حماية الحيازة القانونية للعقار من اعتداء الغير ولو كانت لا تستند الى حق في أحكام القانون والقضاء المصري

الطعن 1285 لسنة 48 ق جلسة 31 / 5 / 1982 مكتب فني 33 ج 1 ق 113 ص 622

برئاسة السيد المستشار/ عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه، ومحمد رأفت خفاجي.
———–
– 1 حكم ” حجية الحكم . حجية الحكم الجنائي”.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة علي منطوق الحكم بالبراءة أو الإدانة . هذه الحجية لا تلحق الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم .
مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و 102 من قانون الإثبات – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية قاصرة على منطوق الحكم الصادر بالبراءة أو الإدانة بالنسبة لمن كان موضع المحاكمة و دون أن تلحق الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم لهذه البراءة أو الإدانة .
– 2 حيازة
حماية الحائز القانوني للعقار من اعتداء الغير ولو كانت لا تستند إلي حق . المادة 369 عقوبات . استظهار المحكمة أن للمتهم حيازة فعلية حالة علي العقار دون حاجة إلي بحث سنده في وضع يده كاف للقضاء بالبراءة .
إذ كان المشرع قد قصد بالمادة 369 عقوبات أن يحمى حائز العقار من اعتداء الغير على هذه الحيازة و لو كانت لا تستند إلى حق متى كانت معتبرة قانوناً فإذا دخل شخص عقاراً و بقى فيه مدة من الزمن طالت أو قصرت بحيث يصبح في القانون حائزاً للعقار فإن حيازته تكون واجباً احترامها ولا سبيل إلى رفع يده بغير حاكم قضائي ، وامتناع مثل هذا الحائز من الخروج من العقار لا يصح في القانون اعتباره تعدياً على حيازة الغير بل هو منه عدم تفريط في حيازته التي اكتسبها و من ثم يكفى أن تستظهر المحكمة للقضاء بالبراءة أن للمتهم حيازة فعلية حاله على العقار دون ما حاجة لبحث سنده في وضع يده .
– 3 حكم” حجية الحكم . حجية الحكم الجنائي”. حيازة . قوة الأمر المقضي .
تعرض الحكم الجنائي في أسبابه في جريمة انتهاك حرمة ملك الغير ـ لسبب وضع يد الحائز علي عين النزاع وسنده في وضع يده وانتهائه إلي أنه مستأجر أسباب زائدة وغير ضرورية للحكم . أثره . لا حجية لهذه الأسباب أمام القاضي المدني .
إذ كان الحكم الجنائي الصادر في الجنحة … والمؤيد بالاستئناف رقم … حسبما جاء بمدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه – قد تعرض لبحث سبب وضع يد الطاعن على عين النزاع وسنده في وضع يده مقرراً بأنها ” لم تخرج من يد المتهم وإنما هو واضع اليد عليها بصفته مستأجراً و من قبله والده ” و يعتبر ذلك زائداً عن حاجة الدعوى التي فصل فيها الحكم و غير مرتبط بمنطوقه لأنه يقوم بدون هذه الأسباب الزائدة إذ يكفى للقضاء ببراءة الطاعن أن تثبت له حيازة فعلية منذ سنة 1962 حتى تاريخ رفع الدعوى الجنائية في سنة 1968 أياً كان سندها و لا سبيل إلى رفع يده بغير حكم قضائي من المحكمة المختصة بالنزاع و من ثم فإن هذه الأسباب الزائدة لا تحوز قوة الأمر المقضي فيه لأنها لم تكن ضرورية للحكم بالبراءة .
– 4 إيجار ” إيجار الأراضي الزراعية . لجان الفصل في المنازعات الزراعية”. قوة الأمر المقضي .
القرارات النهائية التي تصدرها لجان الفصل في المنازعات الزراعية في حدود اختصاصها لها حجية أمام المحاكم
لا تثريب على الحكم إذا اعتد بالقرار النهائي الصادر من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية في حدود اختصاصها إذ أن هذه القرارات و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة لها الحجية أمام المحاكم فيما فصلت فيه .
– 5 نظام عام ” المسائل المتعلقة بالنظام العام . في الطعن بالنقض”.
صدور قرار من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية حائزاً لقوة الأمر المقضي . أثره . عدم جواز إعادة مناقشة النزاع وأسانيده مرة أخري ولو كان القرار معيباً قوة الأمر المقضي تعلو علي اعتبارات النظام العام .
لا محل لتعييب الحكم المطعون فيه لاستناده لقرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية حتى و لو كان هذا القرار معيباً أو مخالفاً للقانون لأن قوة الأمر المقضي – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تعلو على اعتبارات النظام العام فلا يجوز إعادة مناقشة النزاع و أسانيده مرة أخرى أياً كان وجه الرأي فيها .
– 6 إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن . امتداد العلاقة الإيجارية”.
الامتداد القانوني لعقود الإيجار ونفاذها في حق خلف المؤجر . شرطه أن يكون العقد قائماً .
إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بطرد الطاعن من عين النزاع لثبوت العلاقة الإيجارية بتسليم الطاعن عين النزاع لمشتريها منذ سنة 1960 و من ثم لا يجدى الطاعن القول بأن قانون الإصلاح الزراعي قد نص على الامتداد القانوني لعقود الإيجار و نفاذها في حق حلف المؤجر إذ أن ذلك مشروط بأن يكون العقد قائماً أما و قد انتهى العقد لسبب أو لآخر بالتراضي أو بالتقاضي فإن الامتداد القانوني لا يلحقه .
———
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 2308 سنة 1974 مدني كلي سوهاج بطلب طرد الطاعن من الأطيان الزراعية المبينة المساحة والحدود بالصحيفة مع التسليم تأسيساً على الغصب وقد استندا لقرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية الذي قضى في الاستئناف رقم 190 سنة 1968 طهطا برفض تحرير عقد إيجار له عن تلك الأطيان، تمسك الطاعن بحجية الحكم الصادر في الجنحة رقم 5730 سنة 1968 طهطا الذي قضى ببراءته من تهمة دخول عين النزاع بالقوة استناداً لوضع يده ووالده من قبل بصفتهما مستأجرين لها. بتاريخ 27/4/1976 حكمت المحكمة بطرد الطاعن فاستأنف هذا الحكم بالاستئناف رقم 204 سنة 51 ق أسيوط وبتاريخ 21/12/1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الصادر في الجنحة رقم 5730 سنة 1968 طهطا قضى ببراءته من تهمة دخول عين النزاع بالقوة وقد فصل في أسبابه المرتبطة بالمنطوق أنها لم تخرج من حيازته وحيازة والده من قبل بصفتهما مستأجرين لها بموجب عقدي الإيجار المؤرخين 8/3/1955، 6/2/1957 بما مفاده ثبوت العلاقة الإيجارية والحيازة المادية المستمرة لعين النزاع وقد حازت تلك الحقيقة القانونية والمادية قوة الأمر المقضي فيه المتعلقة بالنظام العام وما كان ينبغي بلجنة الفصل في المنازعات الزراعية أن تقضي على خلافهما في الاستئناف 190 سنة 1968 طهطا برفض تحرير عقد إيجار له عن عين النزاع لعدم ثبوت العلاقة الإيجارية استنادا لتقرير الخبير بمقولة أنه تخلى عنهما للمشتري في سنة 1960 وأن إعادة وضع يده عليها في سنة 1962 كان بقصد منع المطعون ضدهما “المحكوم لهما بالشفعة” من استلامها وإذ قضى الحكم المطعون فيه بطرده من عين النزاع استنادا لقرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية رغم انعدامه فإنه يكون قد خالف حجية الحكم الجنائي بأن قضى على خلاف الحقيقة القانونية والمادية التي قام عليها بما يوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود بأنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه “يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو الإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة وعدم كفاية الأدلة ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنيا على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون، وكانت المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أنه “لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا” ومفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية قاصرة على منطوق الحكم الصادر بالبراءة أو الإدانة بالنسبة لمن كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة ولما كان المشرع قد قصد بالمادة 369 عقوبات أن يحمي حائز العقار من اعتداء الغير على هذه الحيازة ولو كانت لا تستند إلى حق متى كانت معتبرة قانوناً فإذا دخل شخص عقاراً وبقى فيه مدة من الزمن طالت أو قصرت بحيث يصبح في القانون حائزاً للعقار فإن حيازته تكون واجباً احترامها ولا سبيل إلى رفع يده بغير حاكم قضائي وامتناع مثل هذا الحائز عن الخروج من العقار لا يصح في القانون اعتباره تعدياً على حيازة الغير بل هو منه عدم تفريط في حيازته التي اكتسبها ومن ثم يكفي أن تستظهر المحكمة للقضاء بالبراءة أن للمتهم حيازة فعلية حالة على العقار دون ما حاجة لبحث سنده في وضع يده وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم الجنائي الصادر في الجنحة 5730 سنة 1968 طهطا والمؤيد بالاستئناف رقم 3857 سنة 1969 سوهاج – حسبما جاء بمدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه – قد تعرض لبحث سبب وضع يد الطاعن على عين النزاع وسنده في وضع يده مقرراً بأنها “لم تخرج من يد المتهم وإنما هو واضع اليد عليها بصفته مستأجراً ومن قبله والده” ويعتبر ذلك زائداً عن حاجة الدعوى التي فصل فيها ذلك الحكم وغير مرتبط بمنطوقه لأنه يقوم بدون هذه الأسباب الزائدة إذ يكفي للقضاء ببراءة الطاعن أن تثبت له حيازة فعلية منذ سنة 1962 حتى تاريخ رفع الدعوى الجنائية في سنة 1968 أياً كان سندها ولا سبيل إلى رفع يده بغير حكم قضائي من المحكمة المختصة بالنزاع ومن ثم فإن هذه الأسباب الزائدة لا تحوز قوة الأمر المقضي فيه لأنها لم تكن ضرورية للحكم بالبراءة وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا تثريب على الحكم إذ اعتد بالقرار النهائي الصادر من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية في بنود اختصاصها إذ أقر هذه القرارات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لها الحجية أمام المحاكم فيما فصلت فيه.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الجنائي أقر حيازته المستمرة لعين النزاع وقد قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك وادعى أنه تنازل عن عقد الإيجار بتسليمه عين النزاع للمشتري مدة سنتين وهي واقعة لا تفيد حتما حصول التنازل إذ يحتمل أن تكون حيازته قد سلبت منه فيحق له التمسك بالعقد وطلب تمكينه من عين النزاع فإذا ما أعاد وضع يده فإن ذلك يعد استمرارا للعقد لا نزولا عنه مما يعيب الحكم بالقصور المبطل والتناقض والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه استنادا لقرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية الصادر في الاستئناف رقم 190 سنة 1968 طهطا الذي قضى برفض طلب الطاعن تحرير عقد إيجار له من أطيان النزاع لعدم ثبوت العلاقة الإيجارية وكان هذا القرار نهائيا وله حجيته المتعلقة بالنظام العام ومن ثم فلا تناقض، ولا محل لتعييب الحكم المطعون فيه لاستناده لقرار لجنة الفصل في المنازعات الزراعية حتى ولو كان هذا القرار معيباً أو مخالفاً للقانون لأن قوة الأمر المقضي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تعلو على اعتبارات النظام العام فلا يجوز إعادة مناقشة النزاع وأسانيده مرة أخرى أياً كان وجه الرأي فيها ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من الحكم الجنائي أنه ووالده يستأجران عين النزاع بموجب عقدي الإيجار المؤرخين 8/3/1955، 6/2/1957 وهي تمتد بقوة القانون إعمالا لقانون الإصلاح الزراعي وتنفذ هذه العقود في حق الخلف ومنهم المطعون ضدهما المحكوم لهما بالشفعة ولم يكن في حاجة إلى طلب تحرير عقد إيجار جديد ولا ينال من عقده صدور قرار من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية برفض تحرير عقد جديد له وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من هذا القرار عدم قيام علاقة إيجارية فإنه يكون قد خالف قانون الإصلاح الزراعي المتعلق بالنظام العام وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بطرد الطاعن من عين النزاع لثبوت انقضاء العلاقة الإيجارية بتسليم الطاعن عين النزاع لمشتريها منذ سنة 1960 ومن ثم لا يجدي الطاعن القول بأن قانون الإصلاح الزراعي قد نص على الامتداد القانوني لعقود الإيجار ونفاذها في حق خلف المؤجر إذ أن ذلك مشروط بأن يكون العقد قائماً أما وقد انتهى العقد لسبب أو لآخر بالتراضي أو بالتقاضي فإن الامتداد القانوني لا يلحقه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .