الأثر المالي و الوظيفي للعقوبة التأديبية

تنحصر العقوبات المالية الجائز تنفيذها وفق قانون الخدمة المدنية فيما يلي:

أ- الخصم من الراتب بما لا يزيد عن راتب 15 يومًا.

والمقصود به اقتطاع جزء من الأجر الذي يتقاضاه الموظف، وقد قيد المشرع سلطة الإدارة في توقيع هذه العقوبة بان لا يزيد الخصم عن 15 يومًا، وإن لم يحدد المشرع جواز هذا الخصم في السنة أو طيلة فترة الوظيفة لهذا الموظف، وكان الأحرى به تحديد ذلك، كما أن المشرع لم يحدد الحد الأدنى للخصم لهذا فقد ذهب الدكتور عبد الوهاب البنداري إلى انه يجوز خصم يوم واحد كما يجوز خصم بعض اليوم كنصفه مثلا وحسب تقدير الجهة المختصة.

ويكون الخصم من الراتب على أساس مرتب العامل وقت صدور هذا القرار، دون المرتب الذي يتقاضاه وقت وقوع المخالفة وذلك لان المشرع لو أراد أن يكون الخصم من المرتب وقت وقوع المخالفة لنص على ذلك (1)

ب- الحرمان من العلاوة الدورية أو تأجيلها مدة لا تزيد عن ستة أشهر.

وحتى لا تتعمد جهة الإدارة إطالة مدة هذا التأجيل فقد قيدها المشرع بمدة 6 أشهر يتم احتسابها من تاريخ توقيع عقوبة تأجيل العلاوة الدورية.

ج- الوقف عن العمل مدة لا تتجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الراتب.

وقد قرن المشرع هذا الوقف بخصم نصف الراتب طوال مدة الوقف، اعتبارا منه للجانب الإنساني، وحتى يستطيع العامل الموقوف عن العمل الإنفاق على نفسه وعلى أسرته من راتبه الذب قد يكون مصدر دخله الوحيد 2. والمقصود هنا الوقف الجزائي وليس الوقف عن العمل الاحتياطي.

تؤدي بعض العقوبات التأديبية تأثيرًا كبيرًا على المستقبل الوظيفي للموظف وهذا هو الأثر الأدبي أو المعنوي للعقوبة التأديبية وتهدف إلى تنبيه الموظف ليلتزم بالنهج السليم، والسلوك المستقيم في أداء واجبات وظيفته، ومن هذه العقوبات التنبيه والإنذار والحرمان من الترقية.

وهنا يثار سؤال حول الجهة المختصة بتنفيذ الجزاء إذا كان الموظف تابعا لجهة أخرى غير التي وقعت الجزاء؟ تجيب على هذا التساؤل المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية والتي تنص على أن الجهة المندوب أو المعار إليها الموظف مختصة بالتحقيق معه وتأديبه.

على أن يتم ذلك في إطار النظام التأديبي الذي يخضع له سائر العاملين المدنيين بالدولة. وذلك في حالة تولي الجهة المنتدب إليها الموظف تأديبه (1)/. وهناك فتوى لدائرة الإفتاء القانوني المصرية تقول أن تنفيذ الجزاء، بعد صدوره من الجهة التي وقعت بها المخالفة منوط بالجهة التي يتبعها العامل .

وقت تنفيذ هذا الجزاء ولو كانت تبعيته لهذه الجهة الأخيرة قد تم بطريق النقل إليها (2) وأخيرا فان تنفيذ الجزاء التأديبي واجب حتى لو طعن فيه إداريا أو قضائيا حيث قضت محكمة العدل العليا الفلسطينية ” لا يترتب على رفع الطلب إلى محكمة العدل العليا وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه وإنما أجازت للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ هذا القرار مؤقتا إذا رأت أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها فإننا نجد وفق وقائع الدعوى وما قدم فيها من بينات أولية أن هذا لا ينطبق على القرار المذكور ونقرر بالتالي رد الطلب(3) .

 

شروط محو العقوبة التأديبية و من هي السلطة المختصة بمحو العقوبة التأديبية وأخيرًا آثار محو العقوبة التأديبية. يقصد بمحو العقوبة التأديبية إزالة ما ترتبه من اثأر بالنسبة للمستقبل، بحيث تعتبر كان لم تكن من تاريخ صدور القرار الصادر بالمحو (1). ولمحو العقوبة التأديبية عدة شروط منها الشرط الزمني والشرط السلوكي (الوظيفي).

1- شروط محو العقوبة التأديبية

أ- الشرط الزمني

1- تمحى عقوبة التنبيه أو اللوم أو الإنذار أو الخصم من الراتب مدة لا تتجاوز خمسة أيام بعد 6 اشهر من إيقاع هذه العقوبة التأديبية.

2- تمحى عقوبة الخصم من الأجر مدة تزيد على خمسة أيام أو تأجيل العلاوة أو الحرمان منها بعد سنة من إيقاع العقوبة.

3- وما عدا العقوبات سابقة الذكر فان العقوبات الأخرى تمحى بعد سنتين من إيقاعها على الموظف مع استثناء كل من عقوبتي الفصل من الخدمة والإحالة على المعاش (2)

ب- الشرط السلوكي

حيث لا يكفي شرط الزمن لمحو العقوبة، وذلك لان الهدف من هذه العقوبات هو دفع الموظف إلى أن يصلح من شان نفسه وبالتالي يكون محو هذه العقوبة مكافأة له على نجاحه في ذلك وبالتالي تمحى العقوبة إذا تبين للجهة المسؤولة عن محو العقوبات … أن سلوك الموظف وعمله منذ توقيع العقوبة مرض (3). ويتم التأكد من حسن سلوك الموظف المؤهل لإصدار قرار محو العقوبة من خلال تقييم رؤسائه خلال طيلة المدة السابقة للمحو (4) . ومن واقع كفاية أدائه السنوي وملف خدمته (5)

2- السلطة المختصة بإصدار قرار محو العقوبة

تختلف تلك السلطة باختلاف المستوى الوظيفي الذي يشغله الموظف فإذا كان الموظف العام من شاغلي الوظائف الإدارية العليا أي من الفئة العليا فيتم محو العقوبة الموقعة بعد توافر شروطه من قبل لجنة مشكلة من قبل مجلس الوزراء ويكون قرار اللجنة عبارة عن توصية لمجلس الوزراء الذي بيده القرار النهائي في محو العقوبة عن الموظف من عدمها. (6) أما الموظفون الآخرون فتشكل لجنة من قبل ديوان الموظفين بالتنسيق مع رئيس الدائرة التي يتبعها الموظف وتصدر هذه اللجنة قرارها بأغلبية أراء أعضائها ويكون قرارها نهائيًا وليس عبارة عن توصية كما هو الشأن عند محو عقوبات موظفي الفئة العليا (7) .

3- آثار العقوبة التأديبية

لمحو العقوبة التأديبية أثران الأول اعتبار العقوبة التأديبية كان لم تكن بالنسبة للمستقبل. والثاني ترفع أوراق العقوبة وكل إشارة لها من ملف خدمة الموظف وتوضع نسخة من العقوبة في ملف الموظف لدى الدائرة التابع لها الموظف ونسخة أخرى لدى ديوان الموظفين (8) . ويقول الدكتور مصطفى عفيفي انه يتعين نشر قرار المحو في النشرات العامة بالجهة التابع لها الموظف، لما في ذلك من رد اعتبار له بين أقرانه (9).

 

 

1- البنداري، عبد الوهاب. العقوبات التأديبية للعاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام وذوي الكادرات الخاص ة، د.ط، دار الفكر العربي، ص 418

1/- د.الشيخلي، عصمت. الإحالة إلى التحقيق، د. ط، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 34

2- فتوى ، 6/1/929 سجل 2083 ، لسنة 1970 ، في ديسمبر سنة 1970

3- قرار محكمة العدل العليا، رام الله، رقم 44/96 بتاريخ 24/11/1996

4- د. خليفة، عبد العزيز. المسؤولية التأديبية في الوظيفة العامة، د. ط، منشأة المعارف، الإسكندرية 2009 ، ، ص 89

5- الفقرة 2من المادة 75 من قانون الخدمة المدنية الفلسطيني.

6- الفقرة 4 من المادة 97 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الفلسطيني

7- الفقرة 3 من المادة 97 من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الفلسطيني.

8- المادة 76 منقانون الخدمة المدنية.

9- د. عفيف، مصطفى. فلسفة العقوبة التأديبية، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس 1975 ،ص 415