لما كان الغبن بيع للمال بأقل من قيمته أو شرائه بأكثر منها ، فإن مسألة تحديد الطرف المغبون قد لا تكون جديرة بالاهتمام لدى البعض( 1 ).ذلك أن المغبون سيكون حتماً أحد العاقدين أي أما البائع أو المشتري لكن الأمر لا يبدو بهذه البساطة عندما عرض البعض احتمال أن يغبن كلا الطرفين في آن واحد فنحن نعلم أن البائع أن باع بالأقل من قيمة المبيع في السوق كان مغبوناً والمشتري غابناً والمشتري أن اشترى بأكثر من تلك القيمة كان مغبوناً. ولكن كيف يكون البائع والمشتري مغبونين و غابنين في ذات الوقت؟.

لقد أورد العلامة الشيخ الأنصاري( 2 )في هذا جواباً عن المحقق ألقمي بالقول أن ذلك يتحقق[إذا باع متاعه بأربعة توأمين من الفلوس على أن يعطيه عنها ثمانية دنانير معتقداً أنها تسوي أربعة توامين ثم تبين أن المتاع يسوي خمسة توامين وأن الدنانير تسوي خمسة توامين إلاَ خمساً فصار البائع مغبوناً بكون الثمن أقل من القيمة السوقية بخمس تومان والمشتري مغبوناً من جهة زيادة الدنانير على أربعة توامين فالبائع مغبون في أصل البيع والمشتري مغبون فيما ألتزمه من أعطاء الدنانير عن الثمن وأن لم يكن مغبوناً في أصل البيع] ولقد كان جواب الشيخ على ذلك دقيقاً في تأكيده على أن مثل هذا البيع الذي تضمن هذا الشرط يلاحظ فيه ما يصل إلى البائع من مجموع العقد والشرط كما لو باع متاعه بدرهمين وهو يساوي خمسة دراهم على أن يخيط له المشتري ثوباً على فرض أن أجرة الخياطة ثلاثة دراهم فالشرط هنا ليس معاملة مستقلة وإنما يقابله قسط من الثمن.

وأن قلنا أن الشرط معاملة مستقلة لتبرير ذلك فعندها لا نكون أبداً أمام مغبونين في معاملة واحدة وإنما مغبون واحد في كل معاملة ولذلك فإن ما ذكره البعض( 3 ) بأن بيع شيئين بعقد واحد وثمنين مختلفين غبن البائع في أحدهما والمشتري في الآخر دليل على وجود مغبونين في معاملة واحدة غير دقيق لأننا سنكون هنا أمام فرضين الفرض الأول أنه يمكن التفريق بين المبيعين وهنا لابد من مغبون واحد حتى نمكنه من فسخ العقد في العين المغبون فيها ويبقى في الآخر فهما إذن معاملتان مستقلتان.أما الفرض الثاني فإنه لا يمكن التفريق بينهما فهنا لا يوجد غبن أصلاً لأن الزيادة في أحدهما تقابلها النقيصة في الأخر وحتى في حالة عدم المساواة هنا فإن الغبن في طرف واحد وليس في طرفين(4).

__________________

1- الشيخ علي أبن الحسين الكركي – جامع المقاصد في شرح القواعد ج ٤ ط ١ مؤسسة آل البيت لأحياء التراث ١٤٠٨ ه ص ٢٩٥ كذلك زين الدين بن علي ألعاملي(الشهيد الثاني)مسالك الإفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام ج ٣ ط ١ – ١٤١٤ ه ص ٢٠٥ .

2- الشيخ مرتضى الأنصاري –المكاسب ج ٥ ط 4-1424 ه ص ١٧٢ و ص ١٧٣ .

3- الشیخ محمد حسن ألنجفي –جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ج ٢٣ دار الكتب الإسلامية ص ٤٤ .

4- الشیخ مرتضى الأنصاري المكاسب ج ٥ مصدر سابق ص 174

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .