مقال قانوني هام حول المبادئ القانونية لحماية الشيك

أ* محمد خميس محمد

لقد وضع المشرع الأردني والعربي مباديء قانونية لحماية الشيك كوسيلة أداء وإئتمان ولحماية صاحب الحق فيه وذلك من خلال النص على هذه المبادئ في كل من قانون العقوبات وقاتوت التجارة.

و يمكن إجمال هذه المباديء القانونية مع ذكر النص القانوني في التشريع الأردني بما يلي:-

مبدأ الكفاية الذاتية للشيك :

حيث ان الشيك محرر مكتوب يشتمل على البيانات الإلزامية التي نص القانون على وجوب ادراجها في متن الشيك حيث متى وجدت هذه البيانات في الشيك تمتع بالحماية القانونية التي اصبغها المشرع عليه من أجل المحافظة على حقوق من آلت اليه ملكية الشيك وللمحافظة على الشيك كأداة وفاء وائتمان.

تنص المادة 123 فقرة ج من قانون التجارة الأردني :”الشيك هو محرر مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون ويتضمن امرا صادراً من شخص هو الساحب الى شخص آخر يكون معرفا وهو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث او لامره او لحامل الشيك – وهو المستفيد- مبلغاً معينا بمجرد الاطلاع على الشيك”

2- مبدأ استقلال التواقيع:-

ان هذا المبدأ يعني ان كل شخص له توقيع على الشيك بصفته ساحب او مظهر يعتبر مسؤول تجاه حامله عن الوفاء بقيمته سواءً مسؤلية فردية او تضامنية، ونتيجة لهذا المبدأ يعطى الحق لحامل الشيك الرجوع ومطالبة كل من قام بالتوقيع على الشيك من ساحب أو مظهر للوفاء بقيمته، كما يحق للحامل (المشتكى) الرجوع على الساحب دون غيره ومطالبته بدفع قيمة الشيك بإعتباره انه يبقى مسؤولاً مسؤلية شخصيه تجاه الحامل عن وفاء قيمته.

وهذا المبدأ هو تطبيق للغايات التي وضع من أجلها الشيك كأداة وفاء وائتمان يلعب دوراً مهماً في الحياة اليومية والتعاملات التجارية من حيث تسهيل تداول النقود بين الأشخاص وكذلك سرعة الائتمان وهو الأمر الذي يتطلبه التعامل التجاري.

تنص المادة 185 من قانون التجارة الأردني :-

1- ساحب السند وقابله ومظهره وضامنه الاحتياطي مسؤولون جميعاً تجاه حامله على وجه التضامن.

2- ولحامله مطالبتهم منفردين او مجتمعين دون ان يلزم بمراعاة ترتيب التزام كل منهم.

3- مبدأ تطهير الدفوع:-

هو نتيجة أخرى لمبدأ استقلال التواقيع ومسؤولية الساحب تجاه الحامل للوفاء بقيمة الشيك بحيث لا يمكن للساحب ( المشتكى عليه) ان يحتج تجاه حامل الشيك ( المشتكى) بالدفوع التي يمكن له اثارتها تجاه المظهرين للشيك.

تنص المادة 146 من قانون التجارة الأردني:”يعتبر من بيده السند انه حامله الشرعي متى اثبت انه صاحب الحق فيه بتظهيرات متصله بعضها ببعض ولو كان آخرها تظهيرا على بياض”

و تنص المادة 147 من ذات القانون:” ليس لمن اقيمت عليهم الدعوى بسند سحب ان يحتجوا على حامله بالدفوع المبنية على علاقاتهم الشخصية بساحب السند او بحملته السابقين ما لم يكن حامل السند قد حصل عليه بقصد الاضرار بالمدين”.

وبذلك لا يمكن للمشتكى عليه اثارة حجة انه لم يقم بطرح الشيك موضوع الدعوى للتداول طالما ان الشيك موضوع الدعوى قد انتقلت ملكيته الى المشتكى عن طريق سلسلة من التظهيرات التي تدل على وصول الشيك بطريقة مشروعة الى المشتكى وبذلك يعتبر حامل الشيك حسن النية لا تثار تجاهه الدفوع التي يمكن للمشتكى عليه (الساحب) اثارتها تجاه المظهرين.

وكنتيجة لهذا المبدأ فإن قول المشتكى عليه بأنه لم يقم بطرح الشيك للتداول وأنه أخذ من درج مكتبه على سبيل المثال لا يعتبر دفعاًَ قانونياً يمكن اثارته تجاه المشتكى ( حامل الشيك) للتهرب من سداد قيمته.

4- الشيك يكون قابل للتداول بطرق التظهير إذا وجدت كلمة لأمر في متن الشيك وكذلك في حالة تحريره لشخص مسمى:-

حيث تنص المادتان 233 و 239 من قانون التجارة الأردني على مايلي:-

م 233 :- يجوز اشتراط اداء الشيك :-

أ- الى شخص مسمى مع النص فيه صراحه على شرط ” الأمر” أو بدونه.

وتنص الفقرة الأولى من المادة 239 :” الشيك المشروط دفعه الى شخص مسمى قابل للتداول بطريق التظهير ولو لم يذكر فيه صراحه كلمة لأمر”.

5- قرينة ان الساحب إذا لم يقم بإعطاء البنك (المسحوب عليه) أمر وقف صرف الشيك فإن ذلك يعني ان الشيك قابل للصرف ومطروح للتداول بطريقة مشروعة ولا تنطبق عليه الحالات التي نص عليها القانون في الفقرة 2 من المادة 249 من قانون التجارة الأردني وهما السرقة وحالة افلاس الحامل.

6- قرينة خلو الشيك من اية بينات إضافية للساحب تمنع تظهيره (كشرط انه لا يصرف الا للمستفيد الأول) يعني ان الشيك موضوع الدعوى قابل للتداول بطريق التظهير وانتقال حيازته من شخص الى آخر.

تنص المادة 233 الفقرة 3 من قانون التجارة الأردني – :” والشيكات المشتمله على شرط (عدم القابلية للتداول) لا تدفع الا لحملتها الذين تسلموها مقترنه بهذا الشرط”.

أركان جريمة سحب شيك بدون رصيد:

تنص المادة 421 من قانون العقوبات الأردني على مايلي:-

1- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنه ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على مائتي دينار كل من أقدم بسوء نية على ارتكاب احد الافعال التالية:-

أ‌- اذا اصدر شيكاً وليس له مقابل وفاء قائم وقابل للصرف.

وبالبحث في عناصر جرم اصدار شيك لا يقابله رصيد نجد ما يلي:-

لكل فعل مجرم في القانون ومعاقب عليه ثلاثة أركان وهي :-

– الركن المادي:- والمتمثل بقيام الساحب (المشتكى عليه) بتحريرالشيك المستكمل لبيناته الإلزامية كتاريخ تحرير الشيك واسم المسحوب عليه ومكان الوقاء والتوقيع عليه من قبل الساحب ثم تظهيره من قبل المظهرين في حالة قابلية الشيك للتظهير وطرحه للتداول حتى وصوله الى حامله الشرعي مع علم الساحب (المشتكى عليه) عند تحريره للشيك بعدم وجود مقابل وفاء للشيك حين سحبه(تحريره)،

– الركن المعنوي: وهو ما يعبر عنه بعلم الساحب ( المشتكى عليه) بعدم وجود رصيد للشيك الذي قام بتحريره وتسليمه الى حامله وطرحه للتداول.

ان القصد الجرمي للساحب يثبت من علم الساحب ان الشيك الذي يقوم بتحريره يقوم مقام النقود في التعامل، ولذلك عندما قام المشتكى عليه بتحرير الشيك لمصلحة المستفيد فهو بذلك كأنما قام بتسليمه نقوداً بمقابل إما ان يكون هذا المقابل خدمة حصل عليها الساحب أو تعامل تجاري تم بينهما أو تسديد عملية شراء ، ولذلك هنالك قرينه قانونية على علم الساحب بوجود او عدم وجود مقابل الوفاء للشيك تنص عليها المادة 231 من قانون التجارة الأردني وهي وجوب وجود نقوداً للساحب لدى المسحوب عليه في وقت انشاء الشيك، وبمفهوم المخالفة اذا تم التأشير من البنك على الشيك بما يفيد عدم صرفة لعدم وجود الرصيد فإن ذلك يثبت قصد الساحب (المشتكى عليه) سحب شيك وهو يعلم بعدم وجود الرصيد له مما يرتكب معه جرم اصدار شيك لا يقابه رصيد (مقابل وفاء) خلافاً لما نص عليه القانون وهو ما يعبر عنه بسوء النية لدى الساحب (المشتكى عليه).

– الركن القانوني:- هو تجريم المشرع لفعل ساحب الشيك الذي لا يقابله وفاء وذلك بالنص في المادة 421 من قانون العقوبات الأردني على تجريمه.