طعن علي قرار سلبي بالمنع من السفر

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى

********

بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 18/1/2003 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح و يحيى خضرى نوبى محمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد .
نــواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزية حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومـفوض الدولة
وبحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

************

أصدرت الحكم الآتى

فى الطعن رقم 2400 لسنة 46 القضائية . عليا

المقام من

مختار محمد فريد عبده

ضــــــــــد

وزير الداخلية ” بصفته ” .

*************

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة

بجلسة 30/11/1999 فى الدعوى رقم 6324 لسنة 53 ق .

الإجــــــــــــراءات :

***********

فى يوم السبت الموافق 29/1/2000 أودع الأستاذ / فتحى راغب حنا المحامى بالنقض وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2400 لسنة 46 ق . عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 30/11/1999 فى الدعوى رقم 6324 لسنة 53 ق والقاضى منطوقه ” بقبول الدعوى شكلاً , وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , وألزمت المدعى مصروفاته …. ” .

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه , ثم إحالة الطعن إلى المحكمة اللإدارية العليا لتقضى فيه أولا : بقبول الطعن شكلا . ثانيا : وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضـــــاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات .

وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق .

وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 15/10/2001 وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حيث حضر الخصوم , وبجلسة 29/8/2002 قررت الدائرة إحاله الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) لنظــــــــره بجلسة 23/11/2002 حيث تداولته المحكمة بهذه الجلسة حيث حضر الخصوم , وبتلك الجلســــــة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18/1/2002 ومذكرات فى شهر .

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به .

” المحكمــــــــة “

**********

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .

ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة .

ومن حيث إن وقائع هذا الموضوع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى إنه بتاريخ 29/4/1999 أقام الطاعن ( مدع أصلا ) الدعوى رقم 6324 لسنة 53 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلب فى ختامها الحكــم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بإدراجه على قوائم الممنوعين من السفر وما يترتب على ذلك من آثار .

وذكر شرحاً لذلك أنه فى أوائل شهر إبريل سنة 1999 فوجئ بصدور القرار المطعون فيه بتاريخ 21/6/1996 بوضع اسمه على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول وضبطه وإحضاره وأن هذا القرار قد صدر مشوبا بعدم المشروعية لصدوره بدون سبب يبرره قانوناً فضلا عن إساءة استعمال السلطة وأن هدف الإدارة من إصداره ليس الصالح العام .

تدوول نظر الشق العاجل من الدعوى بجلسات محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها , وبجلسة 30/11/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه .

وقد أقامت المحكمة قضاءها – بعد استعراضها لنص المادتين 72 , 184 من الدستور – على سند من القول أن المدعى مطلوب فى عدة قضايا شيكات بدون رصيد وإن كان بعض هذه القضايا قد قضى فيها – عند الطعن فيها – بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها , إلا أن البعض الآخر من هذه القضايا تضمنتها حافظة مستندات جهة الإدارة ولم يعقب عليها المدعى ولم يجحدها أو ينكرها وهى متعلقة أيضا بإصدار شيكات بدون رصيد وهى أربع قضايا قضى فى ثلاثة منها بحبس المدعى لمدة سنة والرابعة بثلاثة أشهر حبس وهى القضية رقم 2889/97 مستأنف – 473/98 جنح الدقى حصر 1491/98 سنة – شيك , القضية رقم 2890/97 مستأنف 7432 /98 جنح الدقى حصر 4192 / 98 سنة – شيك , القضية رقم 11481 /96 مستأنف 7508 / 95 جنح الدقـــى حصر 4193 / 95 سنة – شيك , والقضيـــــــة رقم 1018 / 95 مستأنف 8713 / 95 جنح الدقى حصر 4448 / 95 – 3 شهور – شيك , وإذ أن ما سبق ذكره بشأن المدعى يقتضى من هيئة الشرطة تتبع المدعى وتحاصره بكل السبل المقررة قانونا ومن ذلك منعه من السفر وذلك قياماً منها بواجبه الذى يلزمها به القانون من وضع الأحكام الصادرة ضد المدعى موضع التنفيذ حتى لا تصبح هباءاً منثوراً , وبالتالى يكون نعى المدعى على سلك الجهة الإدارية بمنعه من السفر وإدراج اسمه ترقب وصول وسفر فى غير محله حرياً بالرفض .

وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل تأسيساً على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث إن القرار الطعين

صدر فى 16/6/1996 وطعن عليه أكثر من ثلاث سنوات دون تجديد وذلك عملاً بنص المادةالسادسة من قرار وزير الداخلية رقم 975 لسنة 1983 , وإنه ولئن كانت الجهة الإدارية قد ذكرت بمذكرة دفاعها أن الإدراج قد جدد وذلك بتـــاريخ 2/8/1997 بناء على طلب مصلحة الأمن العام , فإنها لم تقدم ما يفيد هذا التجديد . كما أن الأحكام التى استندت إليها جهة الإدارة قد صدر فى بعضها أحكام بالإيقاف , وأن بعض هذه القضايا لم تقدم فيها جهة الإدارة المستندات الدالة على صدور أحكام فيها ضده .

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع الدستورى قد جعل من الحرية الشخصية حقاً طبيعياً يصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه , فحرية التنقل كأحد عناصر الحرية الشخصية بما يشتمل عليه من حق وحرية السفر للخارج , يعتبر حقاً لكل مواطن لأنه يتصل بحريته الشخصية وقد تضمنه الدستور من الضمانات ما يكفل سلامة تطبيقه وحمايته من أى عدوان بل أن دستور 1971 كان أكثر حماية لهذا الحق فارتقى به إلى مصاف الحقوق والحريات العامة الدستورية من الدساتير السابقة عليه , حيث نص فى المادة (41) منه – وهو نص مستحدث لم يرد فى الدساتير السابقه عليه – على ضمانات دستورية جديدة للحقوق والحريات العامة ومنها حق التنقل , وهى ضمانات تتعلق بالسلطة المختصة بتقييد حرية التنقل ومبرراته ودواعيه فجاءت الماده (41) ونصت على أن ” الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس , وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع , ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة , وذلك وفقا لأحكام القانون ” .

وحيث إنه بموجب هذا النص أصبح تقييد حرية التنقل ومنها أمر المنع من السفر والحرمان من حرية الانتقال – فى غير حالات التلبس – مشروطان بصدور أمر من جهة قضائية , وأن يكون مستنداً إلى ضرورة يستلزمها التحقيق ويقتضيها أمن الجماعة , وبذلك أصبح حتماً دستوريا أن يكون المنع من السفر للخارج بأمر من السلطة القضائية دون غيرها كما حددها الدستور مما مفاده أن أمر المنع من السفر بالطريق الإدارى محظور , فهذه الحماية الدستورية لحرية التنقل تفرض على سلطات الدولة عدم المساس به أو اتخاذ أى إجراء أو عمل ينطوى على تقييده إلا بالوسائل القانونية السليمة وفى الحدود والضوابط الدقيقة كما حددها الدستور فى الماده (41) منه وذلك صيانة لهذا الحق وحماية له من أى عدوان عليه , وخاصة إذا إنطوى ذلك على اختصاص مخول للسلطة القضائية لأن مثل هذا الاعتداء يخرج الحق من دائرة الحماية الدستورية , ومن ثم فإنه إذا ناط الدستور بالسلطة القضائية دون غيرها هذا الاختصاص وجب إلتزام سلطات الدولة بهذا الخطاب الدستورى ومخالفته يعتبر عدوانا على هذا الحق واغتصاباً لاختصاص محجوز للسلطة القضائية وحدها بنص الدستور .

ومن حيث إنه رغم صدور دستور 1971 متضمناً لنص الماده (41) سالفة الذكر بما تضمنته من ضمانات جديدة بالنسبة لحرية التنقل وجعل الاختصاص بتقييده للسلطة القضائية وحدها – على النحو السالف بيانه – إلا أن العمل بالقرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر – الذى كان معمولاً به قبل صدور الدستور – ظل سارياً وظل العمل بالمادتين 8 , 11 من هذا القانون , رغم مخالفتهما لحكم المادة (41) من الدستور , فالمادة (8) تخول لوزير الداخلية بعد موافقة وزير الخارجية تحديد شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وشروط وإجراءات منحه , فى حين تجيز المادة (11) لوزير الداخلية لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده كما يجوز له سحبه ,

وتنفيذاً لذلك صدرت عدة قرارات من وزير الداخلية فى هذا الشأن منها ما يتعلق بقوائم الممنوعين من السفر ومنها القرار رقم 2214 لسنة 1994 , وبهذه النصوص كان المنع من السفر وقيود منح جواز السفر من اختصاص وزارة الداخلية – كسلطة تنفيذية – وليس السلطة القضائية – بما ينطوى عليه ذلك من تقييد حرية التنقل والسفر للخارج بالمخالفة للدستور . وإذ صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2001 بعدم دستورية نص المادتين 8 , 11 من القرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه والذى ترتب عليه سقوط النصين المشار إليهما وانعدام القاعدة القانونية التى تضمنها النصين وإبطال العمل بهما وتجريد النص من قوة نفاذه اعتباراً من تاريخ صدورهما , وزوال كافة الآثار القانونية التى ترتبت عليه ومنها القرارات التى صدرت تنفيذا لهما أو استناداً إليهما ولو كانت صادرة قبل صدور الحكم ونشره فى الجريدة الرسمية , وذلك كله إعمالاً لحجية الحكم والأثر الرجعى له لأن مؤدى الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة هو عدم تطبيق النص من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية إلا أن ذلك لا ينصرف إلى المستقبل ومده بل ينسحب أيضا على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم , ولا يستثنى من ذلك إلا الحقوق والمراكز التى استقرت عند صدوره بموجب حكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم .

ومن حيث إن النيابة العامة هى المختصة قانوناً بتنفيذ الأحكام الجنائية الواجبة التنفيذ حيث أسند المشرع إليها مهمة تنفيذ الأحكام الصادرة فى الدعاوى الجنائية على النحو المبين فى قانون الإجراءات الجنائية , حيث نصت المادة (461) منه على أن يكون تنفيذها بناء على طلب النيابة العامة وعليها أن تبادر إلى تنفيذ الأحكام الواجبة النفاذ ولها عند اللزوم أن تستعين بالقوة المباشرة 000 , ومن ثم فإن النيابة العامة هى السلطة المختصة قانوناً بتنفيذ الأحكام الجنائية , وليست وزارة الداخلية التى ليس لها إلا تنفيذ ما تطلبه النيابة العامة من إجراءات فى هذا الشأن .

ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على وقائع المازعة الماثلة – وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل – وكان البادى من الأوراق – أن القرار المطعون فيه بإدراج اسم الطاعن على قوائم الممنوعين من السفر كطلب مصلحة الأمن العام بكتابها رقم 2385/96 فى 20/6/1996 وكتابها رقم 171 لسنة 1971 فى 2/1/1997 وذلك على ذمة عدد 4 أحكام هى القضية رقم 2889 / 97 مستـــأنف 4730/98 جنح الدقى حصر 4191/1998 سنة – شيك , القضية رقـــــم 2890/97 مستأنف 7432/98 جنح الدقـــــى حصر 4192/1998 سنـــة – شيك , القضية رقم 11481/96 مستأنف 7508/98 جنح الدقى حصر 4193/98 سنة – شيك , القضيــــــة رقــــــم 1018 /95 مستأنف 8713/95 جنح الدقى حصر 4448/95 – 3 شهور شيك وأن القرار الطعين صدر استناداً إلى نص المادة الأولى من قرار وزير الداخلية رقم 2214 لسنة 1994 فى شأن قوائم الممنوعين من السفر الذى صدر بدوره استناداً لنص المادتين 8 , 11 من القرار بقانون رقم 97 لسنة 1959 بشأن جوازات السفر اللذان حكم بعدم دستوريتهما بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4/11/2001 فى الدعوى الدستورية رقم 243 لسنة 21 ق على النحو السابق بيانه ,

فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مشوباً بالانعدام لأنه فضلا عن صدوره من سلطة غير مختصة – بحسبان أن النيابة العامة هى المختصة بتنفيذ الأحكام الجنائية على النحو المشار إليه , ولم تقدم وزارة الداخلية المطعون ضدها ما يفيد أن النيابة العامة قد طلبت تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الطاعن , فإن القرار الطعين يكون قد صدر أيضاً استناداً إلى نص تشريعى غير دستورى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا , وبذلك فقد القرار سنده ودعامته القانونية بحكم الواقع القانونى الجديد الذى كشف عنه الحكم وهو الأمر الذى يكون القرار المطعون فيه قد جاء – بحسب الظاهر من الأوراق – مشوبا بشبهة مخالفة الدستور والقانون وبذلك يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه .

ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه متوافر أيضا لأنه متى تعلق الأمر بحق من الحقوق الدستورية أو بحرية من الحريات العامة فإن المساس بأى من هذه أو تلك ليتوفر فيه وبه حقاً ركن الاستعجال , وإذ توافر ركنا طلب وقف التنفيذ فإنه يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .

وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانب الصواب مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداًً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات إعمالاً لحكم المادة (184 ) من قانون المرافعات .

” فلهــــذه الأسبــــــاب “

*******

حكمت المحكمة :

بقبول الطعن شكلاً , وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات .

سكرتير المحكمــــــــة رئيس المحكمـــــــــــة