تعويض الوكيل التجاري بالقانون المدني منبت الصلة عن تعويضه وفقا لقانون التجارة

الدعوى رقم 53 لسنة 40 ق “منازعة تنفيذ” جلسة 6 / 4 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2019م، الموافق الثلاثين من رجب سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمــد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا. نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 53 لسنة 40 قضائية “منازعة تنفيذ”.
المقامة من
الممثل القانونى لفرع المؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية
ضــد
الممثل القانوني لوكالة الفهد للسياحة
الإجـراءات
بتاريخ الثامن عشر من أكتوبر سنة 2018، أودعت المؤسسة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بوقف تنفيذ، وعدم الاعتداد بحكم التحكيم رقم 898 لسنة 2013، الصادر بتاريخ 20/1/2014، من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، والاستمرار في تنفيذ مقتضى الحكم الصادر بجلسة 14/6/2012، في الدعوى رقم 193 لسنة 29 قضائية “دستورية”.
وقدمت الوكالة المدعى عليها مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لانتفاء صفة ومصلحة المدعى، ورفض طلب وقف التنفيذ لتمام التنفيذ قبل إيداع صحيفة الدعوى، وعدم قبول الدعوى لافتقاد سندها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 2/3/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بإيداع مذكرات في أسبوع، وفى الأجل المشار إليه أودع المدعى مذكرة صمم فيها على الطلبات.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعــوى وسائر الأوراق – في أنه بموجب اتفاقية وكالة تجارية مؤرخة 1/4/1991، عهدت المؤسسة المدعية إلى الوكالة المدعى عليها بأعمال الوكالة عنها لبيع خدمات النقل الجوي التي تقدمها المؤسسة بمنطقة دمنهور، ثم أضيفت لها مدينة السادس من أكتوبر بمصر، وتتجدد الاتفاقية سنويًّا. وإثر خلاف نشب بين الطرفين، وقيام المؤسسة المدعية بإيقاف الحجز الإلكتروني بتاريخ 28/8/2012، عن الوكالة المدعى عليها، لجأت الوكالة إلى التحكيم، المقيد برقم 898 لسنة 2013 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وقدمت المؤسسة تحكيمًا فرعيًّا، وبجلسة 20/1/2014، صدر حكم التحكيم: بإلزام المؤسسة بأن تؤدى للوكالة مبلغ (23896600) جنيه مصري، قيمة مستحقاتها من عمولات إضافية وتحفيزية وتذاكر مرتدة، وبإلزامها بأن تؤدى للوكالة مبلغ خمسة ملايين جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ صدور الحكم حتى تمام السداد. وفى التحكيم الفرعي بإلزام الوكالة بأن تؤدى للمؤسسة مبلغ خمسة عشر مليون جنيه مصري، قيمة مبيعات التذاكر المستحقة لها في ذمة الوكالة، والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًّا. وإذ لم يلق هذا الحكم قبول المؤسسة المدعية، فقد أقامت أمام محكمة استئناف القاهرة، دعوى بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم المشار إليه، قضى برفضها، فطعنت على ذلك الحكم أمام محكمة النقض، بموجب الطعن رقم 2637 لسنة 85 قضائية، وبجلسة 13/3/2016، قضت المحكمة بعدم قبول الطعن.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى في رفعها، المبدى من الوكالة المدعى عليها، فإنه مردود: ذلك أن الثابت أن التحكيم رقم 898 لسنة 2013 محل المنازعة المعروضة، قد أقيم من الوكالة المدعى عليها ضد المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية، ووجهت فيها الخصومة إلى فرعها الكائن برقم 10 شارع طلعت حرب بالقاهرة، كما أقامت المؤسسة المذكورة ممثلة في فرعها المشار إليه تحكيمًا مقابلاً ضد الوكالة المذكورة، واللذين صدر فيهما الحكم المطالب بعدم الاعتداد به، وقدم معجب بن محمد بن معجب الصخابرة الدوسرى، مدير عام إقليم أفريقيا ومدير الخطوط السعودية في مصر لهيئة التحكيم توكيلاً عامًا مصدقًا عليه من المدير العام للمؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية بموجب المرسوم الملكى رقم أ/59 بتاريخ 6/6/2006، تضمن إنابة المذكور عن المؤسسة، وتولى رعاية مصالحها، ويباشر نيابة عنها الأنشطة الواردة بذلك التوكيل، وكانت فروع الشركات الأجنبية التي تباشر نشاطًا تجاريًا في مصر، والتى تزاول فيه ذلك النشاط، تعد موطنًا قانونيًّا لها طبقًا لنص المادة (13/5) من قانون المرافعات، في كل ما يتعلق بهذا النشاط، كما تقضى المادة (168) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة بسريان العقود والتصرفات التي يجريها المدير المحلى لفروع الشركات الأجنبية أو من في حكمه على تلك الشركة، طالما كان ذلك العقد أو التصرف في حدود الأعمال المعتادة لتصريف أمور الفرع، الأمر الذى يضحى معه الدفع المشار إليه فاقدًا لسنده القانوني حقيقًا بالرفض.
وحيث إن المؤسسة المدعية أقامت دعواها المعروضة على سند من أن حكم التحكيم رقم 898 لسنة 2013، الصادر بتاريخ 20/1/2014، يشكل عقبة تحول دون تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 193 لسنة 29 قضائية “دستورية”، وفى بيان ذلك، ذكرت أن حكم التحكيم المشار إليه استند في قضائه بالتعويض إلى نص المادتين (189) و(190) من قانون التجارة المشار إليه، ومن ثم يُعد حكم التحكيم، فيما تأسس عليه من قضاء بالتعويض المادي والأدبي للوكالة المدعى عليها، يمثل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا – وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعـد طريقًا للطعن في الأحكام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًا لا تقوم له قائمة إلا بها.
حيث كان ما تقدم، وكان حكم التحكيم موضوع المنازعة المعروضة قد شيد قضاءه بتعويض الوكالة المدعى عليها عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها جراء قيام المؤسسة المدعية بإيقاف الحجز الإلكتروني للتذاكر عنها، على أحكام القانون المدني. أما بشأن ما ورد بأسبابه لنصوص الوكالة التجارية في قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، ومن بينها نص المادتين (189) و(190) منه – المتعلق أولهما بشروط استحقاق الوكيل لتعويض إذا رأى الموكل عدم تجديد عقد الوكالة التجارية المحدد المدة عند انتهاء أجله، والبند (1) من ثانيهما بشأن مدة سقوط دعوى التعويض المشار إليها بمضي تسعين يومًا من وقت انتهاء العقد – فقد كان في مجال استعراض أحكام انتهاء الوكالة التجارية أو عدم تجديد العقد بعد انتهاء مدته.
وحيث إن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 14/6/2012، في الدعوى رقم 193 لسنة 29 قضائية “دستورية”، قضى بعدم دستورية نص المادة (189) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وسقوط البند (1) من المادة (190) من ذلك القانون، وذلك بشأن ضوابط تعويض الوكيل عند امتناع الموكل عن تجديد عقد الوكالة التجارية بعد انتهاء مدته، وهو أمر منبت الصلة بنصوص مواد القانون المدني، التي تأسس عليها حكم التحكيم محل المنازعة المعروضة في شأن قضائه بتعويض الوكالة المدعى عليها عن الأضرار التي لحقت بها جراء قيام المؤسسة المدعية بإيقاف الحجز الإلكترونى عنها اعتبارًا من 28/8/2012، حال سريان عقد الوكالة التجارية المبرم بينهما. ومن ثم، فإن حكم التحكيم الصادر في دعوى التحكيم رقم 898 لسنة 2013، لا يُعد عقبة تحول دون تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها، على نحو تنتفى معه مقومات المنازعة المعروضة، فمن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب المؤسسة المدعية وقف تنفيذ حكم التحكيم المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، بما مؤداه: أن قيام هذه المحكمة – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب يكون، وعلى ما جرى به قضاؤها، قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .