحاكم والعقود – نافذة المفعول، ما لم يتم تعديلها او الغاؤها حسب قوانين اقليم كوردستان، من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور”.

وبهذه النصوص الصريحة يتقرر في ظل دستور جمهورية العراق لسنة ٢٠٠٥ مبدأ المشروعية ( سيادة القانون )، ومن ثم تتقرر للافراد ضمانة جديدة في مواجهة السلطات العامة حيث يفترض ان يكون هؤلاء بمقتضاه في مأمن من أن تتغول عليهم الهيئات الحاكمة على خلاف ما قرره القانون. ذلك أنه من البديهيات، انه لا يكفي لحماية حقوق الافراد وحرياتهم أن يتأكد مبدأ سيادة القانون في شأن علاقاتهم بعضهم ببعض بل يجب لتوكيد هذه الحماية ان يسود القانون علاقاتهم مع الهيئات الحاكمة في الدولة(4)
_________________
1- انظر د. أحمد عبد الوھاب السید، الحمایة الدستوریة لحق الإنسان في قضاء طبیعي، ط ١، مؤسسة بیتر للطباعة، ، القاھرة، ٢٠٠٣ ، ص ١٩٢ .
2- انظر د. عثمان عبد الملك الصالح، ضمانات حقوق ا نسان في الكویت بین النظریة والتطبیق، بحث مقدم الى ندوة تدریس حقوق الانسان التي نظمتھا جامعة الزقازیق بدعوة من منظمة الیونسكو من ١٤ الى ١٦ دیسمبر عام ١٩٧٨ ، كلیة الحقوق جامعة الكویت، ص ٥
3- انظر د. فاروق عبد البر، دور المحكمة الدستوریة المصریة في حمایة الحقوق والحریات، النسر الذھبي للطباعة،، القاھرة، ٢٠٠٤، ص ١٦١
4- انظر د. طعیمة الجرف، مبدأ المشروعیة وضوابط خضوع الدولة للقانون، ط ٣، دار النھضة العربیة، القاھرة، ١٩٧٦ ، ص ٥