مدى جواز الاثبات بالبينة في المواد التجارية – القانون المصري .

الطعن 1325 لسنة 58 ق جلسة 10/ 4/ 1995 مكتب فني 46 ج 1 ق 122 ص 612

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم إبراهيم، علي محمد علي، مصطفى عزب نواب رئيس المحكمة وعلي بدوي.
————
– 1 إثبات “طرق الإثبات : الإثبات بالبينة .في المواد التجارية”.
الإثبات في المواد التجارية . جائز . بكافة الطرق . الاستثناء . اشتراط عدم إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة . أثره . عدم جواز الإثبات بالبينة .
المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل أن إثبات وجود الديون التجارية وانقضائها في علاقة المدين الأصلي طليق من القيود التي وضعها الشارع لما عداها من الديون في قانون الإثبات فيجوز الإثبات في المواد التجارية بكافة طرق الإثبات القانونية حتى لو انصرف الإثبات إلى ما يخالف ما هو ثابت بالكتابة إلا إذا اشترط أنه لا يصح إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة فحينئذ لا يجوز الإثبات بالبينة.
– 2 إثبات “عدم تعلق قواعد الاثبات بالنظام العام”. نظام عام ” المسائل غير المتعلقة بالنظام العام . في قواعد الاثبات”.
قواعد الإثبات ليست من النظام العام . جواز الاتفاق على مخالفتها والنزول عنها .
قواعد الإثبات ليست من النظام العام ولذلك يجوز لصاحب الحق في التمسك بها أن يتنازل عنه ويعتبر سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه قبولا ضمنيا له.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 341 لسنة 1983 تجاري كلي شمال القاهرة ابتغاء الحكم ببراءة ذمته من مبلغ ثمانية آلاف جنيه قيمة ثمانية سندات إذنية كان يداينه بها وأنه رغم إلغاء هذه السندات بموجب تسوية بينهما إلا أن المذكور تمكن من الاستيلاء عليها بغير حق وشرع في مطالبته بقيمتها ومن ثم أقام دعواه بطلبه السالف. وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق أجابت الطاعن إلى طلبه في 27/11/1984 استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 59 لسنة 102 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 20/1/1988 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض الدعوى استناداً إلى ما ورد بالسندات محل النزاع من اشتراط أن يتم التخالص بقيمتها كتابة رغم أنها حررت بين تاجرين بمناسبة معاملة تجارية فيجوز إثبات التخالص عنها بكافة طرق الإثبات ولو خالف ذلك ما هو ثابت بالكتابة وقد قدم الطاعن أمام محكمة أول درجة ما يدل على قيامه بسداد تلك القيمة بموجب سندات أخرى وفاتورة شراء وقدم أيضاً ثمانية سندات كان المطعون ضده قد سلمها له على أنها السندات موضوع الدعوى ثم اكتشف تزويرها وموقع من المطعون ضده خلف أحد هذه السندات المزورة بما يفيد التخالص كما أن المطعون ضده لم يتقدم بشهود نفي لدى إحالة الدعوى إلى التحقيق ولم يستأنف الحكم الصادر برفض الدعوى التي كان قد أقامها بطلب إشهار إفلاس الطاعن الأمر الذي يؤكد حدوث التخالص إلا أن المحكمة الاستئنافية خالفت ذلك والتفتت عن دلالة تلك القرائن مما يعيب حكمها المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل أن إثبات وجود الديون التجارية وانقضائها في علاقة المدين بالدائن الأصلي طليق من القيود التي وضعها الشارع لما عداها من الديون في قانون الإثبات فيجوز الإثبات في المواد التجارية بكافة طرق الإثبات القانونية حتى لو انصرف الإثبات إلى ما يخالف ما هو ثابت بالكتابة إلا إذا اشترط أنه لا يصح إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة فحينئذ لا يجوز الإثبات بالبينة غير أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام ولذلك يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً كما يجوز لصاحب الحق في التمسك بها أن يتنازل عنه ويعتبر سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه قبولاً ضمنياً له، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أنه ولئن كانت السندات محل النزاع قد تضمنت ما يفيد عدم جواز إثبات التخالص بقيمتها بغير الكتابة إلا أنه لما كان المطعون ضده – عقب صدور الحكم التمهيدي بإحالة الدعوى إلى التحقيق وقبل البدء في تنفيذه – قد حضر أمام محكمة أول درجة بجلسة 20/3/1984 ولم يعترض عليه وأمسك عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة مما يعد معه سكوته هذا تنازلاً منه عن حقه في الإثبات بالطريق القانوني يسوغ معه إثبات التخالص عن تلك السندات بالبينة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .