الأحكام الادارية القابلة للاستئناف: دراسة مقارنة

بقلم ذ ميمون خراط

باحث في صف الدكتوراه
متخصص في القضاء الاداري وحقوق الانسان
اطار بوزارة التجهيز والنقل

مقدمة :

إن القانون المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية لم يتوسع في بيان مجالات الطعن بالاستئناف إذ اقتصر في هذا الموضوع على مادتين فقط .

هكذا نصت المادة الخامسة من القانون المذكور على ما يلي :” تختص محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها ما عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة” .
ونصت المادة السادسة من نفس القانون على اختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية أو نائبه في ممارسة مهام قاضي المستعجلات إذا كان النزاع معروضا على المحكمة.

كما أن الاختصاص المكاني أو المحلي لمحاكم الاستئناف الإدارية قد تم تحديده بمقتضى المرسوم التطبيقي الصادر بتاريخ 25 يوليوز 2006 الذي حصرها في اثنتين تتواجدان بكل من مدينتي الرباط ومراكش، وتشمل دوائر اختصاصهما النفوذ الترابي الذي حدده نفس المرسوم التطبيقي [1].
ويتحتم علينا لمعرفة المجالات الممكن الطعن فيها بالاستئناف الرجوع إلى الأحكام التي تصدرها المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها، وهكذا سنقوم بتقسيم هذا الموضوع إلى فقرتين ، ستخصص الأولى للقاعدة العامة، على أساس التطرق في الثانية للاستثناءات .

المطلب الأول: القاعدة العامة

لمعرفة اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية لا بد من الرجوع للأحكام التي تختص بإصدارها المحاكم الإدارية، هكذا نصت المادة الثامنة من القانون رقم 90-41 على ما يلي: “تختص المحاكم الإدارية مع مراعاة أحكام المادتين 9 و 11 من هذا القانون، بالبث ابتدائيا في طلبات إلغاء قرارات السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وفي النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية ودعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام، ما عدا الأضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام .
وتختص المحاكم الإدارية كذلك بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، وموظفي إدارة مجلس النواب وموظفي إدارة مجلس المستشارين ، وعن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتحصيل الديون المستحقة للخزينة العامة، والنزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، وموظفي إدارة مجلس النواب وموظفي إدارة مجلس المستشارين، وذلك كله وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون .
وتختص المحاكم الإدارية أيضا بفحص شرعية القرارات الإدارية وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 44 من هذا القانون” .

انطلاقا مما سبق ولأسباب منهجية ارتأينا تناول هذا المطلب وفق ثلاث فروع، سيخصص الأول للأحكام المرتبطة بقضاء الإلغاء، والثاني للأحكام المرتبطة بالقضاء الشامل، والثالث للأحكام المتصلة بالقضاء الاستعجالي.

الفرع الأول : الأحكام المرتبطة بقضاء الإلغاء

تجدر الإشارة في البداية أن دعاوى الإلغاء قبل إحداث المحاكم الإدارية كانت تندرج ضمن الاختصاصات المحددة للمجلس الأعلى الذي كان ينظر فيها ابتدائيا وانتهائيا [2]، وبالتالي كانت محرومة من الدرجة الثانية في التقاضي. ولدى إحداث المحاكم الإدارية سمح المشرع باستئناف أحكامها أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى[3].

ويمكن اعتبار دعوى الإلغاء بأنها دعوى القانون العام، إذ بمقتضى هذه الخاصية تواتر اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي في عدة قراراته على اعتبار أن النصوص التي ترد في بعض القوانين لتحصين بعض القرارات الإدارية موجهة للطعون الأخرى ولا تعني دعوى الإلغاء [4].
وقد سارت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في هذا الاتجاه، عندما قبلت الطعن في قرارات الكاتب العام للحكومة بالترخيص أو عدم الترخيص بمزاولة المهن الحرة رغم أن الظهير المتعلق بمزاولة هذه المهن ( الأطباء، والصيادلة وجراحي الأسنان) ينص على أن يبت دون أي طعن، واعتبرت أن المقصود هو الطعن الإداري وليس الطعن القضائي [5].

نفس الاتجاه اتبعته المحاكم الإدارية بالنسبة للقرارات التي يصدرها مجلس الوصاية على الأراضي السلالية، التي ينص قانونها على أنها غير قابلة للطعن، حيث قضت المحكمة الإدارية بوجدة بأن الطعن بالإلغاء ضد المقررات الإدارية يهدف إلى حماية الشرعية ولا يفلت عنه أي مقرر إداري ولو تعلق الأمر بمقرر صدر في إطار قانون ينص على عدم قابليته للطعن مادام مبدأ مراقبة الشرعية يعتبر مبدأ دستوريا [6].
كما تتميز دعوى الإلغاء ببعض الخصائص منها أنها تنتمي إلى قضاء المشروعية وإلى القضاء العيني[7].

وتطبيقا للخصائص السابقة سار قضاؤنا الإداري على اعتبار “أنه لا يستساغ وفقا لروح قانون 41.90 حرمان المواطن في دولة الحق والقانون ضمانا لحقوقه وحرياته من مراقبة أعمال الإدارة عن طريق دعوى الإلغاء… “[8].
كما أن للقرار الإداري الذي يجوز الطعن فيه عن طريق الإلغاء بعض الشروط[9] ومنها :

-يجب صدور القرار الإداري عن سلطة إدارية، مع استبعاد الأعمال الصادرة عن السلطة التشريعية والقضائية وكذا القرارات الملكية[10] وأعمال السيادة والأعمال الصادرة عن الهيئات الخاصة [11].
-يجب أن يكون القرار الإداري تنفيذيا بحيث يخرج من نطاق هذه الدعوى الأعمال التحضيرية أو الآراء الاستشارية [12] .
يجب أن يكون القرار الإداري مؤثرا في المركز القانوني للطاعن [13]، وسوف لن نطيل كثيرا في دعوى الإلغاء على أساس أن ما يهمنا في هذا المضمار هو مجالات تطبيقها أمام المحاكم الإدارية وهذا لا يتأتى لنا إلا في البحث والتنقيب عن الاجتهادات القضائية الصادرة عن القضاء الإداري ومقارنتها من حين لآخر مع نظيرتها الفرنسية، والهدف هو توضيح الأحكام التي يمكن الطعن فيها عن طريق الاستئناف وتبسيط مجالات الإلغاء التي تختص بها محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في الطعون بالاستئناف ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية بشأنها.
ارتأينا تناول الأحكام المرتبطة بقضاء الإلغاء باختصار ذلك أن دعوى الإلغاء يمكن أن تندرج في إطارها كل ما يتعلق بمجال حماية الموظفين، وتتجلى هذه الحماية أساسا في ضمان حقوق الموظفين والمتمثلة في تقاضي الأجر ، والتمتع بالعطلة، وحق الترقية، وضمان الحقوق المكتسبة ، وعدم سحب القرارات الإدارية، والحق في المعاش، والحق في إعادة ترتيبه عند عدم الكفاءة، والحق في الترسيم، والحق في الإضراب والحق النقابي.
كما تبت محاكم الاستئناف الإدارية في الاستئناف الموجه ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية وذلك لحماية حقوق الموظفين أثناء التأديب، والتي يمكن أن يندرج في إطارها عقوبة التوقيف عن العمل، وعقوبة العزل، وعقوبة الإحالة على التقاعد، وعقوبة القهقرة من الرتبة، وعقوبة الإنذار والتوبيخ، ونقل الموظف .
ويمكن أن نضيف لاختصاص محاكم الاستئناف الإدارية مجال حماية حقوق الأفراد، والمتمثل في العاملين في الإدارة من غير الموظفين، كفئة المتعاقدين مع الإدارة والمؤقتين والمياومين والمتمرنين مع الإدارة العمومية، وأعوان السلطة ومساعدي القضاء .
كما تندرج في إطار دعوى الإلغاء التي تشملها اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية، دعاوي باقي الأفراد والذين يمكن تصنيفهم حسب مجالات نزع الملكية والضرائب وأعمال الشرطة الإدارية، بالإضافة إلى مجال التعليم .
في نفس الاتجاه ألغى القضاء الإداري المغربي قرارا إداريا رفضت من خلاله الإدارة تسليم ملف تجديد مكتب الجمعية[14] ، معترفا بذلك بحق الشخص المعنوي الخاص في الطعن بالإلغاء في كل قرار إداري لم يحترم الحقوق المقررة له قانونا، وبالتالي يصعب علينا حصر مجالات قضاء الإلغاء في ما يتعلق بالأشخاص المعنوية نظرا للمصدر الذي يستقي منه أساسه والمتمثل في الحقوق والحريات والمبادئ العامة للقانون .

الفرع الثاني : الأحكام المتصلة بالقضاء الشامل

تشكل القضايا المحسوبة على القضاء الشامل أغلبية المنازعات التي تعرض على المحاكم الإدارية، كما يتوفر القاضي في مثل هذه الدعاوى على صلاحيات واسعة لا تنحصر في الحكم بالإلغاء، بل تتعداها إلى إحداث تعديل في قرارات الإدارة وإدخال تغييرات من شأنها توفير حماية أوسع لحقوق الأطراف .
ومجال القضاء الشامل واسع، ويهم على الخصوص ما يرتبط بالمنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية، والتي يمكن استئنافها أمام محاكم الاستئناف الإدارية، واختصاصها في هذا الإطار يمتد ليشمل كل ما يتعلق بعملية التعاقد وبجميع العقود الإدارية، وهو اختصاص شامل ومطلق للمنازعات العقدية الإدارية وما يتفرع عنها.
وتتخذ منازعات العقود الإدارية في مجال القضاء الشامل عدة صور، فقد تكون مرتبطة بدعوى بطلان العقود أو دعوى الحصول على مبالغ مالية أو دعوى إبطال بعض التصرفات الصادرة عن الإدارة على خلاف التزاماتها التعاقدية أو دعوى فسخ العقد .
بالإَضافة إلى اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية في مجال العقود الإدارية، تختص أيضا بالنظر في الاستئناف الموجه ضد الأحكام المرتبطة بالتعويض. وجدير بالإشارة أن الاجتهاد القضاء الفرنسي هو من أبدع قواعد المسؤولية الإدارية وكذا الحلول التي تتيح بسبب إثارة مسؤولية المرافق العمومية عن نشاطها الضار بحقوق الخواص .
أما بالنسبة للمغرب فالمشرع هو الذي سن مبدأ مسؤولية الإدارة وذلك بمقتضى المادة 79 من ق ل ع والفصل 80 من نفس القانون، هكذا نص الفصل 79 على أن “الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها”، ونص الفصل 80 على أن ” مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم، ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها”.
مع الإشارة أن مسؤولية الجماعات المحلية مسؤولية مستقلة عن مسؤولية الدولة، ولا محل حسب أحكام القضاء الإداري لإدخال وزارة الداخلية والدولة في الدعوى، وبما أن الجماعات المحلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري فلا حاجة لإدخال العون القضائي [15].
كما أكد أيضا على مبدأ مسؤولية الدولة عن جميع تصرفاتها ولم يستثن من هذا المبدأ إلا طائفة أعمال السيادة أو أعمال الحكومة.
وتنقسم المسؤولية الإدارية إلى نوعين ، فإما أن تكون خطئية أي بناء على خطأ أو على أساس المخاطر أي بدون خطأ.
ويندرج في إطار اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية الأحكام المرتبطة بالمنازعات الضريبية وتحصيل الديون وكذا طلبات إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية، وقد أعطى المشرع لهذه الأخيرة القوة التنفيذية رغم الطعن فيها بالاستئناف،هكذا جاء في المادة 13 من القانون رقم 03-80، على أنه: ” ليس لاستئناف الأحكام الصادرة بوقف تنفيذ قرار إداري أثر واقف غير أنه يجب على محكمة الاستئناف أن تبث في طلب الاستئناف المتعلق بوقف تنفيذ قرار إداري داخل أجل 60 يوما يبتدئ من تاريخ توصل كتابة ضبط محكمة الاستئناف بالملف “[16].
أما بالنسبة للأحكام الصادرة في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة فهي أيضا قابلة للاستئناف أمام محاكم الاستئناف الإدارية في الشق المتعلق بالتعويض، ذلك أن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض وهي تنظر استئنافيا في الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية فيما يتعلق بتحديد التعويض، تتشدد في مراعاة مقتضيات الفصل 20 من قانون نزع الملكية دون إثارة أي نوع آخر من التعويض[17].
غير أنها تلح على تعليل المبلغ المحدد كقيمة للعقار تعليلا كافيا وقبوله من طرف المنزوعة ملكيته والقيام بإجراء خبرة.
فقد قضى المجلس الأعلى [18] وهو ينظر استئنافيا في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بفاس [19] بأنه :” بالرجوع إلى تنصيصات الحكم الاستئنافي أن المحكمة التي أصدرته اعتمدت في تحديد التعويض عن نقل الملكية على محضر اللجنة الإدارية للتقييم في حين أنه مجرد اقتراح يتوقف نفاذه على قبوله من نازع الملكية والمنزوعة منه ولا شيء من ذلك في النازلة، ولم تأمر المحكمة بإجراء أية خبرة ولم تقم المحكمة بإجراء العناصر المنصوص عليها في الفصل 20 من قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، وبذلك يكون تعليل ما قضت به من تعويض ناقصا الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه في شقه المستأنف والمتعلق بالتعويض” .
ويدخل أيضا في نطاق اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية الأحكام المرتبطة بالمنازعات الانتخابية والمتمثلة أساسا في كل من :
انتخابات مجالس الجماعات الحضرية والقروية؛
انتخابات مجالس العمالات والأقاليم؛
الانتخابات المرتبطة بالغرف الفلاحية وغرف الصناعة التقليدية وغرف التجارة والصناعة؛
انتخاب ممثلي الموظفين في اللجان الإدارية الثنائية التمثيل.
هذه إضافة إلى بعض الطعون التي لم يرد النص عليها في القانون المحدث للمحاكم الإدارية إذ يمكن اعتبار هذا التعداد واردا على سبيل الحصر وتكون المحاكم الإدارية مختصة في الطعون الانتخابية الأخرى مثل :
الطعون المتعلقة بانتخاب ممثلي الكليات والجامعات؛
الطعون المتعلقة بانتخاب المجالس الجهوية؛
الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء غرف الصيد البحري؛
الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء الجامعات المهنية؛
الطعون الناشئة بمناسبة انتخاب ممثلي القضاة في المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وبصفة عامة تختص المحاكم الإدارية وبالتبعية محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في جميع المنازعات الانتخابية التي لم يرد بشأنها نص خاص.
أما فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية فتختص المحاكم الإدارية بالمنازعات المرتبطة بعملياتها التحضيرية وتكون الأحكام الصادرة في هذا الإطار غير قابلة للاستئناف[20].
وبالنسبة للأحكام المتعلقة بالمعاشات، فلمحاكم الاستئناف الإدارية ولاية شاملة بإمكانها اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لاحتساب المعاش المستحق وإحلال قرارات محل قرارات اتخذتها الإدارة في هذا الشأن .
ويندرج أيضا ضمن اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية الأحكام المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين العاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، إذ أن هذه الأخيرة تتميز بالتعدد والتنوع ويصعب حصرها في غياب أي توضيح تشريعي ، ويمكن إعطاء أمثلة عن الموظفين والعاملين في مرافق الدولة، برجال التعليم وأعضاء السلك الدبلوماسي ومفتشي وزارة المالية ورجال السلطة وكذلك المؤقتين والمتعاقدين …الخ.
وأخيرا يمكن استئناف الأحكام المرتبطة بتقدير شرعية القرارات الإدارية أمام محاكم الاستئناف الإدارية، وتكون الأحكام الصادرة عن هذه الأخيرة انتهائية وغير قابلة للنقض [21]، وذلك نظرا لأن القضية المعروضة على محكمة عادية ( غير زجرية) والتي يتوقف البت فيها على الحسم في النزاع الجدي العارض المتعلق بتقدير شرعية قرار إداري، يتطلب من المحكمة المذكورة تأجيل النظر في هذه القضية مع إحالة تقدير شرعية القرار الإداري إلى المحكمة الإدارية أو محكمة النقض حسب الاختصاص الموكول لإحدى هاتين الجهتين القضائيين [22]. إن مثل هذه القضايا لا يمكن تأجيلها أكثر من اللازم حفاظا على حقوق الأطراف، وهذا ما جعل المشرع عن حق يستثني القرار الاستئنافي البات في تقدير شرعية قرار إداري من إمكانية الطعن بالنقض .
نتيجة لغموض مقتضيات المادة 44 من القانون رقم 41.90، تثار بعض الإشكالات العملية للقضاء أثناء عرض هذه الدعوى على أنظارها. ومن بين هذه الإشكالات ما يتعلق بمفهوم جدية النزاع الذي تقوم على أساسها مسطرة الإحالة، فالمشرع لم يحدد العناصر المكونة لهذه الجدية ومتى تتحقق، ولو أن الأمر يدل على كون المشرع قد ترك المجال للقضاء لاستعمال سلطته التقديرية حسب كل نازلة .
والإشكال الثاني مرتبط بتحديد المقصود بالقرارات الإدارية التي ينصب عليها فحص الشرعية، مع العلم بأن التحقق من طبيعة عمل إداري معين يرجع الاختصاص بشأنه إلى المحكمة الإدارية وليس المحكمة العادية.
الإشكال الثالث يتمثل في مسطرة البت في الدفع بعدم الشرعية بعد إحالته على المحكمة الإدارية، نظرا لخصوصية هذا الدفع الذي يستلزم البت على وجه السرعة، وكان حريا بالمشرع أن يحدد أجلا لذلك على غرار ما سلكه في المنازعات الانتخابية.
الإشكال الرابع يتعلق بمدى إمكانية الإحالة على المحكمة الإدارية من طرف قاضي المستعجلات، أم أن تلك الصلاحية تعتبر حكرا على محكمة الموضوع [23]،فقد قضت المحكمة الإدارية بمكناس في حكمها الصادر بتاريخ 1-6-1995، بأنه “ليس هناك ما يمنع قاضي المستعجلات من اللجوء إلى مسطرة الإحالة” ، لكن تم إلغاء هذا الحكم من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى لدى نظرها في الطعن بالاستئناف، معللة قرارها بكون لجوء قاضي المستعجلات إلى إحالة الملف على المحكمة الإدارية في نطاق الفصل 44 من القانون رقم 90-41 للبت في شرعية القرار الإداري. فقاضي المستعجلات يطلب من المحكمة الإدارية الفصل فيما إذا كان عمل الإدارة داخل في إطار القانون أم لا ، مما يعني أن البت في شرعية المقرر المذكور يعني الفصل قبل الأوان في موضوع الحق، وبالتالي فحكم المحكمة المطعون فيه سيجعل قاضي المستعجلات يحيل على قاضي الموضوع لسبقية الحكم في موضوع الحق، الأمر الذي يتناقض مع مبدأ عدم البت في جوهر النزاع وعدم التطاول على اختصاص قاضي الموضوع أوغل يده .
وخلص المجلس الأعلى إلى عدم أحقية قاضي المستعجلات في إحالة تقدير المشروعية على المحكمة الإدارية [24].

الفرع الثالث : الأحكام المرتبطة بالقضاء الاستعجالي

لقد أقر كل من قانون المسطرة المدنية ، وقانون90-41، وقانون 03-80 [25] ، حق المتقاضين في اللجوء إلى القضاء الاستعجالي كلما توفرت شروط الاستعجال [26].
وقد خص المشرع قاضي المستعجلات ببعض الصلاحيات منها البت في طلب الحصول على أمر إثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف ( الفصل 148 من ق م م ). كما أقر اختصاصه بالبت في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء تحفظي ( الفصل 149 من ق م م ) .
إن موضوعا كهذا يتطلب دراسة مستفيضة ومعمقة حتى يمكن الإحاطة بجميع الجوانب التي تهمه سواء وفق المقاربة القانونية أو المقاربة السوسيوقانونية، وهذا ما لا يسمح به إطار هذا البحث، ولهذا سوف نركز على بعض النقط فقط التي تتصل بموضوع بحثنا، والمتمثلة بالأساس في من يقوم بمهام قاضي المستعجلات أمام محاكم الاستئناف الإدارية ؟ وما هو مجال اختصاص القاضي الاستعجالي؟
جاء في المادة السادسة من القانون رقم 03-80 أنه ” يمارس الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية أو نائبه مهام قاضي المستعجلات إذا كان النزاع معروضا عليه”. ونظرا لهذه الإحالة فإن القواعد التي ستطبق على القضاء الاستعجالي لمحاكم الاستئناف الإدارية هي تلك المقررة في الفصل 149 من ق م م، إلا أن الفرق بين الفصل الأخير والمادة السابقة الذكر، أن هذه الأخيرة أتت بشيء جديد، وهو أنها أعطت للرئيس الأول إمكانية إسناد مهام قاضي المستعجلات لنائبه، بينما الفقرة الثالثة من الفصل 149 من ق م.م لم تمنح للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف العادية هذه الإمكانية.
وهذا المقتضى عمل على حل إشكالية على درجة كبيرة من الأهمية بتحديده للجهة القضائية على وجه الدقة والوضوح التي يمكن اللجوء إليها كقضاء استعجالي حينما يكون النزاع معروضا أمام تلك المحكمة.
فقبل إحداث محاكم الاستئناف الإدارية كان الاعتقاد السائد عند البعض، أن رئيس الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى يمارس مهام قاضي المستعجلات عندما يكون النزاع معروضا أمام هذا المجلس، وذلك استنادا إلى المادة 46 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية، التي نصت على مزاولة رئيس الغرفة المذكورة والمستشار المقرر المعين من قبله للصلاحيات المنوطة إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وذلك بمقتضى الفصول من 329 إلى 336 من ق م.م. إلا أن هذا الفهم لا يستقيم ومنطوق المادة نفسها التي تحدثت فقط عن الصلاحيات المخولة إلى الرئيس الأول فيما يتعلق بتعيين المستشار المقرر وبصلاحيات هذا الأخير فيما يتعلق بمسطرة التحقيق في القضية وتجهيز الملف إلى حين إصدار الأمر بالتخلي، وقد صدرت عدة قرارات عن المجلس الأعلى ( الغرفة الإدارية) تنفي عن رئيس الغرفة الإدارية صفة قاضي المستعجلات منها القرار القاضي بما يلي ” لا يوجد أي نص في ق م م أو في القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية ينقل اختصاص قاضي المستعجلات إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى أو إلى رئيس الغرفة الإدارية به، مما يجعل الطلب الرامي إلى الترخيص للطالب في الحصول على نسخة تنفيذية ثانية طبقا للفصل 435 من ق م م المقدم مباشرة أمام المجلس الأعلى غير مقبول “[27].
وعليه فرئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضي للمستعجلات هو الذي كانت له الصلاحية بمقتضى القانون قبل إحداث محاكم الاستئناف الإدارية بممارسته مهام قاضي المستعجلات، سواء كان النزاع معروضا أمام المجلس الأعلى أم لا ، أما بعد إحداث هذه المحاكم فإن المادة 6 المذكورة أعلاه، عملت على إسناد هذا الاختصاص إلى الرئيس الأول، وذلك في المرحلة التي يكون فيها النزاع معروضا على محكمته بينما يبقى رئيس المحكمة الإدارية يمارس هذه المهام في غير هذه الحالة .
وقد أقر المشرع عدة مجالات لاختصاص القضاء الاستعجالي منها ما تم ذكره في قواعد المسطرة المدنية، ومنها ما تم الإشارة إليه بنصوص خاصة ويتعلق الأمر أساسا بالفصل 19 من قانون 90-41 الذي جاء فيه ” يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية في الطلبات الوقتية والتحفظية” .
ومن أهم مجالات اختصاص قاضي المستعجلات، هناك الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار وإثارة صعوبة التنفيذ. وتكون صلاحية البت في هذه الأخيرة من اختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات حينما يكون النزاع في الموضوع معروضا على هذه المحكمة طبقا للمادة 6 من القانون رقم 03-80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية، بينما يبقى رئيس المحكمة الإدارية بنفس الصفة مختصا بالبت في هذه الصعوبة إذا كان النزاع في الموضوع غير معروض على محكمة الاستئناف الإدارية ، أو أن هذا النزاع سبق أن تم الفصل فيه من طرف هذه المحكمة بمقتضى قرار نهائي ولو طعن في هذا الأخير بالنقض. كما يبقى الاختصاص موكولا له بصفته الولائية للنظر في عوارض التنفيذ، بمقتضى محضر يحال إليه والتي يثيرها عون التنفيذ أو الأطراف، اعتبارا لكون رئيس المحكمة هو الجهة المشرفة على إجراءات التنفيذ طبقا للفصل 436 من ق م م [28]، مع مراعاة مقتضيات الفصل 26 من نفس القانون الذي يمنح الاختصاص في هذا الصدد إلى محكمة الموضوع، ويلعب العون المكلف بالتنفيذ دورا أساسيا في هذه الإشكالية [29].
وجدير بالذكر أن هناك مجموعة من القضايا المنصوص عنها بنصوص خاصة كطلبات إيقاف تنفيذ استخلاص الديون العمومية، والتي يكون الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية هو المختص بها حالة الاستئناف، وكذا الأوامر الاستعجالية الصادرة برفض الإذن في الحيازة، هذه الأخيرة الذي يمكن استئنافها أمام القضاء الاستعجالي لمحاكم الاستئناف الإدارية.

المطلب الثاني: الاستثناء

إذا كانت محاكم الاستئناف الإدارية لها ولاية شاملة فيما يتعلق باستئناف الأحكام التي تصدر عن المحاكم الإدارية بصورة ابتدائية والتي سبق وأن ذكرناها ، فإن لهذه الولاية بعض الاستثناءات التي تجعل اختصاص محاكم الاستئناف الإدارية مقيدا ببعض النصوص الخاصة، من ذلك اختصاص الغرفة الإدارية بمحكمة النقض (الفرع الأول) وكذا الأوامر و الأحكام الغير قابلة للاستئناف نهائيا ( الفرع الثاني).

الفرع الأول: اختصاص الغرفة الإدارية بمحكمة النقض

سيتم التطرق في إطار اختصاص الغرفة الإدارية، لكل من الأحكام الصادرة عن هذه الأخيرة بصفة ابتدائية وانتهائية (الفقرة الأولى)، والأحكام المتعلقة بالاختصاص النوعي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : الأحكام الصادرة عن الغرفة الإدارية بصفة ابتدائية وانتهائية

فكما هو معلوم لا يمكن الطعن بالاستئناف في الأحكام التي تصدرها الغرفة الإدارية بمحكمة النقض ولو بصورة ابتدائية، لأن الغرفة الإدارية لا تعلوها جهة قضائية أخرى، وبالتالي كل الأحكام التي تختص بالنظر فيها بصورة ابتدائية فهي محرومة من الدرجة الثانية من التقاضي. وهذه الأحكام تتعلق بالطعون بالإلغاء ضد التصرفات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير الأول، وقرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية.

الفقرة الثانية : الأحكام المتعلقة بالاختصاص النوعي

تنحصر الأحكام التي تقبل الاستئناف مباشرة أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض فقط على تلك الصادرة في موضوع الاختصاص النوعي، هذا الأخير الذي يعتبر ذلك الطلب العارض الذي يتمسك به أحد أطراف الدعوى بغاية استصدار حكم تصرح فيه المحكمة أن الطلبات الأصلية أو الفرعية الموجهة أمامها لا تندرج ضمن مشمولات ولايتها القضائية .
وقد أصبح هذا الدفع بعد إحداث المحاكم الإدارية يحتل موقعا مركزيا باعتباره وسيلة لازمة لتفعيل ضوابط توزيع الاختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم الإدارية مع ما يترتب عن ذلك من ضمانات على مستوى حماية المتقاضين نتيجة التخصص والفعالية، وهذا ما دفع بالمشرع إلى الحرص على أن يكون الدفع بعدم الاختصاص النوعي مستقلا بأحكامه ومدرجا ضمن مشمولات النظام العام.
وللإحاطة بهذا الموضوع قدر الإمكان، لابد من معالجته وفق مدخلين، الأول يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص النوعي في إطار قانون المحاكم الإدارية ( أولا ) على أساس أن يكون المدخل الثاني، للتطبيقات القضائية للدفع بعدم الاختصاص النوعي ( ثانيا )

أولا : الدفع بعدم الاختصاص النوعي في إطار قانون المحاكم الإدارية

لقد نصت المادة 12 من القانون رقم 03-80 على إبقاء مقتضيات المادة 13 من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية سارية المفعول في شأن استئناف الأحكام الصادرة في موضوع الاختصاص النوعي… “. وتنص المادة 13 من القانون المذكور على ما يلي “إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية عادية أو إدارية وجب عليها أن تبت فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع. وللأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادرة عنها أمام محكمة النقض الذي يجب عليه أن يبت في الأمر داخل أجل ثلاثين يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط به لملف الاستئناف”.
فتأسيسا على ذلك نرى بارتباط الدفع بعدم الاختصاص بالنظام العام، هذا مع البت في هذا الدفع بحكم مستقل [30]، إذ لا يجوز للمحكمة أن تضمه إلى الموضوع على خلاف مقتضيات الفصل 17 من ق م م التي خيرت بين البت بحكم مستقل والضم إلى الجوهر .
وعليه فإن بمحكمة النقض ستحتفظ باختصاص النظر في الأحكام المستأنفة أمامها والمتعلقة بالاختصاص النوعي كما كان منصوصا عليه في المادة 13 المذكورة، ومن ثم فهي مطالبة بالبت في الأمر داخل أجل 30 يوما تبتدئ من تسلم كتابة الضبط لملف الاستئناف. كما أن الأحكام المستأنفة أمام محكمة النقض والمتعلقة بالاختصاص النوعي معفاة من أداء الرسم القضائي ومن اشتراط أن يكون المحامي مقبولا للترافع أمام محكمة النقض.
إن ما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار هو أن القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية قد سن بعض القواعد الخاصة المنصوص عليها في المواد من 10 إلى 18، وذلك لتفادي الوقوع في تنازع الاختصاص بين الجهتين القضائيتين العادية والإدارية، وكذا لتفادي صدور أحكام متعارضة. إن من شأن قيام المحكمة الابتدائية بإحالة الملف بدعوى عدم اختصاصها النوعي، إلى المحكمة الإدارية أن يؤدي إلى تنازع الاختصاص في حالة ما إذا صرحت هذه الأخيرة أيضا بعدم اختصاصها، كما قد تؤدي هذه الإحالة إلى صدور حكم متعارض بين المحكمة الإدارية المحال إليها الملف من جهة وبين الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في حالة استئناف الحكم العارض لديها الصادر عن المحكمة المحيلة ( الابتدائية مثلا ) .
ولتفادي وقوع هذه الإشكاليات تضطر بعض المحاكم الإدارية إلى إرجاع الملف بمقتضى حكم قضائي، إلى المحكمة التي أحالته وذلك احتراما للمقتضيات القانونية المذكورة.

ثانيا : التطبيقات القضائية للدفع بعدم الاختصاص النوعي

إن تطبيق المقتضيات المتعلقة بالدفع بعدم الاختصاص اصطدم بعدة صعوبات عملية، تجلت في ظاهرة المغالاة في التمسك بهذا الدفع من طرف المتقاضين فأزيد من 40 % من الأحكام الصادرة مثلا سنة 1995 عن المحاكم الإدارية تتعلق بالدفع بعدم الاختصاص وذلك نظرا لحداثة هذه المحاكم وما تقتضيه من تثبيت للضوابط التي يجب أن يتأسس عليها نظام توزيع الاختصاص النوعي بين الجهات القضائية [31].
ونتيجة للوضع المترتب عن هذه الظاهرة دأبت المحاكم الإدارية على الأخذ بالقاعدة القائلة بوجوب البت بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص لا تحول دون الفصل في جوهر القضية متى كانت جاهزة للبت سيما إذا كان هذا الدفع يفتقد لعنصر الجدية [32].
غير أن عدم تقيد المحكمة في هذه الحالة بوجوب البت بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص يثير مسألة الجزاء القانوني المترتب عن الإخلال بهذا الوجوب،وهي المسألة التي سيتصدى لها المجلس الأعلى بمناسبة البت في الاستئناف الذي ورد ضمن أسبابه عدم اكتراث المحكمة بالإجراء المنصوص عليه بالمادة 13 من القانون رقم 90/41 حيث صرح بأن ” المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم تقيد المحكمة الإدارية بالبت في الدفع بعدم الاختصاص بحكم مستقل” [33].
يستفاد من ذلك أن اجتهاد المجلس الأعلى قد حمل تزكية صريحة لموقف العمل القضائي المتمثل في إعراض المحاكم الإدارية عن التقيد بوجوب البت بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص طبقا لمقتضيات المادة 13 من القانون رقم 90/41 والتحول بدل ذلك إلى العمل بمنطق مقتضيات الفصل 17 من ق م م التي تعطي للمحكمة الخيار في أن تبت في هذا الدفع بحكم مستقل أو تضمه إلى الموضوع .
ويبدو أن هذا الاجتهاد القضائي يضيف بعدا جديدا لدور القاضي الإداري الذي بإمكانه تجاوز نصية القاعدة القانونية إلى تحيين المقتضيات التشريعية التي يعتبرها غير منتجة لأي أثر قانوني [34].
وموقف القضاء الإداري يدل بوضوح على الصعوبة التي يواجهها في تطبيق المقتضيات التي خص بها قانون المحاكم الإدارية الدفع بعدم الاختصاص وهي صعوبة ستتأكد أيضا من خلال طبيعة التعامل مع أصل البت في استئناف الأحكام المتعلقة بالاختصاص النوعي .
فبالرغم من أن الآجال من متعلقات النظام العام وأن البطلان هو الجزاء الملازم لعدم مراعاتها فإن الوضع سيكون في غاية الشذوذ عند تطبيق هذا الجزاء في حالة تعذر البت في استئناف الحكم المتعلق بالدفع بعدم الاختصاص داخل أجل 30 يوم، إذ ليس هناك طعن قضائي يتيح المطالبة ببطلان قرار المجلس الأعلى بسبب صدوره خارج هذا الأجل [35].
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المحاكم الإدارية بادرت إلى مواصلة إعمال نظرها بعد مرور الأجل وذلك ” باعتبار أن للغرفة الإدارية شهرا كاملا للبت في هذه النوازل وباعتبار أنه لا دليل بالمطلق يفيد صدور حكم بعدم اختصاص هذه المحكمة مما يبقى معه الدفع المتعلق بإيقاف البت غير مؤسس مادام أنه لا وجود لأي سند قانوني يمنع هذه المحكمة من متابعة النظر في القضية ولو طعن بالاستئناف في حكمها بالاختصاص”[36].
انطلاقا مما سبق يمكن القول أن الأثر الواقف لاستئناف الحكم المتعلق بالاختصاص أمام المجلس الأعلى مرتهن بأجل الثلاثين يوما الذي حدده المشرع للبت في هذا الاستئناف.
إلا أنه بالرغم من ارتكاز هذا الحكم على علة متعلقة بحسن سير العدالة فهو في المقابل ينطوي على احتمال وقوع نتائج عكسية في حالة صدور قرار عن محكمة النقض يقضي بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بشكل لاحق لصدور حكمها الفاصل في جوهر النزاع .
علاوة على ما سبق يطرح السؤال أيضا حول مدى إمكانية الدفع بعدم الاختصاص أمام قاضي المستعجلات[37]. فهل يتحدد نطاق اختصاص القضاء الاستعجالي على سبيل التبعية لنطاق اختصاص قضاء الموضوع ؟ أم هو مستقل عن ضوابط توزيع الاختصاص النوعي؟ وهل يكون قاضي المستعجلات مطالبا بالبت في الدفع بعدم الاختصاص بأمر مستقل ؟ وما هي إجراءات الطعن بالاستئناف في أوامره الصادرة بهذا الشأن والجهة ذات النظر في هذا الطعن ؟
ليس هناك أي مجال للشك في أن قاضي المستعجلات لا يكون مختصا إلا إذا كانت المحكمة الإدارية التابع لها مختصة نوعيا بالبت في جوهر النزاع [38]. لكن هل يمكن الاحتكام إلى مقتضيات المادة 13 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية في حالة التمسك بالدفع بعدم الاختصاص أو إثارته تلقائيا من طرف قاضي المستعجلات ؟
الجواب بالنفي كان هو الموقف المعتمد من طرف العمل القضائي حيث تم اعتبار أن ما فرضته المادة 13 إنما ينحصر مجاله الطبيعي في الدعاوى الموضوعية “… أما الدعاوى الاستعجالية فإن ذلك الالتزام لا يتلاءم مع طبيعتها … “[39].
وقد تم تأييد هذا الموقف من طرف المجلس الأعلى الذي صرح ” بعدم قبول الطلب المقدم إلى الغرفة الإدارية في نطاق المادة 13 من القانون رقم 90/41 والتي لا تنظر إلا في الاستئنافات المرفوعة ضد الأحكام المتعلقة بالاختصاص النوعي عند إثارة هذا الدفع أمام جهة قضائية عادية أو إدارية في حين أن هذا الدفع أثير من جهة أمام قاضي المستعجلات، ومن جهة أخرى فهو يرمي في حقيقة الأمر إلى المنازعة في اختصاص القضاء الاستعجالي للبت في النزاع والذي يقابله القضاء الموضوعي”[40].
ويثار إشكال قانوني آخر يتمثل في استئناف حكم صادر عن المحكمة الإدارية قامت بضم الدفع المتعلق بعدم الاختصاص إلى الجوهر وهنا الطرف المستأنف أمام محكمة الاستئناف الإدارية يضع من بين أسباب استئنافه عدم اختصاص المحكمة الإدارية للبت في الطلب بالإضافة إلى الأسباب الأخرى المتعلقة بالموضوع فهل لمحكمة الاستئناف الإدارية الصلاحية للجواب عن هذا السبب والقول بالتالي باختصاص المحكمة المصدرة للحكم المستأنف أو عدم اختصاصها للنظر في موضوع الدعوى ؟
يعتبر البعض[41] أن محكمة الاستئناف الإدارية ملزمة بالرد عن جميع أسباب الاستئناف ومن ضمنها السبب المتعلق بعدم الاختصاص النوعي ولا يستقيم قرارها إذا استبعدت الجواب عن هذا السبب بدعوى أن المجلس الأعلى هو المختص بالنظر في الاستئناف المتعلق بهذه النقطة لأن عدم جوابها عن سبب من أسباب الاستئناف يفضي حتما إلى نقض القرار لنقصان التعليل المنزل منزلة انعدامه. ومن جهة أخرى حسب رأي نفس الفقه فإنه من الناحية العملية لا يمكن تصور مناقشة محكمة الاستئناف لأسباب ذات العلاقة بجوهر النزاع دون أن تحسم في موضوع الاختصاص الذي أثير كنقطة نزاعية. وإذا كانت المحكمة الإدارية غير مختصة فعلا بالنظر في الدعوى، فإن محكمة الاستئناف الإدارية تكون ملزمة بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح تصديا بعدم الاختصاص النوعي لا أن تنظر في موضوع الدعوى رغم أن الاختصاص لا ينعقد للقضاء الإداري.
إلا أنه قد يعمد المستأنف إلى استئناف الشق من الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أمام المجلس الأعلى ( وهذا من حقه ) والشق الثاني المتعلق بالموضوع أمام محكمة الاستئناف الإدارية فهنا تكون هذه الأخيرة ملزمة بإيقاف البت في الملف إلى أن ينظر المجلس الأعلى في الاستئناف المعروض أمامه .
هذا على الرغم من اقتناعنا بأن محكمة النقض لا تعتبر بأي حال من الأحوال محكمة تنازع على غرار محكمة التنازع الفرنسية فإن دورها يتمثل في توحيد الاجتهادات القضائية للمحاكم الإدارية وذلك يجعلها تقوم بوظيفة محكمة التنازع.

الفرع الثاني : الأوامر والأحكام الغير قابلة للاستئناف نهائيا

سيتم تناول هذا الفرع في إطار فقرتين، ستخصص الأولى للأوامر التي لا تقبل الاستئناف، على أساس التطرق في الفقرة الثانية للأحكام التي لا تقبل الاستئناف.

الفقرة الأولى: الأوامر التي لا تقبل الاستئناف

يمكــن تصنيف الأوامر التي لا تقبل الاستئناف، إلى تلك الصــادرة بالإذن بالحيازة(أولا)، والأوامر المتعلقة برفض طلب إثبات حال أو توجيه إنذار (ثانيا)، والأوامر الصادرة بتقدير أتعاب الخبير أو الترجمان وكذا المصاريف (ثالثا).

أولا : الأوامر الصادرة بالإذن بالحيازة ونقل الملكية

جاء التنصيص بشكل صريح على هذا الاستثناء في الفصل 32 من قانون نزع الملكية ( الفقرة الثانية) ” لا يمكن استئناف الأمر الصادر بالإذن بالحيازة”. ذلك بأن المشرع جعل مثل هذه الأوامر تصدر بصفة ابتدائية وانتهائية عن المحاكم الإدارية .
وقد حرصت المحاكم الإدارية على التطبيق الصارم للنص القانوني السابق فتواترت أوامرها الاستعجالية الصادرة في هذا المجال على هذا المقتضى سواء في حيثياتها أو في منطوقها [42]. كما أتيحت الفرصة للمجلس الأعلى الغرفة الإدارية لتأكيد ذلك عندما قضى بعدم قبول الاستئناف الموجه ضد الأمر الاستعجالي الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس والذي أذن بالحيازة المؤقتة، ومما جاء في قرار المجلس الأعلى[43] ما يلي :” لكن حيث أنه طبقا للفصل 32 من ظهير 6 ماي 1982 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة في فقرته الثانية فإنه لا يمكن استئناف الأمر الصادر بالإذن في الحيازة الشيء الذي يتعين معه التصريح بعدم قبول الاستئناف” .
ويخضع الحكم القاضي بنزع الملكية للمنفعة العامة، وتحديد التعويض الواجب للأشخاص المنزوع ملكيتهم لقواعد طعن خاصة نصت عليها الفصول 32-33-34-35 و 36 من قانون نزع الملكية ، فهذا الحكم غير قابل للتعرض (الفصل 32) ويقبل الاستئناف في حدود معينة أشارت إليها الفقرة الأخيرة من الفصل 32 بقولها ” أما الحكم الصادر بنقل الملكية وتحديد التعويض فيمكن استئنافه فيما يتعلق بتحديد التعويض فقط ” ، أما شقه الأول القاضي بنزع الملكية ، فيكون نهائيا حائزا لقوة الأمر المقضي به ، ويستطيع بناء عليه نازع الملكية ، أن يشرع في تنفيذ الأعمال التي نزعت الملكية من أجلها ، لأن الاستئناف الجزئي المسموح به للأشخاص المنزوع ملكيته لا يوقف بصريح الفصل 33 من قانون نزع الملكية.
وقد انتقد الأستاذ محمد الكشبور ، تقييد حق المنزوع ملكيتهم في استئناف حكم نزع الملكية ، ورأى فيه خرقا خطيرا للمبادئ العامة للمسطرة المدنية التي تجعل الأصل هو التقاضي على درجتين ، ومساسا بحقوق الدفاع في مجال الطعن في الأحكام الصادرة عن القضاء.
ورغم أن المشرع قد سمح بالطعن بالنقض في الحكم القاضي بنزع الملكية ، فإن هذا الطعن الأخير ليس من شأنه أن يعالج أخطاء الواقع التي قد يقع فيها قاضي الموضوع ، والتي لا مجال لإصلاحها إلا عن طريق الطعن بالاستئناف، ويبدو أن ذلك ما انتبه إليه المجلس الأعلى نفسه ، ولذلك سمح مثلا للمستأنف أن يناقش نتيجة الخبرة أمام محكمة الاستئناف رغم عدم استئنافه للحكم التمهيدي الآمر بها ، ضمن استئنافه لشق الحكم الابتدائي المحدد للتعويض ، كما أنه اعتبر أن من حق المنزوع ملكيته المطالبة بالتعويض عن ملكه في إطار القواعد العامة اذا لم تسلك الجهة النازعة للملكية مسطرة النزع المنصوص عليها في القانون رقم 81/7

ثانيا: الأوامر المتعلقة برفض طلب إثبات حال أو توجيه إنذار

ورد هذا الاستثناء في الفصل 148 من ق م م ” يكون الأمر في حالة الرفض قابلا للاستئناف داخل 15 يوما من يوم النطق به عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار “.
يستنتج من النص السابق أن طلب إثبات حال أو توجيه إنذار في حالة الرفض لا يقبل الاستئناف أمام الجهة الاستئنافية أي محاكم الاستئناف الإدارية .
ويقصد بإثبات حال مثلا: إثبات حالة شخص مصاب بنشاط إداري أو عندما يتعلق الأمر بإجراء معاينة وكذلك إذا كان الأمر يتعلق بالسماح لشاهد إثبات أو نفي موضوع لم يعرض بعد أمام المحكمة الإدارية… إلخ. ومن أهم التطبيقات العملية [44] لدعوى إثبات الحال، إجراء المعاينة أو إجراء الخبرة ويأمر بها القاضي دون حضور الأطراف، أما توجيه الإنذار فيقوم به القاضي بناء على طلب حيث يقوم القاضي بكتابة الأمر بتوجيه الإنذار على نفس صفحة الطلب الذي توصل به في هذا الشأن[45].

ثالثا : الأوامر الصادرة بتقدير أتعاب الخبير أو الترجمان وكذا المصاريف

يمكن للخبير وللترجمان وللأطراف التعرض على الأمر الصادر بتقدير الأتعاب خلال أيام التبليغ أمام رئيس المحكمة الإدارية ولا يقبل الأمر الصادر في هذا التعرض للاستئناف [46].
كذلك يجوز للأطراف التعرض على تقدير المصاريف داخل عشرة أيام من تبليغ الحكم أو الأمر المحدد لمبلغ المصاريف إذا كان الحكم في الموضوع انتهائيا، ولا يقبل الأمر الصادر في هذا التعرض الاستئناف، غير أنه إذا كان الحكم في الموضوع ابتدائيا فلا يتسنى للإطراف التعرض على تقدير المصاريف إلا بالطعن بالاستئناف .

رابعا: التنازل والتراجع عن الاستئناف

التنازل تصرف قانوني يتم بارادة منفردة، يعبر فيه أحد الأطراف عن امتناعه عن استئناف الحكم الابتدائي لسبب ما، وقد يكون ناجزا أو بسيطا لا يعلق على موافقة الطرف الآخر، كما يمكن أن يكون مربوطا بهذا الشرط، وقد يكون صريحا أو ضمنيا، وقد يقع قبل صدور الحكم الابتدائي أو بعده. فان كان معلقا على شرط قبول الطرف الآخر التنازل بدوره عن الاستئناف، فانه لا يلزم صاحبه الا في حالة تحقق هذا الشرط، فان قدم هذا الأخير استئنافا، تحلل المتنازل عن تنازله، وجاز له استئناف نفس الحكم استئنافا أصليا، ان كان الأجللا زال قائما، والا فيكون فرعيا ان انقضى ذلك الأجل. أما التنازل الناجز البسيط غير المعلق على شرط فقد ميز المشرع الفرنسي بشأنه بين أن يقع قبل صدور الحكم واشترط أن يرد كتابة، وبين وقوعهبعد صدوره وأجاز وقوعه صراحة أو ضمنا(الفصل 558 من قانون المسطرة الفرنسي).
وكما يجوز التنازل عن الدعوى الابتدئية بعد اقامتها، كذالك يجوز التنازل عن الاستئناف بعد تقديمه، وعلى خلاف المشرع المغربي الذي لم يخص التنازل عن الاستئناف بعد اقامته بتنظيم خاص، فان المشرع الفرنسي قد عالج الموضوع بتفصيل، وأجازه صراحة أو ضمنا، مشيرا الى الآثار المترتبة عنه خاصة في حالة تقديم المحكوم له لاستئناف أصلي أو فرعي، لكن مقتضيات الفصول من 119 الى 123 من ق م م قابلة للتطبيق أمام محاكم الاستئناف فيما يتعلق بمبادئها العامة.
وهكذا نص الفصل 119 من ق م م على أن التنازل يمكن أن يكون بعقد مكتوب أو بتصريح يضمن في المحضر، ويترتب عنه محو الترافع أمام القضاء بالنسبة للطلبات المقدمة الى القاضي، ولذلك لا بد أن يكون التنازل صريحا في القانون المغربي، خلافا للممشرع الفرنسي الذي أجاز أن يكون ضمنيا.
ويعتبر التراجع عن الاستئناف بعد تقديمه قبولا بالحكم الابتدائي من قبل من قدمه، لكن اذا قدم الطرف الآخر استئنافا أصليا، أو فرعيا، فان المحكوم عليه يسترجع حريته في تقديم استئناف عارض، وبطبيع الحال تكون لهذا الاستئناف العارض نتائج على الأثر الناقل للاستئناف.
وكما يجوز التراجع عن الاستئناف الأصلي، كذلك يجوز التراجع عن الاستئناف العارض، ومع ذلك، فان التنازل عن الاستئناف العارض لا يمنع بدوره من تقديم استئناف ناتج عن الاستئناف الأصلي، ويمكن أن يطرح من جديد جوانب النزاع التي تم التنازل عنها.

الفقرة الثانية : الأحكام التي لا تقبل الاستئناف

إن الأحكام التي لا تقبل الاستئناف تتمثل خصوصا في الطعون المتعلقة بالترشيحات (أولا)، والأحكام التمهيدية (ثانيا).

أولا : الطعون المتعلقة بالترشيحات[47]

يتعلق هذا الاستثناء بحالات إيداع المترشحين لترشيحاتهم أمام الجهات المعنية ولكن يصطدمون برفض ترشيحهم فهنا أقر المشرع إمكانية الطعن في قرار الرفض الصادر عن الجهات المسؤولية خلال أجل يومين يبتدئ من تاريخ تبليغه إياه أمام المحكمة الإدارية التي يشمل نطاق اختصاصها الدائرة الانتخابية التي ترشح فيها صاحب الطعن.
ويسجل الطعن مجانا وتبث فيه المحكمة الإدارية ابتدائيا وانتهائيا في ظرف ثلاثة أيام [48] ابتداء من تاريخ إيداعه بكتابة ضبطها وتبليغ حكمها فورا إلى المعني بالأمر وإلى السلطة المكلفة بتلقي الترشيحات التي يجب عليها أن تسجل فورا الترشيحات التي حكمت المحكمة بقبولها وتعلنها للناخبين .
والمشرع قد استثنى الطعون المتعلقة بالترشيحات والأحكام الابتدائية الصادرة بشأنها من درجة ثانية من التقاضي وذلك نظرا للسرعة التي تتوخاها مثل هذه المنازعات والتي تتطلب البت فيها في أقصر أجل ممكن ولا تحتمل انتظار ما سيسفر عنه الاستئناف. وهذا المقتضى جاء أيضا لصالح المتقاضي المترشح لأن إمكانية الاستئناف ستطيل عليه أمد النزاع وبالتالي ستحرمه من المشاركة في الانتخابات مع ما يترتب عن ذلك من سلبيات .

ثانيا : الأحكام التمهيدية

يقصد بالأحكام التمهيدية تلك التي تصدرها المحكمة ضمن التدابير التي يتطلبها التحقيق في الدعوى وهي مبدئيا لا تعني الجوهر في شيء.
وإذا كان كل من قانون 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية أو قانون 03-80 المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية لم يتحدث عن الأحكام التمهيدية فإن المشرع قد أقر في المادة 15 من القانون رقم 03-80 تطبيق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية … ما لم ينص قانون على خلاف ذلك .
وبالعودة لقواعد قانون المسطرة المدنية نجدها تنص في الفصل 140 منه على أنه لا يمكن استئناف الأحكام التمهيدية إلا في وقت واحد مع الأحكام الفاصلة في الموضوع وضمن نفس الآجال وأنه لا يجب أن يقتصر مقال الاستئناف على الحكم الفاصل في الموضوع فقط بل يتعين ذكر الأحكام التمهيدية التي يريد المستأنف الطعن فيها بالاستئناف.
يتضح إذن أن الأحكام التمهيدية غير قابلة للطعن فيها بالاستئناف بشكل مستقل وبالتالي فهي مستثناة من ولاية محاكم الاستئناف الإدارية وذلك بصريح النص السابق.
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية والتي لا تتجاوز قيمتها 3000 درهم، قد أثارت نقاشا فقهيا حول إمكانية استئنافها من عدمه، ذلك أنه بالرجوع إلى الفصل 19 من ق م م نجد أن الأحكام التي تتجاوز قيمة موضوع دعواها ثلاثة آلاف درهم والتي لا تكون قيمتها محددة تقبل الاستئناف، أما تلك التي لا تتجاوز قيمة النزاع فيها المبلغ المذكور فتعد انتهائية، لا يمكن الطعن فيها إلا بالطرق غير العادية .
ولتقدير قيمة الدعاوى يجب الاعتداد ببعض القواعد منها أن العبرة في قيمة الدعوى بطلبات الخصوم لا بما يحكم به القاضي، وكذلك أن العبرة أيضا بالطلبات الختامية التي يتقدم بها الأطراف قبل قفل باب المناقشة لأنه في حالة تقديم عدة طلبات في دعوى واحدة من قبل نفس الطرف يجعل الخضوع للاستئناف رهينا بمجموع الطلبات، فإذا كان متجاوزا ثلاثة آلاف درهم أمكن استئنافها، أما إذا لم يتعدى المبلغ المذكور فلا يجوز الطعن فيها بالاستئناف [49].
لكن يتضح من استقراء المادة 8 من القانون رقم 90-41 المحدث للمحاكم الإدارية أنها، أتت بصيغة عامة، كما أكدت على أن أحكامها تصدر بصفة ابتدائية، وهذا يعني أن جميع الأحكام الصادرة عن تلك المحاكم ينظر فيها ابتدائيا ويطعن فيها بالاستئناف .
وتجدر الإشارة إلى أنه قبل إحداث المحاكم الإدارية كانت القضايا ذات العلاقة بالقضاء الشامل ( كالمسؤولية الإدارية مثلا )يعود اختصاص النظر فيها للمحاكم الابتدائية وأن الطلبات من هذا النوع التي لا تتجاوز قيمتها 3000 درهم كانت هذه المحاكم تنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا طبقا للفصل 19 من ق م م ، ويطعن في الأحكام الصادرة في هذا الشأن بالتعرض إذا كانت غيابية ، وبالنقض إذا كانت حضورية ، أو بمثابة حضوري [50].
لكن بعد إحداث المحاكم الإدارية تغير الوضع تماما، حيث أصبحت جميع القضايا تنظر فيها هذه المحاكم بصفة ابتدائية وأحكامها قابلة للاستئناف ولو كانت قيمة الطلب أقل من 3000 درهم وغير قابلة للتعرض مادامت قابلة للاستئناف[51].
بالإضافة إلى كل الاستثناءات السابقة والتي اعتمدنا على الاستدلال عليها في القوانين الخاصة، وكذا في قانون المسطرة المدنية في حالة عدم ورود نص مخالف، تستثنى أيضا طلبات منح المساعدة القضائية في حالة الحكم بالإيجاب من إمكانية الطعن، وذلك بمفهوم المخالفة لنص المادة 8 من قانون 03-80 الذي جاء فيه أنه ” يستأنف القرار الصادر عن رئيس المحكمة الإدارية برفض منح المساعدة القضائية … “

ثالثا: الأحكام المفسرة[52]

طبقا للفصل 26 من ق م م فإنه ” تختص كل محكمة مع مراعاة مقتضيات الفصل 149 بالنظر في الصعوبات المتعلقة بتأويل تنفيذ أحكامها ، أو قراراتها، وخاصة في الصعوبات المتعلقة بالمصاريف المؤداة أمامها. لا تستأنف الأحكام الصادرة طبقا للفقرة السابقة ، إلا إذا كانت الأحكام في الدعاوى الأصلية قابلة هي نفسها للاستئناف ” وهكذا يقرر هذا الفصل قاعدة عامة منطقية وهي اختصاص كل محكمة بتأويل أو تفسير أحكامها ، باعتبارها الأكثر قدرة على الوصول إلى المعنى الذي أرادت إعطاءه لمقتضيات حكمها كما تختص بالنظر في الصعوبات المتعلقة بتنفيذه ، إن كانت من قبيل الصعوبات الموضوعية ومن أمثلتها ، دعوى الفصل 468 من ق م م المتعلقة باستحقاق المنقولات ودعوى الفصل 482 المتعلقة باستحقاق العقارات المحجوزة ودعوى الفصول 306 إلى 310 المتعلقة ببطلان حكم المحكمين ، وغاية هذه الدعاوى هي الحصول على حكم موضوعي من شأنه الرجوع بالحكم إلى مرحلة ما قبل التنفيذ ، أما دعوى التفسير والتأويل فهي التي تهدف إلى رفع الغموض الواقع في مقتضيات الحكم بسبب الإبها م المتعلق بأطراف الدعوى أو المدعى فيه بحيث يتم الرجوع إلى المحكمة لرفع هذا الغموض وتوضيح ما أبهم فيه وقد جمع المشرع المغربي بين الدعويين ، دعوى التفسير ، ودعوى رفع الصعوبات الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ ، وجعلهما من اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم ، حيث جعل الحكم التفسيري قابلا للاستئناف إذا كان الحكم المفسر بدوره قابلا له ، على اعتبار أن الحكم التفسيري يندمج مع الحكم المفسر وبالتالي يأخذ حكمه من حيث قابليته أو عدم قابليته للاستئناف.
لكن ، إذا تم استئناف الحكم المطلوب تفسيره وأصبحت الدعوى منشورة أمام محكمة الاستئناف ، فهل يظل القاضي الابتدائي مختصا بدعوى تفسير حكمه ، أم ينتقل ذلك الاختصاص إلى محكمة الاستئناف ؟ المشرع الفرنسي الذي يأخذ في الفصل 461 بنفس حل الفصل 26 من ق م م يشترط صراحة لانعقاد اختصاص القاضي الابتدائي بتفسير حكمه ، ألا يكون هذا الحكم موضع طعن بالاستئناف لأن هذا الطعن ينقل جميع سلطات القاضي الابتدائي بشأن الحكم الذي أصدره إلى محكمة الدرجة الثانية وما يقرره المشرع الفرنسي في هذا الشأن ليس سوى تطبيقا للمبادئ العامة التي تحكم آثار الاستئناف خاصة مبدأ الأثر الناقل ، ولذلك فإنه يمكن اعتماد نفس الحل في التشريع المغربي، لكن إذا رفضت المحكمة الابتدائية تفسير حكمها بحجة أنه واضح لا غموض فيه ، فهل يكون هذا الرفض مانعا من استئناف هذا الحكم ، أم على العكس يكون هو مبرر جواز استئنافه ، وإذا انقضى أجل استئناف الحكم الأصلي ، فهل يستتبع ذلك عدم جواز استئناف الحكم التفسيري ؟
لقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في قرار حديث لها إلى أن الحكم الرافض لتفسير حكم سابق يخضع لسائر الطعون بصورة مستقلة وأنه يجوز دائما استئناف مثل هذا الحكم ، حتى ولو كان ميعاد استئناف الحكم المطلوب تفسيره قد انقضى ، ولا شك أن غاية هذا الاجتهاد هي حماية المتقاضي من التقديرات والتأويلات السيئة لقضاة الدرجة الأولى.
نخلص من كل ذلك ، إلى أن الحكم التفسيري يتبع الحكم الأصلي المفسر من حيث قابليته للاستئناف ، إذا كان حكما تفسيريا حقيقيا ، وهو لا يكون كذلك ، إلا إذا تضمن مقتضيات موضحة تشرح وتؤول غموض الحكم الأصلي بعد اقتناع المحكمة بوجوده ، أم أن رفضت طلب التفسير بحجة أو بأخرى فإن قضاءها في مبدأ التفسير يتضمن قضاء موضوعيا وقطعيا ، يقطع عنصر تبعية واندماج الحكم الرافض للتفسير مع الحكم المطلوب تفسيره مما يبرر جواز استئنافه حتى ولو انقضى ميعاد استئناف الحكم الأصلي بل ويبرر أيضا طلب نقض الحكم ألاستئنافي الصادر في الطعن الموجهة ضد الحكم الرافض للتفسير.
يبقى سؤال أخير ، وهو إذا كان الحكم المطلوب تفسيره انتهائيا وبالتالي لا يجوز تبعا لذلك استئناف الحكم التفسيري طبقا للفصل 26 مغربي و 461 فرنسي ، فهل يجوز طلب نقض الحكم التفسيري، بصورة مستقلة ، أم يجب أن يرد هذا الطلب ضمن وسائل طلب نقض الحكم الأصلي ألانتهائي ؟
تبعا للمبدأ السابق، وعلى اعتبار الحكم التفسيري تابعا ومندمجا مع الحكم المفسر، فلا يجوز طلب نقضه على وجه الاستقلال، بل يجب أن تصاغ جميع المؤاخذات الموجهة إلى المحكمة المفسرة تفسيرها لحكمها ضمن وسائل نقض الحكم الأصلي.

رابعا: الأحكام التصحيحية[53]

خصت بعض التشريعات المقارنة حالة الأخطاء الماديـة التي تقع فيها المحكمة دون قصد بنصوص خاصة ، ولا تعدو هذه التشريعات عن تقرير مبدأ فقهي ثابت وهو حق كل محكمة في تصحيح الأخطاء المادية التي تشوب حكمها ، ويتم هذا التصحيح بحكم قضائي يصطلح عليه بالحكم التصحيحي.
وإذا كان المشرع المغربي لم يعالج هذه الحالة بنص خاص ، فإن الفصل 26 من ق م م يشملها ، على أساس أن الخطأ المادي الذي يشوب الحكم يشكل في حقيقته صعوبة وعرقلة في طريق تنفيذه ، وهي صعوبة يجب رفعها من طرف المحكمة التي أصدرته ، طبقا لما نص عليه نفس الفصل ومن نماذج الأخطاء المادية التي يمكن أن تقع فيها المحكمة، الخطأ في أسماء أو عناوين الأطراف أو الأخطاء المادية الحسابية في الحكم بتعويض أو إيراد، أو الحكم خطأ على المدعي عوض المدعى عليه. لكن إذا كانت المحكمة المصدرة للحكم هي المختصة طبقا للفصل 26 من ق م م بتصحيح الأخطاء المادية الواردة فيه ، فهل يلزم تقديم طلب لها بذلك أم يمكنها تصحيحه من تلقاء نفسها ؟
إن التشريعات المقارنة تمنح لهذه المحكمة تلك السلطة دون اشتراط تقديم طلب ممن يهمه الأمر ، كما تسمح للأطراف بتقديمه وفي الحالتين معا تصدر المحكمة حكما تصحيحيا كما تدون في نسخة الحكم الأصلية أي في نسخة الحكم المصحح ، وفي النسخ المسلمة للأطراف على الحكم الصادر بالإصلاح، كما أن الفصل 26 من ق م المغربي لا يتضمن في مقتضياته ما يوحي بضرورة تقديم هذا الطلب ، فإن تصحيح الخطأ المادي في الحكم لا يعد قضاء ، كما أن طلبه إذا وقع لا يعتبر طعنا في الحكم ، ولذلك لا يجوز للمحكمة أن تتخذ من هذا الطلب ذريعة لإعادة النظر في الحكم والمساس بحجيته.
لكن الواقع العملي في المحاكم المغربية يشترط تقديم طلب من أجل إصلاح الخطأ المادي ، بل ويعتبر هذا الطلب بمثابة دعوى تخضع لنفس الإجراءات العادية في تسجيل المقال الافتتاحي ، وتعيين القاضي المقرر وتاريخ الجلسة ، لكننا نرى أنه إذا كان يجوز للمحكمة الإصلاح التلقائي للأخطاء المادية الني شابت أحكامها فإنها ملزمة بإصدار حكم بهذا التصحيح ، خاصة في حالة تقديم طلب أو مقال بذلك إلى المحكمة ، فيجب أن يتم البت فيه في إطار دعوى قضائية طبقا للفصل 2 من ق م م الذي ينص على أنه : حيث يجب البت بحكم في كل قضية رفعت إلى المحكمة .
ولا شك أن إصدار هذا الحكم يقتضي التقيد بشروطه، ومنها ضرورة استدعاء الطرف الآخر للاستماع إلى رأيه حفاظا على حقوقه المتمثلة في احتمال مساس المحكمة بما قضى به الحكم في الموضوع تحت ستار تصحيح الخطأ المادي ، ولهذا السبب اشترطت التشريعات التي أجازت للمحكمة القيام بالتصحيح التلقائي ضرورة إصدار حكم تصحيحي، لكن هل يكون هذا الحكم التصحيحي قابلا للاستئناف ؟
إذا اعتبرنا أن طلب أو دعوى تصحيح الخطأ المادي يدخل في حالات الفصل 26 من ق م م ، فإنه يجب أن يسري على الحكم الصادر فيها ما يسري على الأحكام التفسيرية ، من حيث ارتباط قابليته للاستئناف بصفة الحكم المصحح الابتدائية أو الانتهائية.
فإن كان الحكم موضوع طلب التصحيح ابتدائيا قابلا للاستئناف ، فإن الحكم التصحيحي يكون قابلا لهذا الطعن ، أما إن صدر بالصورة الانتهائية ، فإن الحكم التصحيحي يكتسب بدوره هذه الصفة ، ولا يجوز استئنافه لكن إذا كان الحكم الابتدائي المشوب بالخطأ المادي مطعونا فيه بالاستئناف فإن طلب تصحيحه لا يقبل إن قدم أمام المحكمة الابتدائية التي أصدرته ، لأن اختصاص وسلطة تصحيحه تنتقل إلى محكمة الاستئناف طبقا للأثر الناقل للاستئناف .
ومن المفيد أن نشير إلى أن القانون المغربي يتضمن نموذجا خاصا لطلب أو دعوى لإصلاح الخطأ المادي ، ورد بشأنها النص في الفصل 265 من ظهير 6 فبراير 1963 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ، الذي جاء فيه أنه ” يمكن أن يباشر التعديل في حالة خطأ مادي ضمن الشروط الشكلية المنصوص عليها في الفصل 264 وفي الخمس عشرة سنة الموالية لتاريخ إصدار الأمر أو المقرر القضائي ، وبالرجوع إلى الفصل 264 المحال عليه يتضح أن طلب التصحيح أو ” التعديل ” كما اصطلح عليه الفصل 265 من هذا القانون يكون بطلب من أحد الطرفــين ، أو بطلب من النيابة العامة ، كما أن ظهير 6 فبراير 1963 لا يدخل حكم التصحيح بسبب خطأ مادي ضمن الأحكام المستثناة من حق الاستئناف أو التعرض أو النقض .
وللإشارة أيضا فإن القانون الفرنسي نص في الفصل 462 من ق م م على أن طلب تصحيح خطأ مادي يكون مقبولا حتى ولو حاز الحكم موضوع طلب التصحيح على قوة الأمر المقضي ، لكن الحكم الصادر في طلب التصحيح لا يكون في هذه الحالة قابلا سوى للطعن بالنقض.
أما في القانون المغربي ، فإن الحكم موضوع طلب التصحيح إن كان ابتدائيا غير مطعون فيه بالاستئناف أو صدر انتهائيا عن محكمة الدرجة الأولى ، فإن طلب تصحيحه يقدم لهذه الأخيرة ، أما إذا كان قرارا استئنافيا ، فإن محكمة الاستئناف هي التي تكون مختصة بدعوى تصحيحه، وبطبيعة الحال فان القرارات الاستئنافية لا تقبل سوى الطعن بالنقض. وبذلك لا يوجد فرق بين القانونين، وان كان القانون الفرنسي أكثر وضوحا، عندما نص على أنه يكون طلب تصحيح الحكم الحائز على قوة الأمر المقضي مقبولا، على خلاف القانون المغربي الذي اكتفى بتقرير حق كل محكمة في البت في طلبات النظر في الصعوبات المتعلقة بتأويل أو تنفيذ أحكامها.

الهوامش
[1] – المرسوم التطبيقي رقم187-06-2 صادر في 29 من جمادى الأخيرة 1427 (25 يوليوز 2006) بتحديد عدد محاكم الاستئناف الإدارية ومقارها ودوائر اختصاصها (ج.ر. عدد 5447،19 رجب 1427 موافق 14 غشت 2006، ص 2002).
[2] – نفس الأمر كان عليه مجلس الدولة الفرنسي إلى حدود سنة 1954.
[3] – هذا مع مراعاة الاستثناء الوارد في المادة 9 من قانون90-41 والذي تظل بمقتضاه محكمة النقض مختصا بالبت ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بالمقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن الوزير الأول . وقرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية ونفس الاختصاص تقريبا يمارسه مجلس الدولة الفرنسي كأول وآخر درجة.

[4]- حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 17 فبراير 1950 في قضية ( dame lamotale) حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 17 ، أبريل 1953 في قضية ( falco et vidaillac)
[5] – قضية وليام وول william mall ضد الكاتب العام للحكومة، قرار المجلس الأعلى رقم 261 المنشور بمجموعة أحكام الغرفة الإدارية بالفرنسية للسنوات القضائية 1961 –1965 ص 126 وما بعدها، أورده أحمد أجعون ” محاضرات في القضاء الإداري” طبعة 2006/2007 ص 56.
[6] – حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد45/2000 بتاريخ 8/3/2000 الجماعتان السلاليتان السبع وأولا سيدي الشيخ ضد وزير الفلاحة منشور بالدليل العمل للاجتهاد القضائي في المادة الإدارية لأحمد بوعشيق ص 152 أورده أحمد أجعون م س، ص 57.
[7] – سليمان محمد الطماوي “القضاء الإداري، قضاء الإلغاء”، الكتاب الأول ، دار الفكر العربي طبعة 1996- ص 480.
[8] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بأكادير عدد 63/95 بتاريخ 20/7/95 منشور بمجلة م.م.إ.م.ت عدد 14/15 يناير يونيو 1996 ص 172.
[9] – Michel rousset « contentieux administratif marocain » éditions la Porte .2éme éd 2001 », p 135.
[10] – في هذا الإطار راجع القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى :
قرار بتاريخ 18 يونيو 1960 في قضية عبد الحميد الروندة ،منشور في مجلة قرارات المجلس الأعلى 1957/1960 ص 130
قرار بتاريخ 15/07/1963 في قضية بنسودة المجموعة 1961-1965 ص 173.
قرار بتاريخ 15/07/1963 في قضية رزقي التيجاني المجموعة 1961-1965 ص 177
قرار بتاريخ 20/03/1970 في قضية مزرعة عبد العزيز قرارات المجلس الأعلى الغرفة الإدارية 1966 –1970 ص 225.
حكم عدد 14 بتاريخ 6/1/1998 في قضية وكرشي احمد ضد إدارة الدفاع الوطني منشور بمجلة م.م.إ.م.ت عدد 24 يوليوز شتنبر 1998 ص 139.
[11] – قرار رقم 3 صادر في 24/11/1967 قرارات المجلس الأعلى الغرفة الإدارية ، م س ، ص 110.
[12] — قرار عدد8/97 في 9/1/1997 مجلة م.م.إ.م.ت عدد 24 سنة 1992 ص 115.
[13] – قرار رقم 76 ب 19/6/67 قرارات المجلس الأعلى الغرفة الإدارية م س ، ص 101.
[14] – حكم إدارية وجدة رقم 88/98 بتاريخ 29/5/1996 ملف إداري رقم 148/95غ قضية عمارة عبد القادر بصفته رئيسا لجمعية تجار سوق مبروك ببركان ضد عامل إقليم بركان تاوريرت (غير منشور).
[15] – محمد الأعرج ” قانون منازعات الجماعات المحلية ” منشورات م م إ م ت ، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 58 – 2008 ص 51.
[16] – المادة 13 من القانون رقم 03-80 لمحاكم الاستئناف الإدارية .
[17] – في حكم دهب المجلس الأعلى إلى أن المحكمة لا تتقيد بالتعويض المقترح من طرف نازع الملكية ولا بذلك المطالب به من طرف المنزوعة ملكيتهم وإنما تفيد وجوبا بمقتضيات الفصل 20 من قانون نزع الملكية فقط .
-قرار عدد 630 بتاريخ 3/5/2001 ملف عدد 1482 أورده محمد محجوب “دعوى نقل الملكية وإجراءاتها أمام المحاكم الإدارية ” جار القلم للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2004- ص 294
[18] – حكم استئنافي عدد 402 بتاريخ 14/6/2001 ملف إداري عدد 356 /4/1/2001 محمد برادة ومن معه، اورده محمد الأعرج ،:”الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية في منازعات العقود الإدارية” ، م م إ م ت سلسلة مواضيع الساعة ، عدد 47 ، السنة 2004. ، ص 216.
[19] – المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 6 / 6 / 2000 القضية عدد 14/2000 أورده م س ، ص 216.
[20] – انظر في هذا الصدد : عبدالله حداد : ” تطبيقات … ” م س ، ص 225.
[21] – المادة 16 من قانون 03 – 80
[22] – أي حسب ما إذا كان تقدير الشرعية يتعلق بقرار إداري يدخل في نطاق اختصاص المحكمة الإدارية بخصوص دعوى الإلغاء طبقا للمادة 23 من القانون رقم 41-90 أو في نطاق اختصاص محكمة النقض الابتدائي والانتهائي بخصوص نفس الدعوى طبقا للمادة 9 من نفس القانون .
[23]- رضا التايدي ،” طلب فحص الشرعية من مجرد دفع إلى دعوى مستقلة:” م م ا م ت سلسلة ” مواضيع الساعة ” عدد 55 – 2007 ص105 – 107
[24] – قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 30 بتاريخ 21/1/1999 في الملف رقم 95/1/654 ( وزير التربية الوطنية ضد فاضلي بلقاسم ) أورده ، رضا التابدي م س ، ص 107.
[25] – الفصول 148 إلى 158 من ق م م
المادة 19 من ق 41-90 وكذا المادة 24 من نفس القانون المادة 6 من ق 8003.
[26] – للمزيد من التفاصيل حول شروط الاستعجال راجع :
“المساطر الاستعجالية في المنازعات الإدارية” ، م.م.إ.م.ت، سلسلة مواضيع الساعة عدد 50 – 2005
عبدالسلام حادوش “معيار ظروف الاستعجال بين الفقه والقضاء ” نشرة محكمة الاستئناف بالرباط ، الطبعة الأولى، ماي 2004- ص 85
Michel rousset « contentieux administratif … » p 83
Christian gabold : « procedure … » op cit p 267.
[27] – قرار عدد 428 بتاريخ 24/5/2006 في الملف رقم 787 /4/2/2006 أورده مصطفى التراب المرجع السابق، ص 51.
[28] – مصطفى التراب، م س ، ص 52.
[29]- دائما يجب التمييز بين الصعوبة الوقتية التي يختص بها القاضي الاستعجالي وبين الصعوبة الموضوعة في التنفيذ التي تغور في أصل الحق الذي يتضمنه السند التنفيذي أو في الشروط والأركان الواجب توافرها فيه، أو في صحة إجراءات تنفيذه كدعوى بطلان إجراءات التنفيذ مثلا فكل ذلك لا يخرج عن الإطار الوقتي المرسوم لقاضي المستعجلات ، انظر في هذا الإطار مصطفى التراب ،”المختصر العملي في القضاء والقانون ” مطبعة الأمنية ، الطبعة الأولى، 2008 ص 44.
[30] – نفس المقتضى نصت عليه المادة 8 من قانون المحاكم التجارية مع فارق متعلق بالأجل المحدد في ثمانية أيام لبتها في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بينما لم يحدد المشرع أجل البث أمام المحاكم الإدارية كما أن هناك أيضا فارقا فيما يرجع لأجل البث في مرحلة الاستئناف المتعلق بالدفع بعدم الاختصاص النوعي وفيما يرجع أيضا للجهة المختصة ( 10 أيام أمام محكمة الاستئناف التجارية و 30 يوما أمام المجلس الأعلى ) .
[31] – الجيلالي أمزيد” مباحث في مستجدات القضاء الإداري” م م ا م ت سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ، العدد 50 – 2003 ص 32
[32] – حكم عدد 129 بتاريخ 12 نونبر 1995 إدارية مراكش منشور بمجلة م.م.إ.م.ت عدد 16 ص 171.
-حكم عدد 87 بتاريخ 19/5/1995 إدارية الرباط ، م م ا م ت عدد 9 ص 239.
[33] – قرار المجلس الأعلى عدد 70 بتاريخ 16 يوليوز 1998 بقضية مقاولة بن هاوي منشور بمجلة م.م.إ.م.ت عدد 36 ص 85.
[34] – إن تبني هذا الموقف بهدف الاستعاضة عن القاعدة بما يتناسق مع المقاصد الاجتهادية وهو ما يمكن تسميته بالتأويل التقويمي ولعل ذلك ما أقره محمد الأعرج “أنه في مجال القضاء الإداري فالقاضي الإداري يخرق القاعدة القانونية ويملأ الفراغ التشريعي أحيانا بخلاف القاضي المدني الذي يكون دائما مقيدا بالنصوص التشريعية ” مقال بعنوان حق الإضراب في أحكام القاضي الإداري المغربي مجلة م.م.إ.م.ت مواضيع الساعة عدد 57 ، ص 124.
راجع في هذا الموضوع :
M. yaagoubi « le role régulateur de la chambre administrative de la cour suprême » REMALD serie « thème actuels » n° 14 p 36.
[35] – الجيلالي أمزيد ،” مباحث في مستجدات … “م س ،ص 37.
[36] – حكم عدد 38/98 بتاريخ 2/15/1998 إدارية وجدة منشور بمجلة م.م.إ.م.ت عدد 27 ص 195.
[37] – راجع في هذا الصدد : الجيلالي أمزيد ” مباحث …. ” م س ، ص 38-41.
[38] – أمر استعجالي رقم 13/95 بتاريخ 11/4/1995 إدارية الدار البيضاء
-أمر استعجالي ملف رقم 45/96 بتاريخ 25/7/1996 إدارية وجدة أوردهم الجيلالي أمزيد م س ، ص 39.
[39] – أمر استعجالى رقم 4 بتاريخ 16/6/1994 إدارية مراكش م س ، ص 40
[40] – قرار المجلس الأعلى عدد 323 بتاريخ 20 يونيو 1995 أورده الجيلالي أمزيد م س ،40
[41] – مصطفى التراب ، القواعد الإجرائية …. ، م س ، ص 49.
[42] – أمر استعجالي رقم 9 بتاريخ 26/1/1995 ملف عدد 12/94 إدارية مراكش .ن م
أمر استعجالي رقم 26/95 بتاريخ 26/9/1995 ملف عدد 12/95 أوردهم أحمد أجعون” اختصاصات المحاكم الإدارية … ” م س ، ص 102.
[43] – قرار رقم 473 بتاريخ 13/6/1996 ملف عدد 134-5-1-96
[44] – عبدالله حداد ” تطبيقات … ” م س ، ص 267 – 268.
[45] – ن م
[46] – الفصل 127 من ق م م .

[47] – المادة 68 من قانون رقم 9.97 يتعلق بمدونة الانتخابات كما تم تعديله بموجب القانون رقم 02-64 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 83-03-1 المؤرخ في 20 محرم 1424 ( 24 مارس 2003 ) منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات سلسلة نصوص تشريعية وتنظيمية عدد 9 ص 44
[48] – المادة 168 من نفس القانون .
[49] – أنظر ، عبدالكريم الطالب، “الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية “، الطبعة الثالثة ماي 2006 ص 293 – 294.
[50] – مصطفى التراب، “المختصر العملي …، م س ، ص 85.
[51] – مصطفى التراب ، ن م ، ص 85.
[52] – أنظر: عبد العزيز حضري : استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي الجزء الأول حق الاستئناف م س ص 147 وما بعدها

[53] – أنظر: عبد العزيز حضري: استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي الجزء الأول حق الاستئناف م س ص 149 وما بعدها