عدم الاختصاص الولائي

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد عبد الغني حسن وعادل محمود فرغلى وأحمد شمس الدين خفاجى ود منيب محمد ربيع.نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 16/5/1987 أودع الأستاذ عبد الحليم حسن رمضان المحامي عن نفسه قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بسجلاتها تحت رقم 2176 لسنة 33 ق وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 28/4/1987 في الدعوى رقم 1662 لسنة 41 ق والقاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير طعنه – الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع فيه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة واختصاصها، وفي حالة تأييد الحكم المطعون وقبول الدفع بعدم الاختصاص الحكم احتياطيا بإحالة الطعن إلي محكمة النقض لعرضه أمام الدائرة المختصة إعمالا لأحكام المادة 83 من قانون السلطة القضائية والمادة 110 من قانون المرافعات، ومع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته.

وقد أودع الأستاذ المستشار / عادل الشربيني مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن الماثل الذي ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضعا مع إلزام الطاعن المصروفات.

وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 5/11/1990 حيث نظر الطعن المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 17/2/1992 إحالة الطعن إلي هذه المحكمة الإدارية العليا حيث تم تداول الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات واستمعت المحكمة إلي ما رأت لزوما لسماعه من مرافعات وقررت حجزه لإصدار الحكم بجلسة اليوم 19/7/1992 وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.

ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح من الأوراق – في أنه بتاريخ 10/1/1987 أقام الطاعن الدعوى رقم 1662 /41 ق أمام محكمة القضاء الإداري طلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بتعيين المستشار رجاء العربي محاميا عاما لنيابة أمن الدولة العليا شاملا كافة أثاره، وفي الموضوع بإلغاء القرار واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من أثار مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بغير كفالة، وذلك تأسيسا على أنه منذ تعيينه محاميا عاما لنيابة أمن الدولة العليا التي يتولى مسئولياتها رغم عورات عمله التي كان أخرها إصدار أمر بتسجيل أحاديث للمتهمين في قضية تنظيم الجهاد داخل المحاكمات وقاعة المداولات بالمخالفة لأمر محكمة أمن الدولة العليا التي نظرت الدعوى وقد ترتب على الأمر المعاقب عليه طبقا للمادة(123) من قانون العقوبات انتهاك حرمة المحكمة والمداولة وحقوق المتهمين والمرافعين وإهانة القضاء والقضاة، وقد سبق أن رشح المستشار رجاء العربي مستشارا بمحكمة النقض غير أن الجمعية العمومية لمستشاري محكمة النقض رفضت ترشيحه بعد مناقشات استقرت على عدم صلاحيته في قضاء محكمة النقض رغم امتياز في نيابة أمن الدولة العليا، وان الطاعن قد تظلم من القرار المطعون فيه إلي الجهات المختصة فلم يتلق جوابا على تظلمه، مما حدا به إلي إقامة الدعوى المذكورة لما يترتب على استمرار تنفيذ الفرار المطعون فيه من أضرار بحقوق دفاعه عن موكليه من المتهمين والمواطنين الذين تم سؤالهم أو استجوابهم في شكوى أو بلاغ نيابة أمن الدولة العليا برئاسته، وهو الذي اعتاد إجراء التحقيقات في حصون وقلاع جهات الأمن التي لا يخترقها محام.

وبجلسة 28/4/19987 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه والقاضي بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وألزمت المدعى المصروفات وأقامت قضاءها على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن المشرع قد اتجه منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1949 بإصدار نظام القضاء إلي أن يستقل القضاء دون غيره بالفصل في كافة شئون رجال القضاء والنيابة وحجب أي اختصاص لمجلس الدولة في هذا الشان وسار يدعم هذا الاتجاه بالنصوص التشريعية المتلاحقة مستندا في ذلك إلي ما أوردته الأعمال التحضيرية من حجج ومبررات وأجابت على الدفع الخاص باقتصار ولاية محكمة النقض على الطلبات التي يقدمها رجال القضاء دون باقي أفراد الشعب حيث يظل الاختصاص في هذه الحالة الأخيرة مقتصرا على محاكم مجلس الدولة بقبولها.بأن هذا الوجه من النظر ينطوي على تسليط سلطة أخرى غير محكمة النقض على شئون السلطة القضائية بالمحالفة لما اتجهت إليه إرادة المشرع من استقلال السلطة القضائية بشئونها وأن السلطة القضائية قد نظرت إلي القرارات التي يمكن الطعن فيها نظرة عينية وهى النظرة التالية في مخاصمة القرارات الإدارية.

ومن حيث أن المبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعي قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه وشابه القصور في التسبيب للأسباب الآتية:-

أولا:- أن الحكم المطعون فيه قد خلت أسبابه الواقعية من الرد على دفاع المدعى “الطاعن” بشأن الدفع بعدم اختصاص قضاء مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى كما خلا الحكم من تحقيق دفاع (المدعى) في رده مقدما على أسباب الحكم الصادر في دعواه لمخالفته لأحكام المادتين 176، 178 مرافعات وجزاء مخالفتها هو البطلان.

ثانيا:- أن أسباب الحكم المطعون فيه قد خلت من الرد على الدفاع القانوني والواقعي على دفع المدعى عليهم بعم اختصاص مجلس الدولة ولائيا في نظر دعواه فلم يعتن بنقل شئ من رده على الدفاع المشار إليه.

ثالثا:- أن الحكم بعدم اختصاص بعدم المحكمة بفرض صحته يوجب عليها أن هي قضت بعدم اختصاصها أن تحليه إلي المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية طبقا لأحكام المادة(110) مرافعات، فإن هي قد قعدت عن الوفاء بالتزامها، وجب على المحكمة الأعلى بإلغاء حكمها المعيب على النحو الوارد بالقانون.

ومن حيث أن الشارع قد أكد مبدأ استقلاله عضويا وموضوعيا القضاء في نصوص الدستور على سنن والقانون منضبط بما لا يدع مجالا للشك في استقلال.. قضاة وقضاء سواء في مباشرة سلطة الفصل في المنازعات وإقامة العدالة وتسيير وإدارة شئون المحاكم ونص على أن “القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا وفي شئون العدالة.

كما نصت المادة (167) على أن “يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصها وينظم طريقة تشكيلها طريقة ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم”.

كما نصت المادة (172) على أن “مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصه الأخرى” وانطلاقا من هذه النصوص فإن الدستور قد تبنى نظام تعدد جهات القضاء وحدد ولاية القضاء بمحاكم مجلس الدولة وقرر استقلال السلطة القضائية، و استقلال كل محاكم القضاء العادي ومحاكم القضاء الإداري والهيئة القضائية التي تتولى إدارة وتنظيم شئون كل منها وطريقة تشكيلها وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم، على نحو يحقق استقلال كل منها عن الأخرى وعدم وصاية أي من هذه الهيئات على إدارة شئون الهيئة الأخرى ويضمن عدم تدخل إحداهما في الشئون الداخلية للأخرى أو في طريقة أدائها لرسالتها في القوانين الصادرة بتنظيم القضاء العادي أو مجلس الدولة أو غيرهما من جهات القضاء العسكري وما يماثله وتطبيقا لهذه المبادئ والأسس الدستورية العامة الحاكمة للنظام القضائي في مصر ولتنظيم الهيئات القضائية المختلفة، تنص المادة (172) من الدستور التي حددت ولاية محاكم مجلس الدولة العامة بالمنازعات الإدارية معتبرة ما أورده الدستور من استقلال السلطة القضائية واستقلال كل هيئة من الهيئات القضائية عن غيرها طبقا للقانون المنظم لشئونها.

ومن حيث إنه قد نصت المادة(83) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 53 لسنة 1984 على أن “تختص دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم متى كان مبنى الطلب عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.. أما القرارات المتعلقة بالترقية في غير الحالة المنصوص عليها في البند (أولا) والقرارات المتعلقة بالتعيين أو النقل أو الندب، فلا يجوز الطعن فيها – بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية بأي طريقة من طرق الطعن أمام أي جهة ومقتضى النصوص المتقدمة أن المشرع قد حصن استقلال السلطة القضائية في أداء رسالتها في إدارة تسيير مرفق العدالة وجعل لها حرمة لا يسوغ انتهاكها أو الخوض فيها تحت أي ادعاء لتعلقها بصميم الرسالة القضائية فجعل إدارة شئون رجال القضاء تعيينا ونقلا وندبا وإعارة وتأديبا عن مجلس القضاء الأعلى وخصص دائرة شئون المنازعات المتعلقة بهم بأعلى المحاكم العادية وهى محكمة النقض وأجاز لرجال القضاء العادي في الطعن بإلغاء القرارات الإدارية الواردة في البند أولا:-أمام محكمة النقض دون غيرها، فيما عدا القرارات النهائية الواردة أول فلم بجز المشرع الطعن عليها بأي طريقة من طرق أمام أية جهة، ومقتضى ذلك أن المشرع قد اشترط لاختصاص محكمة النقض بالمنازعات المتعلقة بشئون القضاء الواردة في البند أولا شرطين أساسين أولهما أن يكون رافع الطعن من رجال القضاء أو النيابة العامة، ثانيهما أن يكون الطعن متعلقا بإلغاء قرار من قرارات الإدارية النهائية في شأن من شئونهم والتعويض عنها أما القرارات التي لا تقع في نطاق هذين الحدين فلا ينعقد لها اختصاص سواء أمام محكمة النقض أو غيرها من المحاكم المصرية.

يؤكد ذلك ويظاهره المفارقة الواضحة في صياغة نص المادة 83 المشار إليه فرغم أن المشرع قد حدد موضوع اختصاص محكمة النقض تحديدا عاما يشمل جميع القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئون رجال القضاء، فقد حرص على النص في عجز المادة صراحة على انه “في غير الحالات المنصوص عليها في البند أولا.. فلا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن أمام أي جهة. فإذا كان البند أولا قد جاء شاملا لكافة القرارات المتعلقة بشئون القضاء فان النص لا يستقيم إلا إذا كان المقصود بالحالات المنصوص عليها في صدر المادة هي الحالات المشروطة بان يكون الطعن قائما من أحد رجال القضاء أو النيابة العامة،أي في غير الحالات التي يكون فيها الطعن مقدما من أحد أفراد هذه الطائفة في قرار من القرارات المتعلقة بشئونهم ومقتضى ذلك أنه في غير الحالات المشار إليها بالصورة والشروط التي أشار إليها الشارع، لا ينعقد الاختصاص لأية جهة من جهات القضاء ولو كانت محكمة النقض ذاتها وبذلك جعل صفة من يقيم الطعن شرطا أساسيا للمنازعة يتحدد به اختصاص القضاء بنظرها من عدمه.

ولا يوهن في سلامة هذا التفسير الادعاء بان الدستور قد حظر تحصين أي قرار إداري من الطعن فيه أمام قاضيه الطبيعي وأن محاكم مجلس الدولة هي المختصة أصلا بنظر كافة المنازعات الإدارية، ذلك أن الأساس السليم في تفسير الدستور وغيره من التشريعات عدم اجتزاء نص يه وعزله عن باقي نصوصه بل تفسير النص في بنيته التشريعية الطبيعة مع باقي النصوص التي يرتبط بها ويتفاعل معها فيحدد المقصود فيها والمقصود منه حتى فهمه قانونيا صحيحا فضلا عن أن المحكمة الدستورية قضت بدستورية النص المذكور بالإضافة إلي أن مبدأ استقلال القضاء بحكم تقرير حق رجاله في إدارة شئون الهيئة القضائية وتسيير مرفق العدالة وفقا لأحكام الدستور والقانون وتحصين قراراتهم من الانتهاك من أي فرد أو من أية جهة إلا في حدود التي يراها القانون متفقة مع استقلال القضائية وحسن إدارة هذا المرفق في الحيوي في الحياة الأمة التي يتعين أن تخضع إدارة شئونها العامة لمبدأ سيادة القانون والذي لا سبيل إلي تحقيقه إلا بكفالة استقلال وحصانة القضاء وإدارته لشئونه بواسطة القضاة أنفسهم ورجال الهيئات القضائية كل في إطار وجود ما يتعلق بها هو مبدأ دستوري يقيد المشرع العادي ويحدد مبدأ عدم تحصين أي قرار من الطعن فيه ولا يتعارض معه إذا ما حدد القانون نطاقه وأحكم دوافعه وحتى لا يتعرض استقلال القضاء وحصانات القضاة للانتهاك من كل صاحب مصلحة خاصة أو الدعوى أو نزاع عندما تسول له نفسه ويخوض فيها الأمر الذي يهدر مبدأ سيادة القانون المرتبط أساسا بعدم المساس باستقلال القضاء أو تهديد استقرار أوضاع الهيئات القضائية، ذلك أن تعيين رجال القضاء، واختيارهم لتولى مناصبهم وتوابع الأعباء المتعلقة بالمسئولين عن إقامة العدالة للمجتمع، هو جزء لا يتجزأ من استقلال ضمائرهم تحقيقا للرسالة السامية التي يقوم على أدائها رجال القضاء وسندته ولا مسوغ – تحت أي ادعاء رأى مواطن – من غير رجال القضاء – ان يتدخل في الطريقة التي يتولون فيها مناصبهم وزعزعتها والطعن عليها بما يؤثر على استقلال من يطعن في قراراتهم من القضاة ورجال النيابة العامة،

وبجعل القضاء عرضة للضغوط التي تمس استقرارهم واستغلالهم وحسن أدائهم لرسالتهم بناء على هوى أي من الأفراد وذلك إعلاء لاستقلالهم واستقرار أوضاعهم،بما يمكنهم من أداء رسالتهم في إقامة العدالة وتسير شئونها دون أي قلق أو اضطراب وهو ما دعا الشارع إلي حمايتهم من أي تدخل في شئونهم وبينها القرارات الصادرة بتعينهم وتكليفهم لمباشرة مهام وظائفهم، الأمر الذي لا يسوغ معه الترخيص رأى شخص من غير الهيئة القضائية بذاتها، الطعن في القرارات الصادرة في حقهم أمام أية جهات القضاء، ولو كانت هذه الجهة هي محاكم مجلس الدولة القضائية المختصة أصلا طبقا لصريح نص المادة 72 من الدستور بنظر الطعون في القرارات الإدارية يضاف إلي ما سبق أن القول بغير ذلك يؤدى إلي صدور أحكام من جهة القضاء العادي بمحكمة النقض ومن مجلس الدولة في شأن قرار إداري واحد بحسب ما إذا كان رافع الطعن في هذا القرار من رجال القضاء والنيابة العامة أم من المواطنين ذوى الشأن وهو ما حرص الشارع على تفادى وقوعه وما يتعارض أساسا مع النظام للتقاضي والطبيعة القانونية لدعاوى الإلغاء والحكم يصدر بشأنها حيث يقضى إما بأن القرار مشروع وسليم وبرئ من العيوب بالنسبة للكافه أو يلغيه لما اعتوره من عدم المشروعية بالنسبة للكافة أيضا ولا يسوغ أن يصدر بشأن القرار الواحد أحكام من جهتين قضائيتين بحسب صفة رافع الطعن وقد يعتبره أحدهما قرار صحيحا والثاني قرارا باطلا، بما تهز معه الثقة في العدالة والحقيقة القضائية فضلا عما يسببه ذلك من تسليط رقابة القضاء الإداري على ما يتخذه القضاء العادي من قرارات في أي شأن من شئون رجال القضاء والنيابة بحسبان قرارات التعين والترقية والنقل هي قرارات تتعلق بالولاية وتعد نقطة البدء في أداء القضاء العادي لرسالته مما لا يسوغ معه نظر الطعن في القرارات المشار إليها في الحدود الواردة في البند أولا من المادة “83″ المشار إليها وهى الطلبات التي يقيمها رجال القضاء طعنا في القرارات الصادرة في أي شأن من شئونهم ويختص بنظرها الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض ومن ثم فإنه وفيما عدا هذه المنازعات بأوصافها المشار إليها في صدور المادة 83 من القانون المشار إليه، فل يسوغ لأية جهة من جهات القضاء أن تتصدى لنظرها، كما لا يسوغ لأي من المواطنين أن يعقب عليه بالطعن فيه، وإلا كان في ذلك مساس باستقلال القضاء وتدخل في شأن من شئون العدالة الأمر حظرته صراحة أحكام المادة 16 من الدستور.

ومن حيث إن الطاعن يستهدف من الطعن الماثل – إلغاء قرار الصادر بتعيين أحد رجال القضاء العادي محاميا عاما لنيابة أمن الدولة العليا، وكانت الدعوى بالطعن عليه مقامه من أحد الأفراد – من غير رجال القضاء مما لا يتوافر معه في المنازعة الوصف الذي أشارت إليه المادة 83 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 والقوانين المعدلة له، فإنه لا يسوغ لأية جهة قضائية سواء من القضاء العادي أو الإداري أن تتصدى لنظرها ولو كانت محكمة النقض ذاتها، الأمر الذي يتعين معه، والحال هذه القضاء بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى. وإذ انتهت المحكمة – المطعون في حكمها – إلي هذه النتيجة فإنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه،. ولا وجه لما ينعاه الطاعن عليها من أنه كان يتعين عليها إن هي قضت بعدم اختصاصها أن تحيل الدعوى إلي محكمة النقض، ذلك أنه لا إلزام على المحكمة التي تقضى بعدم اختصاصها إلي تحيل الدعوى إلي محكمة أخرى إلا إذا تأكد لها ولغيرها طبقا للقانون – انعقاد الولاية والاختصاص بنظر النزاع لمحكمة أخرى، أما إذا تأكد لها أن النزاع لا تختص به أية جهة قضائية أخرى تعين عليها أن تقف عند القضاء بعدم ولايتها بنظر الدعوى ومن حيث إنه بناء على ما سبق جمعية يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون خلقيا بالرفض.

ومن حيث إن الطاعن قد خسر طعنه مما يتعين القضاء بإلزامه المصروفات عملا بنص المادة (184) مرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا، وألزمت الطاعن بالمصروفات.