مفهوم وصور الضرر الموجب للتفريق وفقاً للقانون المصري – التطليق للضرر .

الطعن 53 لسنة 60 ق جلسة 20 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 167 ص 166

برئاسة السيد المستشار/ محمد ممتاز متولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود يوسف، محمد علي عبد الواحد نائبي رئيس المحكمة، عبد المنعم محمد الشهاوي وحسين السيد متولي.
———-
– 1 أحوال شخصية ” المسائل الخاصة بالمسلمين : التطليق ، التطليق للضرر . ماهية الضرر وصوره”. استئناف ” اثار الاستئناف : الطلبات الجديدة . ما لا يعد طلبا جديدا”.
الضرر الموجب للتفريق وفقاً لنص المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 .ماهيته . عدم تحديد النعي وسيلة إضرار الزوج بزوجته . مؤداه .إضافة الزوجة في مرحلة الاستئناف ما لم تطرحه من صور سوء المعاملة أمام محكمة الدرجة الأولى . عدم اعتباره طلبا جديداً يمتنع قبوله طبقاً للمادة 321 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية . علة ذلك .(مثال بشأن الهجر بحسبانه صورة من صور الضرر) .
النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه “إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الاصلاح بينهما …… ” يدل على أن المقصود بالضرر في هذا المجال ـ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـ هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملة الزوج لزوجته في العرف معاملة شاذة تشكو منها المرأة ولا ترى الصبر عليها، ولما كان النص لم يحدد وسيلة إضرار الزوج بزوجته والذى يخول لها الحق في طلب التطليق فإن لها ان تستند في التدليل على حصول المضارة إلى كل أو بعض صور المعاملة التي تتلقاها منه من قبيل الضرب والسب والهجر وأن تضيف منها في مرحلة الاستئناف ما لم تطرحه أمام محكمة الدرجة الأولى دون أن يعتبر ذلك طلبا جديدا يمتنع قبوله طبقا لحكم المادة231من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لأن الطلب الجديد المعنى بهذه المادة هو ما يتغير به موضوع الدعوى ولا يتغير طلب التفريق بين الزوجين للضرر طبقا لمادة السادسة المشار إليها بتغير ما صدر عن الزوج من قول أو فعل تضررت منه وزوجته وإذا اعتنق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضدها بالتطليق على سند من ثبوت هجر الطاعن لها حال أنها لم تطرحه إلا أمام محكمة الاستئناف بحسبانه صورة من صور الضرر الذى أقامت دعواها بالتطليق على سند منه وليس سببا جديدا يمتنع عليها قبوله، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
– 2 نقض “اسباب الطعن . السبب غير المنتج”.
إقامة الحكم على عدة دعامات. كفاية إحداها لحمل الحكم . أثره . تعييبه في باقي الدعامات. غير منتج .
أن من المقرر ـ في قضاء محكمة النقض ـ أنه إذا أقيم الحكم على عدة دعامات وكانت إحداها كافية لحمله فإن النعي على ما عداها يكون غير منتج.
– 3 حكم ” رقابة محكمة النقض”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الادلة”. نقض ” اسباب الطعن . الاسباب الموضوعية”.
لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أدلة الدعوى .المجادلة في ذلك موضوعية .تنحسر عنها رقابة محكمة النقض.
لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضدها أمام محكمة الدرجة الثانية من أن الطاعن قد هجر المطعون ضدها منذ ثلاث سنوات وهو من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها، وإذ كان النعي بهذا السبب يدور حول تعييب هذا الاستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير أدلة الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 686 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة – وقالت بيانا لذلك إنها زوجته ومدخولته بصحيح العقد الشرعي وإذ دأب على الإساءة إليها بمقر عملها أمام زملائها وابتزاز أموالها وتعدى عليها بالضرب والسب فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الطرفين حكمت في 27/2/1988 برفضها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 270، 278 لسنة 105ق “أحوال شخصية”. ضمت المحكمة الاستئنافين وأحالتهما إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين قضت في 8/1/1990 بإلغاء الحكم المستأنف وتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن المطعون ضدها أضافت إلى دعواها طلبا جديدا أمام محكمة الاستئناف هو طلب التطليق للهجر حال أن طلباتها أمام محكمة أول درجة انحصرت في طلب التطليق للضرر المتمثل في الضرب والسب وهو ما لا يجوز لاختلاف الطلب الجديد في سببه عن الطلب الأصلي مما كان يتعين معه القضاء بعدم قبوله ومن تلقاء نفس المحكمة لعدم جواز إبداء طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف – وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالتطليق على سند من ثبوت الهجر – رغم دفعه بعدم قبول هذا الطلب – فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه “إذا أدعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما …” يدل على أن المقصود بالضرر في هذا المجال – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها بحيث تعتبر معاملة الزوج لزوجته في العرف معاملة شاذة تشكو منها المرأة ولا ترى الصبر عليها، ولما كان النص لم يحدد وسيلة إضرار الزوج بزوجته والذي يخول لها الحق في طلب التطليق فإن لها أن تستند في التدليل على حصول المضارة إلى كل أو بعض صور المعاملة التي تتلقاها منه من قبيل الضرب والسب والهجر وأن تضيف منها في مرحلة الاستئناف ما لم تطرحه أمام محكمة الدرجة الأولى دون أن يعتبر ذلك طلبا جديدا يمتنع قبوله طبقا لحكم المادة 321 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لأن الطلب الجديد المعني بهذه المادة هو ما يتغير به موضوع الدعوى ولا يتغير طلب التفريق بين الزوجين للضرر طبقا للمادة السادسة المشار إليها بتغير ما صدر عن الزوج من قول أو فعل تضررت منه زوجته. وإذ اعتنق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضدها بالتطليق على سند من ثبوت هجر الطاعن لها حال أنها لم تطرحه إلا أمام محكمة الاستئناف بحسبانه صورة من صور الضرر الذي أقامت دعواها بالتطليق على سند منه وليس سببا جديدا يمتنع عليها قبوله فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق إذ قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هجر الطاعن للمطعون ضدها ثم تطرق إلى سماع أقوال شاهديها بشأن وقائع الضرب والسب وهي وقائع مغايرة لتلك التي حددها منطوق الحكم التمهيدي بما يبطله – وإذ اعتمد الحكم المطعون فيه في القضاء بالتطليق على أقوال شاهدي المطعون ضدها بهذا التحقيق رغم بطلانه لتجاوزه الوقائع المأمور بإثباتها ودون أن يرد على الدفاع الجوهري المبدي من الطاعن في هذا الخصوص بمذكرته المقدمة لمحكمة الدرجة الثانية خلال فترة حجز الدعوى للحكم واستبعد تلك المذكرة بمقولة إنها غير معلنة للمطعون ضدها حال أن وكيلها قد وقع عليها بما يفيد استلامه صورتها وهو ما حجبه عن بحث هذا الدفاع فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم إذا أقيم على عدة دعامات وكانت إحداها كافية لحمله فإن النعي على ما عداها يكون غير منتج – وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اتخذ من أقوال شاهدي المطعون ضدها التي اطمأن إليها هجر الطاعن لها منذ ثلاث سنوات وأعتد بذلك في توافر الضرر الموجب للتطليق وهي دعامة تكفي وحدها لحمل قضائه فإن تعييبه في تجاوزه واقعة الهجر – في التحقيق الذي أجراه – إلى وقائع السب والشتم الغير مأمور بإثباتها وعدم رده على دفاعه ببطلان هذا التحقيق – أيا كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون باستناده لأقوال شاهدي المطعون ضدها أمام الدرجة الأولى في إثبات وقائع الضرب والسب رغم عدم اكتمال نصاب الشهادة أمامها لورود شهادة أحدهما سماعية مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتطليق – على نحو ما سبق إيراده – على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضدها أمام المحكمة الاستئنافية من اتفاقهما على مضارة الطاعن للمطعون ضدها بهجره إياها منذ ثلاث سنوات، وقد خلت مدوناته من الإشارة صراحة أو ضمنا إلى أقوال شاهدي المطعون ضدها أمام محكمة الدرجة الأولى فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن معيار الضرر الموجب للتطليق والمؤدي إلى عدم استطالة العشرة شخصي وقد استقر في يقين محكمة أول درجة أنه ليس في مسلك الطاعن ما يعد إضرارا بالمطعون ضدها يستحيل معه دوام العشرة بين أمثالهما إذ لم تستشهد المطعون ضدها أحدا من زملائها في العمل الذين أدعت تكرار تعدي الطاعن عليها أمامهم بالضرب والسب حال أن الطاعن مدرس بكلية الطب ولا يتصور أن يأتي بما نسبته إليه من أفعال – وإذ خالف الحكم هذا النظر وقضى بالتطليق فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضدها أمام محكمة الدرجة الثانية من أن الطاعن قد هجر المطعون ضدها منذ أكثر من ثلاث سنوات وهو من الحكم استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وإذ كان النعي بهذا السبب يدور حول تعييب هذا الاستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقدير أدلة الدعوى مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .