سلطة المحكمة في تقدير التعويض

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى

******************

بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 14/6/ 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح و يحيى خضرى نوبى محمد و د. محمد ماجد محمود أحمد و أحمد حلمى محمد أحمد حلمى.

نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 5174 لسنة 46 القضائية عليا
المقـــــام من

1- حسن محمود أحمد عن نفسه (أب)

وبصفته ولياً طبيعياً على القاصر / عبد الله حسن محمود

2- عزيزة أحمد رضوان (أم)

3- كل من : أشرف وبدر وعلى وعزيزة حسن محمود ( أخوة أشقاء )

ضــــــــد

وزير الداخلية ” بصفته “

في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( دائرة العقود والتعويضات )
في الدعوى رقم 9789 لسنة 50 ق بجلسة 13/2/2000

——————————————————————

الإجــــــــــراءات

———————–

بتاريخ 12/4/2000 أودع وكيل الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإداريــة العليــا تقريراً بالطعن قيد بالرقم عاليه وذلك في الحكـم الصادر من محكمــة القضـــاء الإداري المشار إليه والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الثانى وزير الدفاع لرفعها على غير ذى صفة وإخراجه من الدعوى بلا مصاريف. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة للمدعى عليه الأول وزير الداخلية وفى الموضوع بإلزامه بأن يؤدى للمدعى الأول بشخصه والمدعية الثانية مبلغاً وقدره ثلاثة آلاف جنيه يوزع بينهما بالتساوى مع المصروفات.

وطلب الطاعنون – فى ختام تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من رفض طلب التعويض الأدبى والموروث وبالقضاء مجدداً لهم به, وبتعديل الحكم الطعين بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى لهم مبلغ خمسين ألف جنيه عوضاً لهم عن الأضرار المادية والأدبية وما هو مستحق لهم من تعويض موروث عن مصرع مورثهم المرحوم / محمود حسن, مع إلزامه المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.

وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق, وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى للطاعنين التعويض الذى تقدره المحكمة جبراً للأضرار المادية والأدبية والموروثة التى لحقت بهم من جراء وفاة مورثهم, والمصروفات.

وقد عين لنظـر الطعــن أمـــام دائرة فحص الطعون جلسة 10/6/2002 وبجلسة 21/10/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى موضوع – لنظره بجلسة 23/11/2002 وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية وبجلسة 15/3/2003 قررت إصدار حكمها بجلسة اليوم ومذكرات فى شهر, وفى فترة حجز الطعن للحكم أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فى ختامها رفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات, وبجلسة اليوم صدر الحكم و أودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمـــــــــــــــــــة

*******************

بعد الاطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.

ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى إنه بتاريخ 12/7/1995 أقام الطاعنون ابتداء الدعوى رقم 7050 لسنة 1995 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالبين فى ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهما بالتضامن بأن يؤديا لهم مبلغ خمسين ألف جنيه عوضاً لهم عن أضرارهم المادية والأدبية وما هو مستحق لهم من تعويض موروث عن مقتل المرحوم / محمود حسن محمود , مع المصروفات.

وقد سند المدعون ( الطاعنون ) دعواهم بأنه بتاريخ 24/7/1992 وأثناء قيام مورثهم بتأدية عمله بإدارة مرور القاهرة فى تخطيط شارع صلاح سالم بمدينة نصر دهمته السيارة رقم 81777 ملاكى, ولم يعرف باقى بياناتها وفرت هاربة ولم يستطع أحد القبض على السيارة, وتم حفظ الواقعة لعدم معرفة الفاعل, ولما كان ذلك وكان الحادث الذى أطاح بالمجنى عليه وقع أثناء وبسبب الخدمة وكان عدم معرفة الفاعل راجعاً إلى إهمال وتقصير من جانب تابعى المطعون ضده بصفته, فإن مسئوليته تكون محققة وأن هذا الخطأ من جانب وزارة الداخلية ترتب عليه ضرر حاق بورثة المجنى عليه ( الطاعنون ) وهى أضرار مادية وأدبية وموروثة, وتتمثل الأضرار المادية فيما أصابهم من عدم رعايته لهم وإعالتهم فى شيخوختهم, والأضرار الأدبية تتمثل فى الحزن الذى أصابهم فى مشاعرهم, وانتهوا إلى طلباتهم سالفة الذكر.

وبجلسة 25/5/1996 حكمت محكمة جنوب القاهرة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها لمحكمة القضاء الإدارى حيث قيدت بالرقم عاليه.

وبجلسة 13/2/2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.

وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أن ركن الخطأ متوافر فى جانب الجهة الإدارية إذ خلت الأوراق مما يشير إلى اتخاذها الاحتياطات الكافية لمنع حدوث مثل هذه الحوادث عند تخطيط الشوارع, كذلك تتوافر الأضرار المادية والأدبية التى حاقت بالمدعين بسبب وفاة مورثهم العائل لوالديه المسنين, فضلاً عن الحزن والحسرة لفقدانه فى مقتبل العمر, ووجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر ومن ثم توافرت عناصر التعويض أما عن طلب المدعين التعويض عن الأضرار الأدبية والموروثة, فإن مناط استحقاقها طبقاً للمادة (222 مدنى ) أن يكون قد تحقق باتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء قبل وفاته باعتباره مقصوراً على المضرور نفسه فلا ينتقل لغيره إلا بتوافر شروطه, وانتهت المحكمة إلى حكمها سالف الذكر.

ومن حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون وإهدار القواعد التى رسمها المشرع لتقدير التعويض حيث إن المشرع قصر حق التعويض عن الضرر الأدبى الناشئ عن مورث المصاب طبقاً للمادة 222 مدني على الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية, ولازم ذلك أن المشرع إن كان قد خص هؤلاء الأقارب بالحق فى التعويض عن الضرر الأدبى فلم يكن ذلك ليحرمهم مما لهم من حق أصيل فى التعويض عن الضرر المادى إذا توافرت شروطه, كما أن قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه إذا تسببت وفاة المضرور عن فعل ضار من الغير فإن هذا الفعل لابد وأن يسبق الموت ولو بلحظة ويكون المضرور فى هذه اللحظة أهلاً لكسب حقه فى التعويض عن الضرر الذى لحقه وحسبما يتطور هذا الضرر ويتفاقم ومتى ثبت لـه هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه فى تركته يحق لهم بالتالى مطالبة المسئول بجبر الضرر المادى الذى سبب لمورثهم الموت, كما أن الحكم الطعين أخفق فى تحقيق الموازنة بين ما حاق بالطاعنين من أضرار مادية وبين ما قضى لهم به من تعويض لا يمكن بحال أن يحقق الغرض الذى من أجله شرع التعويض , وانتهوا إلى طلباتهم سالفة الذكر.

ومن حيث إنه عن الضرر الذى أصاب الطاعنين فهو ضرر مادى يتمثل فى حرمانهم من إنفاق مورثهم عليهم بعد أن تأهل للعمل وكسب الرزق بعد انتهاء تجنيده, وضرر أدبى للطاعنين يتمثل فى مشاعر الحزن والحسرة لفقدانهم مورثهم فى مقتبل العمر.

ومن حيث إن نطاق الطعن ينحصر فيما قضى به الحكم المطعون عليه من رفض طلب التعويض عن الضرر الأدبي الموروث عن المتوفى ثم زيادة مبلغ التعويض .

وحيث إنه عن المسألة الأولى المتعلقة بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار الأدبية التي تكون قد لحقت بمورث الطاعنين فإنه من المقرر بنص المادة 222 من القانون المدني أن مناط استحقاق التعويض عن الأضرار الأدبية أن يكون قد تحقق بمقتضى اتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء قبل وفاته باعتباره مقصوراً على المضرور نفسه فلا ينتقل لغيره إلا بتوافر شروطه .

ومن حيث إنه عن طلب زيادة التعويض فإنه وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن التعويض يخضع لتقدير محكمة الموضوع طالما أنه استند إلى أسباب تنتجه قانوناً ، مما يجعل الطعن على التقدير في غير محله واجب الرفض .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نحا هذا المنحى فإنه يكون قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون ، وأن النعي عليه في غير محله واجب الرفض .

ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالاً لحكم المادة 184 مرافعات .

فلهذه الأسباب
************
حكمت المحكمة

———————

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات .