عقوبة جريمة النصب في القانون الفلسطيني

تنص المادة (301) من قانون العقوبات الفلسطيني المطبق لدينا ، بأن كل من حصل من شخص آخر على شيء قابل للسرقة أو حمل شخصاً على أن يسلم شيئاً قابلاً للسرقة إلى شخص آخر متوسلاً إلى ذلك بأية وسيلة من وسائل النصب والغش وبقصد الاحتيال يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة خمس سنوات . وعليه فإن عقوبة النصب هي العقوبة المقررة للجناية بنص المادة السابقة وهي بذلك تختلف عن عقوبة جريمة النصب في القانون المصري حيث اعتبر جريمة النصب جنحة وليست جناية وعاقب عليها بعقوبة الجنحة وهي الحبس المقرر للجنحة ونص المشرع المصري على عقوبة تكميلية جوازية وهي الوضع تحت المراقبة.

ورغم ذلك فإن قانون العقوبات الفلسطيني جاء في سياق نصوص المواد التالية عن المادتين (302،301) على أن هناك بعض الجرائم التي تندرج تحت النصب والخداع ولكنها تمثل جنحة ، وذلك واضحاً بنصوص المواد من (303-308) والمتمثلة بطرق ووسائل متعددة هي التي أثرت على تحديد نوع الجريمة وتكييفها لجنحة وليست جناية .

فإن قانون العقوبات الحالي جاء بجملة من النصوص في الفصل الرابع والثلاثون تتعلق بالنصب والغش كما أسماها القانون في ذلك الفصل وتضمن منها مواد تمثل جناية كما في المادة (301) التي تتحدث عن الحصول على الأموال بالنصب والغش والسالف ذكرها ، والمادة (302) والتي نصت على حمل الآخرين على توقيع السندات المالية بطريق النصب والغش على أنه ” كل من حمل شخصاً آخر على إمضاء صك ذي قيمة أو على تنظيم ذلك الصك أو قبوله أو حوالته أو تغييره أو إتلافه كله أو بعضه ، أو حمله على تحرير ورقة أو على ختمها أو كتابة أي اسم عليها أو بصمها بأي ختم أو علامة أخرى ، متوسلاً إلى ذلك وسيلة من وسائل النصب والغش وبقصد الاحتيال ، بغية تحويل تلك الورقة أو استعمالها أو التعامل بها فيما بعد كصك ذي قيمة ، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة خمس سنوات”.

وفيما عدا هذان النصان فإن باقي النصوص تتحدث عن جنح النصب سواء الخداع أو الحصول على الأموال بطريق الغش والاحتيال .

فالمادة (303) تتحدث عن جنحة الخداع حيث نصت على أنه ” كل من حصل باستعمال طرق الحيلة أو الخداع من أي شخص آخر على شيء قابل للسرقة ، أو حمل شخصاً على أن يسلم لآخر مالاً أو بضائع أو مبلغاً من المال أو مقداراً من البضائع تزيد قيمتها أو مقدارها عما قد يدفعه أو يسلمه إلى ذلك الشخص الآخر فيما لو لم تستعمل معه طرق الحيلة أو الخداع ، يعتبر أنه ارتكب جنحة”.

أما المادة (304) فتناولت الحديث عن الحصول على قرض بالنصب والغش حيث نصت على أنه ” كل من :
أ)حصل بطريق النصب والغش أو بأية طريقة احتيالية أخرى عند استدانته مبلغاً من المال أو تحمله ذمة من الذمم على اعتماد مالي يخوله استدانة ذلك المبلغ أو تحمل تلك الذمة ، أو
ب)وهب أو أعطى أو أفرغ أو رهن أمواله أو تسبب في وقوع ذلك بقصد الاحتيال على دائنيه أو على أي منهم ،أو
ج)باع أو نقل أي قسم من أمواله ، بعد صدور حكم أو قرار بحقه يقضي عليه بدفع مبلغ من المال وقبل تنفيذ ذلك القرار أو الحكم أو خلال مدة شهرين سابقين لتاريخ صدور ذلك الحكم أو القرار قاصداً بذلك الاحتيال على دائنيه . يعتبر أنه ارتكب جنحة”.

المادة (305) تناولت موضوع التآمر على الاحتيال حيث نصت على أنه ” كل من تآمر مع شخص آخر على أن يؤثر بإحدى طرق الاحتيال على أسعار أية حاجة تباع علناً في الأسواق أو على أن يحتال على الجمهور بصورة عامة أو على شخص معين أو غير معين ، أو على أن يبتز مالاً من شخص آخر ، يعتبر أنه ارتكب جنحة”.

المادة ( 306) خصصت الحديث عن الاحتيال عند بيع الأموال أو رهنها حيث نصت على أنه ” كل من كان بائعاً أو راهناً لمال ، أو محامياً أو وكيلاً عن البائع أو الراهن وأتى فعلاً من الأفعال التالية بقصد حمل الشاري أو المرتهن على قبول الملكية المعروضة عليه أو المقدمة له ، أي :
أ)أخفى عن الشاري أو المرتهن مستنداً جوهرياً يتعلق بملكية المال المباع أو المرهون أو أي حق أو رهن يتعلق به ، أو
ب)زور شهادة تتوقف أو يحتمل أن تتوقف عليها الملكية ، أو
ج)أعطى بياناً كاذباً بشأن ملكية المال المعروض للبيع أو للرهن أو أخفى حقيقة جوهرية تتعلق به ، يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنتين”.

في حين أن المادة(307) انفردت على الحديث عن الادعاء بالسحر أو العرافة حيث جاء فيها “كل من زعم من أجل الحصول على كسب أو مكافأة بأنه يمارس أو يستعمل أي نوع من أنواع السحر أو العرافة أو أخذ على عاتقه فتح البخت ، أو زعم بأنه يستطيع اكتشاف شيء مسروق أو مفقود ومعرفة مكان وجوده بما يملك من مهارة أو معرفة في علم التنجيم والسحر ، مقابل كسب أو مكافأة يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنة واحدة”.

وأخيراً المادة (308) تحدثت عن التوصل إلى التسجيل الخ . بطريق النصب والغش حيث نصت على أنه ” كل من حصل باستعمال النصب والغش قصداً أو حاول الحصول قصداً على أي تسجيل أو رخصة أو شهادة لنفسه أو لغيره من الناس بمقتضى أي تشريع من التشاريع ، يعتبر أنه ارتكب جنحة ويعاقب بالحبس مدة سنة واحدة”.

والجدير بالذكر أنه ما يتوافر به عنصر النصب والغش فهو يمثل جناية ،أما طرق الاحتيال والخداع والتآمر على الاحتيال والحصول على قرض بالنصب والغش والاحتيال عند بيع الأموال أو رهنها ويدخل معها الإدعاء بالسحر أو العرافة فجميعها تمثل جنحة كما نص عليها القانون الفلسطيني والذي بدورنا نعتبر بأنه يوجد به قصور شديد في كثير من نصوصه وتناقض في بعض العقوبات حيث أركان الجريمة يتطلب بأن تكون جناية من تفاصيلها الخطيرة إلا أنه يعتبرها جنحة .

كما أن قانون العقوبات الحالي لم ينص على عقوبة الشروع في جريمة النصب أسوة بغيره من القوانين في الدول المجاورة ومن بينها المشرع المصري الذي نص على الشروع في المادة(336) بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة. وأما بالنسبة لقانون العقوبات الأردني فإنه يساوي في العقاب بين الجريمة التامة والشروع فيها . وذلك أسوة لما ذهب إليه قانون العقوبات الفرنسي عندما ساوى بين عقوبة الجريمة التامة والشروع فيها (المادة 303/3 من قانون العقوبات الفرنسي الجديد).

إعادة نشر بواسطة محاماة نت