قد يصح القانون المسالة موضوعية وبالتالي يستوجب الامر على الخصم اثباته، ولايخضع القاضي في تطبيقه لرقابة محكمة النقض ،ولعل ذلك يتسدي ازاء حالتي كون القاعدة تقوم على العرف او العادة الاتفاقية او كون القاعدة تقوم على القانون الأجنبي (1) وهذا سنتناول من خلال المطلبين الآتيين:

المطلب الاول : اثبات العرف او العادة الاتفاقية

العرف هو اطراد الناس او على الاقل افراد مهنة او طبقة معينة على اتباع سلوك معين بصدد مسالة معينة مع اعتقادهم في الزاميته لهم كلما عرضت هذه المسألة (2) وهذه مجموعة من القواعد التي نشأت عن تكرار التزام الافراد بها في معاملاتهم مع غيرهم في حالات معينة بوصفها قواعد قانونية لها في اعتقاد الناس قوة الالت ا زم كالنصوص التشريعية سواء بسواء، اي هي القواعد التي يدرج الناس على اتباعها في بيئة معينة ويسيرون حسب مقتضاها في معاملاتهم مع شعورهم بلزوم احترامها والخضوع لأحكامها(3) والعرف بهذا المعنى هو قانون بالمعنى الدقيق بل هو مصدر رسمي من مصادر القانون (4) ولذلك فأن الخصوم لا يكلفون بأثباته، فأثبات العرف من عمل القاضي (5) ونظرا ” لان العرف هو القانون غير مكتوب، فقد يصعب معرفة القاعدة القانونية العرفية خاصة اذا لم تكن مشهورة بالقدر الذي يجعل القاضي يعلم بها وهنا يترك القاضي للاف ا رد اثبات وجود العرف، كذلك اذا ادعى الخصم وجود قاعدة عرفية معينة فأن من مصلحته ان يمد القاضي بها (6) ففي الحقيقة يثبت الخصوم في هذه الحالة وقائع مادية تتمثل في العناصر التي تكون العرف، والقاضي ينظر هل توافرت في هذه العناصر شروط قيام القاعدة القانونية العرفية ام لا. فاذا انتهى الى ان العناصر تكون عرفا” طبقة على ن ا زع، واذا لم تكون العناصر الموجودة القاعدة العرفية طرحها القاضي ولم يأخذ بها، فالقاضي يظل هو المرجع في تقدير وجود العرف وفي تفسيره ويخضع في قضائه لرقابة محكمة التمييز او النقض (7)وعلى ذلك ففي حالة صعوبة معرفة العرف من الناحية العلمية ،فأن الخصوم يعاونون القاضي في التحقيق من وجود العرف وتحديد مضمونه، وبالأمكان اللجوء الى اهل الاختصاص والخبرة في مهنة معينة، او الى الغرف التجارية او الصناعية او اي تنظيم مهني او حرفي لمعرفة وجود العرف وتحديد مضمونه ،ومع ذلك يبقى في الاخير وكما ذكرنا في ذلك وبالتالي لمحكمة التمييز ان تعقب عليه اذا طبق عرفا”غير موجود او اغفل عرفا” قائما”(8)

وبهذا الخصوص قضت محكمة النقض المصرية على انه)…ان تحري العرف في ذاته والتثبت في قيامه، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من الامور الموضوع عن تطبيق عرف ثبت لديه وجوده، وهذا يقتضي التمسك به امام محكمة الموضوع حتى يمكنها التثبيت من امر قيامه، واذا تبين من الاوراق ان الطاعن لم يدع قيام عرف امام محكمة الموضوع فيما يثيره بسبب النقض، فأن السعي على الحكم بمخالفته العرف يكون في غير محله(9) وعلى خلاف العرف، فان العادة الاتفاقية ليست قاعدة قانونية ولكنها لاتعدو ان تكون واقعة مادية يجب على الخصوم اثباتها ،وهم يستطيعون ذلك بجميع طرق الاثبات(10) والعادة تعني اعتياد عدد كبير من الناس او افراد مهنة معينة على سلوك معين بصدد مسالة معينة دون الاعتقاد بإل ا زمها، وبهذا تتميز العادة عن العرف، وعلى الاعتقاد بالزامها ،وبهذا تتميز العادة عن العرف، وعلى هذا يظل هذا السلوك عادة ولاتتحول الى القاعدة قانونية ولاتحكم علاقات الافراد ومعاملاتهم الا اذا ثبتت اتفاقهم ورضاءهم صراحة او ضمنا” في كل حالة على تطبيق هذه العادة في معاملاتهم وحينئذ تطبيق عليهم ليس لوصفها عرفا” بل نتيجة الاتفاق على تطبيقها ومن اجل ذلك تسمى عادة اتفاقية(11) فاذا اتفق الافراد صراحة او ضمنا” على اتباع عادة معينة اعتبرت هذه العادة شرطا” في شروط العقد فاذا اثار نزاع بشأنها، فانها عنصرا ” من عناصر الواقع يتعين على من يدعيه اقامة الدليل عليه(12) وينصب الاثبات في هذه الحالة على وجود العادة الاتفاقية وعلى ان الافراد قد ارتضوا الالتزام بها واتباع حكمها، اذا كانت العادة غير شائعة(13) وتطبيقا” لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه:))….متى كان الطاعن يدعي قيام )العادة الاتفاقية(بين الشركة وموظفيها على العمل في الخارج في غير اوقات العمل لديها فأن عليه هو لا على الشركة اثبات وجودها واثبات ان المتعاقدين كليهما قد قصدا الالتزام بها واتباعها(14) اما اذا كانت العادة شائعة او مشهورة، فأن الاثبات ينصب على وجود العادة ومضمونها او ما يعبر عنه بقوامها المادي وليس على ان الاف ا رد قد ارتضوها شرطا” من شروط العقد ،حيث ان التراضي على ذلك مستمد من اعتياد الناس على التعامل بها(15) ويرى بعض الفقهاء بشأن المقارنة بين العرف والعادة من حيث الاثبات ان الاخيرة عنصر من عناصر اواقع فيحث التمسك بها الخصم فأن عليه اثباتها، كما يفعل بشأن سائر شروط العقد الصريحة والضمينة ،اما العرف فقاعد قانونية ،شأنها في الاثبات شأن القواعد القانونية التي يكون مصدرها التشريع(16) وليست القاعدة القانونية التي تقوم على العرف في حاجة الى الاثبات اكثر من حاجة القاعدة القانونية التي تقوم على التشريع كلتا القاعديين قانون واجب التطبيق يتعين على القاضي البحث عنه من تلقاء نفسه لتطبيقه دون حاجة الى اثباته من جانب الخصوم(17)

وتجدر الاشارة هنا الى ان العادة الاتفاقية هي واقعة مادية تستمد الزامها من انصراف ارادة المتعاقدين اليها، ولذلك فأنه يفترض في تطبيقها علم الاطراف بها، فلا تطبق اذا لم يعلموا بها ،فالعادة الاتفاقية عرف لم يكمل بعد، اذ يتوافر فيها العنصر المادي دون النفسي وعندما يتفق المتعاقدون في شأنها تصبح من شروط العقد وتأخذ حكم الوقائع التي يجب على الاطراف اثباتها، فاذا ما اقر الخصم بها ،اخذ بها القاضي بوصفها مسألة موضوعية ثابتة)18) اما اذا نازع فيها فعلى الخصم الذي يتمسك بها ان يثبتها كأي واقعة يجوز اثباتها بكافة طرق الاثبات، والاثبات في هذه الحالة ينصب على مجرد وجود العادة الاتفاقية وقيام لركنها المادي، ولا يعني ان المتعاقدين قد ارتضيا القاعدة شرطا” من الشروط العقد، وانما التراضي هو امر مفروغ منه استنادا” الى ان القاعدة تقوم على العادة التي درج الناس عليها في التعامل(19) هذا وان هذه الحالة لا تعد استثناء” من قاعدة عدم تكليف الخصوم بالإثبات لان العادة ليست قاعدة قانونية بل هي قاعدة لا تستمد الزامها الا من اتجاه المتعاقدين الى الاخذ بها صراحة او ضمنا” وهي المتعاقدين الى الاخذ بها ص ا رحة او ضمنا” وهي في هذه الحالة تعد كالشرط الصريح او الضمني في العقد وهي لا تخرج عن وصفها واقعة تخضع في الاخير لتقدير قاضي الموضوع الذي يستقل بتقديرها(20) ، وتطبيقا” لذلك قضت محكمة النقض المصرية الى ))…..ان من يدعي قيام العرف او العادة الجارية عليه اثبات وجودها واثبات ان المتعاقدين كليهما قصدا الالتزام بها واتباعها، ولما كانت الواقعة قد قصرت دفاعها على مجرد القول بوجود عرف او عادة تجارية في قطاع المقاولات دون تقديم يؤيد ذلك، فلا لوم على الحكم ان هو التفت عن هذا الدفاع العادي عن الدليل(21)

المطلب الثاني : اثبات القانون

يقضي القاضي بعلمه واذ يفترض فيه العلم بالقانون، فهو بحكم وظيفته يطبق القانون على القضية المعروضة والمنظورة امامه، ولا يستطيع الامتناع عن ذلك بحجة عدم وجود نص قانوني بحكم القضية و الا عد مرتكبا” لجريمة انكار العدالة وهذا ما اكد عليه المشرع العراقي وبالذات في المادة 30 من القانون المرافعات المدنية العراقي النافذ ذو الرقم 83 لسنة 1969 المعدل والتي تنص على انه:-لا يجوز لأنه محكمة ان تمتنع عن الحكم بحجة غموض القانون او فقدان النص او نقصه والا عد القاضي ممتنعا” عن احقاق الحق ،وهذا ايضا” التأخر غير مشروع عن اصدار الحكم امتناعا” عن احقاق الحق(22) فوجود القاعدة القانونية حقيقة علمية موضوعية ثابتة بذاتها يفترض علم القاضي بها لأنه اذا كان يفرض علم الكافة بالقانون ،فهذا العلم يفرض من باب اولى في القاضي الذي هو اداة الدولة واضعة القانون لتطبيق القانون(23) واذا ماكانت النصوص القانونية غامضة وبحاجة الى تفسير فيقع عبء القيام التفسير على القاضي وليس الخصوم (24) واذا حاول الخصوم ارشاد القاضي الى النصوص القانونية التي تحكم النزاع فهذا لا يعد اثباتا” للقانون وانما هي محاولة يبذلها كل خصم لحمل القاضي على فهم القانون على النحو الذي يتفق مع مصلحته، في حين ان القاضي يتولى تفسير القانون بعلمه الشخصي دون الحاجة الى ارشاد او اثبات، وتفسيره يخضع لرقابة محكمة التمييز (25) وقد ثار خلاف حول اثبات قانون الاجنبي في قضايا فيها عنصر اجنبي، فالقاضي الوطني يطبق القانون الاجنبي على القضية المعروضة عليه اذا اشارت قاعدة الاسناد الوطنية بتطبيق هذا القانون (26) فمشكلة اثبات القانون الاجنبي فيما يسمى بالعلاقات الدولية الخاصة، والعلاقة الدولية الخاصة هي علاقات تتميز بوجود عنصر الاجنبي فيها فقد تشير قواعد الاسناد الى تطبيق القانون الاجنبي امام القاضي الوطني عندما يعرض نزاع من هذا النوع على القاضي المصري ويكون القانون الاجنبي هو الواجب التطبيق عليه، فهل يفترض في القاضي العراقي او المصري العلم بالقانون الاجنبي ؟ وللإجابة عن هذا التساؤل الهام ممكن استعراض وجهات النظر حول اثبات القانون الاجنبي على النحو الاتي:

فالفريق الاول:

والذي يرى ان القانون الاجنبي لا يطبق باعتباره قانونا”،بل باعتبار ه مسالة وقائع ،فيقع عبء اثباته على عاتق الخصم، ومن ثم فان قاعدة الجهل بالقانون ليس بعذر لا تطبق بصدد القانون الاجنبي، فالقاضي غير ملزم بتطبيق هذا القانون تلقائيا وانما الخصم هو الذي يطلب تطبيق بعد اثباته(27) وقد اخذ جانب من الفقه والقضاء في فرنسا ومصر بهذا الاتجاه (28) لاعتبارات عملية، فالخصم المتمسك بتطبيق القانون الاجنبي هو صاحب المصلحة الحقيقية في الكشف عن مضمون هذا القانون، لذا فقد كان طبيعيا” ان يلقى عليه عبء اثبات القانون الذي يتمسك به(29) وقضت محكمة النقض المصرية في احد قراراتها في هذا المضمون على انه ((ان الاستناد الى قانون اجنبي وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يعدو ان يكون مجرد واقعة وهو ما يوجب على الخصوم اقامة الدليل عليه واذ الم تقدم الطاعنة بملف الطعن صورة رسمية ) للتشريع الاجنبي الذي تستند اليه ولا ترجمة رسمية له فان النعي يكون غير مقبول (30))) وقضى في لبنان)) وحيث ان المبادئ القانونية المستقرة فيه تقضي بان المدعي مكلف بإقامة الدليل على صحة دعواه وعليه يقع عبء اثبات مضمون القانون الاجنبي (31) (( ويفهم من نص المادة142 من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني النافذ للعام 1983 المعدل)32) ان القانوني الاجنبي يعد من قبيل الوقائع التي يستلزم اثباتها امام المحاكم اللبنانية، فعلم القاضي بمضمون القانون الاجنبي لا يعد علما” بواقعة من الوقائع الخاصة بطرفي النزاع، وانما هو واقعة عامة يجوز للقاضيىان يجري علمه الشخصي من شانها(33)

الفريق الثاني:

اما الفريق الثاني فيرى ان تطبيق القانون الاجنبي يعد مسألة قانون ،فالقاضي ملزم بتطبيق دون حاجة الى يمسك الخصم المستفيد منه، ويقع عبء اثباته على القاضي الذي يخضع من تفسيره تطبيقه لمحكمة التمييز، وتبرر هذا الفريق رأيه، بان القانون الاجنبي، وان كان يفقد صفة الالزام خارج حدود دولته، فانه يستعيدها بقاعدة الاسناد الوطنية، وتتوفر له صفة الاجبار التي تكفل له وجوب التطبيق امام القضاء الوطني(34) ويؤيد جانب من الفقه الفرنسي والقسم الاكبر من الفقه المصري هذا الاتجاه(35) فالقاضي اذا امره قانونه الوطني بتطبيق احكام القانون الاجنبي، وجب ان يعد احكام هذا القانون الاجنبي بالنسبة الى القضية التي يطبق فيها هذه الاحكام جزءا” من قانونه الوطني، وعليه ان يبحث من تلقاء نفسه عن احكام القانون الاجنبي الواجبة التطبيق في هذه القضية، وله ان يصدر في هذه الاحكام عن علمه الشخصي ولايجوز له ان يمتنع عن تطبيق احكام القانون الاجنبي بدعوى عدم امكان الاهتداء اليها والا عد امتناعه نكولا” عن اداء العدالة(36) وبهذا الخصوص نلاحظ ان محكمة التمييز الاردنية قد ابدت رايا” راجحا من ذاتها عندما قضت على انه))… الراي الراجح الذي اتفق عليه الفقه والقضاء، يقضي ان القانون الاجنبي الواجب التطبيق امام القضاء الوطني يحتفظ امام القضاء الوطني بصفته القانونية ولا يعتبر من الوقائع التي توجب على الخصم تقديم الدليل على وجوده وان المحكمة الوطنية التي تنظر في الدعوى هي المكلفة بالبحث عن القانون الاجنبي وتطبيق كما تطبق القانون المحلي (37) )) ومع ذلك فهناك راي يذهب الى ان القاضي يبحث عن اثبات القانون الاجنبي، دون ان تكون ملزما” بإثباته ،وبذلك يسمح للقاضي بأن يثبت القانون الاجنبي من تلقاء نفسه حتى ولولم يتمسك احد الخصوم التطبيق، كما ان عبء الاثبات يقع على عاتق الخصم الذي يتمسك بتطبيق القانون الاجنبي، وان القاضي غير ملزم بالبحث عن احكامه من تلقاء نفسه(38) ولا يقصد هنا بالقانون الاجنبي المدون وحده، وانما مجموعة القواعد القانونية مهما اختلفت مصدرها سواء اكانت مدونة ام غير مدونة من تشريع وعرف وقضاء كل حسب اهميته في القانون الاجنبي الذي اراد تطبيقه(39)

ولنا الان استعراض موقف القانون العراقي والفقه والقضاء العراقي بهذا الخصوص وعلى ذلك ،فان الراي السائد يرى ان تطبيق القانون الاجنبي وتفسيره يعد مسالة قانون ويفترض علم القاضي بها، ويخضع القاضي في ذلك لرقابة محكمة التمييز، وان صياغة نصوص قواعد الاسناد في القانون العراقي تؤكد بان تطبيق القانون الاجنبي يعد مسالة قانون لا مسألة واقع(40) فالمحكمة لزمة بالبحث عن القانون والتحقيق منه وقد يتعاون في الاغلب الخصوم معها في تدليل مهمة التعرف مهمة التعرف على القانون الاجنبي واثبات مضمونه مستعملين في ذلك طرق الاثبات كافة(41) وتجدر الاشارة هنا ان ازدياد عقد اتفاقيات التعاون القانوني والقضائي يساهم في حل الكثير من هذه المشكلات ،ذلك انه يكاد لاتخلو اتفاقية من هذه الاتفاقيات من نص بتعليق بتبادل المعلومات عن القوانين النافذة والنصوص القانونية والكتب القانونية (42) وقضت محكمة التمييز العراقية في قرارها في هذا الخصوص عندما قضت بان:))…الاساس الذي تقوم عليه لائحة الوكيل المميز هو هل يطبق على واقعة ضياع صندوق الادوية المرسل الى الشركة العامة لاستيراد العامة لاستيراد وتوزيع الادوية والمواد الكيماوية ببغداد الاتفاقية المعقودة من الناقل والشاحن اللذان هما في انكلترا القانون الانكليزية بكونه قانون محل العقد؟ ام نطبق القانون العراقي في نصوصه؟ ولدى الرجوع الى وقائع الدعوى اتضح بان عقد النقل بموجب القانون المدني العراقي يكون قديم في انكلترا لان طرفي عقد النقل هما فيهما وقد نصت المادة 25 من القانون المدني العراقي النافذ المعدل على انه))يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك لمتعاقدين اذا اتحدا موطنا” فاذا اختلفا يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا مالم يتفق المتعاقدان او يتبين من الظروف ان قانونا” اخر يراد تطبيقه ، ونصت المادة26 من القانون ذاته على خضوع العقود في شكلها القانون الدولة التي تمت فيها العقود وعلى ذلك فليس في موضوع الدعوى اما يتعارض مع سيادة دولة ،ولما كان المتعاقدان في انكلترا فان العقد يكون قد تم بصفتها الاصلية وليس بصفة الوكلاء ولما كان النص القانوني في المادة25 مدني اوجب تطبيق القانون الانكليزي على هذه الدعوى فانه يطبق طالما لا يتعارض نص من نصوص الخاصة بالنظام النظام العام، ولما كان القانون الانكليزي الصادر في سنة 1924 الخاص بعقد النقل هو الواجب التطبيق على هذه الدعوى وهذا حدد التعويض بمائة الباون مالم يتفق طرفان على غير ذلك، فان هذا الاشتراط ملزم للطرفين وليس من مخالفة للنظام العام (43) ويذهب اتجاه-ونحن نؤيده-بان محكمة التمييز عدت في هذه القضية، القانون الانكليزي وهو قانون اجنبي ،مسالة قانون وفضلته على القانون الاجنبي لان قواعد الاسناد امرت بتطبيق القانون الانكليزي لانه اقرب الى تحقيق العدالة، فالمفاضلة هنا جرت بين قانون وقانون وليس بين قانون وواقع (44) هذا ويقع على القاضي ايضا” عبء تفسير احكام القانون الغامضة فالقاضي هو المكلف بتفسير وتطبيقه صحيحا” على الواقع الذي يثبت امامها الطرق القانونية، ذلك ان تفسير النصوص وتطبيقها على واقعة الدعوى، هو من شأن المحكمة وحدها لا من شأن الخصوم ،ويخضع القاضي في ذلك لرقابة محكمة التمييز او النقض ولايمنع ذلك كل خصم من محاولة اقناع القاضي بتفسير معين يتفق مع مصلحته(45) .

________________

1- ويسقى هذه الاحوال لدى بعض الفقهاء مجالات اشتباه القانون بالواقع من حيث الاثبات.

2- لمزيد من التفصل ينظر: د.نزية محمد الصادق المهدي ،المدخل لدراسة القانون ،ج 1،نظرية القانون ،دار النهضة

العربية ، 1995 ،ص 155 .

3- ينظر: د.سعيد عبدالكريم مبارك، اصول القانون ،مديرية مطبعة جامعة الموصل، 1988 ،ص 174 ،وكذلك عبد الباقي البكري وزهير البشير، المدخل لدراسة القانون، شركة العاتك لصناعة الكتابة القاهرة، بدون سنة

النشر، ص 139

4- ينظر المادة 1من القانون المدني العراقي النافذ، والمادة ) 1/ف 1(من القانون المدني المصري والمادة 1من القانون المعاملات المدنية الاماراتي النافذ، والمادة 2من القانون المدني الاردني النافذ رقم 43 لسنة 1976 المعدل

5- ينظر:د.جلال السعدي ،مبادئ الاثبات في المسائل المدنية والتجارية ،القاهرة، 1987 ،ص 39

6- د. عابد فايد، نظام الاثبات في المواد المدنية والتحارية، ط 1، دار النهضة 2006- العربية،القاهرة 2005، ص 62

7- د سمير عبد السيد تناغو، النظرية العامة في الاثبات، بدون طبعة ودار نشر، 1999ص 59 ، د. جلال السعدوي ،مبادىء الاثبات في المسائل المدنية والتجارية،القاهرة، 1987 ،ص 39

8- ينظر:د.حسن كيرة، المدخل الى القانون،القاهرة، 1969 ،ص 267 ومابعدها

9- نقض مصري 27/5/1975 ،مجموعة احكام النقض 26/ 1085 نقض مصري17/3/1979 مجموعة احكام النقض 399 السنة 42 ص 51 ومابعدها

10- د نزيه محمد صادق المهدي،المدخل لدراسة القانون،ج 1،نظرية القانون،دار النهضة

العربية 1995، ص 161

11- د.فايد عبد الفتاح، مصدر سابق، ص 63

12- ينظر: د.محمد حسين منصور، نظرية القانون، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2004 ،ص 31

13- د.سمير عبد السيد تناغو، النظرية العامة في الاثبات، مصدر سابق، ص 60

14- نقض مدني 23 اذار 1962 ،مجموعة المكتب الفني، س 13 ،ص 651 مشار اليه لدى : د.عابد فايد، مصدر سابق، ص 63

15- د. عبد الرزاق السنهوري،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام، بوجه عام

الاثبات-اثار الالتزام، ط 3، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت-لبنان 2011، ص 51

16- د. قدري عبدالفتاح الشهاوي،الاثبات، مناطة وضوابطه، منشأة المعارف الاسكندريه، 2002، ص 48 ،ود. نبيل ابراهيم سعد ود.همام محمود محمد زهران،اصول الاثبات في المواد المدنية والتجارية ،دار الجامعة الجديدة الاسكنرية، 2001 ، ص 26

17- د.قدري الشهاوي، المصدر نفسه، ص 49

18- ينظر :استاذنا الدكتور عباس العبودي ،شرح احكام القانون البيانات، ط 1،دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005 ،ص 36

19- ينظر: د.محمد عبد اللطيف، قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية، ج 1،القاهرة، 1970 ،ص 18

20- د.عباس العبودي، شرح احكام قانون البيانات، ،ص 36

21 – رقم القرار 160 لسنة 47 في 26/1/1981 ،المشار اليه لدى: مصطفى مجدي هرجة ،قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية في ضوء احدث الآراء واحكام النقض، ط 1،القاهرة، 1987 ،ص 95

22- ولا مقابل لهذه المادة العراقية في القانون المصري النافذ المعدل

23- د. سليمان مرقس، اصول الاثبات واجراءاته في المواد المدنية ج 1ط 1عالم الكتب، القاهرة 1981 ، ص 61

24- ينظر :-د.عصمت عبدالمجيد بكر، اصول تفسير القانون، ص 2،بغداد، ص 15 ،وينظر المضمون ذاته:- القاضي عواد حسين ياسين العبيدي، تأويل النصوص في القانون، ط 1،مكتبة دار الامام، طرابلس- لبنان، ص 112 ،ومابعدها

25- د.عصمت عبد المجيد بكر، مصدر سابق، اصول الاثبات، ص 85

26- لمزيد من التفصيل ينظر:- د. .محمد حسين منصور ،الاثبات التقليدي والالكتروني دار الفكر الجامعي الاسكندرية 2006، ص 32 ود.نبيل ابراهيم سعد، ود.همام محمد محمود، مصدر سابق، ص 23 ،وكذلك د.قدرية عبدالفتاح الشهاوي، مصدر سابق، ص 49.

27- نقض مصري 18/11/1972الطعن رقم 373 وقرارات عديدة بهذا الاتجاه، ينظر: انور طلبة، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة النقض خمسين عاما1931-1981 ج 1،الاسكندرية دار الثقافة للنشر والتوزيع ،ص 253

28- ينظر: -اتجاهات القضاء المصري والفرنسي في د.السنهوري، مصدر سابق، ص 51 ،ومابعدها

29- ينظر:- د.هشام علي صادق، تنازع القوانين، ط 2،منشأة المصارف الإسكندرية ، بدون سنة، طبع، ص 230.

30- نقض مصري 18/11/1972 طعن 373 ،ينظر :-احمد سمير ابوشادي، مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في خمس سنوات 1961-1966

31- نقض 15/12/1971وقرارات اخرى مشار اليها في:- سمير سامي الحلبي، موسوعة البينات في المواد المدنية والتجارية، منشورات الحلبي، بيروت، 1989 ،ص 58

32- وقد نصت المادة 142 من القانون اعلاه على ان :لا يطلب الدليل علمه وجود القانون اللبناني، اما اثبات مضمون القانون الاجنبي فيطلب ممن يتمسك به مالم يكن القاضي عالما” به، واذا تعذر اثبات مضمون القانون، فعلى القاضي ان يحكم وفقا” للقانون اللبناني

33- ينظر لمزيد من التفصيل:-

د.انور سلطان، قواعد الاثبات في المواد المدنية والتجارية، بيروت، 1984 ،ص 166 ، ود.عصمت عبدالمجيد بكر، مصدر سابق ، اصول الاثبات، ص 86 ، هذا وقد استقرت القضاء الانكليزي على هذا الراي منذر من طويل فمنذ سنة 1774 في حكم مجلس اللوردات .

34- ينظر:- د.حسن الداوودي ود.غالب علي الداوودي، القانون الدولي الخاص، القسم الثاني، تنازع القوانين، ط 1،مطابع وزارة التعليم العالي ،بغداد، 1988 ،ص 209

35- ينظر:- د.عزالدين عبدالله، القانون الدولي الخاص، ج 2،ط 7،دار النهضة، القاهرة، 1972 ،ص 577 ،وينظر:-

Tran limile course de droit lnt prive Berrouth 1966 p; 168

فيما لم يأخذ باثينول بهذا الراي بل رأى ان القانون الاجنبي هو مقترحات عامة قابلة للتطبيق على حالات خاصة ينظر:-

1974، p;413،Droiln.private، H.Batifol

36- ينظر:- د.عبدالمنعم فرج الصدة، الاثبات في المواد المدنية، ط 1،القاهرة، 1953 ،ص 30

37- تمييز حقوقي رقم 539/83ص 1505 سنة 1983 ،مشار اليه لدى د.عصمت عبد المجيد بكر، مصدر سابق، اصول الاثبات، ص 87

38- ينظر:- د.منصور مصطفى منصور، شرح قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية الكويتي، رقم 39 لسنة 1980 ،جامعة الكويت، 1981 ،ص 9،وبهذا الاتجاه اخذ قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني رقم 14 لسنة 2001 النافذ المعدل في المادة79 .

39- ينظر:- د.مصطفى كامل ياسين، كيف يطبق القانون الاجنبي، بحث منشور في مجلة القضاء العراقية، العدد الثاني، 1957 ،ص 166

40- ينظر المواد )17-33) من القانون المدني العراقي، وينظر للتفصيل :-فريد فتيان، تنازع القوانين من حيث المكان، بحث منشور في مجلة القضاء العراقي، العدوان الثاني والثالث، 1953 ،ص 24 .

41- عدا اليمين والاقرار اذهما لا يصلحان بتطبيقها لاثبات حكم قانوني ويمكن الاستناد الى الوثائق الرسمية الصادرة عن الممثليات الدبلوماسية او القنصلية ودراسات القانون المقارن او الطلب الى وزارة الخارجية لتزويد المحكمة بالمعلوملت المطلوبة

42- ينظر في اتفاقيات التعاون القضائي والقانوني المعقودة بين العراق والعديد من الاقطار العربية والاجنبية ، د .رشدي خالد، من المنشورات مركز البحوث القانونية، بغداد، وزارة العدل، 1982 ،ص 15

43- القرار المرقم 32/1/ في 29/9/1969مشار اليه لدى :مجلة القضاء العراقية، العدد

الرابع، بغداد، 1969 ،ص 223

44- استاذنا الدكتور عباس العبودي، مصدر سابق، شرح احكام قانون الاثبات، ص 53

45- د.محمد حسين منصور، مصدر سابق، الاثبات التقليدي 30 ومابعدها

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .