ماذا يقول القانون العماني في الخلع بين الزوجين؟

المحامي صلاح بن خليفة المقبالي

سنتحدث في زاويتنا القانونية لهذا الأسبوع عبر “أثير” عن أحكام الخلع في القانون العماني.

أولا:- الخلع في الشريعة الإسلامية :-

أعطَت الشريعة الإسلامية للرجل حقَّ الطلاق، وفي مُقابل ذلك فإنها جعَلت الخُلع حقًّا للمرأة، وهو الافتداء إذا ما كرهت المرأة زوجَها وخافت ألا تُوفِّيه حقه، وفي هذا المقام قال الله – سبحانه وتعالى -: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229].

والخُلع مدلول شرعي يعني إزالة ملك النِّكاح؛ أي: الطلاق، سواء كان من الزوجة أو مِن وليِّها أو ممَّن يَنوب عنها، ومعناه أن تُخالع المرأة زوجها وتُطلَّق منه في مقابل عِوَض تدفعه لتفتدي نفسها به، وقد يكون هذا العِوَض في شكل نقدي أو عيني.

ثانيا :-الخلع في القانون العماني:-

المادة (94) من قانون الأحوال الشخصية العماني نصت على :-

أ‌- للزوجين أن يتراضيا على إنهاء عقد الزواج بالخلع .

ب‌- يكون الخلع بعوض تبذله الزوجة .

ج – يعتبر الخلع طلاقا بائنا .

المادة السابقة بينت ما يلي :-1- إن الخلع لا يكون إلا رضائيا بين الزوج وزوجته .

2- إن الخلع لا يكون إلا ببدل تبذله الزوجة لزوجها .

3- ما يقع بالخلع هو طلاق بائن .

القانون عدّ الخلع على الإباحة بين الزوجين ، يكون به قطع رابطة الزوجية رضائيا بعوض . وطلب الخلع قد يكون من الزوجة وقد يكون من الزوج ، لأن حكمة تشريعه اتقاء التعدي على حدود الله التي حددها للزوجين ، من حسن العشرة ، وقيام كل منهما بما عليه من حقوق للآخر ” وإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ” .

أخذ القانون بالرأي القائل بأن الخلع طلاقا بائنا ، ومقتضى هذا لزوم بدل الخلع في ذمة الزوجة ، وسقوط الحقوق المالية التي تكون ثابتة وقت الخلع لكل واحد من الزوجين قبل الآخر والتي تتعلق بالزواج الذي وقع الخلع منه . أما الحقوق التي لا تكون ثابتة وقت الخلع فلا تسقط به – هذه آثار تترتب على اعتبار الخلع طلاقا بائنا – غير أن القانون بنصه في المادة (94/ب) ” يكون الخلع بعوض تبذله الزوجة ” يدل على أن عوض الخلع تبذله الزوجة ، ثم يكون متفقا عليه ووقع الرضا به . ثم لا يسقط ما عدا هذا العوض من حقوق ثابتة للزوجة ولم تدخل في عوض الخلع .

شروط صحة الخلع نصت المادة (95) على أن ” يشترط لصحة الخلع أهلية الزوجة للبذل ، وأهلية الزوج لإيقاع الطلاق ” .

ونصت المادة (96) وإذا كان عوض الخلع التخلي عن حضانة الأولاد أو عن أي حق من حقوقهم بطل الشرط وصار الخلع طلاقا ” .

ونصت المادة (97) على أن :-

أ‌- إذا ذكر العوض في المخالعة لزم ما سمي فقط .

ب‌- إذا لم يسم في المخالعة عوض طبقت أحكام الطلاق .

اشترط القانون لصحة الخلع عدة شروط هي :-1- الأهلية – الخلع معاوضة – أي معاوضة مال تبذله الزوجة مقابل عصمة بيد الزوج – وغالبا في الخلع تكون الزوجة هي التي تخالع نفسها ، سواء كانت هي صاحبة الإيجاب في الخلع أو كانت هي القابلة له – وهذا يقتضي أن تكون – أي الزوجة – أهلا لمباشرة الخلع بنفسها ، وهذا يقتضي أن تكون بالغة عاقلة رشيدة ، وأن تكون أهلا للتبرع بمعنى أنها تبذل مالا فيما ليس بمال – وهو أن تتخلص من قيد الزوجية عن طريق طلاقها الذي يستقل الزوج به – وهذا يقتضي أن تكون الزوجة أهلا للتبرع . ويشترط في الزوج أن يكون أهلا لإيقاع الطلاق – فهو طرف في الخلع مقدم لأحد العوضين فيه – لذلك يشترط فيه أن يكون أهلا لإيقاع الطلاق . والفقهاء مجتمعون على أن من جاز طلاقه جاز خلعه .

2- لا يكون العوض في الخلع حضانة الأولاد أو حق من حقوقهم . وهذا الشرط من وضع القانون في المادة (96) التي تنص على أنه إذا كان عوض الخلع التخلي عن حضانة الأولاد أو من أي حق من حقوقهم ، بطل الشرط وصار الخلع طلاقا .

3- إذا ذكر العوض في الخلع لزم ما سمي عوضا – فقط – باعتباره أحد البديلين . وإذا لم يرد في الخلع تسمية للعوض طبقت أحكام الطلاق ، بمعنى أن يبحث القاضي عن شروط الطلاق إذا توافرت ، أو شروط التطليق إذا تحقق منها .

ثالثا:- هل يصح شرعا أن تفتدي الزوجة نفسها بأكثر من المهر؟؟؟

إجابة هذا التساؤل قد تناولته المحكمة العليا في الطعن الشرعي رقم (98/2011) :-“يصح شرعا أن يكون مبلغ الفدية أكثر من المهر ، لقوله تعالى:-《ولا جناح عليهما فيما افتدت به 》”.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت