مفهوم الاستجواب في البرلمان حسب القانون

يعرف جانب من فقهاء القانون الدستوري الاستجواب على انه ( وسيلة رقابة أكيدة تمارسها السلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية , وهو يعني المحاسبة بل قد يحمل معنى الاتهام ) .

و عرفه آخرون على انه : ( حق عضو البرلمان في اتهام الحكومة ومسائلتها في مجموعها أو محاسبة أحد أعضائها من تجاوزات أو أخطاء معينة تم ارتكابها , أو حدوثها يثبتها مقدم الاستجواب أمام البرلمان بالوقائع والمستندات وجميع الأدلة الثبوتية لينتهي من ذلك إلى فتح باب المناقشة أمام المجلس النيابي بهدف تحريك المسؤولية السياسية في مواجهة الحكومة أو احد الوزراء وذلك كله بعد سماع دفاع الحكومة عن هذه الاتهامات ) .

ويعد الاستجواب من اهم واخطر وسائل الرقابة التي يمارسها البرلمان على اعمال الحكومة وخطورته تكمن في انه يعد اتهاما ومحاسبة علنية معززة بالادلة التي يواجه بها المستجوب من قبل مقدمي الاستجواب سواء كان رئيسا للوزراء ام وزيرا وبالتالي فهو يعد بمثابة (سلاح رقابي) يحث الوزير على تصحيح مسار وزارته وتنبيهه في حالة وجود اهدار او تلاعب بالمال العام او اي حالة اخرى من حالات الفساد المالي او الاداري لتلافي الاستجواب او سحب الثقة منه اذا عجز عن اصلاح تلك الاخطاء .

ولكن قد يفرغ الاستجواب من محتواه ويفقد قيمته وذلك فيما اذا كان القصد منه المساس بشخص الوزير او رئيس الوزراء او التشهير به او عدم اعطائه الفرصة الكافية لتصحيح مساره .

وقد يؤدي الاستجواب الى طرح الثقة بالحكومة كلها او باحد اعضائها وهذا الاثر الذي قد يترتب على الاستجواب يطلق عليه المسؤولية السياسية .

وعلى اية حال فان حق الاستجواب يخضع للنظام الحزبي المتبع في الدولة اذ يقل تاثيره في الانظمة التعددية ومنها العراق الاتحادي حيث تتشكل الحكومة من توافقات تكون مبنية على مصالح حزبية ضيقة فمن غير المنطقي ان تكشف تلك التوافقات اخطاء وسلبيات بعضها البعض لان ذلك سيضر بمصالحها وكذا الحال بالنسبة للبلدان التي يقوم نظامها على الحزب الواحد ولكننا نراه ينجح بصورة كبيرة في الدول التي تأخذ بنظام الحزبين فيكون احدهما حاكما والثاني يمارس رقابته السياسية على اعمال الآخر الذي ستتشكل منه الحكومة .

لقد اخذت معظم الدساتير الحديثة بالاستجواب ومنها الدستور العراقي الصادر عام 2005 حيث جاء النص عليه في المادة 61 / سابعا / ج بقولها :(لعضو مجلس النواب , وبموافقة خمسة وعشرين عضواً , توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في تخصصاتهم , ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد سبعة أيام في الأقل من تقديمه ) كما نصت المادة (61/ثامناً /ه) من الدستور ذاته على انه : ( لمجلس إعفاؤهم بالأغلبية المطلقة).

وقد وضع النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي شروطا معينة للاستجواب منها انه يجب ذكر موضوع الاستجواب وتحديده تحديا دقيقا وبيان النقاط الرئيسة التي يتم الاستجواب عنها مع ذكر السبب وكذلك بيان المخالفة المنسوبة للشخص في طلب الاستجواب بشرط ان لا يتعارض ذلك مع الدستور او القانون وان لا يشمل الطلب على مواضيع ليست ضمن تخصص الحكومة او انها ترتبط بمصالح شخصية لصاحب طلب الاستجواب . كما نصت الفقرة 2 و 3 / ب من المادة 61 انفة الذكر على انه ) لمجلس النواب بناء على طلب 15 من اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ولايجوز ان يقدم هذا الطلب الا بعد استجواب موجه الى رئيس مجلس الوزراء وبعد سبعة ايام في الاقل من تقديم الطلب النواب .

ويقرر مجلس سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه ويترتب على سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء ان الوزارة تعد مستقيلة بحكم الدستور على ان يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية لمدة لاتزيد على ثلاثين يوما الى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقأ لاحكام المادة76 من الدستور) .

وتنطبق هذه الشروط ايضا في حالة استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة مثل هيئة النزاهة او الانتخابات وغيرها . ويترتب على الاستجواب طبقا للنظام الداخلي للبرلمان اما ان تنتهي المناقشة باقتناع المجلس بوجهة النظر المقدمة من المستجوب وهنا تعد المسالة منتهية اما في حالة عدم اقتناع البرلمان باقواله فان ذلك قد يؤدي الى سحب الثقة بالمستجوب كما اسلفنا ووفقا للاجراءات التي نص عليها النظام الداخلي للبرلمان.

المحامية: ورود فخري