الآثار القانونية لقبول محكمة النقض للطعن ونقض الحكم

الطعن أمام محكمة النقض : الطعن بالنقض هو طريق غير عادى من طرق الطعن فى الأحكام ، يطعن به فى الأحكام الإنتهائية أمام محكمة النقض، ويلجأ إليه لإصلاح ما شاب الحكم من خطأ في القانون وبطلان سواء فى ذات الحكم المطعون فيه أو فى الإجراءات التى أسس عليها.

السند القانوني:

تنص المادة رقم 248 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968

“للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة، وذلك في الأحوال الآتية:
1- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
2- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.”

وكذلك المادة رقم 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض رقم 57 لسنة 1959:
“لكل من النيابة، والمحكوم عليه، والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها، الطعن بالنقض في الحكم النهائي الصادر من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، وذلك في الأحوال الآتية:
1- إن كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
2- إذا وقع بطلان في الحكم.
3- إذا وقع في الإجراءات بطلان أثر في الحكم.
ويستثنى من ذلك الأحكام الصادرة في الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه، كما لا يجوز الطعن فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تجاوز نصاب الطعن بالنقض المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ولا يجوز الطعن من أي من الخصوم في الدعويين الجنائية والمدنية، إلا فيما يتعلق بحقوقه.
ومع ذلك، فللنائب العام الطعن في الحكم لمصلحة المتهم.
والأصل اعتبار أن الإجراءات قد روعيت في أثناء نظر الدعوى، ومع هذا فلصاحب الشأن أن يثبت بكافة الطرق أن تلك الإجراءات قد أهملت أو خولفت، ما لم تكن مذكورة في محضر الجلسة أو في الحكم، فإذا ذكر في أحدهما أنها اتبعت فلا يجوز إثبات عدم اتباعها إلا بطريق الطعن بالتزوير.”

وبمجرد صدور حكم من محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وقبول الطعن يترتب على هذا الحكم عدة آثار تختلف من حيث كون النقض قد طال الحكم كله أو جزء منه فقط.

وقد نصت المادة رقم 271 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 على آثار نقض الحكم فجاء نصها:

“يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام ، أياً كانت الجهة التي أصدرتها والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها.
وإذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه بقي نافذاً فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض.”

فالفقرة الأولى من المادة نصت على النقض الكلي للحكم ، والفقرة الثانية نصت على النقض الجزئي للحكم ، وسنعرض لآثار كل منهما:

آثارالنقض الكلي للحكم:

1- زوال الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن:

نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً يترتب عليه اعتبار الحكم كأن لم يكن فيزول وتزول معه جميع الآثار التي ترتبت عليه، ويسقط ما أمر به أو رتبه من الحقوق، ويصبح غير قابل للتنفيذ وغير صالح لأن يبني عليه حكم آخر وتعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض.

ولا تقتصر هذه الآثار على الجزء من الحكم الذي أفصحت محكمة النقض صراحة عن نقضه، وإنما تتعداه إلى أجزاء الحكم الأخرى إذا كان متعدد الأجزاء المرتبطة بالجزء الذي تم نقضه ارتباطاً لا يقبل التجزئة ولا يسمح بالتبعيض وتلك المبنية عليه أو التابعة له والتي لا يتصور أن تقوم لها قائمة إلا بقيامه لأنه كان أساساً للقضاء بها ولو لم يطعن فيها أو يذكرها الحكم الناقض إذ التخصيص بالذكر لا ينفي الحكم عن غير ما خصص

ويراعى أن هذا الأثر يقتصر على الحكم الاستئنافي الذي نقض، ولا يتعداه إلى الحكم الابتدائي الذي يظل قائماً ولو كان الحكم المنقوض قد قضى بتأييده

2- إلغاء الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض:

كذلك فإن آثار الحكم الناقض – وعلى ما نصت عليه المادة 271 / 1 من قانون المرافعات – تتسع لتشمل جميع الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساساً لها وترتبت هي عليه فتعتبر ملغاة بحكم القانون دون حاجة إلى صدور حكم آخر يقضى بنقضها أو إلغائها سواء أشار إليها الحكم الناقض أو لم يشر

وإذا احتج بتلك الأحكام لدى أية محكمة فإن لهذه المحكمة أن تهدر ما كان لها من قوة قانونية. وهي تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض أما إذا رفعت طعون لاحقة لصدور الحكم الناقض بطلب نقض أو إلغاء الأحكام المشار إليها، فإن هذه الطعون تكون واردة على غير محل لأن محالها قد زالت بقوة القانون بمجرد نقض الأحكام التي كانت أساساً لها، ومن ثم فحسب محكمة الطعن أن تشير إلى الحكم الناقض ثم تقضي باعتبار خصومة الطعن منتهية.

وبالبناء على ما تقدم فإنه يمكن القول بأن نقض الحكم فيما قضى به من قبول الاستئناف شكلاً يترتب عليه إلغاءه فيما قضى به في موضوع الاستئناف.

3- إلغاء إجراءات وأعمال التنفيذ التي تمت بناء على الحكم المنقوض:

مما يترتب على نقض الحكم أيضاً أن يفقد صلاحيته كسند تنفيذي، ومن ثم تعتبر ملغاة بحكم القانون – إعمالاً لحكم المادة 271 / 1 مرافعات – كافة إجراءات وأعمال التنفيذ التي تمت بناء عليه، ويعتبر حكم النقض سنداً تنفيذياً صالحاً لإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل تنفيذ الحكم المنقوض دون حاجة لاستصدار حكم جديد بذلك، ولو لم ينص في الحكم الناقض على إلزام المطعون ضده بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو رد ما قبضه تنفيذاً للحكم الذي تم نقضه

وتعتبر إجراءات وأعمال التنفيذ التي تمت بناء على الحكم المنقوض ملغاة ولو عادت محكمة الإحالة وقضت بنفس ما كان ذلك الحكم قد قضى به، ومن ثم يعتبر كأن لم يكن التنبيه بالوفاء والحجوز وإجراءات نزع الملكية وتسليم العقارات ودفع النقود وإقامة المباني وإزالتها وسد النوافذ والفتحات ومد الطرق والمساقي وغيرها.

حكم محكمة النقض الصادر بهذا الشأن:

نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته، وبه تعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان لهم من ذلك قبل إصداره ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه متى كانت لا تخالف قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض

[الطعن رقم49/لسنة 32 ق]

آثار النقض الجزئي للحكم:

إذا نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً ، فإن نقضه لا يزيله كله وإنما يزيل جزؤه الذي تم نقضه وما يكون قد تأسس على هذا الجزء أو ارتبط به من أجزاء الحكم الأخرى إذ لا يتسع قبول الطعن ونقض الحكم في هذه الحالة لأكثر مما شمله سبب الطعن الذي قبلته محكمة النقض ونقضت الحكم على أساسه ، ولا يمتد نطاق النقض إلى باقي أجزاء الحكم التي لم يطعن فيها أو التي قضي بعدم قبول أو برفض الطعن فيها إذ يصير قضاء الحكم فيها باتاً لا تجوز مناقشته أو إعادة النظر فيه لا من محكمة الإحالة ولا من محكمة النقض إذا تصدت هي للفصل في الموضوع وذلك إعمالاً لما نصت عليه المادة 271 / 2 من قانون المرافعات من أن (وإذا كان الحكم لم ينقض إلا في جزء منه بقى نافذاً فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض)

وعلى ذلك فإن نقض الحكم نقضاً جزئياً يزيل فقط الجزء المنقوض منه فتزول معه كافة آثاره، ويسقط ما أمر به أو رتبه من حقوق، ويصبح غير صالح لأن يبنى عليه حكم آخر، ويفقد صلاحيته كسند تنفيذي وتلغى إجراءات وأعمال التنفيذ التي تمت بناء عليه.

حكم محكمة النقض الصادر بهذا الشأن:

“تنص المادة 271 من قانون المرافعات على أنه إذا كان الحكم لم ينقض إلا فى جزء منه بقى نافذاً فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض ، و إذا نقض الحكم المطعون فيه فى خصوص السبب المتعلق بالتصرف بالبيع فى فدانين إلى الطاعن الثالث فإنه يترتب على ذلك نقض الحكم بالنسبة لمقدار الريع المقضى به عن هذا القدر ويبقى الحكم نافذاً بالنسبة لأجزائه الأخرى”

[الطعن رقم 216/لسنة 42 ق]

كتاب النقض المدني تأصيل وتطبيق نظام الطعن بالنقض في الأحكام المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية

[ للكاتب : المستشار – محمد وليد الجارحي ]
من ص 1166 إلى ص 1169