مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم في القانون والقضاء المصري

الطعن 3395 لسنة 64 ق جلسة 26 / 11 / 1995 مكتب فني 46 ج 2 ق 239 ص 1225

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، أحمد علي خيري، خيري فخري وحسين نعمان نواب رئيس المحكمة.
———-
– 1 حكم “عيوب التدليل : مخالفة الثابت بالأوراق . ما يعد كذلك”. مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم . ماهيتها.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا ببعض المستندات، أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالف لما هو ثابت بأوراق الدعوى من وقائع لم تكن محل مناضلة بين الخصوم.
– 2 حكم “حجية الحكم. حجية الحكم الجنائي”. قوة الأمر المقضي .
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية . نطاقها . الحكم الجنائي البات بإدانة المطعون عليه لتعامله في النقد الأجنبي خارج نطاق المصارف المعتمدة ومصادرة مبلغ أنكر صلته به . أثره وجوب تقيد المحكمة به عند نظر دعواه بالمطالبة برد هذا المبلغ .
مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن للحكم الصادر في الدعوى الجنائية حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية إذا كان الفصل في الدعوى المدنية يستلزم معرفة ما إذا كانت هناك جريمة من عدمه وكان الحكم الجنائي قد فصل فصلا لازما في أمر يتعلق بوقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وذلك لاتصال هذه الحجية بالنظام العام، حتى لا تكون هذه الأحكام معرضة في أي وقت لإعادة النظر في الأمر الذي فصلت فيه وحتى لا يجر ذلك إلى تخطئتها من جانب أي جهة قضاء، فمتى فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها وعليها أن تتقيد بها حتى لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه اتهم وآخر بتعاملهما في النقد الأجنبي خارج نطاق المصارف المعتمدة بالمخالفة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 وأنه قضى في قضية الجنحة بإدانته ومصادرة مبلغ 3850 دولارا ـ موضوع التداعي ـ وعشرة آلاف جنيه مصري وآلة حاسبة وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا فضلا عن مصادرة مبلغ 2368 دولارا أمريكيا التي عثر عليها داخل محل المتهم الثاني وأنكر هذا الأخير والمطعون عليه صلتهما به فيكون لهذا القضاء البات الصادر من محكمة الجنح المستأنفة حجيته في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، ويتعين عليها التزامه والتقيد به، وإذ خالف الحكم الابتدائي ـ المؤيد بالحكم المطعون فيه ـ ذلك الثابت بالأوراق، ورتب على ذلك قضاءه برد المبلغ محل التداعي للمطعون عليه ـ رغم سبق القضاء جنائيا بمصادرته ـ على قالة أن المصادرة لم تشمله فإنه يكون معيبا.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 4859 لسنة 1992 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين بأن يصرفا له مبلغ 3850 دولارا أمريكيا وقال بيانا لدعواه إنه بتاريخ 8/5/1990 إتهم وآخر بالتعامل بالنقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا في قضية الجنحة رقم 19 لسنة 1990 شئون مالية الإسكندرية، إذ ضبط معه المبلغ المطالب به ومبالغ أخرى منها مبلغ 2368 دولارا أمريكيا أنكرا صلتهما به، وقد قضى في تلك الجنحة بتاريخ 9/2/1991 بإدانتهما وبمصادرة مبلغ 3850 دولارا وعشرة آلاف جنيه مصري والآلة الحاسبة، فاستأنف هذا الحكم بالاستئناف رقم 3026 سنة 1991 جنح مستأنف الإسكندرية وقضت المحكمة في 5/5/1991 بتأييد الحكم المستأنف والمصادرة لمبلغ 2368 دولارا الذي أنكر صلته به دون المبلغ موضوع التداعي، ومن ثم تقدم لصرف هذا المبلغ فامتنع الطاعن الثاني عن صرفه فأقام الدعوى، بتاريخ 29/4/1993 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين بأن يصرفا للمطعون عليه مبلغ 3850 دولارا أمريكيا. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 1272 لسنة 49 ق، وبتاريخ 17/2/1994 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الثابت من أوراق الجنحة رقم 19 لسنة 1990 شئون مالية الجمرك واستئنافها رقم 3026 لسنة 1991 جنح مستأنفة غرب الإسكندرية أن محكمة الجنح قضت بتاريخ 9/2/1991 بتغريم كل من المطعون عليه والمتهم الآخر مبلغ 500 جنيه والمصادرة لمبلغ 3850 دولارا أمريكيا وعشرة آلاف جنيه مصري والآلة الحاسبة ولما استأنف المطعون عليه هذا الحكم قضت محكمة الجنح المستأنفة بتأييد الحكم المستأنف فضلا عن مصادرة مبلغ 2368 دولارا التي أنكر المتهمان صلتهما به، وإذ صار هذا الحكم باتا وحائزا لقوة الأمر المقضي فإنه يمتنع معه معاودة طرح النزاع بشأن هذا المبلغ على المحكمة المدنية، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بصرف هذا المبلغ الذي قضى الحكم الجنائي بمصادرته على قالة أنه قصر قضاؤه في شأن المصادرة على مبلغ 2368 دولارا أمريكيا دون المبلغ موضوع التداعي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا ببعض المستندات، أو إبتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالف لما هو ثابت بأوراق الدعوى من وقائع لم تكن محل مناضلة بين الخصوم، وأن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن للحكم الصادر في الدعوى الجنائية حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية إذا كان الفصل في الدعوى المدنية يستلزم معرفة ما إذا كانت هناك جريمة من عدمه وكان الحكم الجنائي قد فصل فصلا لازما في أمر يتعلق بوقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وذلك لاتصال هذه الحجية بالنظام العام، حتى لا تكون هذه الأحكام معرضة في أي وقت لإعادة النظر في الأمر الذي فصلت فيه وحتى لا يجر ذلك إلى تخطئتها من جانب أي جهة قضاء، فمتى فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها وعليها أن تتقيد بها حتى لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه إتهم وآخر بتعاملهما في النقد الأجنبي خارج نطاق المصارف المعتمدة بالمخالفة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 وأنه قضى في قضية الجنحة بإدانته ومصادرة مبلغ 3850 دولارا – موضوع التداعي – وعشرة آلاف جنيه مصري وآلة حاسبة وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا فضلا عن مصادرة مبلغ 2368 دولارا أمريكيا التي عثر عليها داخل محل المتهم الثاني وأنكر هذا الأخير والمطعون عليه صلتهما به فيكون لهذا القضاء البات الصادر من محكمة الجنح المستأنفة حجيته في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، ويتعين عليها التزامه والتقيد به، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه – ذلك الثابت بالأوراق، ورتب على ذلك قضاءه برد المبلغ محل التداعي للمطعون عليه – رغم سبق القضاء جنائيا بمصادرته – على قالة أن المصادرة لم تشمله فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .