توزيع الأموال المتحصلة من الحجز في القانون

بعد انتهاء مرحلة بيع الأموال المحجوزة وتجميع كل الأموال المتحصلة من معاملة الحجز، يصل الحجز التنفيذي إلى مرحلته الأخيرة المتمثلة في إستفاء الدائن الحاجز أو الدائنين الحاجزين أو المتدخلين في الحجز عند وجودهم لحقوقهم وذلك بتوزيع حصيلة التنفيذ بينهم عند الاقتضاء، تعرف هذه المعاملة بمعاملة التوزيع أو القسمة بين الدائنين (1) من هنا تعتبر هذه المرحلة، مرحلة مكملة لإجراءات التنفيذ التي سبقتها(2). ولا يثير إستفاء الديون من الحصيلة أية مشاكل إجرائية إذا كان الدائن الحاجز واحدا، إذ يختص بالحصيلة لوحده سواء كانت كافية للوفاء بكل الدين أم كانت غير كافية (3) كذلك لا يثير الاستيفاء أي إشكال إذا تعدد الدائنون وكانت الحصيلة كافية للوفاء بحقوقهم جميعا بما في ذلك الدائنين المتدخلين في الحجز. إذ يجب في هذه الحالة على من تكون لديه هذه الحصيلة سواء كان المحضر القضائي أو محافظ البيع أو المحكمة أن يؤدي لكل من الدائنين دينه بعد تقديم سنده التنفيذي، أو بعد موافقة كتابية من المدين بالنسبة للدائنين الذين ليست لهم سندات تنفيذية عملا بنص المادة 791 من ق إ م د (4)، وترد المبالغ المالية المتبقية إلى المدين بعد سداد المصاريف القضائية والرسوم الجبائية. وٕانما يثور التساؤل عن كيفية توزيع الثمن عند تعدد الدائنين الحاجزين وكانت حصيلة التنفيذ لا تكفي للوفاء بكامل حقوقهم، وعندها قد تعترض معاملة التوزيع صعوبات، وخاصة إذ كانت بين الحاجزين أصحاب أولوية. والإشكال المطروح بهذا الخصوص هو تحديد معايير التوزيع وترتيب أولوية الدائنين، ونظرا لاهمية المرحلة تدخل المشرع ووضع لذلك نظام وضوابط معلنة مسبقا، توفر فيها الضمانات الكفيلة لتسوية حقوق جميع الأطراف، ومنه يكون التوزيع إما عن طريق المحاصة أو ما يسمى قسمة الغرماء. بموجب هذه الطريقة يأخذ كل دائن نصيبه من الحصيلة حسب نسبة دينه إلى مجموع الديون بغير أولوية لدائن على أخر، ولا تتبع هذه الطريقة إلا إذا لم يكن ضمن الدائنين، دائن له أولوية على غيره. وٕاما يتم التوزيع بالترتيب، بحيث يستوفي الدائن الممتاز حقه كاملا متى كان سابقا على غيره، فإن تبقى شيء تم توزيعه على الباقين بالترتيب أو توزيع غرماء (5) وبذلك يكون المشرع قد أدمج بين إجراءات التقسيم بالمحاصة وبين التوزيع بحسب درجات الدائنين، لتشابه أحكام كل منهما، ولتعلقهما بقصد واحد وهو إقتضاء الدائنين حقوقهم من أموال المدين سواء كانوا من الدائنين العاديين أو الممتازين، ولتحقيق نفس الغرض حرص القانون الجديد على التبسيط أكثر في الإجراءات التي تحكم توزيع المبالغ المتحصلة من التنفيذ. ومسألة توزيع حصيلة التنفيذ بتدخل القضاء وتحت إشرافه تقتضي منا التطرق إلى شروط إفتتاح هذه الإجراءات أمام القضاء، والمعايير المعتمدة في تهيئة قائمة التوزيع، وطرق الطعن فيها.وعليه سنعمل على مناقشة هذه التساؤلات في مطلبين على النحو التالي:

المطلب الأول: شروط إفتتاح إجراءات التوزيع أمام القضاء

يلزم لتدخل القضاء (6) وٕافتتاح إجراءات التوزيع توافر الشروط التالية:

الشرط الأول: تعدد الدائنين الذي بيدهم سندات تنفيذية

يفترض التوزيع بداية بتعدد الدائنين، وعلى ذلك إذا كان الحاجز واحدا على المال المنزوعة ملكيته ولم يتدخل أي دائن أخر في إجراءات الحجز، ولم يعتبر طرفا في الإجراءات قانونا، فإنه يستوفى حقه مباشرة من نتائج عمليه البيع. وتطبيقا لهذا الشرط لا يعتبر طرفا في خصومة التنفيذ وله صفة بالنسبة للاستيفاء إلا نوعين من الدائنين هما:

– الدائنون الذين أوقعوا حج ا ز على المال محل التنفيذ أو على ثمنه، وكذا الدائنين المتدخلين في الحجز.

– الدائنون الذي إعتبروا بحكم القانون أطرافا في خصومة التنفيذ، وهم أصحاب الحقوق المقيدة على العقار (الدائنين المرتهنين) والذين ألزم المشرع إخبارهم بإيداع قائمة شروط البيع(7) ويجب على كل واحد من الدائنين أن يكون بيده سندا تنفيذيا، ولا يكفي الإدلاء بالوثائق المثبة للمديونية.

الشرط الثاني: عدم كفاية حصيلة التنفيذ(8).

نصت على هذا الشرط المادة 400 من ق إ م (9)، والمادة 792 ف 1 من ق إ م د(10) وعليه إذا كانت المبالغ المحجوزة فيه غير كافية للوفاء بحقوق الحاجزين ومن صاروا طرفا في الإجراءات، في ظل القانون الحالي يتعين على الدائنين أن يتفقوا مع المدين على طريقة التوزيع، أما القانون الجديد وفي حالة عدم الكفاية تودع الأموال مباشرة بأمانة ضبط المحكمة المختصة، وبذلك يكون القانون الجديد قد ألغى مرحلة لا جدوى ولا فائدة من الإبقاء عليها.

الشرط الثالث: عدم اتفاق الأطراف على التوزيع

يظهر أنه شرط هام وأساسي في ظل القانون الحالي نصت عليه صراحة المادة 400 أعلاه، وعليه فعدم اتفاق الدائنين وذوي الشأن على الوصول إلى اتفاق ودي بشأن توزيع حصيلة التنفيذ (11)، وبمفهوم المخالفة فوجود الاتفاق يستبعد إجراءات التوزيع بالمحاصة، والتي لا يبقى لها مبرر. وجواز الاتفاق على التوزيع يجد مشروعيته في أن قواعد التوزيع لا تعد قواعدا آمرة، بل هي قواعد مكملة لا تتعلق بالنظام العام، ومن ثم يكون من حق الأطراف الاتفاق على طريقة معينة للتوزيع، أما إختفاء هذا الإجراء في ظل القانون الجديد يرجع ذلك بالأساس إلى نية المشرع في التقليص في مواعيد التنفيذ بإعتبار أنه لا يمكن التوصل عمليا إلى اتفاق، لأن الاتفاق يصبح بمثابة قانون يحكم توزيع حصيلة التنفيذ، ولكل من الدائنين إستيفاء دينه المبين في الإنفاق ممن يوجد الأموال المحجوزة بين يديه. وفي ظل القانون الحالي إذا لم يتم الإنفاق خلال الميعاد المذكور تفتح إجراءات التوزيع بالمحاصة، إذا توفرت باقي الشروط المذكورة أعلاه.

المطلب الثاني: إجراءات التوزيع

تقسم إجراءات التوزيع إلى مرحلتين نتناول كل واحدة منها في فرع مستقل على النحو التالي:

الفرع الأول: إعداد القائمة المؤقتة ” مشروع التقسيم”

سنوضح في هذا الفرع مختلف المراحل والإجراءات التي تتبع في إعداد هذه القائمة المؤقتة أو ما يصطلح عليه في القانون الحالي بمشروع تقسيم حصيلة التنفيذ، ثم نعرض المعايير الموضوعية المعتمدة في ترتيب الديون.

أولا: مراحل وٕاجراءات إعداد القائمة المؤقتة

أ- إجراءات إعداد مشروع التوزيع في القانون الحالي.

عملا بنص المادة 401 ف 1 من ق إ م، إذا لم يتفق الدائنون مع المدين خلال ميعاد ثلاثين يوما إبتداءا من يوم تبليغهم ممن يعنيه تعجيل التوزيع، تفتح إجراءات التوزيع بالمحاصة أمام كتابة ضبط المحكمة المودع لديها المبلغ المخصص للتوزيع. وفي حالة تعدد الحجوز إذ يمكن أن تتحصل هذه المبالغ إما من حجز لدى الغير واقع في موطن الغير المحجوز لديه، أو من إجراءات بيع المنقولات في موطن المدين، فإن الأموال المتحصلة من هذه الحجوز تودع جميعها قلم كتاب المحكمة الكائن مقرها بدائرة موطن المدين (12). وٕافتتاح إجراءات التوزيع لا تتم بصفة تلقائية من طرف المحكمة، وٕانما يلزم تقديم طلب بذلك من الطرف الذي يعنيه تعجيل التوزيع ونصت على ذلك ص ا رحة المادة 401 ف 1 من ق إ م. ثم يعلن إفتتاح إجراءات التوزيع إلى الجمهور بطريق النشر بإعلانين في صحيفة مقررة لنشر الإعلانات القضائية. ويجب أن يفصل بين الإعلان الأول والثاني أجل عشرة أيام كاملة . كما يعلق نفس الإعلان في الأمكنة المعدة لذلك في الجهة القضائية التي سيتم التوزيع فيها، وذلك لمدة عشرة أيام (13). الغاية من هذا الإعلان هو منح فرصة لكل دائن بأن يقدم مستنداته (14) تحت طائلة سقوط حقه، وذلك ما يستفاد من الفقرة الثالثة من المادة 403 من قانون الإجراءات المدنية. وبعد إنتهاء أجل الثلاثين يوما المخصصة لتقديم المستندات، يقوم القاضي المكلف بالتوزيع بوضع مشروع التوزيع (15). يحدد الطريقة المقترحة للتوزيع، إذن فهو مشروع ابتدائي لتوزيع الحصيلة وهو الذي سيعتمد فيما بعد بصفة نهائية إذا لم ينازع فيه الأطراف.

ب- إجراءات إعداد المشروع في القانون الجديد.

إذا تعدد الحاجزون ومن في حكمهم وكانت حصيلة التنفيذ غير كافية للوفاء بحقوقهم، وجب على من تكون لديه هذه الأموال أن يودعها بأمانة ضبط المحكمة التي تم في دائرة إختصاصها التنفيذ مع إرفاق جدول من الأموال المحجوزة ومحضر رسو المزاد، وعلى ذلك نصت المادة 792 ف 1 من ق إ م د. وفي حالة وجود عدة حجوز على أموال نفس المدين أمام جهات قضائية مختلة، يجب على كل من كانت لديه المبالغ المتحصلة من التنفيذ، إيداعها بأمانة ضبط المحكمة التي تم في دائرة إختصاصها الحجز الأول أو البيع الأول للأموال المحجوزة(16) بعد إيداع الأموال يقوم رئيس أمانة الضبط مباشرة بإخطار رئيس المحكمة كتابيا من أجل توزيع المبالغ المودعة لديه والمتحصلة من التنفيذ (17) يجب على رئيس المحكمة أن يعد القائمة المؤقتة للتوزيع خلال خمسة عشر يوما من عرض الأمر عليه ويأمر بإيداعها بأمانة الضبط (18) وعلى رئيس أمانة الضبط تعليق مستخرج من القائمة المؤقتة للتوزيع بلوحة إعلانات المحكمة لمدة ثلاثين يوما، دون نشرها في الصحف المقررة لذلك (19) . وهنا يفتح المجال أمام الدائنين لتقديم ما لديهم من سندات دين إلى أمانة الضبط وذلك خلال أجل عشرة أيام من تاريخ إنتهاء أجل التعليق وٕالا سقط حقهم في الانضمام إلى القائمة(20) .

ج- بيانات مشروع التوزيع

يتعين على القاضي المكلف أن يحرر مشروع التوزيع المقترح ويضمنه البيانات التالية:

-الدباجة المطلوبة في تحرير الأحكام ومنه إسم المحكمة المختصة واسم القاضي وكاتب الضبط وعرضا موجزا لمختلف الإجراءات.

-تحديد وعاء حصيلة التنفيذ.

-تحديد الدائنين الذين قبلت مستنداتهم المقدمة داخل أجل الثلاثين يوما في القانون الحالي وعشرة أيام في القانون الجديد، الموالية للإعلان عن مشروع التوزيع أو القائمة المؤقتة.

– إقتراح طريقة للتوزيع وذلك بتحديد رتبة كل دين من الديون المقبولة في إجراءات التوزيع، وذلك إما بطريقة الترتيب اعتبار لحقوق الامتياز، و إما بطريقة قسمة الغرماء، مع العلم أن هذا المقترح يمثل الموضوع الجوهري لمشروع التوزيع، بحيث يتم بيان حقوق كل طرف ومرتبتها ومقدارها(21).

ثانيا: ترتيب حقوق الدائنين

وهو عمل جوهري يتعين على القاضي القيام به وهو تحديد رتبة كل دائن والمبلغ الذي سيؤول إليه من حصيلة التنفيذ. وعليه وعند عدم كفاية حصيلة التنفيذ وعملا بقاعدة إقتضاء الدائنين لديونهم على وجه المساواة، ، تقسم الحصيلة بين الدائنين قسمة غرماء أي لكل دائن بالحصة المقابلة لدينه لعلاقتها بقيمة مجموع الديون، واذا وجد أصحاب الأولوية يجب إعطاء أفضلية لهؤلاء عند التوزيع، وبالرجوع إلى المادة 990 من ق م ج وما بعدها، نجدها قد حددت مراتب الأولوية وذلك إستنادا إلى وجود حقوق إمتياز و رهون، وعليه ترتب مجموع هذه الديون وفقا المبادئ التالية:

أ- إذا تزاحم دين ممتاز مع دين مضمون برهن أو دين عادي، يقدم الدين الممتاز على الديون الأخرى.

ب- إذا تزاحم دينان ممتازان أحدهما متعلق بالمصاريف القضائية التي أنفقت لمصلحة جميع الدائنين في حفظ أموال المدين وبيعها، ومبالغ مستحقة للخزينة العمومية، يقدم الدين الممتاز الأول على التالي (22).

ج- إذا تزاحم دين مضمون برهن مع دين عادي تكون الأولوية في الاستيفاء للدائن المرتهن وعند تعددهم تكون العبرة في تحديد الأسبقية بتاريخ القيد في مصلحة الشهر العقاري متى تعلق الأمر برهن رسمي أو حق تخصيص.

د- إذا تعددت الديون الممتازة أو العادية وكانت من رتبة واحدة، فإن الدائنين يسوفون ديونهم بحسب نسبتها أي عن طريق قسمة غرماء.

وهكذا يجب على القاضي وضع تفصيل شامل لمنتوج المنقول والعقار، ومنتوج ثماره، ثم يشرع في ترتيب الديون. فيتم في البداية خصم المصاريف القضائية المتمثلة في المبالغ المالية التي أنفقت أمام القضاء من أجل الحفاظ على أموال المدين محل الامتياز إلى حين بيعها (23) ثم يليها الامتياز المتعلق بحقوق الخزينة المتمثلة في الضرائب والرسوم (24)، ثم تليها مبالغ حفظ المنقول التي يقدم بعضها على بعض بحسب الترتيب العكسي لتواريخ صرفها (25). ثم جاء المشرع بقائمة أخرى في المواد ، 993، 994 ، والمادة 995 وقال أنها تكون ممتازة على جميع أموال المدين من منقول وعقار. وبعد خصم الديون الممتازة كلها على الترتيب المذكور أعلاه، يقوم بترتيب الحقوق المضمونة برهن، والقاعدة في هذا المجال أن الأسبق في التسجيل سابق في التقدم في التوزيع (26) إلا إذا حصل التسجيل نتيجة غش.

الفرع الثاني: الإعتراض على مشروع التوزيع

أولا: التسوية الودية

في القانون الحالي)27) لم تظهر بوضوح هذه التسوية، حيث أنه وبعد إنجاز مشروع التوزيع وأخطار الأطراف به لأجل الإطلاع والاعتراض عليه في أجل ثلاثين يوما يبدأ من إستلامهم الإخطار. بعد إنتهاء الميعاد المذكور تحدد جلسة للفصل في الإعتراضات المقدمة إن وجدت. أما في القانون الجديد وبموجب المادة 796 ف 1 منه تبنى المشرع وبكل وضوح مرحلة التسوية الودية، حيث أنه وبعد إعداد القائمة المؤقتة للتوزيع، وتعليق مستخرج منها بلوحة إعلانات المحكمة المختصة، ومنح الدائنين مدة عشرة أيام لتقديم مستنداتهم، تحدد جلسة التسوية الودية، يتولى المحضر القضائي تكليف الدائنين الحاجزين والدائنين المتدخلين في الحجز بالحضور إليها. في هذه الجلسة تكون لرئيسها سلطة مراقبة الإجراءات، فيتحقق من صفة الدائنين وصحة تكليف الأطراف بالحضور، وصحة التوكيلات، وصحة طلبات التسجيل، ثم يقرر قيد من تثبت صفته في قائمة التوزيع وشطب من لم تثبت صفته(28). كما تكون له سلطة تامة في إدارة الجلسة وتوجيه المناقشات، وتقريب وجهات النظر بين الأطراف، كما أن للقاضي أن يرفض التسوية حتى ولو اتفق عليها ذوي الشأن إذا كانت لا تتفق وقواعد المساواة نتيجة استغلال الأطراف أو عدم خبرة أحدهم. مع اتخاذ أي تدبير يقتضيه حسن سير الإجراءات وعموما في هذه المرحلة نكون أمام الفروض التالية:

الفرض الأول: حضور جميع أطراف التنفيذ واتفاقهم على قبول المشروع قائمة التوزيع المؤقتة، في هذه الحالة يأمر القاضي بإثبات إتفاقهم في محضر يوقعه هو وأمين الضبط والحاضرون، ويكون لهذا المحضر قوة السند التنفيذي (29).

الفرض الثاني: حالة تخلف جميع الأطراف رغم إعلامهم، هنا تصير القائمة المؤقتة نهائية، فالمشرع افترض أن الدائن المتخلف قد رضي ضمنيا بما تضمنه مشروع التوزيع، ومن ثم نص في المادة 796 ف 4 من ق إ م د على أنه ” إذا تخلف جميع الدائنين عن حضور الجلسة المحددة للتسوية الودية، أشر الرئيس على القائمة المؤقتة وتصبح بذلك نهائية”. وفي الحالتين يصدر الرئيس أمرار ولائيا بمنح المبالغ المستحقة لكل دائن حسب القائمة.

الفرض الثالث: إذا تغيب أحد الأطراف عن حضور الجلسة الودية، المستخلص من المادة 797 من ق إ م د (30)، أن القانون لا يشترط ضرورة حضور جميع الأطراف، وعليه فعدم حضور أحدهم رغم صحة التبليغ، يفسر على أنها موافقة مبدئية على ما ورد بالقائمة (31)، ومنه يجوز توزيع المبالغ المتحصلة على الدائنين الحاضرين مع حفظ حقوق الدائن المتخلف حسب نصيبه في القائمة المؤقتة.

ثانيا: المناقضة (32) في القائمة المؤقتة

إن لم تتم التسوية الودية، بسبب الإعتراضات المقدمة من أحد الدائنين على مشروع التوزيع (33) يأمر الرئيس بإثبات هذه الإعتراضات في المحضر ويفصل فيها خلال أجل ثمانية أيام(34). وتفصل المحكمة في الإعتراض حسب الوثائق المرفقة بالطلب، بحيث يجوز لها تعديل مشروع التوزيع الذي اقترحته، ويكون الحكم الذي أصدرته قابلا للاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى تفوق مبلغ مائتي ألف دينار 200،000 دج(35) حيث يتعين تقديم الاستئناف داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ عملا بنص المادة 405 من ق إ م ، وعشرة أيام من تاريخ صدور الأمر عملا بنص المادة 798من ق إ م د، وهو ميعا د خاص يرجع بالأساس إلى سرعة الفصل في المناقضات وأعداد القائمة النهائية.

ثالثا:إعداد قائمة التوزيع النهائية

القائمة النهائية هي القرار النهائي الذي تصدره المحكمة متضمنا تحديد ما يستحقه كل دائن من نصيب في حصيلة التنفيذ (36) ، وعليه لا يجد القاضي صعوبة في إعدادها إذا لم تقدم اعتراضات، أو تخلف جميع الأطراف عن حضور جلسة التسوية الودية في هذين الفرضين تصبح القائمة المؤقتة نهائية بقوة القانون (37) وٕانما يتم إعداد القائمة النهائية في حالتين:

الحالة الأولى: إذا تمت التسوية الودية بناء على جهود القاضي في هذه الحالة يعزم بإعداد القائمة النهائية وتكون مطابقة للتسوية الودية.

الحالة الثانية : إذا تمت مناقضات وتم الفصل فيها بالقبول أو بالرفض، وبعد الاستئناف قد تتأكد أو تلغى، وعليه يلزم أن تكون القائمة النهائية على أساس الأحكام الصادرة من المحكمة الاستئنافية، ولا يحوز الطعن في القائمة النهائية بإعتبار أن التقسيم أصبح نهائيا وحائزا حجية الأمر المقضي به، هذه الحجية تمتد إلى كافة أطراف التوزيع، وذلك لكون التوزيع لا يقبل التجزئة(38)، بعد إعدادها لا يبقى سوى تنفيذها وبذلك تنتهي إجراءات التنفيذ، ويتم ذلك بما يلي:

– تسليم أوامر الصرف على خزانة المحكمة للدائنين المدرج حقوقهم في قائمة التوزيع وفقا للأنصبة التي حددها لكل منهم.

– شطب القيود التي للدائن على العقار الذي وزع ثمنه.

وقد يحدث أن يتضرر أحد الدائنين من توزيع حصيلة التنفيذ، في هذه الحالة يجوز له رفع دعوى بطلان الإجراءات في الحالات التالية:

-1 الحالة التي يتم فيها التوزيع بناءا على غش أو تواطؤ بين المحجوز عليه وأحد الدائنين.

-2 الحالة التي يثبت فيها أن أحد الدائنين إستوفى دينه مرتين، الأولى عن طريق الأمر بالصرف والثانية خارج حصيلة التنفيذ، وأخفى هذه الواقعة أثناء التوزيع.

__________________

1- حلمي محمد الحجار: أصول التنفيذ الجبري، دراسة مقارنة، ط 2، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت

. 2003 ، ص 659

2- أحمد السيد صاوي: التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية القاهرة 2005 ، ص 446

3- وذلك ما يستخلص من المادة 790 من ق إ م د التي تنص: ” إذا تم الحجز على مبالغ مالية لدى المدين، أو تم بيع الأشياء المحجوزة، استلم الدائن الحاجز المبالغ المتحصلة من التنفيذ مباشرة من المحضر القضائي أو محافظ البيع” .

4- مع العلم أنه لا يوجد نص في القانون الحالي يقابل المادة 791 من ق إ م د.

5- القانون الفرنسي القديم كان يأخذ بنظامين للتوزيع، يتمثل النظام الأول في إجراءات التوزيع بالمحاصة distribution par contribution))

والذي يتم اللجوء إليه عندما يتعلق الأمر بتوزيع حصيلة التنفيذ على منقول أو عقار غير مثقل بتأمين خاص، (المادة 656 إلى 672(من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي القديم)، ويتمثل النظام الثاني في إجراءات التوزيع بحسب ترتيب الدين

(distribution par voire d’ordre) عملا بالمواد من 749 إلى 774 من نفس القانون، وتطبق هذه الإجراءات عندما يتعلق الأمر بتوزيع حصيلة التنفيذ على عقار مثقل بتأمين خاص.

وقد ألغى النظام الأول بالمادة 94 من القانون الجديد المنظم للاجراءات المدنية للتنفيذ رقم- 650 91 المؤرخ في 09 جويلية 1991.

ثم حلت المواد من 284 إلى 293 من المرسوم التطبيقي رقم 755- 92 المؤرخ في 31 جويلية 1992والذي ينظم إجراءات توزيع الأموال ( la distribution des deniers) وأبقى على النظام الثاني وهو القسمة بحسب الترتيب.

V. jean vincent et jaques prévault. OP .cit. P، 372.

وعلى هذا النمط جاء قانون الم ا رفعات المدنية والتجارية المصري الجديد أنظر: السيد صاوي في مرجعه السابق، ص 445 وهو نفس النظام المعتمد في الج ا زئر والذي ظهرت معالمه أكثر في القانون الجديد.

6- رغم أن قانون الإجراءات المدنية أسند إجراءات التوزيع إلى رئيس المحكمة، إلا أن العمل القضائي جرى على أن الرئيس لا يمارسها بنفسه، بل ينتدب أحد القضاة لذلك.

7- أحمد خلاصي: قواعد وٕاجراءات التنفيذ الجبري وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري والتشريعات المرتبطة به، منشورات عشاش، الجزائر)الطبعة بدون تاريخ( ، ص 441.

8- يتشكل وعاء حصيلة التنفيذ من ثمن بيع المال المحجوز، والثمار التي تلحق به، ومبالغ الإيجار المحجوزة بين يدي المستأجرين.

9- تنص المادة 400 من ق إ م على أنه: ” إذا كان مقدار الأموال المتحصلة من الحجز أو من بيع الأموال المحجوزة لا يكفي لسداد كافة حقوق الدائنين المعلومين، فإن على الدائنين أن يتفقوا مع المدين على طريقة التوزيع بالمحاصة في ميعاد ثلاثين يوما تبدأ من يوم تبليغهم ممن يعنيه تعجيل التوزيع” .

10- تنص المادة 792 ف 1 من ق إ م د على ما يلي: ” إذا كانت المبالغ المالية المتحصلة من التنفيذ غير كافية للوفاء بحقوق جميع الدائنين الحاجزين والدائنين المتدخلين في الحجز، يجب على المحضر القضائي أو محافظ البيع وعلى كل من تكون لديه المبالغ المتحصلة من التنفيذ، إيداعها بأمانة ضبط المحكمة التي تم في دائرة إختصاصها التنفيذ مع إرفاق جدول عن الأموال المحجوزة

ومحضر رسو الم ا زد” .

11- من الناحية العملية قد يتخذ التوزيع بالت ا رضي إحدى صورتين:

أولا التسوية الرضائية: ويقصد بها اتفاق جميع الدائنين الذين لهم حق الاشتراك في التوزيع مع المدين أو الكفيل العيني على وضع طريقة للتوزيع وتحديد أنصبة ومرتبة كل دائن في الحصيلة، وهو ما يسمى بالعقد الرضائي، حيث أن مصدر التسوية هو ارادة أطراف التنفيذ، وعليه فهو عقد ملزم لجميع الأطراف.

ثانيا: التسوية الودية: وهي بمثابة مشروع قضائي يطرح على أطراف خصومة التنفيذ، وذلك بعد تمكينهم من الحضور ومناقشة هذه القائمة والوصول إلى إتفاق بشأن بنودها، وذلك فيما يخص طريقة التوزيع وتحديد أنصبة ومراتب الدائنين ومن ثم فهو يسمى بالعقد القضائي ولمزيد من الإطلاع أنظر: يونس الزهري الحجز التنفيذي على العقار ، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، م ا ركش، السنة الجامعية2007/ 2006 ، ص 587

12- نصت على ذلك المادة 401 ف 2 من ق إ م.

13- نص المشرع على إجراءات إعلان الجمهور بافتتاح إجراءات التوزيع في الفقرة الأولى والثانية من المادة 403 من ق إ م.

14- العرف القضائي الجزائري يحصر المستندات المطلوبة في المادة 403 ف 3 من ق إ م في السندات التنفيذية ويستبعد من ذلك الإدلاء سندات أو حجج أخرى.

15- لم يحدد القانون الحالي أجلا لقيام القاضي بإنجاز مشروع التوزيع الودي، بخلاف القانون الجديد الذي حدد هذا الأجل في خمسة عشر يوما من تاريخ إخطاره بذلك.

16- أنظر المادة 793 من ق إ م د.

17- أنظر المادة 792 ف 2 من ق إ م د.

18- نصت على ذلك المادة 794 من ق إ م د.

19- نصت على ذلك المادة 795 ف 1 من ق إ م د.

20- وذلك عملا بأحكام المادة 798 ف 2 من ق إ م د.

21- لمزيد من الإطلاع أنظر: – نبيل إسماعيل عمر: التنفيذ الجبري، ص 405

– السيد صاوي: المرجع السابق، ص 448

– محمد إبراهيم: النظرية العامة للحجز المنقول في ضوء الفقه وأحكام القضاء، ” دون دار الطبع ، سنة 2006 ، ص 659

– عزمي عبد الفتاح: قواعد التنفيذ الجبري في قانون الم ا رفعات المصري”، مجلة التحكيم والقانون مركز الدكتور عادل خيري للقانون والتحكيم القاهرة، العدد السادس، سنة 1999 شص 888 وما بعدها.

22- نظم المشرع الجزائري حقوق الامتياز العامة وحقوق الامتياز الخاصة الواردة على منقول أو على عقار في الفصل الثاني من الباب الرابع من القانون المدني وذلك في المواد من 989 إلى 1003 ، بالإضافة إلى حقوق الامتياز المقررة بنصوص خاصة.

23- أنظر المادة 990 من ق م ج.

24- نصت عليها المادة 991 من ق م ج.

25- راجع المادة 992 من ق م ج.

26- يونس الزهري: الرسالة السابقة، ص 600

27- أنظر المادة 404 من ق إ م.

28- نصت على ذلك المادة 796 ف 2 من ق إ م د.

29- أنظر المادة 796 ف 3 من ق إ م د.

30- تنص المادة 797 من ق إ م د على أنه “إذا تغيب أحد الأط ا رف عن حضور جلسة التسوية الودية، يجوز توزيع المبالغ المتحصلة من التنفيذ على الدائنين الحاضرين، مع حفظ حقوق الدائن المتخلف في القائمة المؤقتة . لا يجوز للدائن المتخلف أن يطعن في قائمة توزيع التسوية الودية التي أشر عليها الرئيس ” .

31- عزمي عبد الفتاح: قواعد التنفيذ، ص 896

32- المناقضة هي الإعتراضات التي يقدمها أحد ذوي الشأن على ما أثبته رئيس الجلسة في القائمة المؤقتة، وهي تتميز بنظام إجرائي خاص من حيث زمنها وميعادها والأثر الذي يترتب على تقديمها وسقوط الحق في تقديمها، ولمزيد من الإطلاع أنظر عزمي عبد الفتاح في مؤلفه قواعد التنفيذ ص 901 وما بعدها.

33- في القانون الحالي تقدم الإعتراضات على شكل عريضة أمام المحكمة التي أصدرت مشروع التوزيع وذلك بعد الإعلان عن مشروع التوزيع في أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان.

أما في القانون الجديد تقدم الإعتراضات أمام رئيس المحكمة في جلسة التسوية الودية وتثبت هذه الإعتراضات في محضر الجلسة.

34- تنص المادة 798 ف 1 من ق إ م د على ما يلي: ” إذا لم تتم التسوية الودية بسبب اعتراض أحد الدائنين على قائمة التوزيع المؤقتة يأمر الرئيس بإثبات الإعت ا رض في محضر، ويفصل فيه بأمر خلال ثمانية أيام “.

35- تنص المادة 405 من ق إ م على أنه ” تعرض المناقضات بالجلسة ويفصل فيها ابتدائيا أو نهائيا وفقا للقواعد العامة لإختصاص جهات القضاء، ويرفع الاستئناف في ميعاد خمسة عشر يوما تبدأ من تاريخ تبليغ الحكم”.

بينما تنص المادة 798 ف 2 من ق إ م د “يجوز إستئناف الأمر الصادر عن الإعت ا رض خلال عشرة أيام، إذا كان المبلغ المتنازع عليه يزيد عن مائتي ألف 200،000 دج ” .

وعلى ذلك يصدر الأمر بصفة ابتدائية وٕانتهائية إذا كانت مجموع المبالغ المتنازع فيها يقل عن المبلغ أعلاه.

36- عزمي عبد الفتاح: قواعد التنفيذ، ص 912.

37- أحمد خلاصي: المرجع السابق، ص 451.

38- يونس الزهري: المرجع السابق، ص 609

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .