اضاءات حول سن القوانين المؤقتة غير الدستورية

سن قوانين مؤقتة غير دستورية.. فساد أم اجتهاد؟ / حلمي الاسمر

في خطوة لافتة وذات مغزى كبير ، قرر قاضي صلح حقوق عمان صياح العتوم امس الأول عدم دستورية قانون العمل المؤقت رقم 26 لسنة 2010 بسبب مخالفته أحكام المادة 94 من الدستور الاردني ، علما بأن القرار قابل للاستئناف ، وكانت موظفة عاملة في احدى الشركات اقامت دعوى امام محكمة صلح حقوق عمان للمطالبة بمكافأة نهاية الخدمة الا ان هيئة المحكمة وجدت ان قانون العمل المؤقت غير دستوري ، الامر الذي جعل هيئة المحكمة تمتنع عن تطبيقه وطبقت قانون العمل القديم ، كان هذا فحوى خبر قصير في عدد الدستور منذ يومين ، خبر صغير جدا ، ولكن مدلوله مزلزل ، فكم من قانون مؤقت سنته الحكومات المتعاقبة ، في غيبة البرلمان؟ وكم من حقوق أهدرت ومصالح عطلت ومظالم وقعت ، ومواد من الدستور انتهكت وعطلت؟؟؟

ترى ما قصة المادة 94 من الدستور ، ولماذا تطل برأسها حين الحديث عن القوانين المؤقتة؟ واين تقع مطالبات الكثيرين من التعديلات الدستورية ، إذا كان الدستور النافذ معطلا ومعتدى عليه في كثير من المواد ومن قبل السلطة التنفيذية؟؟؟

الأمثلة كثيرة وأكثر من أن تحصى ، سواء حين الحديث عن المحاكم الاستثنائية ، وربط حياته كلها ، بمزاج شخصي ، أو تجاوزات وتغول السلطة التنفيذية ، ووضعها لكثير من مواد الدستور تحت إبطها،

أكثر الأمثلة فداحة على عدم احترام الحكومات المتعاقبة للدستور: قانون الانتخاب ، وعشرات بل مئات القوانين المؤقتة ، التي يبلغ عمر بعضها أكثر من ثلاثين سنة ولم تزل مؤقتة ، ما يؤكد أننا نعيش حالة ما من قوانين الطوارىء أو حتى الحكم العرفي الخفي ، أما لماذا نخص قانون الانتخابات بحديثنا فلأنه من أهم قوانين الدولة ، إن لم يكن أهمها بعد الدستور ، كما يقول الباحث القانوني مؤيد أحمد المجالي ، في دراسة حول قانونية قانـون الانتخـاب لمجلـس النـواب الأردنـي (قانون رقم 9 لسنة )2010 وتأتي هذه الأهمية كون هذا القانون متعلقا بنظام الحكم في الأردن مباشرة: فالمادة الأولى من الدستور تنص صراحة على أن نظام الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية نيابي ملكي وراثي ، أي أن الحكم في الأردن يرتكز دستوريا على المجلس النيابي والملك سواء بسواء ، وانظروا معي ، حينما نرى نائبا في هذا البرلمان ، المنتخب وفق قانون غير دستوري ، يقف تحت القبة ويشتم أبناء شعبه بألفاظ أقل ما يقال فيها أنها سوقية ، فقط لأنهم خرجوا للشارع معبرين عن رأيهم بمنتهى الحضارية والهدوء،

وعودة إلى المادة 94 التي تعطي مجلس الوزراء على سبيل الاستثناء صلاحية وضع قوانين مؤقتة ، علما بأنها قيدت زمانياً وموضوعياً هذه الصلاحية بالشروط التالية:

1. أن يكون مجلس الأمة غير منعقد أو منحلاً. 2. وجود أمور تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير ، أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل.
3. أن لا يُخالف القانون المؤقت أحكام الدستور.
4. أن يُعرض القانون المؤقت على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده.

وتدور هذه الصلاحية الزمانية والموضوعية لمجلس الوزراء وجودًا وعدمًا بتوافر هذه الشروط مجتمعة ، فإذا لم تتحقق أو لم يتحقق أحدها ، فلا صلاحية لمجلس الوزراء: لأن غاية المشرع الدستوري جعل الصلاحية تحقيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات: كي لا تتعدى السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة التشريعية ، بوسع أي طالب في السنة الأولى ـ حقوق ان يعرف أن الحكومات المتعاقبة خالفت نص الدستور ، ولم تزل ، فأنى لنا أن نتحدث عن إصلاحات ، ونحن نعيش حقبة ملتبسة من الحكم العرفي ، المغلف بغلالة رقيقة من الدمقرطة ، هي في كنهها أوهي من بيت العنكبوت،