الحضانة

القانون الشرعي – قانون الأحوال الشخصية فلسطين

اعادة نشر بواسطة محاماة نت

لا يختلف اثنان على أن الأسرة هي الحضن الدافئ الذي يغمر أفرادها سواء الزوجين أو الأبناء بمعاني التآلف والمودة والتراحم المتبادل بينهم جميعا..

فالأسرة هي نواة المجتمع، وهي اللبنة الأساسية التي إن صلحت صلح المجتمع بأسره, ولذا فإن أفرادها لا بدّ أن يعيشوا في ظروف مستقرة وانسجام يكفل استقرارًا للمجتمع وإنشاء جيل صالح متربٍّ على القيم والأخلاق, والأصل أن الوالدين يتوليان مسئولية تربية وحضانة الأبناء ورعاية مصالحهم, والحضانة شرعت بالأساس لتحقيق مصلحة الأبناء ليكونوا صالحين مصلحين لأنفسهم ولمجتمعهم, وهذه المصلحة تقتضي أن يكون الصغير في كنف والديه، فحضانتهم له واجبة في حقهم؛ لأن الصغير إن ترك وأهمل ضاع وهلك. بل إن الحضانة من أهم حقوق هذا الطفل في سنوات حياته الأولى، فهو بأمسّ الحاجة في مثل هذا العمر إلى من يحفظ حياته ويرعاها، ويوجهه لما فيه مصلحة دينه ودنياه.

فمسئولية حضانة الصغير الأصل أن يقوم بها الوالدان معا طالما أن ركب أسرتهما يسير باستقرار وهدوء, لكن السؤال فيما إذا انقطع حبل الاستقرار والهدوء داخل الأسرة عبر الانفصال إما بالطلاق أو بوفاة الأب، فهل يترَك الصغار بلا حاضن يربيهم ويرعى مصلحتهم؟ ومن له حق الأولوية في حضانتهم هل الأم أم الأب أم غيرهم؟ وما هو ترتيب المستحقين للحضانة؟ وما هي شروط الحاضن وفقا للقانون الشرعي المعمول به في محاكم قطاع غزة الشرعية؟ وما هي السن القانونية للحضانة؟ وهل تجبر الحاضنة على الحضانة؟ ومتى تسقط الحضانة؟

س/ هل تجبر الحاضنة على الحضانة؟

نعم تجبر الحاضنة على الحضانة إذا تعينت؛ بمعنى لم يوجد للطفل حاضنة غيرها، وذلك حسب نص المادة (387) من قانون الأحوال الشخصية: “إذا امتنعت الحاضنة عن الحضانة، فلا تجبر عليها إلا إذا تعينت لها بأن لم يوجد للطفل حاضنة غيرها من المحارم أو وجدت من دونها وامتنعت فحينئذ تجبر إذا لم يكن لها زوج أجنبي”.

شروط الحضانة؟

ليس كل من جاء في ترتيب المستحقين للحضانة هم أهل للحضانة؛ فللحضانة شروط حسب ما أوردت المادة (382) من قانون الأحوال الشخصية:

– أن تكون الحاضنة حرة بالغة عاقلة؛ أي عندها أهلية الحاضنة لحضانة الصغير.

– أن تكون أمينة لا يضيع الولد عندها باشتغالها عنه.

– أن تكون قادرة على تربيته وصيانته؛ بمعنى لا تكون مشلولة مثلا بحيث يمنعها شللها عن صيانة الولد الصغير.

– أن لا تكون مرتدة.

– أن لا تكون متزوجة بغير محرم للصغير؛ بمعنى لو تزوجت عم الصغير فالعم محرم له فيجوز أن تحضنه.

– أن لا تمسكه في بيت المبغضين له، والمبغضون هم الذين يكرهون الصغير.

وهذه الشروط التي ذكرتها المادة السابقة الذكر تنطبق على الأم وغيرها من الحاضنات.

بالإضافة إلى غيرها من الشروط؛ نحو:

– أن تكون الحاضنة قريبة صاحبة حق في الحضانة حسب الترتيب.

– وألا تكون الحاضنة من الفاجرات.

– والحاضنة الذمّية هي كالمسلمة؛ حيث نصت المادة (381) أن الحاضنة الذمية أمًّا كانت أو غيرها أحق بحضانة الولد كالمسلمة حتى يعقل دينا أو يخشى عليه أن يألف غير دين الإسلام.

س/ ما هي السن القانونية للحضانة؟

سبق وأن أشرنا إلى أن القانون الشرعي أكد على أن النساء أولى من الرجال في تربية الصغار وحضانتهم؛ فالنساء هن الأقدر على القيام بخدمة الصغير ورعايته, وقد حدد القانون السن القانونية للحضانة كالتالي:

فالأم المطلقة تحضن ابنها الذكر إلى 7 سنوات، ولها طلب تمديد المدة إلى 9 سنوات, وأما ابنتها فحضانتها لها إلى 9 سنوات وتمدد إلى 11 سنة.

أما الأم المتوفى عنها زوجها؛ فقد منحها القانون الصادر من المجلس التشريعي حضانة ابنها إلى أن تتزوج, فإن تزوجت لم تعد أرملة، وبذلك تكون قد أخرجت نفسها من القيد فتسقط حضانتها لابنها, وذلك حسب قانون رقم (1) لسنة 2009م معدلا لقانون الأحوال الشخصية الصادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني بتاريخ 5/1/2009 والذي ينصّ على: أ- للقاضي أن يأذن بحضانة النساء للصغير بعد سبع سنين إلى تسع سنين, وللصغيرة بعد تسع سنين إلى إحدى عشرة سنة إذا تبين أن مصلحتهما تقضي بذلك.

ب- للقاضي أن يأذن باستمرار حضانة الأم المتوفى عنها زوجها وحبست نفسها على تربية أولادها ورعايتهم إذا اقتضت مصلحتهم ذلك مع اشتراط الأهلية في الحاضنة والمتابعة للعصبة؛ ففي البند رقم (أ) يتضح لنا أن للقاضي سلطة تقديرية لتحقيق مصلحة الصغير, فليس كما يعتقد كثير من الناس أن السن القانوني هو المعيار، فالقاعدة تقول أن الحضانة تدور مع مصلحة المحضون وجودًا وعدمًا, ففي الحضانة مصلحتان؛ الأولى مصلحة للحاضن نفسه حيث توطد الحضانة أواصر المحبة والحنان بين الحاضن والمحضون خاصة إن كانت الحاضنة هي الأم النسبية فهي تحتاج لأن يكون طفلها أمام ناظريها ويتعلق بها كأم \, ولكن هذه المصلحة مصلحة متأخرة، بمعنى ليست أولى من مصلحة الصغير الذي هو بأمس الحاجة للحفظ والرعاية والتربية والحنان في ظروف تحقق له التنشئة الصالحة والسليمة. والمصلحة الثانية هي مصلحة المحضون وهي المصلحة المتقدمة والتي تحظى بالأولوية لدى القاضي عندما يبتّ في قضية الضمّ, ذلك أن هذا الصغير مفتقر لمن يدافع عنه ويبين عند القاضي مدى حاجاته لحاضن يكون أهلا لحضانته, فالقاضي هنا هو من يدافع عن الصغير ويحقق مصلحته, أما الكبير “الحاضن” فباستطاعته توكيل محام لينوب عنه أمام القضاء ليدافع عنه..

وهنا نأتي بمثال يوضح السلطة التقديرية التي منحها القانون للقاضي لتحقيق مصلحة الصغير في تمديد سن الحضانة من عدمه؛ فمثلا لو أن بنتًا كانت في حضانة أمها إلى أن صار عمرها 9 سنوات وهو السن القانوني لانتهاء حضانة النساء للإناث, فوكّل الأب محاميًا في قضية “دعوى ضم بنت” ودفعت الأم دفعا موضوعيا يفيد باختلال شرط من شروط الحضانة قائلة بأن والدها ليس على خلق، وليس أهلا للحضانة، وأنه مدمن مخدرات، أو كان مسجونا على قضية أخلاقية، واستطاعت أن تثبت للمحكمة ذلك.. فإن هذا يعني أن أهلية الأب كحاضن قد سقطت، فإذا سقطت أهليته في الواقع تستمر حضانة الأم لابنتها, وبذلك فإن السن ليس معيارًا مقدسًا للحكم، وإنما مصلحة الصغير هي مدار الحكم.