دراسة هامة عن خيانة الأمانة في القانون الفلسطيني

نصت المادة (312) من قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 على خيانة الأمانة حيث جاء بها بأن” كل من كان أميناً على مال وأتلف ذلك المال بقصد الاحتيال أو حوله بقصد الاحتيال لأي غرض غير الغرض الذي فوض باستعماله من أجله الأمانة ، يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة سبع سنوات وإيفاء للغاية المقصودة من نص المادة السابقة تنصرف كلمة الأمين إلى الأشخاص الآتي ذكرهم أدناه دون سواهم:-
أ-المتولين على الأوقاف المنشأة صراحة بحجة أو بوصية أو بصك تحريري لجهة عامة أو خاصة أو لجهة خيرية.
ب-المتولين الذين يعينون بحكم القانون لأية غاية من هذه الغايات.
ج-الأشخاص الذين تنتقل إليهم واجبات المناظرة على أي وقف من الأوقاف المتقدم ذكرها.
د-منفذي الوصايا والقيمين على التركات.

*معنى خيانة الأمانة وتميزها عن غيرها من جرائم الأموال:
جريمة خيانة الأمانة هي الاستيلاء على الحيازة الكاملة للمال محل الجريمة بأحد الأفعال التي بينها القانون وضمن الأشخاص الذين حددهم القانون وجريمة خيانة الأمانة من الجرائم القديمة إلا أنها لم تكن معروفة كجريمة مستقلة كما هو الشأن في القوانين الحديثة إلا أن القوانين الحديثة هي التي عرفت التمييز بين جريمة خيانة الأمانة والجرائم المالية الأخرى. أما القوانين القديمة وعلى وجه الخصوص القانون الروماني فلم يكن ليعرف التفرقة بين جريمة خيانة الأمانة وجريمة السرقة . وأول قانون فرق بين الجرائم المالية هو القانون الفرنسي الصادر سنة 1791 حيث نص على عقاب من يبدد مالاً أؤتمن عليه.

وتشترك جريمة خيانة الأمانة مع الجرائم المالية الأخرى بأنها تشكل اعتداء على ملك الغير وإنها لا تقع إلا على مال منقول … إلا أن لجريمة خيانة الأمانة طبيعة خاصة تميزها عن غيرها من الجرائم المالية الأخرى . وهذه الخاصية تكمن في الطريقة التي يتم فيها الاستيلاء على المال ففي السرقة والاختلاس والنصب يؤخذ المال بغير رضاء من صاحب المال بعكس خيانة الأمانة حيث يتم تسليم المال من المجني عليه للجاني بحرية مطلقة وبرضاء تام ودون إكراه . فيقوم الجاني بتغيير الحيازة الناقصة على المال إلى الحيازة الكاملة وذلك بأن يخون ثقة المجني عليه . فيستولي على المال أو الشيء الذي أؤتمن عليه.
هذا وسوف نقسم دراستنا إلى مبحثين :
المبحث الأول : ونتناول فيه الأركان التي تقوم عليها الجريمة.
المبحث الثاني عقوبة جريمة خيانة الأمانة.

المبحث الأول
أركان جريمة خيانة الأمانة
بالنظر على جريمة خيانة الأمانة نجد أن المال محل الجريمة يجري تسليمه للجاني في وقت سابق على السلوك الذي يقوم عليه الاختلاس أو الاستعمال أو التبديد ووفقاً لذلك سنتناول دراسة المحل المادي الذي تقوم عليه جريمة خيانة الأمانة ثم نعقب ذلك بدراسة الركن المادي للجريمة ثم نتناول في مطلب ثالث دراسة الركن المعنوي للجريمة.

المطلب الأول
المحل المادي للجريمة
المحل الذي تنص عليه خيانة الأمانة هو المال المنقول المملوك للغير والذي تم تسليمه للجاني من قبل المجني عليه تسليماً ناقلاً للحيازة الناقصة وبناءً على عقد من العقود المنصوص عليها قانونياً وسوف نعالج ذلك في فروع ثلاثة على النحو الآتي:
الفرع الأول : شروط المال محل الجريمة.
الفرع الثاني : التسليم الناقل للحيازة الناقصة .
الفرع الثالث : العقود المنصوص عليها قانونياً والتي يؤدي الإخلال بها على وقوع جريمة خيانة الأمانة.

الفرع الأول
الشروط المتطلبة في المال محل جريمة خيانة الأمانة
لا بد من قيام شروط محددة في المال محل جريمة خيانة الأمانة وهذه الشروط هي أن يكون المال من الأموال المادية والمنقولة وليس عقاراً كما يجب أن يكون هذا المال مملوكاً للغير.

الشرط الأول : يجب أن يكون المال مادياً ومنقولاً وذلك الشرط يستخلص من المادة (312) حيث جاء بها بأن ” كل من كان أميناً على مال وأتلف ذلك المال بقصد الاحتيال أو حوله بقصد الاحتيال لأي غرض غير الغرض الذي فوض باستعماله من أجله بحكم الأمانة….الخ. من النص السابق نستطيع أن نحدد الشروط الواجب توافرها في المال محل جريمة خيانة الأمانة وهي أن يكون مالاً مادياً منقولاً وأن يكون مملوكاً للغير.

الشرط الثاني : فيجب أن يكون المال محل جريمة خيانة الأمانة مملوكاً للغير وهذا الشرط مستمد من طبيعة الجريمة فهي من الجرائم التي تلحق الضرر بمالك المال أو صاحبه أو واضع اليد عليه ، أما إن قام صاحب المال بالاستيلاء عليه أو تبديده فإنه لا يعد مرتكباً لجريمة خيانة الأمانة ، لأن خيانة الأمانة شأنها شأن جريمة السرقة والنصب تشكل اعتداءً على حق الغير في الملكية.

الفرع الثاني
التسليم الناقل للحيازة الناقصة
يشترط أن يكون هناك تسليم للمال سابق على النشاط الإجرامي للجاني ، وأن يكون هذا التسليم ناقلاً للحيازة الناقصة.

أولاً : أن يكون التسليم سابقاً على النشاط الإجرامي :
يجب لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يكون المجني عليه قد سبق له أن سلم برضاه المال محل الجريمة للجاني ، وهذا الشرط يميز بين السرقة وخيانة الأمانة ، فالتسليم الرضائي للمال ينفي قيام السرقة بينما هو شرط لازم لتوافر جريمة خيانة الأمانة ، فإذا لم يحدث تسليم فلا جريمة . فإذا قام المستأجر ببيع القش الناتج من الزراعة لا يعد خائناً للأمانة رغم أنه خالف شروط عقد الإيجار الذي يقضي باستعمال القش في تسميد الأرض ، لأن هذا القش لم يسبق استلامه من المؤجر.

لا يشترط أن يكون التسليم من المجني عليه نفسه ، ولا يشترط أن يتسلم الجاني بنفسه الشيء محل الجريمة ، بل يكفي أن يتسلمه شخص آخر لحسابه كخادم لديه أو شريك له استلما ما أرسله المجني عليه من مبالغ أو منقولات فقاما بتبديدها ، ومع ذلك فيشترط في التسليم أن يكون صادراً عن إرادة صحيحة ، فإذا تم نتيجة الإكراه أو التدليس ، توافرت في حق المتهم جريمة السرقة أو النصب لا خيانة الأمانة.

ثانياً : أن يكون التسليم ناقلاً للحيازة الناقصة:
لا تقوم جريمة خيانة الأمانة إلا إذا كان تسليم المال محل الجريمة قد ترتب عليه نقل حيازته مؤقتاً إلى المؤتمن عليه ليحفظه أو يستعمله ثم يرده إلى صاحبه . وهذا الشرط مستفاد من النصوص القانونية التي ذكرت عقود الأمانة وهي لا تنقل إلا الحيازة الناقصة ، وبناءً عليه إذا كان التسليم ناقلاً للحيازة الكاملة كما هو الحال في التسليم الذي يجد مصدره في عقود البيع أو المقايضة أو عارية الاستهلاك ، فإن تبديد المال محل هذه العقود لا يعد جريمة ، لأن الشخص قد تصرف فيما يملك.

فالبائع الذي يتصرف في الشيء المبيع الذي استلمه لا يعد خائناً للأمانة رغم أنه لم يدفع الثمن بعد ، وإن أمكن اعتباره في هذه الحالة سارقاً على نحو ما رأينا فيما تقدم لأن تسليم الشيء إليه كان مرتبطاً بشرط واقف هو دفع الثمن ، وقبل ذلك لم يقصد البائع من التسليم غير التمكين لليد العارضة ، ونقل الحيازة الناقصة قد يتم بناءً على تسليم حكمي أو اعتباري وذلك حينما تتغير صفة الحائز من الحيازة الكاملة إلى الحيازة الناقصة دون أن يحدث تسليم فعلي فمن يبيع شيئاً لغيره ولا يسلمه إياه ، لأن المشتري تركه لديه على سبيل الوديعة ، يعد مرتكباً لجريمة خيانة الأمانة إذا قام ببيع هذا الشيء مرة ثانية لشخص آخر وسلمه إليه ، رغم أن الشيء لم يخرج من حيازته ولكنه تسلمه حكماً من المشتري الأول.

الفرع الثالث
تحديد عقود الأمانة
يختلف القانون الفلسطيني عن القانون المصري في تحديد عقود الأمانة فبينما نجد القانون قام بحصر وتحديد هذه العقود نجد أن القانون الفلسطيني قد تحرر من هذا القيد لكنه أعطى تفسيراً محدداً لمن تنطبق عليه صفة الأمين في جريمة خيانة الأمانة طبقاً لما ورد بنص المادة (312) التي تناولت بيان جريمة خيانة الأمانة حيث جاء ما نصه إيفاء للغاية المقصودة من نص المادة تنصرف كلمة الأمين إلى الأشخاص السابق ذكرهم بمقدمة الفصل.

أما القانون المصري فإنه كان أكثر تقييداً وتحديداً لعقود الأمانة وذلك من الناحية العملية يسبب ضيق للقاضي في عمله فلا يستطيع القاضي إضافة أي عقد لم يرد النص عليه في القانون حتى وإن تطلبت المصلحة العامة مخالفة ذلك.
فالمشرع الفلسطيني كان أكثر مرونة من المشرع المصري حيث يملك القاضي الفلسطيني حرية أكثر بكثير من الحرية الممنوحة للقاضي المطبق للقانون المصري المتعلق بجريمة خيانة الأمانة.
وعقود الأمانة التي نص عليها القانون المصري هي :
عقد الوديعة ، عقد الإيجار ، عقد عادية الاستعمال ، عقد الرهن الحيازي ، عقد الوكالة.

المطلب الثاني
الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة
يتكون الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة من ثلاث عناصر وهي : السلوك الإجرامي والنتيجة التي يترتب عليها هذا السلوك وعلاقة السببية التي تربط ما بين السلوك والنتيجة .

الفرع الأول
السلوك الإجرامي
(الاختلاس والتبديد والاستعمال)
جوهر النشاط الإجرامي في جريمة خيانة الأمانة هو أن يظهر الحائز للشيء المؤتمن عليه بمظهر المالك منكراً حقوق وسلطات صاحبه عليه. ويتحقق ذلك بتغيير صفته من حيازة مؤقتة إلى حائز دائم له .وتشير محكمة النقض إلى هذه الحالة بقولها : ” إن جريمة خيانة الأمانة تتحقق بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذي أؤتمن عليه مملوكاً له يتصرف فيه تصرف المالك ويتخذ النشاط الإجرامي الذي يكشف عن نية الجاني صوراً ثلاث هي:
الاختلاس والتبديد والاستعمال ونبين هذه الصور بشيء من التفصيل على النحو التالي:-

أولاً : الاختلاس :
يتحقق الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة بكل فعل يصدر عن الجاني يكشف عن اتجاه نيته إلى الظهور على الشيء بمظهر المالك ، دون إخراجه من حيازته وقد عبرت عنه محكمة النقض بقولها أن احتفاظ المتهمين بالآلات بحالتها وعدم استعمالها لا يعفيهما من المسئولية الجنائية إذ يكفي لتمام جريمة الاختلاس الأشياء المودعة أن يطرأ تغيير على نية الحيازة فتتحول إلى نية حيازة بقصد التملك ، بعد إن كانت نية حيازة وقتية لحساب الغير.
وأبرز صور الاختلاس أن يصدر عن الجاني فعل يكشف عن نيته في الظهور على الشيء بمظهر المالك ، كأن يعرض الشيء المؤتمن عليه للبيع أو يدعي أن الشيء المسلم قد سرق أو ينكر أن الشيء قد سلم.

ثانياً : التبديد :
يتضمن التبديد معنى الاختلاس إلا أنه يزيد عليه بفعل يخرج به الشيء من حيازته بصورة نهائية عن الطريق بيعه أو رهنه أو المقايضة عليه أو بإعدامه ككتاب يحرقه أو طعام يلتهمه. ومع ذلك يبقى الفارق بينهما قائماً على نحو يوجب التمييز بينهما ، وهو ما عبرت عنه محكمة النقض في أحد أحكامه بقوله بأن ” التبديد لا يتحقق إلا باستهلاك الأمانة أو بالتصرف فيها للغير والتخلي له عن حيازتها. أما الاختلاس الأمانة مملوكة له يتصرف فيها تصرف المالك ، فهو يقع متى غير الحائز حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك وقد حكم بأن يعد من قبيل التبديد قيام الوكيل بتسليم الورقة التي في عهدته (كوبون صرف زيت) للغير لبيعها والحصول على ثمنها . وقد اعتبرت المحكمة أن هذا الفعل يعتبر بمثابة تصرف المالك في ملكه تتحقق به جريمة خيانة الأمانة”.

ثالثاً : الاستعمال :
ورد ذكر هذه الصورة من النشاط الإجرامي في جريمة خيانة الأمانة في نص المادة (312) من قانون العقوبات .
ويقصد بالاستعمال تعمد إساءة استخدام الشيء بصورة لا تصدر إلا عن مالكه على نحو قد يؤدي إلى هلاكه وبالتالي عجز المؤتمن عن رده إلى صاحبه .
على وجه الخصوص في مجال الشركات التجارية ، حينما يستعمل مدير الشركة أموالها في تصرفات خاسرة بسوء نية . وهذا الفعل يعد من قبيل خيانة الأمانة .

الفرع الثاني
النتيجة الإجرامية (الضرر)
*ماهية الضرر: أشارت نصوص قانون العقوبات إلى عنصر الضرر في جريمة خيانة الأمانة حينما أوجبت أن يوقع الفعل المكون للجريمة أضراراً بمالكيها أو واضعي اليد عليها، ويتحقق الضرر بالاعتداء على الملكية بالسلوك الإجرامي . فإن لم يتحقق أي ضرر فلا تقوم جريمة خيانة الأمانة.

ولا يشترط أن يكون الضرر محققاً بل يكفي أن يكون محتملاً . وتؤكد ذلك محكمة النقض بقولها أنه “لا يشترط في جريمة التبديد أن يكون قد وقع الضرر بالفعل بل يكفي أن يكون الضرر محتملاً” . ولا يشترط كذلك أن يكون الضرر جسيماً بل يكفي أن يكون يسيراً ، حقق الجاني من ورائه منفعة له أم لا .

*المضرور من الجريمة:
لم يشترط القانون أن يلحق الضرر بمالك الشيء نفسه ، فقد يصيب حائز الشيء حيازة مؤقتة ، أو من له على الشيء مجرد اليد العارضة . والنص واضح في الدلالة على ذلك ، حيث أضاف للمالك صاحب الشيء أو واضع اليد عليه ولا يشترط في المضرور من الجريمة أن يكون شخصياً معيناً . ينبني على ذلك توافر جريمة خيانة الأمانة في حق من يقوم بجمع تبرعات لحساب منكوبي كارثة ثم يستولي عليها لنفسه . فالمضرورون من الجريمة لم يتحددوا بعد بذواتهم ، ولكنه سيصابون حتماً من جراء فعله ومتى اكتملت جريمة خيانة الأمانة فلا يؤثر في قيام مسئولية الجاني واستحقاقه للعقوبة أن يبدي استعداده لرد المال محل الجريمة ، أو يرده للفعل . وفي هذا الحال يمكن للقاضي أن يعتبر ذلك نوعاً من التوبة الإيجابية تخفف العقاب عن المتهم.

المطلب الثالث
الركن المعنوي للجريمة
إن جريمة خيانة الأمانة من الجرائم العمدية المقصودة ، ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي .
والقصد الجنائي في هذه الجريمة قصد عام خلافاً لما يذهب إليه جانب من الفقه والرأي السائد لدى محكمة النقض ، حيث يستلزمان وجود قصد خاص في هذه الجريمة يتمثل في (نية الممتلك ) وسوف نتناول في دراستنا للركن المعنوي عناصر القصد الجنائي ثم نختم بالتعريج على إثبات القصد الجنائي .

أولاً : عناصر القصد الجنائي:
العنصر الأول : العلم :
يجب أن يعلم المؤتمن على الشيء بأن حيازته لهذا الشيء حيازة مؤقتة بناءً على عقد من عقود الأمانة . بمعنى علمه بأنه لا يملك هذا الشيء بل يحوزه لحساب صاحبه وملتزم برده إليه فإذا تصرف بالشيء معتقداً أنه مالك له فلا تتوافر جريمة خيانة الأمانة في حقه . ومن ناحية أخرى يجب أن يعلم بما ينطوي عليه فعله من تغيير لنوع حيازته للشيء من ناقصة إلى كاملة ، فيتصرف فيه كما يتصرف المالك فيما يملك . ويجب أن يتوقع بأن تصرفه سيترتب عليه ضرر حال أو محتمل.

العنصر الثاني : الإرادة :
يجب لتحقيق العنصر الثاني من القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الإجرامي والمتمثل في الاختلاس أو التبديد أو الاستهلاك ، وأن تتجه إرادته كذلك إلى نتيجة هذا الفعل وهو إحداث الضرر بالمجني عليه فلا يكفي إذاً لتحقيق القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة أن يهلك الشيء أو يسرق نتيجة إهمال المؤتمن في المحافظة عليه ، فلا يسأل في هذا الحال إلا مدنياً على الضرر الذي أصاب صاحب الشيء نتيجة هذا التقصير.

ثانياً : إثبات القصد الجنائي:
يخضع إثبات القصد الجنائي لمبدأ حرية اقتناع القاضي الجنائي وقاضي الموضوع يفسر في توافر القصد أو عدم توافره مع خضوعه لرقابة محكمة النقض في الحدود التي تجعل استخلاصه للقصد من الوقائع مقبولاً عقلاً ومنطقاً . ولكن إثبات القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة يدق أحياناً . فمجرد الامتناع عن رد الشيء لا يكفي وحده كدليل على الجريمة، لذلك يجب ابتداءً مطالبة المؤتمن أو تكليفه برد ما لديه فقد يوجد لدى المتهم سبب قانوني يعطيه حق حبس الشيء المودع لديه حتى يستوفي ما أنفقه عليه من مصروفات ضرورية أو نافعة طبقاً لمادة القانون المدني . ويجب على المحكمة أن تحقق دفاع المتهم الذي ينفي واقعة الاختلاس وطلب سماع شهود النفي ، أو تحقق في تمسكه بأنه لم يتسلم المضبوطات وأنه مجرد ضامن وكفيل لمن تسلمها ، فهذا دفع جوهري يجب الرد عليه وإلا كان الحكم قاصراً ، أو دفع بوجوب حساب بينه وبين المجني عليه لم تتم تصفيته بعد ، ويكون واضحاً جدياً من خلال الأوراق ، فإنه ينبغي على المحكمة حتى يستقيم قضاؤها أن تقوم بفحص الحساب وتصفيته حتى تستطيع أن تحكم في موضوع التهمة، فإذا لم تفعل كان حكمها معيباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.

المبحث الثاني
عقوبة خيانة الأمانة
إذا تمت الجريمة بأركانها التي يتطلبها القانون حق العقاب على مرتكبيها ، ولا يمنع من ذلك رد الجاني للمال الذي طاله فعله الإجرامي ، لأن هذا يعتبر من جانبه إصلاحاً لآثار الجريمة بعد وقوعها . ولا يؤثر في قيام الجريمة الباعث على ارتكابها ، وإن كان لفعل الرد والباعث تأثير على قدر العقوبة التي يوقعها القاضي. وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه متى ثبت عدم استعمال المتهم للمبلغ المسلم له في الغرض المتفق عليه ، وأنه لم يقم برد ما استلمه إلا بعد الشكوى في حقه وثبت قيام نية الاختلاس عنده ، فإن السداد لا يرفع الجرم بل قد يكون سبباً للتخفيف .وعقوبة جريمة خيانة الأمانة طبقاً لقانون العقوبات الفلسطيني فقد اعتبر جريمة خيانة الأمانة جناية يعاقب عليها بالحبس مدة سبع سنوات.

ومن الملاحظ أن القانون لم يتطرق لعقوبة الشروع في جريمة خيانة الأمانة لأنها تعتبر من الجرائم التامة ، فبذلك فإن الشروع في هذه الجريمة لا يمكن حدوثه ، فإما أن تقع الجريمة تامة ويكون ذلك بكشف الشخص المؤتمن على المال عن نيته في تغيير الحيازة الناقصة على كاملة. وأما أن لا يكشف عن نيته وفي هذه الحالة لا تقع الجريمة على الإطلاق.

*قائمة بالمراجع:
أولاً : الكتب الخاصة والعامة:
1-أحمد فتحي سرور ، قانون العقوبات الخاص .
2-أحمد فتحي سرور ، قانون العقوبات العام .
3-محمود نجيب حسني ، قانون العقوبات الخاص .
4-محمود نجيب حسني ، قانون العقوبات العام .
5-آمال عثمان ،شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص،دار النهضة العربية ، القاهرة،1989
6-محمد صبحي نجم ، الجرائم الواقعة على الأشخاص والأموال في قانون العقوبات الأردني ، 1987.
7-محمود مصطفى ، شرح قانون العقوبات الخاص ، طبعة 1977.
8-أحمد بشير ، قانون العقوبات الخاص ، الجزء الأول ، 1997.
9-سالم أحمد الكرد، محاضرات في قانون العقوبات القسم الخاص ، الكتاب الأول ،2000
10-عوض محمد ، جرائم الأشخاص والأموال ، 1985.
11-أبو العلا عقيدة ، القانون الجنائي الخاص ، 1993.
12-د.كامل السعيد ، شرح قانون العقوبات الأردني ، الجرائم الواقعة على الأموال ” دراسة تحليلية مقارنة” ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان – الأردن ، سنة 1991.
13-د.أسامة عبد الله قايد ، شرح قانون العقوبات القسم الخاص (جرائم الأموال) ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، سنة 1989.
ثانياً : القوانين والتشريعات الخاصة :
1-قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936.
2-الموسوعة الجنائية ، جندي عبد الملك.
3-القانون رقم 69 لسنة 1953 الصادر بالأمر رقم 272 لسنة 1953 والمعدل بالأمر رقم 300 لسنة 1954بشأن جريمة الرشوة.
4-القرار بقانون رقم 7 لسنة 1964 بشأن عقوبة إصدار شيك بدون رصيد.
5-مجموعة أحكام محكمة الاستئناف العليا ، القاضي / وليد الحايك.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت