قبل أن نبحث موضوع المعاهدات التي تنحصر في نطاقها المصادر الدولية لقانون العمل لا بد من توضيح العوامل التي ساعدت على تدويل قواعد قانون العمل والمحاولات التي بذلت في هذا المجال.

الفرع الأول : العوامل التي ساعدت على التدويل

1-كانت الغاية من تشريع القوانين العمالية هي حماية العمال وإنقاذهم من الحالة السيئة التي سببتها الثورة الصناعية وسيادة مبدأ الحرية الفردية في دول كثيرة حيث أدى ذلك إلى أن يكون وضع العمال متقاربا في هذه الدول .مما دفعها الى تخطي نطاقها الإقليمي والدخول في المجال الدولي لمعالجة المشاكل العمالية فيمكننا القول بان من أسباب التنظيم الدولي للعمل هو وحدة السبب الذي شرعت من اجله قوانين العمل في مختلف الدول (1).

2- كان من نتائج تطبيق القوانين العمالية زيادة تكاليف الإنتاج نتيجة لزيادة أجور العمال وتقرير الأجازات وتقليص ساعات العمل بالإضافة إلى ماتقرره قوانين التأمينات الاجتماعية من أعباء مالية على أصحاب العمل وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى أن يكون وضع الدولة سيئا في ميدان المنافسة الاقتصادية بالنسبة للدول المنافسة المتأخرة في ميدان التسريع العمالي فكلما كان التشريع العمالي متقدما كلما تحققت النتيجة التي ذكرناها وهذا مادفع الدول تحت تأثير هذه الظروف إلى بدل المساعي لتوسيع نطاق تطبيق القوانين العمالية لتشمل الدول المتنافسة في الميدان الاقتصادي عن طريق تشريع القوانين المذكورة على المستوى الدولي لان ذلك يؤدي إلى فرض أعباء متساوية على جميع الدول مما يبعد مخاطر المنافسة التي ذكرناها (2). ألا انه مع ذلك ينبغي عدم المغالاة في تقدير اثأر التشريعات التقدمية على نفقات الإنتاج وبالتالي على المنافسة الدولية آذ من المؤكد أن تحسين شروط العمل وزيادة الأجور يبعث النشاط في القوة الشرائية للطبقة العاملة فيزيد استهلاكها للبضائع المنتجة زيادة تتبعها زيادة الطاقة الإنتاجية للمشاريع وزيادة إرباحها وتثبيت أقدامها في السوق الدولية(3).

3 قانون العمل ساهم الى حد كبير في استتباب السلم العالمي لأنه فرض أعباء متساوية على الدول كما أن التدويل يؤدي الى تقرير المساواة في شروط العمل بين العمال الوطنيين والأجانب ،أن هذا يساهم الى حد كبير في التخفيف من حدة الخلافات بين تلك الدول . – لقد ساهم العمال إلى حد كبير في التسريع تدويل قواعد قانون العمل وذلك عن طريق المؤتمرات الدولية التي عقدوها حيث تبنت دراسة المشاكل العمالية ونادت بحق التنظيم النقابي للعمال وبضرورة توفير الحماية لهم وتحسين شروط عملهم وتوفير الضمان الاجتماعي لهم تحدوهم في كل ذلك الرغبة في تقارب شروط وظروف العمل على المستوى الدولي.

4_أن تدويل قواعد ألا أنه بالرغم من العوامل التي أوضحناها فان هناك صعوبات تبرز في هذا المجال حيث أن اختلاف الأوضاع الاقتصادية للدول يؤدي إلى تفاوت الأعباء التي تتحملها مؤسسات الإنتاج في تلك الدول بسبب تطبيق تشريع واحد فيها هذا من جهة ومن جهة أخرى فان قانون العمل الدولي لا يجد من الإجراءات الضامنة لتنفيذه كتلك التي تتوفر للقانون الوطني آذ أن قواعد قانون العمل الدولي يصعب في فرضها اللجوء إلى التنفيذ الإجباري أو فرض العقوبات أو غير ذلك من المسائل (4) .

الفرع الثاني : محاولات تدويل قواعد قانون العمل

لقد بذلت محاولات لتدويل قانون العمل وكانت أولها ما نادى به روبرت أوين في مذكرة تقدم بها إلى مؤتمر الحلف المقدس عام 1818 حيث أكد فيها على ضرورة وضع تشريع دولي للعمل ،كما سار في نفس الاتجاه الصناعي الفرنسي ليجراند عام 1840 كما نادت بذلك الحركة العمالية اعتبارا من عام 1866 .وفي عام 1881 دعت الحكومة السويسرية إلى عقد مؤتمر دولي للعمل ،ألا أن هذه الدعوة لم يكتب لها النجاح ولم تلقي استجابة جادة من قبل كثير من الدول بسبب عدم اهتمامها بذلك وقد كررت سويسرا محاولاتها في عام 1889 دعت فيها إلى عقد مؤتمر دولي في برن يكرس لدارسة مقترحات وتبادل معلومات تتعلق بقانون العمل والشؤون العمالية ألا غليوم الثاني إمبراطور ألمانيا رغبة منه في أرضاء الأشترتكيين وإعطاء الهيبة لحكمه (5) دعا إلى عقد مؤتمر في برلين عام 1890 وهذا التاريخ هو سابق على تاريخ انعقاد مؤتمر برن الذي دعت إليه الحكومة السويسرية مما دعا هذه الحكومة إلى سحب دعوتها. أن مؤتمر برلين الذي عقد للفترة من (15-19) آذار وحضرته (14) دولة وضع اقتراحات لمستويات دولية كتحريم تشغيل الأطفال الذين هم دون سن الثانية عشرة ومنع تشغيل الأحداث الذين هم دون الرابعة عشرة في المناجم ونوقشت كذلك قواعد السلامة والصحة والتأمين ضد الحوادث (6) ولم يعقب ذلك أي إجراء دولي إلى أن عقد مؤتمر دولي في زوريخ عام 1897 وأخر في بروكسل عام 1898 وثالث في باريس عام 1900 وكان من نتائج هذه المؤتمرات أن تأسست في المؤتمر الثالث الجمعية الدولية للحماية القانونية للعمال ، التي أنشأت مكتبا دوليا للعمل تابعا لها مقره في مدينة برن (7). لقد قامت هذه الجمعية بجمع وطبع نصوص قوانين العمل في مختلف الدول كما سع لدى هذه الدول لغرض الوصول إلى وضع قانون دولي للعمل ، وقد نجحت هذه الجمعية في حمل الحكومة السويسرية على تبني عقد مؤتمرين دبلوماسيين في مدينة برن الأول عام 1905 وقد أسفر هذان المؤتمران عن عقد اتفاقيتين دوليتين الأولى تتعلق بمنع استعمال الفسفور الأبيض في صناعة الكبريت والثانية بمنع تشغيل النساء ليلا في الصناعة، ووجهت الجمعية جهودها للعمل على وضع اتفاقيات جديدة تضع حدا لتشغيل الأطفال في العمل الليلي في الصناعة وتقرير مبدأ يوم عمل العشر ساعات للاحداث والنساء ، واعتمدت مشروعات هذه الاتفاقيات في مؤتمر فني عقد في برن عام 1913 وتقرر فيه عقد مؤتمر دبلوماسي عام 1914 للنظر في التصديق عليها ألا إن نشوب الحرب العالمية حال دون ذلك .وبعد إن وضعت الحرب أوزارها وفي مؤتمر السلام عام 1919 عند تأسيس عصبة الأمم ولدت منظمة العمل الدولية مع معاهدات الصلح.

الفرع الثالث : المصادر الدولية لقانون العمل

تتجسد هذه المصادر بالاتفاقيات والتوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية وكذلك منظمة العمل العربية كما يدخل في هذا المجال معاهدات العمل.

ا- الاتفاقيات :

المقصود بالاتفاقيات :مشروع معاهدة دولية تصدر عن مؤتمر العمل الدولي وتكون ملزمة للدولة العضو في المنظمة في حال المصادقة عليها .إن إقرار مشروع اتفاقية دولية من قبل مؤتمر العمل الدولي بأغلبية الثلثين لا يؤدي إلى التزام الدول بإحكامها بمجرد هذا الإقرار حتى ولو وافق ممثلو الدول جميعا عليها في المؤتمر ،فاتفاقية العمل الدولية هي عبارة عن مشروع معاهدة دولية كما أوضحنا لاتعتبر ملزمة للدول ألا في حالة المصادقة عليها ويتحقق ذلك بقيام حكومة الدول الأعضاء في المنظمة برفع الاتفاقية إلى السلطة التشريعية أو السلطة المختصة بالتصديق خلال مدة المصادقة عليها ولهذه السلطة مطلق الحرية في التصديق أو عدمه دون إن تكون السلطة المذكورة مقيدة بأية مهلة في اتخاذ قرارها بهذا الشأن آذ يمكنها في إي وقت إن تصدق عليها وغالبا ماتقوم الجهة الحكومية برفع الاتفاقية إلى السلطة المختصة بالتصديق مرفقة باقتراحات حول الموضوع وتوصية بالتصديق أو عدمه وبعبارة أخرى فان الجهة الحكومية ملزمة بعرض وتوصية بالتصديق أو عدمه وبعبارة أخرى فان الجهة الحكومية ملزمة بعرض الاتفاقية على السلطة المختصة بالتصديق ألا أنها لها الحرية في بيان رأيها بشان التصديق أو عدمه في حالة المصادقة على الاتفاقية أذن ينشا التزام الدول بإحكامها ويقتضي في هذه الحالة إن تجعل قانونها الداخلي(قانون العمل أو التأمينات الاجتماعية )منسجما والاتفاقية عن طريق التعديل إما إذا كان القانون الداخلي أكثر سخاءا من المستويات الواردة في الاتفاقية فلا محل في هذه الحالة لاتخاذ إي إجراء لان التعارض لا يتحقق إلا في حالة ما إذا كانت المستويات المنصوص عليها في القانون الداخلي اقل مستوى من تلك الواردة في الاتفاقية وذلك لان المستويات الواردة في الاتفاقية حد دنى في هذه الحالة. هذا ما جرى عليه تطبيق في اغلب الدول،وهناك من يرى بان الاتفاقية تصبح بعد المصادقة عليها جزءا من القانون ألدخلي (8) وأننا نؤيد هذا الرأي بحيث يعتبر القانون الداخلي معدلا حكما بالاتفاقية الدولية.

ب- التوصيات :

المقصودة بالتوصيات أنها عبارة عن توجه أو دعوة أو نصيحة توجه إلى الدول الأعضاء لإقرار مبدأ معين أو إجراء تعديل في تشريعاتها العمالية متى ما سمحت ظروفها بذلك فهي أذن لأتكون موضوع التزامات دولية باعتبار إن هدفها هو توجيه عمل الحكومات على الصعيد الوطني والتوصيات تخضع لنفس إجراءات التصديق التي تخضع لها الاتفاقية ويلجا مؤتمر العمل الدولي إلى إقرار توصية عندما يرى عدم إمكان أو عدم احتمال الحصول على عدد مناسب من التصديقات في حالة طرح موضوع التوصية على شكل اتفاقية (9). لقد ساهمت اتفاقيات وتوصيات العمل الدولية في تطوير مستويات العمل والضمان الاجتماعي بالنسبة للدول المصدقة عليها كما كان لها اثر غير مباشر على تشريعات الدول التي لم تصاد عليها حيث اقتبست هذه الدول من هذه المواثيق الدولية الأحكام التي تناسب ظروفها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية (10).

ج- معاهدات العمل :

وتشمل المعاهدات الثنائية التي تعقد بين دولتين وتكون ملزمة لهما إما مجال تطبيقها فيكون مقتصر على هاتين الدولتين ويطلق على هذه المعاهدات (المعاهدات المغلقة )آذ لا يجوز لدولة أخرى الانضمام إليها دون موافقة الطرفين الأصليين (11).

إما المعاهدة المتعددة الإطراف التي يطلق عليها (المعاهدة المفتوحة )فتعقد بين أكثر من دولتين ويكون المجال مفتوحا لانضمام دول أخرى أليا دون حاجة إلى موافقة الدول التي سبقتها في التوقيع . ويلاحظ بأنه قد تغير الإطار الذي تبرم فيه هذه المعاهدات منذ إنشاء منظمة العمل الدولية في سنة 1919 آذ أصبحت هذه المنظمة هي التي تحضر وتبرم الاتفاقيات الدولية إلا انه مع ذلك فانه مازالت تبرم معاهدات متعددة الإطراف في ااطار المنظمات الإقليمية (12).

أن موضوع معاهدات العمل الثنائية ينصب على معالجة أوضاع العمال من رعايا الدولتين فقد يقتصر الاتفاق على موضوع محدد وقد يكون شاملا يتضمن تقرير المساواة الكاملة في الحقوق بين العمال الوطنيين والأجانب (العمال المهاجرين )كالمعاهدات المعقودة بين فرنسا وايطاليا في 15 نيسان 1904 والمعاهدات الأخرى بين نفس الدولتين التي عقدت في 30 أيلول 1919. إلا أن هناك معاهدات يقتصر مجال تطبيقها على موضوع محدد كما ذكرنا ومن أمثلة هذه المعاهدات المعقودة بين فرنسا وسويسرا عام 1933 حيث كان موضوعها مساعدة العمال في حالة البطالة وكالمعاهدات التي عقدت بين فرنسا وايطاليا في 31 آذار 1948 وتلك التي عقدت بين فرنسا وبريطانيا في 11 حزيران 1948 حيث تتعلق كل منهما بالضمان الاجتماعي (13).

__________________

1- برن وكالان ، قانون العمل ، باريس سنة 1958 ،ص88

2- برن وكالان ،المرجع السابق ص88.

3- د. جلال القريشي ، شرح قانون العمل بغداد سنة 1972،ص72.

4- فؤاد دهمان ، التشريعات الاجتماعية ــ قانون العمل ــ دمشق سنة 1965، ص 69.

5- برن وكالان ، المرجع السابق ، ص 89.

6- المحاولة الأولى لوضع قانون العمل ..مؤتمر برلين (15-29)اذار 1890 القواعد الخاصة بالعمل في المناجم:

أ-1- ان ترفع تدريجيا الحدود الدنيا لأعمار الأطفال الذين يسمح لهم بالعمل داخل المناجم الى 14 سنة كاملة بقدر ماتثبت التجربة إمكانية ذلك . ويمكن في الدول الجنوبية جعل هذا الحد (12)سنة .

ب-منع النساء من العمل في المناجم.

2 – حيث يعجز العلم عن إبعاد كل أنواع الخاطر الصحية الناشئة عن الظروف العمل داخل المناجم سواء كانت طبيعية أو عرضية يجب ان يقيد وقت الاستمرار في العمل ويترك لكل دولة تطبيق ذلك بالطرق التشريعية أو الإدارية أو الاتفاق بين أصحاب الإعمال والعمال .

3- ان تؤمن السلامة الصحية للعمال بكافة الوسائل التي يتيحها العلم وان توضع تحت مراقبة الدولة.م

ج-ان تكون العلاقات بين عمال المناجم والمهندسين مباشرة ما آمكن حتى يمكن ان تكتب طابقا من الثقة والتقدير .

(نظر العامل يواجه عصرا جديدا ،من منشورات مكتب العمل الدولي سنة 1966،جنيف ،ص44)

7- برن وكالان ،المرجع السابق ،ص92 وانظر كذلك فؤاد دهمان المرجع السابق ص66ود.موسى عبود،دروس في القانون الاجتماعي ،الدار البيضاء 1987 ص55ود .فؤاد دهمان المرجع السابق .

8- الدكتور محمد فاروق باشا ،المرجع السابق ص98 والدكتور حسن كيره ،أصول قانو ن العمل الطبعة الثالثة الإسكندرية 1979 ص59 .

9- برن وكالان :المرجع السابق ص100 ما بعدها انظر كذلك د .عزيز إبراهيم المرجع السابق ص62.

10- الدكتور عدنان العابد والدكتور يوسف اليأس ، قانون الضمان الاجتماعي الطبعة الأولى بغداد 1981 ص35.

11- برن زكالان ، المرجع السابق ص92و93.

12- د. موسى عبود،دروس في القانون الاجتماعي ،الدار البيضاء 1987، ص30 .

13- برن وكالان ،نفس المرجع السابق


تدرج مصادر قانون العمل : 

لاتثير مسالة التدرج إي إشكال في حالة التعارض بين المصادر الداخلية حيث تكون الأولوية للدستور ثم التشريع العادي ثم الأنظمة والتعليمات ويلي ذلك اتفاقيات العمل الجماعية (عقود العمل الجماعية )ثم تعليمات العمل (لوائح النظام الداخلي أو النظام الداخلي للعمل )ثم القرارات النقابية وفي حالة انعدام النص يمكن اللجوء إلى العرف أما بالنسبة لقرارات المحاكم فأنها بطبيعة الحال فأنها بطبيعة الحال تخضع للنصوص النافذة ولا اجتهاد في مورد النص الواضح. أن التدريج يخضع لنفس المبادئ التي تخضع لها ترتيب هذه المصادر في سائر فروع القانون. أما في حالة التعارض بين القواعد الوطنية والقواعد الدولية الذي يحصل في حالة وجود إحكام اتفاقية عمل دولية او معاهدة تخالف أحكام قانون العمل الداخلي فهل تطبق في هذه الحالة القاعدة المنصوص عليها في الاتفاقية آم القاعدة المنصوص عليها في القانون الداخلي ؟. أن بعض الدول قد حسمت هذا الموضوع كما الحال بالنسبة للدستور الفرنسي الصادر في سنة 1946 آذ نص في المادة 28 على إن ((للمعاهدات الدولية قوة القانون ))كما ذهبت المادة نفسها إلى إن نصوص ((المعاهدات لا يمكن إلغاؤها أو تعديلها أو وقف نفاذها إلا بالطرق المرسومة في القانون الدولي كما اخذ الدستور الفرنسي الصادر في سنة 1958 بنفس المبدا حيث نصت المادة (50)منه بان الاتفاقيات الدولية هي في مركز اقوى من القواعد المنصوص عليها في القوانين الداخلية(1). كما اخذ بهذا المبدأ أيضا دستور كل من الولايات المتحدة الأميركية (م6)والمانيا الاتحادية (م25 من دستور سنة 1949)(2). أما في حالة عدم وجود نصوص لمعالجة التعارض فيمكن أن نبحث المسالة من ناحيتين ، إذا كانت القاعدة القانونية الدولية اسبق من القاعدة الوطنية، ففي حالة حصول تعارض بينهما تطبق في هذه الحالة القاعدة الدولية اذ لايمكن للدول طالما التزمت بتطبيق القاعدة القانونية الدولية أن تنهي التزامها بعمل انفرادي بل يجب عليها إذا أرادت تطبيق القاعدة المنصوص عليها في القانون الداخلي أن تنهي التزامها الدولي بالطرق المرسومة لذلك في القانون الدولي . امافي حالة تعارض القاعدة الدولية مع القاعدة المنصوص عليها في القانون الداخلي وكانت القاعدة المنصوص عليها في القانون الداخلي اسبق من القاعدة الدولية فتطبق في هذه الحالة القاعدة القانونية الدولية ايضا لان نفاذ هذه القاعدة بعد القاعدة المنصوص عليها في القانون الداخلي يعد تعديلا لها(3). لقد نص قانون العمل النافذ على عدم تطبيق اتفاقيات العمل العربية والدولية المصدقة من العراق إلا في حالة عدم وجود نص من قانون العمل (4). إن ماجرى عليه التطبيق بالنسبة لاتفاقيات العمل المصدقة في حالة تعارض إحكامها مع إحكام قانون العمل الداخلي إن تجري إزالة التعارض عن طريق تعديل قانون العمل .إلا إننا نعتقد إن تدخل المشروع لغرض تعديل القانون ،لامبرر له من الناحية القانونية ،لان القانون الداخلي يعتبر معدلا حكما بإحكام الاتفاقية الدولية او العربية المصادق عليها .

_______________

1- برن وكالان ، قانون العمل ، باريس سنة 1958 ،103،108.

2- د. شاب توما منصور ، شرح وقانون العمل ، الطبعة السادسة بغداد سنة 1977 ،ص67.

3- الدكتور صادق مهدي السعيد ، تنظيم العلاقات الإنتاجية الفردية بين العمال وأصحاب العمل وحقوقهما وواجباتهما المتبادلة ، بغداد ،سنة 1976،ص38-39.

4- انظر المادة 150 من قانون العمل رقم 71 لسنة 1987النافذ.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .