الغبن [بفتح الغين وسكون الباء]لغة النقص. واصطلاحاً عدم تعادل العوضين فإن بيع مال بأقل من قيمته كان البائع مغبوناً. وأن بيع بأكثر منها كان البائع غابناً والمشتري مغبوناً. حتى وأن لم يخدع أحدهما الأخر كما لو كانا جاهلين بذلك لغلبة صدور المعاوضة على وجه الخدع على أن عدم تعادل العوضين زيادةً أو نقصاناً يجب أن ينظر إليه مع ما ينضم إليه من شروط فلو باع أحدهم مالاً من قيمته لا يكون مغبوناً إذا أشترط الخيار لنفسه مثلاً لأن ثمن المبيع في بيع الخيار هو حتماً أقل من ثمنه في البيع اللازم(الذي لا خيار فيه) وأستدل صاحب التذكرة(1) على خيار الغبن بقوله تعالى {إلاَ أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم}( ٢).ذلك أن رضا كل من الطرفين إنما يقوم أساسا على عدم نقص ما يدفعه عن العوض الذي يحصل عليه من حيث المالية. فإذا قال اشتريت هذا المال الذي يسوى دينار بدينار ثم أتضح أنه لا يساوي ذلك فإنه لم يكن راضياً به(3)

ولكن لما كان نقص المالية من صفات المبيع فإن تخلفه لا يؤدي إلى بطلان العقد فيكون حكمه حكم سائر الصفات المقصودة فيه لا يؤدي تخلفها إلا إلى ثبوت الخيار للمغبون بين الرد والإمساك فالآية الكريمة إذن تدل على عدم لزوم العقد فإذا حصل الرضا بالعوض الناقص كان كالرضا السابق كما هو حكم الفضولي والمكره. ويقول العلامة الشيخ مرتضى الأنصاري أن من الأولى الاستدلال بالآية الكريمة{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}( ٤).ذلك أن بيع ما يساوي درهماً بعشرة مع عدم أعطاء المغبون حقاً في رد المعاملة التي خدع فيها هو أكل للمال بالباطل( ٥).ثم أن الرسول الكريم(صلى الله عليه واله وسلم )أثبت الخيار في تلقي الركبان للغبن كما أن حديثه(صلى الله عليه واله وسلم){لا ضرر ولا ضرار في الإسلام} ينطبق على ما نحن بصدده ذلك أن اعتبار هذا العقد لازماً دون أعطاء العاقد المغبون خياراً في فسخه ضرر عليه وإضرار به. والشارع لم يورد حكماً فيه ضرر. ولم يسوغ أضرار المسلمين بعضهم ببعض. ولهذا يجب الابتعاد عن الحكم بلزوم العقد أن كان في ذلك ضرر لأحد طرفيه سواء للغبن أو لغيره وسواء في البيع أو في غيره من المعاوضات كالصلح المبني على المسامحة والإجارة. وبذلك يعد الغبن سبباً لثبوت الخيار عند علماء الأمامية( ٦) و به قال .( المالكية و الحنابلة) .

_____________

1- العلامة الحلي –تذكرة الفقھاء ج ١ص ٥٢٢ .

2- سورة النساء –الآیة ٢٩.

3- الشیخ مرتضى الأنصاري –المكاسب ج ٥ص ١٥٨ .

4- سورة البقرة –الآیة ١٨٨ .

5- الشیخ مرتضى الأنصاري –المكاسب ج ٥ مصدر سابق ص ١٥٩ .

6- أنظر في ذلك نجم الدين جعفر الحسن (المحقق الحلَي) شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ج ٢ ط ١ مطبعة الآداب النجف الأشراف ١٩٦٩ م ص ٢٢ العلامة الحلي تذكرة الفقھاء ج ١ مصدر سابق ص ٥٢٢ .الشیخ مرتضى الأنصاري المكاسب ج ٥ مصدر سابق ص ١٧٧

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .