1629 معاملة شرعية متعلقة بالطلاق في 2012.. المحامي سلطان لـ «الأيام»:

الحضانة حق أصيل للأم ولها الحق دون النظر للدعاوى
تشير الإحصاءات الصادرة عن وزارة العدل أن عدد المعاملات الشرعية المتعلقة بالزواج والطلاق في المحكمتين السنية والجعفرية خلال العام 2012 بلغت 9771، بلغ مجموع وثائق الطلاق نحو 1629، ومجموع وثائق الزواج نحو 6337، وذلك يعني أن مقابل كل حالتين زواج حالة طلاق واحدة، كما أن هذه الأرقام الواردة تبين لنا حجم دعاوى الطلاق التي تعج بها المحاكم الشرعية، وذلك وفقاً لبيان سير القضايا في هذه المحاكم في ذات العام 2012، إذ يبلغ عددها في المحكمة الشرعية الجديدة 4210، وفي المحسومة 4122، أما في محاكم الاستئناف الشرعية فمجموع القضايا في المحكمة الجديدة 768، وفي المحكمة المحسومة 774.

تحيلنا هذه الأرقام والإحصاءات إلى واقع مرير تعيشه المرأة، ففي قضايا الطلاق قصص وحكايات، وفي تفاصيلها ألم ومعاناة، إن قرأت ما بين سطورها لوجدت حقاً مسلوباً ضائعاً، ودموعاً لم يجففها الزمن، وامرأة مكسورة مهيضة الجناح تبحث عمن يجبر كسرها، تطالب بالعدالة الشرعية المكفولة لها، وأن تكون كائناً كاملاً مستقلاً بذاته، لها من الحقوق المساوية للرجل كما كفلها الدستور ونص عليها ميثاق العمل الوطني.

وحين تقرأ في تفاصيل قصص الطلاق تجد الضحية دائماً الأبناء، والإشكالية الماثلة دائماً (الحضانة)، وهو الأمر الذي ينعكس سلباً ويؤثر على نفسية الطفل، نتيجة الشتات الذي يعيشه الطفل بين الأم والأب، خصوصا في سن التمييز، إلى جانب التأخر في إجراءات القضاء نتيجة كثرة الدعاوى في قضايا الطلاق والحضانة، والذي يحمل في طياته الكثير من المعاناة للأم وللأبناء خصوصاً إذا كانت الأم غير مستقلة اقتصادياً، ولظى العيش أجبرها على تذوق المرارة والألم. يقول المحامي حسن سلطان لــ «الأيام» عن قضايا الحضانة التي تعج بها المحاكم الشرعية في المملكة: «بعد إقرار قانون أحكام الأسرة (الشق السني) الصادر بالقانون رقم (19) لسنة 2009 أن الحضانة حق أصيل للأم، وتنظر في هذا الأمر محكمة الأمور المستعجلة، وبالتالي فإن الحضانة لا يحكم الطلاق، إذا ثبت الشق المستعجل فإن الطرف الأصيل يعطى للأم، ولها حق حضانة الأطفال دون النظر في موضوع الدعوى». وأضاف: «وفق المادة (128) فإن حضانة النساء تنتهي ببلوغ الغلام 15 سنة، وبالنسبة للأنثى حتى تتزوج ويدخل بها الزوج، ونصت المادة (129) من القانون على أنه إذا بلغ الغلام 15 سنة، أو بلغت الأنثى 17 سنة ولم تتزوج ولم يدخل بها الزوج فلكل منهما الخيار في الانضمام إلى ما يشاء من أبويه أو ممن له الحق في حضانته، فإن اختار أي منهما الحاضنة استمر معها دون أجر حضانة».

ويتبادر إلى الأذهان سؤال إذا كان القانون قد نص صراحة على حق الحضانة، وفصل فيه وفق مواده جمله وتفصيلاً، لماذا لا تزال قضايا الحضانة معلقة في أروقة المحاكم الشرعية للبت فيها، فهل يعني ذلك أن في القانون ثغرات معينة تؤخر الحق الأصيل للأم الحاضنة؟ يستطرد المحامي سلطان بقوله: «قانون أحكام الأسرة قانون مرن، وهو منصف لجميع الأطراف، والقانون بعد إقراره حلّ العديد من المشاكل والقضايا التي كانت عالقة، ما نطالب به هو إقرار الشق الثاني (الجعفري) من القانون، إذ أن المرأة في المحاكم الجعفرية تعاني نتيجة عدم وجود قانون تحتكم إليه، فوفق المحاكم الجعفرية فإن القاضي لا يستأنس بالحكم الصادر بسبب استناد القاضي إلى مقلد (شيخ مقلد) للأخذ برأيه في قضية ما، الأمر الذي يكون مرهقاً بالنسبة للمرأة حال طلب الطلاق أو المخالعة، إلى جانب العديد من المشاكل الاجتماعية التي تنطلي نتيجة تأخر النظر في القضايا الشرعية». وحول تأخر قضايا الحضانة أوضح المحامي سلطان أن ذلك نتيجة تأخر جلسات الحكم، كما أن طلبات الدعاوى تأخذ وقتاً كبيراً، خصوصاً في حال النفقة، فإن ذلك يتطلب الاستعلام عن الوضع المادي للرجل المطلق، ومخاطبة جهة العمل للوقوف على الناحية المالية للرجل، مما يؤدي ذلك إلى تكدس القضايا. لافتاً إلى أن الرسوم الرمزية للدعاوى القضائية يعطي المجال لرفع المزيد من القضايا وبالتالي تأخرها، وأحياناً أخرى تأخذ منحى آخر يتمثل في (العناد والانتقام) لدى أحد الأطراف فيتأخر الحكم في القضية.

أما بالنسبة للسكن والنفقة بين المحامي سلطان أن قانون أحكام الأسرة كان صريحاً وواضحاًً حين فصل موضوع السكن والنفقة فإذا وقع الطلاق، فالزوج يوفر السكن أو بدل السكن بحسب طلب المدعي (الحاضنة)، وكذلك في النفقة المعتمدة على عسر الزوج ويسره والتي تقدر بالاجتهاد القضائي بعد النظر في حالة الزوج المادية. وأضاف أن للمطلقة الحق في الرجوع إلى بيت الزوجية بقسمة البيت بينها وبين زوجها، وأعطى هذا الحق لاعتبارات نفسية واجتماعية، إذا كان البيت مهيأ للقسمة بينهما، أما حال بيع المنزل من قبل الزوج وانتقاله لسكن آخر فلا يحق للزوجة طلب تقسيم البيت أو الرجوع إليه؛ لأنها لم تكن فيه أصلاً، وتكتفي بسكن آخر يكون مجهزاً بكامل المستلزمات.

إذ كان قانون أحكام الأسرة (الشق السني) أعطى كل هذه الحقوق الشرعية للأم الحاضنة، إلا أن واقع الحال يصور لنا حالات انسانية لنساء جرّعتهن المحاكم الشرعية المرارة والألم ليس بسبب القانون، بل لممارسات خاطئة نتيجة تعطل سير القضايا بحسب الأسباب التي أوردها المحامي سلطان، وعدم وجود مواد مرنة في القانون تنجي المرأة من الظلم الذي قد يقع عليها نتيجة بعض الموروثات الثقافية والاجتماعية.

فوفق دراسة أعدها مركز البحرين للدراسات والبحوث بتكليف من المجلس الأعلى للمرأة حول العنف الموجه ضد المرأة في البحرين أن 35% يرون أن الزوجات مسؤولات عن ممارسة العنف ضدهن، وحوالي 95% يرون وجود ظاهرة عنف ضد المرأة في البحرين، وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات منها ضرورة تحديث محاكم القضاء الشرعي والمدني، وسن آلية إنجا سريعة للمعاملات المتعلقة بقضايا الخلافات الأسرية وقضايا الزواج والطلاق والنفقة والسكن، وسن عقوبات رادعة لممارسي العنف، وسن تشريعات تضبط اجراءات ملكية السكن ما بين الزوج والزوجة، وتدريب الموظفين المنوط بهم تنفيذ القوانين الخاصة بأحكام الأسرة من شرطة وقضاة ومحامين، وتحديث المناهج التربوية، وتشجيع الخطاب الديني المـتنـور.

بعد إقرار قانون أحكام الأسرة (الشق السني) وتحقيقاً للخطة الوطنية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية التي دشنت في العام 2007، وركزت في محاورها على الاستقرار الأسري، تم افتتاح مركز دعم المرأة الذي يتولى قضايا المرأة وشؤونها، ويسهم في مساعدة المرأة المعنفة والمطلقة في الحصول على حقوقها، وقد قام المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع وزارة الإسكان لتوسعة مظلة الاستفادة من الخدمات الإسكانية واقتراح فئات جديدة من النساء اللاتي لا تنطبق عليهم شروط الاستحقاق، والتي تشمل فئة المرأة المطلقة والأرملة والمهجورة والعزباء يتيمة الأم والأب ممن تجاوزن السن القانونية للانتفاع من شقق إسكانية تخصص لهن. وكانت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري أوضحت في تصريح سابق: «أن المجلس الأعلى للمرأة يعمل على تطوير واستدامة الخدمات المقدمة للمرأة البحرينية لتشمل مختلف فئاتها ومراحلها العمرية ووضعها الاجتماعي، وفي إطار توجيهات صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى». وأضافت، «نثمن دور السلطة التنفيذية ممثلةً في مجلس الوزراء للدفع نحو اصدار القرارات الوزارية والتوجه نحو استحداث فئة جديدة توسع مظلة استفادة المرأة من الخدمات الإسكانية، التي يتطلع المجلس إلى اعتمادها قريباً».

وبالرغم من استحداث فئة جديدة توسع مظلة استفادة المرأة من الخدمات الإسكانية وفق المعايير الجديدة التي ستقر قريباً، وحل مشكلة السكن للمرأة الحاضنة، إلا أن هناك الكثير من النساء يعشن الألم ويصمتن عن وضعهن الاجتماعي، خوفاً من المجتمع، وخوفاً على أبنائهن، وعدم وجود من يقف بجانبهن، وقد يرجع ذلك إلى قلة الوعي، والتعليم، وإلى قلة الدخل المادي، والفقر وهو ما يجب على الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني مساعدة هذه الحالات بالوصول إلى هذه الطبقة الاجتماعية وتسهيل جميع العقبات أمامهن، والوقوف بجانبهن للحصول على كافة حقوقهن المسلوبة.

كما يجب إعادة النظر في واقع دعاوى الطلاق والحضانة، وتذليل الصعوبات على المرأة الحاضنة، حتى لا يكون مصيرها كمصير غيرها من النساء الحاضنات اللائي بلغن 50 سنة، ولم ينصفهن القضاء لأنها تجاوزت السن القانونية التي تسمح لها بالحصول على حقوقها، وفي عمر هي تحتاج فيه أن تعيش فيه بأمان وسلام وعيش كريم، كحالة «ع.ت» التي جار عليها أبناؤها وتعرضت للطرد، وقد بلغت من الكبر عتيا، وطرقت كل الأبواب بحثاً عن سكن يأويها، أو حالة «أ.ع» التي تسكن مع زوج جائر ويتعدى على مال ابنه المعاق، تبحث عن أمل، وعمن ينتشلها من سطوة الظلم ويكفل لها العيش الرغيد، وكغيرهن من الحالات التي بات على كافة الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني إيجاد حل لهذه الحالات وتمكينهن اجتماعياً واقتصادياً، للقضاء على كافة أشكال التمييز الذي يمارس ضد هؤلاء.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت