الصور المختلفة للطلبات في الاشكالات:

إذا رفع الاشكال من الدائن فإنه يرفع بطلب استمرار التنفيذ. أما إذا كان الاشكال مرفوعاً من المدين أو الغير فإنه يرفع في أغلب الأحوال بطلب وقف التنفيذ. ولكن هناك حالات لا تتحقق فيها مصلحة المدين إذا أقام اشكالا وطلب فيه وقف التنفيذ. ومثال ذلك أن يحجز على مال المدين لدى الغير. فلو رفع اشكالا وطلب فيه وقف التنفيذ فإن ذلك يحول بينه وبين ماله – وهو ما لا تتحقق به مصلحة المدين بل يكون أقرب إلى تحقيق مصلحة الدائن – وكذلك الأمر في طلب استمرار التنفيذ.

وهكذا نرى أن وقف التنفيذ قد يكون في بعض الحالات ضارا بالمدين. ولهذا فإنه لا يرفع الاشكال طالباً وقف التنفيذ أو الاستمرار فيه بل يطلب اجراء وقتياً آخر هو السماح له بقبض دينه رغم الحجز. ويطلق على الاشكال عندئذ اسم “دعوى عدم الاعتداد بالحجز” – والمقصود بها تعطيل مفاعيل الحجز مؤقتاً أو التقرير باعتباره غير مؤثر- بمعنى أن الحجز يتمخض عن مجرد واقعة لها وجود فعلى ولكن لا عمل لها في المجال القانوني ولا أثر ولو إلى حين. وقد نص المشرع على هذه الدعوى في المادة (351) مرافعات.

كذلك ترفع دعوى عدم الاعتداد في حالة اتخاذ اجراءات تنفيذية مشوبة ببطلان جوهري ظاهر، كما لو اتخذت دون أن يسبقها إعلان السند التنفيذي. حتى لو لم تكن تلك الاجراءات حجزاً، ومثال ذلك تنفيذ حكم بتسليم عقار أو منقول دون أن يكون التنفيذ مسبوقا بإعلان الحكم. وبديهي أن الدعوى في هذه الحالة لا تسمى (دعوى عدم اعتداد بالحجز) وانما توصف بأنها دعوى عدم الاعتداد بإجراء تنفيذي باطل.

ويفصل قاضى التنفيذ في دعوى عدم الاعتداد بالحجز كما يفصل في سائر الاشكالات، بمعنى أنه يصدر حكما بإجراء وقتي هو التصريح بقبض المبلغ المحجوز رغم قيام ذلك الحجز من الناحية النظرية، بما يؤدى إلى تمكن المدين من صرف المبلغ الموجود تحت يد الغير، رغم وجود الحجز المتوقع تحت اليد. ولا يغير من ذلك أن يتضح فيما بعد عند نظر النزاع الموضوعي في التنفيذ أن الدائن كان محقاً في ايقاع الحجز أو أن الاجراءات كانت صحيحة – فإن الدائن يكون له في هذه الحالة الحق في منع استمرار الصرف للمدين – إذا كان الصرف يتم بصفة دورية أو مستمرة – كما هو الشأن في المرتبات أو الأجور – كما يكون له الحق دائماً في الرجوع على المدين بالتعويض – ولكن ذلك كله لا يحول دون القول بأن الحكم بعدم الاعتداد بالحجز – وما يؤدى إليه من صرف المبلغ إلى المدين – انما كان حكما بإجراء وقتي – وحتى لو ترتبت على ذلك نتائج لا يمكن تداركها أو الرجوع فيها، ولكن هذه فروض نادرة على كل حال لأن القاضي قلما يقضى بعدم الاعتداد بالحجز ما لم يكن وجه البطلان ظاهرا أمامه بصورة يقينية أو شبه يقينية، بحيث لو عرض الأمر على قضاء الموضوع لما قضى بغير ذلك.

سلطة قاضى التنفيذ بالنسبة للإشكال:

وقاضى التنفيذ، حين يفصل في دعوى عدم الاعتداد بالحجز أو في سائر الاشكالات الأخرى التي يطلب فيها وقف التنفيذ مؤقتا أو استمراره – انما يفعل ذلك بصفته قاضيا للأمور المستعجلة أي على اساس البحث الظاهري للأمور وتحسس المستندات دون التعمق في بحث الموضوع دون المساس بأصل الحق.

ويترتب على ذلك أن قاضى التنفيذ نفسه عندما ينظر بعد ذلك في المنازعات التنفيذية الموضوعية بصفته قاضياً للموضوع لا يتقيد بالحكم الذى صدر منه بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة في الاشكال المستعجل، لأن ذلك الحكم لا حجية له أمام قضاء الموضوع. على أنه إذا رأى قاضى التنفيذ أن الاشكال المرفوع أمامه يتضمن مساسا بأصل الحق أو ينطوي على طلب موضوعي فإنه لا يقضى عندئذ بعدم اختصاصه بل ينظر المنازعة باعتبارها من منازعات التنفيذ الموضوعية.

وذلك لأنه مختص بمنازعات التنفيذ المستعجلة والموضوعية معاً على السواء ولا يحكم قاضى التنفيذ بعدم اختصاصه إلا إذا تبين أن المنازعة الموضوعية ليست من منازعات التنفيذ. أما إذا كانت منازعة تنفيذية ولكنها موضوعية فإنه يحيلها إلى نفسه باعتباره قاضى التنفيذ الموضوعي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .