حكم محكمة النقض في جنسية التأسيس المصرية

الطعن 1 لسنة 25 ق جلسة 28 / 3 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 59 ص 390 جلسة 28 من مارس سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان وكيل المحكمة. ومحمود عياد. واسحق عبد السيد. وأحمد قوشه، المستشارين.
————
(59)
القضية رقم 1 سنة 25 القضائية “أحوال شخصية”

(أ) جنسية.
جنسية التأسيس المصرية. الطوائف المبينة بالفقرات الأربعة الأولى من المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29/ 6/ 1900. شرط اعتبارهم من المصريين.
)ب) جنسية.
جنسية التأسيس المصرية. محل الخروج منها بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا.
)ج) جنسية.
جنسية التأسيس المصرية. حذف الإشارة إلى من كانوا تحت حماية دولة أجنبية عند وضع المادة الأولى فقرة ثانية من القانون رقم 160 سنة 1950 – من يفيد من هذا الحذف؟.
)د) جنسية. إثباتها. قرائن.
قرينة الجنسية المصرية المنصوص عليها بالمادة 22 من المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929. ماهيتها. الغرض منها.
(هـ) جنسية. إثباتها. قرائن. قرينة الحالة الظاهرة.
عدم وجود ما يمنع قانونا في مصر من الأخذ بالحالة الظاهرة كقرينة احتياطية معززة بأدلة أخرى مثبتة للجنسية.
(و) جنسية. إثباتها. قرائن. قرينة الحالة الظاهرة.
اعتبار الاتصاف بجنسية معينة في أحكام صادرة من المحاكم القنصلية مظهرا من مظاهر المعاملة بالحالة الظاهرة.
(ز) جنسية.
مواطنو الجزر الأيونية. اعتبارهم يوناني الجنسية بمقتضى الاتفاق المؤرخ 29/ 3/ 1964 المعقود بين بريطانيا واليونان. شرط ذلك.
(ح) جنسية.
اتفاق 23/ 3/ 1855 العقود بين اليونان والباب العالي، والوارد به أنه لا يجوز لإحدى الدولتين أن تغتصب رعايا الدولة الأخرى. انصرافه إلى من لم تكن جنسيته اليونانية أو العثمانية ثابتة.
(ط) جنسية. شهادات الجنسية.
شهادات جنسية صادرة من القنصلية اليونانية. عدم مخالفتها للاتفاقات الدولية الخاصة بجنسية مواطني الجزر الأيونية. حجية هذه الشهادات في نفى الجنسية المصرية.
(ى) نقض. طعن. دفع.
طلب استيفاء الدعوى لدى محكمة النقض والفصل فيها دون إحالتها إلى محكمة الموضوع عند نقض الحكم المطعون فيه. تقديري للمحكمة. الاعتراض والرد على هذا الطلب. لا يكون موجها لا إلى شكل الطعن ولا إلى موضوع أسبابه.

————–
1 – إن اعتبار الطوائف المبينة بالفقرات الأربعة الأولى من المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29/ 6/ 1900 الذى يحيل على تطبيق أحكامه المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 – اعتبار هذه الطوائف من المصريين مقيدا باستثناء هو شرط عام نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة مؤداه ألا يكونوا من رعايا الدول الأجنبية أو تحت حمايتها، ولا يغير من اعتبار هذا الشرط قيدا أن الأمر العالي المشار إليه قد أورده على صور استثناء إذ قصد الشارع من ذلك أن يسبغ على الرعايا المصريين فحسب جنسية التأسيس المصرية بشرط التوطن دون أن يدعيها من الأجانب من ثبتت جنسيته الأجنبية أو من كان في حماية دولة أجنبية إذ ليس لهذا أو لذاك أن يدعى الجنسية المصرية حتى لو ثبت توطنه واستمرار إقامته بمصر هو وأصوله في الزمن المنصوص عليه بالأمر العالي المذكور والقوانين اللاحقة له.
2 – الخروج من جنسية التأسيس المصرية القائمة على التوطن بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا، محله أن تكون هذه الجنسية ثابتة غير منتفية وهى لا تثبت إلا بمراعاة شرط انتقاء الجنسية الأجنبية فان ثبتت الجنسية الأجنبية فلا مجال للقول بالجنسية المصرية المؤسسة على التوطن ولا بالخروج منها.
3 – إن حذف عبارة “من كانوا تحت حماية دولة أجنبية” عند وضع المادة الأولى فقرة ثانية من قانون الجنسية رقم 160 سنة 1950 – هذا الحذف لا يفيد أن كل من كان متوطنا في مصر قبل سنة 1848 وكان في حماية دولة أجنبية يصح اعتباره مصريا، ولا يفيد من هذا الحذف إلا من كان مصريا في حماية دولة أجنبية مثل الياسقجية وغيرهم من خدمة السفارات والقنصليات الأجنبية، أما من عداهم فلا يصح اعتبارهم مصريين متى ثبت أنهم كانوا في حماية دولة أجنبية سواء قبل 10 مارس سنة 1929 وقت العمل بالمرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 أو 12 من أغسطس سنة 1937 تاريخ العمل بمعاهدة مونترو.
4 – قرينة الجنسية المصرية المنصوص عليها بالمادة 22 من المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 لم يكن وضعها في عهد كانت فيه الامتيازات الأجنبية سارية في مصر إلا بقصد تقرير قرينة بسيطة استلزمتها الحالة الناشئة عن هذه الامتيازات بالنسبة إلى ساكني مصر ممن لم تثبت جنسيتهم الأجنبية حتى لا يدعى الجنسية الأجنبية من كان يريد الهروب من التكاليف العامة وقوانين البلاد وقضاء المحاكم الوطنية استنادا إلى القواعد التي كان يقررها نظام الامتيازات. فهي قرينة احتياطية مؤقتة بسبب الغرض الذى شرعت من أجله وهو افتراض الدولة الجنسية المصرية للساكنين بها الذين لم تثبت جنسيتهم الأجنبية أو المصرية، كما أنها من جهة أخرى قرينة سلبية لأنها لا تمنح في مواجهة الأفراد جنسية مصرية حقيقية لمن يدعى أنه مصري إذ لا مناص عندئذ من أن يثبت المدعى الجنسية المصرية وذلك من غير أن تعتبر تلك القرينة سندا في الإثبات ودون أن تعتبر من قبيل القرائن المقررة لمصلحة من يدعى تمتعه بالجنسية المصرية.
5 – ليس ثمة ما يمنع قانونا في مصر من الأخذ بالحالة الظاهرة كقرينة احتياطية معززة بأدلة أخرى مثبتة للجنسية سواء أكانت تلك الجنسية هي الجنسية الوطنية أو الأجنبية وسواء أكانت مؤسسة على حق الدم أو الإقليم.
6 – الاستناد في ثبوت الجنسية إلى أحكام صادرة من المحاكم القنصلية يتصف فيها المتنازع على جنسيته جنسية معينة هو استناد سليم إذ أن هذا الاتصاف لا يخرج عن كونه مظهرا من مظاهر المعاملة بالحالة الظاهرة.
7 – إن الاتفاق المؤرخ 29/ 3/ 1864 المعقود بين بريطانيا واليونان قد تقرر فيه ضم الجزر الأيونية إلى اليونان فأصبح بهذا الضم مواطنو تلك الجزر يوناني الجنسية إذا لم يختاروا جنسية أخرى سواء أكانوا مقيمين بتلك الجزر أم بالخارج.
8 – الاتفاق المؤرخ 23/ 3/ 1855 المعقود بين دولتي اليونان والباب العالي والوارد به أنه لا يجوز لإحدى الدولتين أن تغتصب رعايا الدولة الأخرى إنما لا ينصرف إلى من كانت ثابتة جنسيته اليونانية أو العثمانية.
9 – متى كان الثابت من شهادات الجنسية الصادرة من القنصلية اليونانية أن المتنازع على جنسيته من أصل يوناني وكانت لا تخالف اتفاق 23/ 3/ 1855 المعقود بين دولتي اليونان والباب العالي، واتفاق 29/ 3/ 1864 بين بريطانيا واليونان واتفاق 2/ 2/ 1890 المعقود بين دولتي مصر واليونان والتصريح المشترك الصادر في 23/ 5/ 1903 من ممثلي الحكومتين بشأن هذا الاتفاق فانه يكون للشهادات المذكورة حجيتها في نفى الجنسية المصرية.
10 – طلب الطاعن في تقرير الطعن استبقاء الدعوى لدى محكمة النقض والفصل فيها دون إحالتها إلى محكمة الاستئناف إن رأت نقض الحكم المطعون فيه، هذا الطلب إنما يرجع لتقدير المحكمة دون توقف على إرادة الخصوم إن هي رأت بعد نقض الحكم وصلاحية الموضوع للفصل فيه دون إحالة إلى محكمة الموضوع. ومن ثم فإن الاعتراض والرد على هذا الطلب لا يكون موجها لا إلى شكل الطعن ولا إلى موضوع أسبابه ويكون غير جدير بالاعتبار كدفع مانع من قبول الطعن شكلا.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد وكيل المحكمة المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين روبير وهنري ولدى سليم بن نقولا بن انطون مشاقه أقاما الدعوى رقم 2765 سنة 1949 كلى مصر وطلبا بصحيفتها المعلنة في 13/ 5/ 1948 تثبيت ملكيتهما للعقارات المبينة بها مع ريعها وفوائده وذلك وفقا لنصيبهما الشرعي بالميراث في تركات أنطون ومارى وروز مشاقه أولاد يوسف مشاقه عم والدهما سليم وقد توفى أولهم في 5/ 12/ 1933 وتوفيت الثانية في 13/ 1/ 1936 والثالثة في 12/ 11/ 1941 – وقال الطاعنان بيانا لدعواهما انهما يطلبان نصيبهما بالميراث وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية التى تحكم واقعة النزاع إذ أنه يسرى على الميراث قانون المورث وقت موته ولأن مورثيهما كانوا يتمتعون بالجنسية المصرية حال حياتهم واستمروا كذلك حتى مماتهم وقد كانوا هم ووالدهم يوسف من أسرة عثمانية سورية الأصل والمنشأ لأن عائلة مشاقه هي عائلة سورية كما يدل عليها اسمها ويرجع منبتها لجد المورثين وهو أنطون مشاقه وقد ولد بمدينة صور بالشام عام 1779 ولما نزح الى الديار المصرية توطن بمدينة دمياط حيث تزوج بها عام 1815 ورزق فيها بابنه يوسف عام 1817 واستمر أنطون الجد مقيما بدمياط الى أن توفى بها عام 1821 ثم استمر توطن يوسف والد المورثين الثلاثة بدمياط الى أن انتقل للإسكندرية حيث ولد بها أولاده الثلاثة أنطون وماري وروز في سنة 1855 و1871 و1867 على التوالي واستمر مقيما بها معهم الى أن توفى عام 1885 ومن بعده أقام أولاده بالقاهرة إلى أن توفوا بها في تواريخ 5/ 12/ 1933 و3/ 1/ 1936 و12/ 1/ 1941 وأن ذلك ثبت من ملف أسرة مشاقه المضموم بملف الدعوى كما أنه ثبت منه أن موطن أفراد الأسرة المذكورة بمصر حتى اليوم وأن المورثين الثلاثة هم ووالدهم يوسف وجدهم أنطون من الرعايا العثمانيين الذين أصبحوا مصريين بحكم المولد بالديار المصرية والاقامة بها مما يترتب عليه أن تكون جنسيتهم هي جنسية مصرية أصيلة غير مكتسبة لا بالتجنس ولا باتفاق دولي بل هي مؤسسة على حق الدم وحق الاقليم بالمولد والإقامة وذلك عملا بالفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الجنسية الصادر في سنة 1929 المنطبق على واقعة الدعوى لوفاة المورثين الثلاثة وقت سريانه. ودفع المطعون عليهم الدعوى بعدم قبولها لانتفاء صفة ومصلحة المدعين فيها كما قالوا أن المورثين الثلاثة كانت لهم جنسيتهم اليونانية حتى وفاتهم فيخضع ميراث تركاتهم للقانون اليوناني الذى بمقتضاه لا يستحق الطاعنان وهما من أولاد ابن العم شيئا من تلك التركات وأن أساس هذه الجنسية يرجع إلى أن يوسف مشاقه والد المتوفين من أصل يوناني لأن والده أنطون ولد في جزيرة كورفو إحدى الجزر الايونية وقد ضمت هذه الجزيرة إلى دولة اليونان باتفاق بينها وبين بريطانيا عام 1864 وكان يوسف قد حصل أصلا على الحماية البريطانية بموجب تذكرة مرور منحها له قنصل بريطانيا بدمياط سنة 1849 ثم انتقل بعد ذلك إلى الجنسية اليونانية بحكم الاتفاق السالف الذكر فبادر أفراد أسرته ومنهم المتوفون المتنازع على تركاتهم إلى قيد اسمائهم بالقنصلية اليونانية وحصلوا منها على شهادات بجنسيتهم اليونانية صدق عليها من وزارة الخارجية المصرية سنة 1933 وفى 25/ 3/ 1952 قضت المحكمة برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفى الموضوع برفضها – استأنف الطاعنان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 287/ 69 ق محكمة استئناف القاهرة التي قضت في 21/ 12/ 1954 بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولما أضافته من أسباب أخرى، فقرر الطاعنان الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث أن الطاعنين طلبا في تقرير الطعن أصليا نقض الحكم المطعون فيه والحكم لهما بأحقيتهما للميراث في تركات الثلاثة المتوفين بحصة قدرها الثلث. وبصفة احتياطية نقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة فدفع المطعون عليهم بعدم جواز قبول الطلب الأصلي لسببين أولهما أن الطاعنين لم يثبتا حقهما كوارثين طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية للآن مع منازعة المطعون عليهم لهما في ذلك طوال أدوار التقاضي وكان النزاع مقصورا على الفصل في مسألة الجنسية وحدها وثانيهما أن التركة المدعى بها قد آلت إلى المطعون عليهم عن طريق الإيصاء كما هو ثابت من الحكم المطعون فيه والمستندات المقدمة بمرحلتي التقاضي وهذا السبب مكسب للملكية في كل من القانونين المصري واليوناني.
ومن حيث إن هذا الدفع ليس موجها لا إلى شكل الطعن ولا إلى موضوع أسبابه وانما هو رد واعتراض على طلب الطاعنين الأصلي باستبقاء هذه المحكمة الدعوى لديها والفصل فيها دون احالتها إلى محكمة الاستئناف ان رأت نقض الحكم المطعون فيه. وهذا الطلب انما يرجع لتقدير المحكمة دون توقف على ارادة الخصوم ان هي رأت بعد نقض الحكم وصلاحية الموضوع للفصل فيه دون احالة إلى محكمة الموضوع. ومن ثم يكون الدفع غير جدير بالاعتبار كدفع مانع من قبول الطعن شكلا.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الطعن بنى على أسباب ثلاثة يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف المادة الأولى فقرة ثانية من كل من قانوني الجنسية الصادرين في سنة 1929 وسنة 1950 من أربعة أوجه حاصل أولهما أن الحكم قضى بالجنسية اليونانية للمتوفين الثلاثة المتنازع على تركاتهم مع أن المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29/ 6/ 1900 والذى يحيل عليه قانون سنة 1929 في تطبيق أحكامه تنص على “أنه يعتبر حتما من المصريين المتوطنون في القطر المصري قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على محل إقامتهم” ومع أن المادة الأولى فقرة ثانية من قانون سنة 1929 تنص على “أنه يعتبر من المصريين كل من يعتبر في تاريخ نشر هذا القانون مصريا بحسب حكم المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29/ 6/ 1900” وتنص المادة الأولى فقرة ثانية من قانون سنة 1950 على “أنه يعتبر من المصريين المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1948 وكانوا محافظين على اقامتهم العادية فيها الى 10 مارس سنة 1929 ولم يكونوا من رعايا دولة أجنبية” غير أن الحكم مع صراحة هذه النصوص قد قضى بالجنسية اليونانية للمتوفين الثلاثة مع أنهم من ذوى الجنسية المصرية إذ هي ثابتة بحكم مولدهم وإقامتهم بالديار المصرية اذ أن جدهم الأكبر أنطون مشاقه وهو من أسرة أصلها سوري عثماني كما يدل على ذلك اسمها قد ولد بمدينة صور بالشام عام 1779 وبعدئذ انتقل إلى مدينة دمياط حيث تزوج بها سنة 1815 ومات بها عام 1821 وكان ابنه يوسف والد المورثين الثلاثة قد ولد بها في سنة 1817 ثم نزح إلى مدينة الاسكندرية وأقام بها هو وأولاده إلى أن توفى عام 1885 مما يترتب عليه عملا بالقوانين السالف ذكرها اعتباره هو وأولاده بحكم إقامتهم في مصر إلى ما قبل أول يناير سنة 1848 من المصريين وجنسيتهم المصرية هذه جنسية أصلية ومفروضة ولا يسوغ لأحد ممن يخضعون لها بحكم القانون أن يخرج منها إلا بالتجنس وبالأوضاع التي اشترطها القانون أو بتخلي الدولة التي ينتمى إليها عقابا له أو بالانتقال إلى جنسية أخرى بمرسوم، ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم المطعون فيه اعتبر الجنسية المصرية موجودة كقرينة مفترضة بالنسبة إلى المتوفين الثلاثة إلا أنها قرينة مدحوضة بالمستندات المقدمة وأنه لا يعمل بها إلا إذا لم يكن ثمة دليل على الانتماء إلى جنسية أجنبية غير مصرية. وهذا الذى قرره الحكم مخالف للقانون لأنه اعتبر الجنسية المصرية الأصلية الثابتة للمورثين الثلاثة عن أبيهم بحكم إقامتهم بمصر كقرينة تقبل الدليل العكسي مع أن قرينة قيام الجنسية بسبب التوطن وفقا للمادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29/ 6/ 1900 والذى يحيل عليه قانون سنة 1929 في هذا الخصوص هي قرينة قانونية وتظل قائمة فلا تزول الجنسية المصرية عن صاحبها إلا بسبب من أسباب الفقد والإسقاط التي نص عليها الشارع وهو ما لم يتوافر في حالة الدعوى. ويتحصل الوجه الثالث في أن الحكم المطعون فيه استند في ثبوت الجنسية اليونانية للمورثين الثلاثة إلى قيدهم بالقنصلية اليونانية وإلى شهادات صادرة منها بتلك الجنسية مع أنه لا يعتد بتلك الشهادات لإثبات خروج المصريين من جنسيتهم المصرية الأصلية كما أن التصديق عليها من وزارة الخارجية المصرية في سنة 1933 لا يرقى إلى مرتبة الاتفاق بين دولتين بموجبه ينتقل شخص معين إلى جنسية أخرى غير جنسيته السابقة، فضلا عن أن هذا التصديق على شهادات الجنسية ليس إلا لإثبات صحة التوقيعات إلى أن يفصل في المنازعة حول ما تضمنته ولا يمنع تصديق وزارة الخارجية عليها من المنازعة فيها لإثبات حقيقة الجنسية. ويتحصل الوجه الرابع في أن الحكم المطعون فيه ارتكن في ثبوت جنسية المورثين الثلاثة إلى ما صدر من أحكام من المحكمة القنصلية اليونانية في سنتي 1934 و1936 و1941 بأحقية ورثة أنطون ومارى وروز مشاقة في الميراث بحجة أن هؤلاء المورثين وصفوا في تلك الأحكام بأنهم يونانيون مع أن جنسيتهم المصرية الثابتة لهم بحكم توطنهم بمصر وفقا للأمر العالي الصادر في سنة 1900 وقانون سنة 1929 لا تسقط بموجب أحكام محاكم القنصليات فضلا عن أنه لم يكن هناك ثمة أحكام بالجنسية بل هي مجرد قرارات مساوية للإعلامات الشرعية التي تثبت تحقق الوراثة لصلة النسب الموجبة للميراث ولكنها لا تثبت الأحقية في مال التركة وبهذه المثابة لا تخرج تلك الأحكام عن كونها قرارات إجرائية لا تحسم موضوع النزاع.
ومن حيث إن الوجه الأول من السبب الأول مردود بأنه لما كانت المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29/ 6/ 1900 تنص على أنه “عند إجراء العمل بقانون الانتخاب الصادر في أول مايو سنة 1883 يعتبر حتما من المصريين الأشخاص الآتي بيانهم: وهم أولا: المتوطنون في القطر المصري قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على محل إقامتهم. ثانيا… وثالثا… ورابعا… ويستثنى من الأحكام المذكورة الذين يكونون من رعايا الدول الأجنبية أو تحت حمايتها” – وكان الأمر العالي السالف الذكر قد أحال عليه المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 الصادر في 27/ 2/ 1929 بأن نص في المادة الأولى فقرة ثانية منه على “أنه يعتبر داخلا في الجنسية المصرية بحكم القانون كل من يعتبر في تاريخ نشر هذا القانون (في 10 من مارس سنة 1929) مصريا بحسب حكم المادة الأولى من الأمر العالي الصادر في 29 من يونيه سنة 1900” – لما كان ذلك وكان يبين من المذكرة الإيضاحية لقانون الجنسية رقم 160 لسنة 1950 الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1950 تعليقا على النصوص السالف ذكرها “أن مصر وإن كانت تعد فيما مضى من بلاد الدولة العلية إلا أنها كانت تتمتع بشخصية سياسية واجتماعية أبرزت للوطن المصري وضعا مستقلا وأوجدت صفة خاصة تميزه عن باقي الرعايا العثمانيين الذين يكونون قد حضروا إلى مصر للإقامة بها وكان ذلك هو الأساس لإصدار الأمر العالي في 29 من يونيه سنة 1900 بتحديد من يعتبر حتما من المصريين عند إجراء العمل بقانون الانتخاب الصادر في أول مايو سنة 1883 وقد تضمن هذا الأمر العالي الاعتراف بالحقيقة الواقعة من وجود صفة مستقلة منذ سنة 1848 وهو التاريخ الذى ابتدأ منه قيام الجنسية المصرية بالتوطن والإقامة في مصر وفى 19 من أبريل سنة 1923 صدر الأمر الملكي رقم 42 سنة 1923 بوضع نظام دستوري للدولة المصرية ونصت المادة الثانية منه على أن الجنسية المصرية يحددها القانون. على أن مثل هذا القانون لمختلف الاعتبارات لم يصدر إلا في 26 من مايو سنة 1926 فأحيل هذا القانون إلى لجنة الشئون الخارجية ضمن القوانين الصادرة في المدة من 24 من ديسمبر سنة 1924 لغاية 10 من يونيه سنة 1926 لفحصها فوضعت اللجنة تقريرا عنه في 9 من مايو سنة 1928 متضمنا الملاحظات الشكلية والموضوعية عليه… غير أن الدورة البرلمانية المنعقدة في سنة 1928 كانت انقضت دون إقرار لمشروع التعديلات التي وضعتها لجنه الشئون الخارجية… وعملت وزارة الداخلية على استصدار المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 الذى نصت المادة 25 منه على إلغاء المرسوم بقانون الصادر في 26 من مايو سنة 1926” – لما كان ذلك وكان يبين مما سلف ذكره ومن نص المادة الأولى من الأمر العالي الذى يحيل على تطبيق أحكامه المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 أن اعتبار الطوائف المبينة بالفقرات الأربع الأولى من المصريين مقيد باستثناء هو شرط عام نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة مؤداه أن لا يكونوا من رعايا الدولة الأجنبية أو تحت حمايتها وكان الحكم المطعون فيه قد أقيم على ثبوت الجنسية اليونانية للمتوفين الثلاثة المتنازع على تركاتهم – لشهادات الجنسية المذكورة ولأدلة أخرى سائغة كما سيجئ بيانه، وكان ذلك لا يتفق مع ادعاء التوطن بمصر لكسب الجنسية المصرية وهو ما يستند إليه الطاعنان في الوجه الأول من النعي يكون هذا الوجه غير منتج الاستدلال به – وغير منتج أيضا قول الطاعنين إنه لا يمكن الخروج من جنسية التأسيس المصرية القائمة على التوطن إلا بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا، ذلك لأن هذا الخروج محله أن تكون الجنسية المصرية المؤسسة على التوطن واستمرار الإقامة بمصر ثابتة غير منتفية وهى لا تثبت إلا بمراعاة شرط انتفاء الجنسية الأجنبية، فإن ثبتت الجنسية الأجنبية فلا مجال للقول بالجنسية المصرية المؤسسة على التوطن ولا يغير من اعتبار هذا الشرط قيدا أن الأمر العالي الصادر في سنة 1900 الذى أحال عليه المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 قد أورده على صورة استثناء إذ قصد الشارع من ذلك أن يسبغ على الرعايا المصريين فحسب جنسية التأسيس المصرية بشرط التوطن دون أن يدعيها من الأجانب من ثبتت جنسيتهم الأجنبية أو من كان في حماية دولة أجنبية إذ ليس لهذا أو لذاك أن يدعى الجنسية المصرية حتى لو ثبت توطنه واستمرار إقامته بمصر هو وأصوله في الزمن المنصوص عليه بالأمر العالي الصادر في سنة 1900 هو والقوانين اللاحقة له – ويؤيد هذا النظر ما ورد بالمادة الأولى فقرة ثانية من القانون رقم 160 لسنة 1950 أنه يعتبر من المصريين “المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على إقامتهم العادية إلى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية” – كما يؤيده أيضا ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور من أن الحكم في المادة الأولى فقرة ثانية قد قصد منه تحديد من يعتبرون أصلا من المصريين دون حاجة لتكرار النصوص السابقة التي تولت تقرير هذه الأحكام – هذا فضلا عن أنه يبين من المراحل التشريعية التي مر بها قانون سنة 1950 ومن المناقشة التي دارت حول المادة الأولى منه بمجلس الشيوخ بجلسات 9 و15 و22 من مايو و22 من يونيه و3 و10 من يوليه سنة 1950 أن مشروع الحكومة لتلك المادة كان من مقتضاه أنه يعتبر مصريا أو داخلا في الجنسية المصرية من كسبها وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 بشأن الجنسية المصرية – إلا أن لجنة العدل والداخلية بمجلس الشيوخ رأت أن لا يؤخذ بالاستثناء الوارد في نهاية المادة الأولى من الأمر العالي الذى يحيل عليه المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 الذى أرادت الحكومة في مشروعها استبقاء الاستثناء به. ورأى بعض الأعضاء تأييد اللجنة فيما ذهبت إليه إلا أن وزير الداخلية رد على ذلك بجلسة 22/ 5/ 1950 بقوله إنه إن حذف الاستثناء يصبح رعايا الدول الأجنبية مصريين حتما إذا كانوا من المتوطنين في البلاد المصرية قبل سنة 1848 وهو ما لم يخطر على بال المشرع، وبجلسة 10 من يوليو سنة 1950 انتهى الأمر إلى وضع المادة الأولى فقرة ثانية من قانون سنة 1950 على صورتها الآنف ذكرها مع حذف الإشارة إلى من كانوا تحت حماية دولة أجنبية ولكن هذا الحذف لا يفيد أن كل من كان متوطنا في مصر قبل سنة 1848 وكان في حماية دولة أجنبية يصبح اعتباره مصريا إذ علة هذا الحذف حسبما يبين من المناقشة بجلسة 22/ 5/ 1950 والجلسات التالية الآنف ذكرها أن عهد بسط الحمايات الأجنبية قد انتهى بمعاهدة منترو وعلى ذلك لا يفيد من هذا الحذف إلا من كان مصريا في حماية دولة أجنبية مثل الياسقجية وغيرهم من خدمة السفارات والقنصليات الأجنبية أما من عداهم فلا يصح اعتبارهم مصريين متى ثبت أنهم كانوا في حماية دولة أجنبية سواء قبل 10 من مارس سنة 1929 وقت العمل بالمرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 أو 12 من أغسطس سنة 1937 تاريخ العمل بمعاهدة مونترو.
ومن حيث إن الوجه الثاني من السبب الأول الخاص بالنعي على الحكم خطأه لاعتباره أن قرينة الجنسية المصرية مدحوضة بالمستندات المثبتة للجنسية الأجنبية هو نعى مردود بما سبق الرد عليه في خصوص عدم قيام الجنسية المصرية أصلا وهى جنسية التأسيس التي بنى عليها الطاعنان جنسية المتوفين الثلاثة هم وأصولهم بالتوطن في مصر – ومردود أيضا بأن تلك القرينة – وقد نص عليها بالمادة 22 من المرسوم بقانون رقم 19 سنة 1929 التي جاء بها “أن كل شخص يسكن بالأراضي المصرية يعتبر مصريا ويعامل بهذه الصفة إلى أن تثبت جنسيته على الوجه الصحيح” – لم يكن وضعها في عهد كانت فيه الامتيازات الأجنبية سارية في مصر إلا بقصد تقرير قرينة بسيطة استلزمتها الحالة الناشئة عن هذه الامتيازات بالنسبة إلى ساكني مصر ممن لم تثبت جنسيتهم الأجنبية حتى لا يدعى الجنسية الأجنبية من كان يريد الهروب من التكاليف العامة وقوانين البلاد وقضاء المحاكم الوطنية استنادا إلى القواعد التي كان يقررها نظام الامتيازات فهي قرينة احتياطية مؤقتة بسبب الغرض الذى شرعت من أجله وهو افتراض الدولة الجنسية المصرية للساكنين بها الذين لم تثبت جنسيتهم الأجنبية أو المصرية كما أنها من جهة أخرى قرينة سلبية لأنها لا تمنح في مواجهة الأفراد جنسية مصرية حقيقية لمن يدعى أنه مصري إذ لا مناص عندئذ من أن يثبت المدعى الجنسية المصرية وذلك من غير أن تعتبر تلك القرينة سندا في الإثبات ودون أن تعتبر من قبيل القرائن المقررة لمصلحة المدعى تمتعه بالجنسية المصرية ويؤيد هذا النظر أنه لو كان قد قصد أن تكون تلك القرينة وسيلة لإثبات الجنسية إطلاقا لما كان ثمة محل للنص في قانون الجنسية على كسب الجنسية المصرية أو الأجنبية بالطرق المنصوص عليها ومنها التوطن لا مجرد السكن ولكان من اليسير أن يستند كل أجنبي إلى كسب الجنسية المصرية بقرينة السكن فحسب وهو ما لم يقصده الشارع.
ومن حيث إن النعي بالوجهين الثالث والرابع الخاصين باستناد الحكم المطعون فيه إلى الشهادات والأحكام الصادرة من القنصلية اليونانية هو نعى مردود بما قرره الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من “أن جنسية انطون ومارى وروز وهى الجنسية اليونانية قد ثبتت أولا من خطاب مرسل من المتوفين الثلاثة إلى وزارة الخارجية بتاريخ 19/ 5/ 1917 وورد به (بأنهم جميعا مولودون بالإسكندرية ومقيمون بالقاهرة وأن عائلة مشاقه معروفة بمصر على أنها من أصل يوناني ولكن بغض النظر عن هذه الجنسية فإنهم طوال حياتهم لم يلجأوا إلى قنصلية اليونان… ولا يمتون إلى دولة اليونان… لذلك فانهم يرغبون في التنازل عن الجنسية اليونانية ليبقوا رعية محلية مع استمرارهم بالانتفاع بالحماية البريطانية التي منحت لهم بنوع خاص) – ثم استطرد الحكم إلى القول بأن عبارة هذا الخطاب وإن تضمنت المسائل المتقدمة الذكر إلا أنها تضمنت أيضا أن عائلة مشاقه معروفة في مصر بأنها من أصل يوناني كما تضمنت أن المتوفين الثلاثة يرغبون في التنازل عن الجنسية اليونانية ليبقوا رعية محلية الأمر الذى يدل في وضوح على أنهم كانوا معروفا عنهم أنهم يونانيو الجنسية ولظروف خاصة أرادوا التنازل عن تلك الجنسية. ومما هو جدير بالذكر أن طلب المتوفين لم يجب إذ أنه قد رفضه المستشار القضائي الإنجليزي بمقولة إن منحهم الجنسية اليونانية خطأ لا يبرر سحبها منهم. ثانيا – ثبتت الجنسية اليونانية للمتوفين من الكتاب المؤرخ في 9/ 6/ 1950 المرسل من مستشار الرأي بمجلس الدولة إلى وزارة الداخلية المودع بالملف تحت رقم 47/ 22/ 40 المضموم للقضية وورد من بين ما تضمنه أن قسم قضايا وزارة الداخلية قد أوضح جميع الظروف والملابسات التي تحيط بجنسية عائلة مشاقه واستعرض الطلب المقدم من انطون ومارى وروز إلى وزارة الخارجية في سنة 1933 بالتماس التصديق على شهادات جنسيتهم اليونانية وقد صدقت الوزارة على طلباتهم على أساس أنهم مقيدون بسجلات القنصلية اليونانية وظاهر من قرار وزارة الخارجية الخاص بالموافقة على شهادات جنسيتهم أنهم توفوا عن جنسيتهم اليونانية..” ومردود أيضا بما قرره الحكم المطعون فيه من أن الجنسية اليونانية للمتوفين الثلاثة ثابتة من الأحكام الصادرة في سني 1934 و1936 و1941 من المحاكم القنصلية اليونانية والخاصة بتحقق الميراث عنهم وإذ وصفوا فيها بأنهم يونانيو الجنسية ومن الشهادات الصادرة من المفوضية اليونانية المودعة ضمن ملف أسرة مشاقه وتفيد أن المتوفين الثلاثة يرجعون بأصلهم إلى الجزائر الأيونية. وأنه على إثر ضم تلك الجزائر إلى اليونان حصلوا على الجنسية اليونانية بمقتضى معاهدة 29 من مارس سنة 1864 كما تبين من خطاب المستشار الملكى إلى وزارة الداخلية أنه في سنة 1933 طلب المورثون الثلاثة من وزارة الخارجية التصديق على شهادات الجنسية اليونانية لقيدهم بسجلات القنصلية فوافقت الوزارة على ذلك وأن تلك الجنسية ليست ثابتة فحسب من الحالة الظاهرة بل هي ثابتة من سندات عديدة تؤيد هذه الجنسية – وهذا الذى قرره الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ لا مخالفة فيه للقانون ويستقيم به قضاؤه ولا يعيبه ما استند إليه الحكم من أحكام المحاكم القنصلية لأنها وإن كانت في ذاتها قرارات إجرائية بتحقق الوراثة لصلة النسب الموجه للميراث ولا تحسم موضوع النزاع بالأحقية في مال التركة على أساس الجنسية اليونانية التي اتصف بها المتنازع على تركاتهم إلا أن الاتصاف بهذه الجنسية لا يخرج عن كونه مظهرا من مظاهر المعاملة بالحالة الظاهرة التي ارتكن اليها الحكم وهو ارتكان سليم كما سيلى ذكره عند بحث السبب الثاني من أسباب الطعن أما استناد الحكم إلى شهادات الجنسية وباقي المستندات العديدة التي أخذ بها وأشر عليها بالاطلاع وبتقديمها في الدعوى فهو استناد سائغ ذلك أن من تلك المستندات ما هو صادر قبل العمل بقانون الجنسية العثماني الصادر في سنة 1869 وهى الشهادة المؤرخة في 5/ 6/ 1949 ويستفاد منها أن يوسف ميسا كيس (الذى لا نزاع في أنه يوسف مشاقة والد المورثين الثلاثة) كان مشمولا بالحماية البريطانية وأنه من جنس أيونى – وتذكرة المرور المؤرخة في 6/ 7/ 1949 وجواز السفر المؤرخ في 1/ 7/ 1850 وقد ورد بهما أن يوسف تحت رعاية الانجليز وسمى في جواز السفر باسم يوسف ميسا كيس ومنها الشهادة المؤرخة في 24/ 11/ 1852 المسلمة من قنصل بريطانيا بالإسكندرية إلى يوسف ميسا كيس وذكر بها أنه مشمول بالحماية البريطانية وأنه من أصل أيونى بالجزر الأيونية ومنها ما هو صادر بعد العمل بقانون الجنسية العثماني وهى الشهادة المؤرخة في 10/ 12/ 1912 والصادرة من القنصلية اليونانية ووارد بها أن يوسف ميسا كيس من أصل أيونى ورعية دولة اليونان وقيد هو وأولاده أنطون ومارى وروز (المورثين الثلاثة) بدفاتر القنصلية اليونانية وكذلك الشهادات الصادرة من القنصلية اليونانية لأنطون ميسا كيس في السنوات من 1885 إلى سنة 1914 لانتمائه إلى دولة اليونان لرجوعه لأصله إلى الجزر الأيونية والخطاب المؤرخ في 10/ 2/ 1890 والصادر من قنصل بريطانيا إلى أنطون ميسا كيس ووارد به أنه تقرر وفقا لتعليمات وزارة الخارجية المصرية سحب الحماية البريطانية من أفراد عائلة مشاقة بعد أن أصبح ادعائهم تلك الحماية لا مبرر له ومنها الشهادات المؤرخة 28/ 6/ 1933 وجاء بها: قيد أنطون ومارى وروز ميسا كيس بسجلات القنصلية اليونانية لأنهم من أصل أيونى ومصدق على هذه الشهادات من محافظة مصر ومنها الخطاب المؤرخ 9/ 7/ 1950 المودع بملف الجنسية والذى أشار إليه الحكم وقد أرسل من مستشار الرأي بمجلس الدولة إلى مدير إدارة الجنسية وورد به أن أنطون ومارى وروز طلبوا من وزارة الخارجية التصديق على شهادات بجنسيتهم اليونانية وقد وافقت الوزارة على ما اشتملت عليه تلك الشهادات على أساس أنهم مقيدون بسجلات القنصلية اليونانية ومنها كتاب قسم قضايا الحكومة المؤرخ 2/ 5/ 1943 بأن عائلة مشاقة وإن كانت قد حضرت إلى مصر من سوريا إلا أنها ليست متصفة بالرعوية العثمانية بل هي من الجزر الأيونية وكانت متصفة بالحماية البريطانية مع اتصافها بالجنسية اليونانية وكانت وزارة الخارجية المصرية تعترف لهم بتلك الجنسية – ويبين من هذا الذى سلف ذكره وأقيم عليه الحكم أن شهادات الجنسية اليونانية وشهادات الحماية البريطانية ليوسف ميسا كيس وأولاده منذ سنة 1849 هي شهادات لها حجيتها في نفى الجنسية المصرية عن المتوفين الثلاثة ووالدهم يوسف ميسا كيس ولا يصح القول بأن الأوراق السالف ذكرها تخالف الاتفاقات الدولية ذلك أن الاتفاق المؤرخ 29/ 3/ 1864 المعقود بين بريطانيا واليونان قد تقرر فيه ضم الجزر الأيونية إلى اليونان فأصبح بهذا الضم مواطنو تلك الجزر يونانى الجنسية إذا لم يختاروا جنسية أخرى سواء أكانوا مقيمين بتلك الجزر أم بالخارج. كما أن الاتفاق المؤرخ في سنة 1855 والمعقود بين دولتى اليونان والباب العالي والوارد به أنه لا يجوز لإحدى الدولتين أن تغتصب soustraire رعايا الدولة الأخرى إنما لا ينصرف إلى من كانت ثابتة جنسيته اليونانية أو العثمانية – كما أنه لا جدوى للطاعنين من التحدي باتفاق 2/ 2/ 1890 المعقود بين حكومتي مصر واليونان والتصريح المشترك الصادر في 23/ 5/ 1903 من ممثلي الحكومتين بشأن الاتفاق المذكور فيما تضمنه من أنه يشترط لاعتبار الشخص ذا جنسية يونانية في أية حال من الأحوال المشار إليها في اتفاق 1890 أن يكونوا من أصل يوناني – لا جدوى للطاعنين من التحدي بذلك إذ أن الحكم المطعون فيه قد حصل بحق على ما سبق بيانه أن مورث المتوفين الثلاثة من أصل يوناني لا من أصل سوري إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من عدم أخذه بالشهادات الصادرة من مطرانية الروم الكاثوليك والمؤرخة 11/ 9 و19/ 9 و10/ 9/ 1949 والتي يدعى بها الطاعنان أن المتوفين الثلاثة يرجعون إلى أصل عثماني بمقولة إن جدهم الأكبر جرجس بن يوسف مشاقه ولد في مدينة صور عام 1723 ثم توفى في عام 1760 في قرية قانا التابعة لمدينة صور وأن ابراهيم بن جرجس هو والد جدهم أنطون مشاقه، فهو نعى لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل الذى لم يأخذ به الحكم ورجح عليه المستندات السابق الإشارة إليها والمؤيدة بموافقة وزارة الخارجية المصرية موافقة لا تخالف الاتفاقات الدولية مما يكفى لحمل الحكم ويستقيم به قضاؤه.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون إذ أخطأ في فهم المقصود من الحالة الظاهرة كوسيلة إثبات للجنسية المتنازع عليها ومبنى الخطأ في هذا الفهم القانوني يتحصل في ثلاثة أوجه حاصل أولها أن الحكم قرر أن مقطع النزاع هو ما إذا كانت تركات المورثين الثلاثة تخضع لقانون الجنسية اليونانية التي كانت لهم وتوفوا عليها أم يسمح لآخرين بعد سنين عدة بإثارة النزاع في أمر هذه الجنسية لتطبيق قانون آخر غير قانون الجنسية التي مات عليها المورثون فقال الحكم المطعون فيه “إن المحكمة لا تترد في الموافقة على الرأي الذى أخذ به الحكم الابتدائي من أن الجنسية اليونانية التي لم يتنازع في أمرها المتوفى قبل وفاته والتي مات عليها وظهر بها وظل سنين عدة يتمتع بها هي دون شك الجنسية التي يتولد عنها القانون الذى يسرى على التركة” ثم جاء الحكم في شأن الحالة الظاهرة باستعراض طويل لبعض أحكام المحاكم المختلطة اختلفت فيما بينها على تحديد تلك الحالة ومفهوم ما قاله أن التركات الثلاثة يحكمها قانون الجنسية الظاهرة لا الجنسية الحقيقية مع أن هذا القول لم يقل به أحد ومخالف لنص المادة 17 من القانون المدني ومع أن القول بأن المورثين الثلاثة عاشوا وماتوا يونانيين هو قول لم يقم عليه دليل أما قول الحكم بأن أصحاب التركات الثلاثة لم ينازعوا في جنسيتهم اليونانية قبل وفاتهم ففضلا عن أنه لا يؤدى إلى إثبات قيام الحالة الظاهرة بشروطها وأركانها فإن الجنسية لإثبات صحتها في النزاع على تركة لا يشترط أن يثار النزاع بشأنها قبل وفاة من يدعيها بل الطبيعي أن يكون النزاع فيها في هذه الحالة بعد وفاة المورث ولا يقدح في ذلك أن تكون المنازعة قد أثيرت بعد مرور أعوام على الوفاة ما دامت حقوق المنازع لم تسقط بمضي المدة. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم قد أخطأ إذ استند إلى الحالة الظاهرة كأساس لثبوت الجنسية الحقيقية لأن تلك الحالة ليست إلا وسيلة لإثبات الجنسية الأصلية المقررة بقوة القانون ولا يلجأ إليها إلا عند صعوبة الاستناد إلى وسيلة أخرى وبشرط أن تكون وسيلة لإثبات الجنسية الوطنية لا الأجنبية كما أن مجال الاعتماد عليها إنما يكون عندما يدعى بها الخصم لإثبات الجنسية المؤسسة على حق الدم فيتبع الولد جنسية أبيه بالنسب ولا يمكن الاستدلال بها كما هو الحال في الدعوى على ثبوت الجنسية المؤسسة على حق الإقليم بالتوطن فيه هذا فضلا عن أنه ليس في التشريع المصري ما يجيز إثبات الجنسية الوطنية أو الأجنبية بالحالة الظاهرة لأن المادة 22 من قانون الجنسية الصادر في سنة 1929 تفترض الجنسية المصرية لجميع السكان ويتحتم معاملتهم بهذه الصفة إلى أن تثبت الجنسية الأجنبية على الوجه الصحيح وأنه وإن كان التشريعان الفرنسي والبلجيكي يبيحان إثبات الجنسية بالحالة الظاهرة إلا أنهما يقصران هذا النوع من الإثبات على الجنسية الوطنية دون الجنسية الأجنبية بشرط أن يثبت المواطن توافر عناصر الحالة الظاهرة لمدة ثلاثة أجيال على الأقل وقد ذهب القضاء الفرنسي إلى حد رفض الاعتراف بالجنسية الأجنبية ولو كان أساسها نصوص تشريع أجنبي متى ثبت لديه أن ليس ثمة صلة حقيقية تربط الشخص بالإقليم المستند إلى قانون جنسيته ومن ثم فلا وسيلة للمطعون عليهم لإثبات الجنسية اليونانية أمام القضاء المصري إلا بأن يثبت من يدعى هذه الجنسية قيامها وفقا لنصوص القانون الوطني أو أنه قد اكتسب الجنسية الأجنبية وفقا لنصوص قانون دولي وعلى من يدعى ذلك إثبات هذه النصوص ويتحصل الوجه الثالث في أن الحكم المطعون فيه قد قرر أن المورثين الثلاثة اكتسبوا الجنسية اليونانية بناء على الحالة الظاهرة مع أنه لقيامها ووجودها يجب أن يتوافر فيها ثلاثة عناصر وهى الاسم والشهرة والمعاملة وبشرط مرور ثلاثة أجيال على نشوء هذه العناصر مجتمعة وهو ما لم يقم الحكم المطعون فيه على قضاءه بل اكتفى بالقول بثبوت الجنسية اليونانية للمتنازع في تركاتهم رغم اشتهارهم باسم مشاقه وهو اسم سوري وليس اسما يونانيا ورغم عدم مرور ثلاثة أجيال.
ومن حيث إن هذا السبب في كافة وجوهه مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه على الجنسية الظاهرة دون الجنسية الحقيقية كما قال الطاعنان بل أقيم في جوهره على أن ما ثبت من أن المورثين الثلاثة من أصل يوناني وفقا للمستندات والأوراق التي تقطع في ثبوت هذا الأصل وهى التي سبق الإشارة اليها عند الرد على السبب الأول ثم أضاف الحكم الى ذلك أن الحالة الظاهرة للمورثين الثلاثة تؤيد هذه الحقيقة الثابتة وأن تلك الحالة قد ثبتت من وقائع عدة منها إعلان المتوفين عن جنسيتهم اليونانية وذيوع اشتهارهم بها وتمسكهم بها هم أنفسهم في تصريف معاملاتهم الشخصية وذلك لقيدهم وقيد والدهم لهم بدفاتر القنصلية اليونانية باسم مسا كيس وهو اسم يوناني لعائلتهم فلم تنازع الحكومة المصرية في هذا القيد ولتصريحهم بأنهم يونانيو الجنسية في الخطاب المؤرخ في 19/ 5/ 1917 وتقاضيهم أمام القنصلية اليونانية على هذا الاعتبار – فلا على محكمة الموضوع إن هي اعتمدت على الحالة الظاهرة الثابتة على ما سلف ذكره بعناصرها الثلاثة وهى الاشتهار باسم الأب واسم العائلة nomen والاشتهار بمعاملة الأب لولده tractus والاشتهار بالمعاملة عند الجمهور fama – ولا خطأ فيها استندت إليه المحكمة لأنه ليس ثمة ما يمنع قانونا في مصر من الأخذ بالحالة الظاهرة كقرينة احتياطية معززة بأدلة أخرى مثبتة للجنسية سواء أكانت تلك الجنسية هي الجنسية الوطنية أو الأجنبية وسواء أكانت مؤسسة على حق الدم أو الإقليم. ذلك أن الشارع المصري لم يستبعد قرينة الحالة الظاهرة في إثبات الجنسية الأجنبية أو الوطنية كقرينة تؤيد أوراق الدعوى ومستنداتها كما فعل الحكم المطعون فيه – وعلى ذلك يكون سبب النعي غير سديد ولا عبرة بما أورده الحكم المطعون فيه من تقريرات أخرى ذكرها من باب التزيد وأشار إليها الطاعنان في سبب النعي إذ أنه محمول على ما سلف ذكره وهو ما لا فائدة فيه.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه بطلانه لقصوره في التسبيب وإهداره دلالة المستندات ومسخ واقعة الدعوى – أما مبنى القصور فيتحصل في ثلاثة أوجه حاصلها أن الحكم أقيم على ثبوت الجنسية اليونانية لأصحاب التركات المتنازع فيها بدلائل تستند إلى وضع قانوني معترف به من الحكومتين المصرية واليونانية بالتصديق على شهادات الجنسية اليونانية – غير أن الحكم لم يبين الأساس القانوني الذى به يعتبر هذا التصديق دليلا على اعتراف الحكومة المصرية مع أن هذه المصادقة لم يقل أحد انه يقصد منها إيجاد وضع قانوني بين الحكومتين كما أن الحكم استدل في ثبوت الجنسية اليونانية للمورثين الثلاثة بمعاهدة 9/ 3/ 1864 التي عقدت بين بريطانيا واليونان والمدعى أنه بموجبها انتقلت أسرة مشاقة من الجنسية البريطانية إلى الجنسية اليونانية غير أن الحكم لم يستظهر نص تلك المعاهدة – كما لم يتحدث عن مركز رعايا دولة اليونان المقيمين بمصر والذين كانوا بحسب الأصل من الرعايا العثمانيين مع أن أفراد أسرة مشاقه وهم من هؤلاء الرعايا ما كان يعترف لهم أصلا بحق الدخول في الجنسية اليونانية خلسة وهذا متفق عليه في معاهدة 23/ 3/ 1855 بين الدولة العلية والدولة اليونانية كما هو منصوص عليه باتفاق 2/ 2/ 1890 بين مصر واليونان ومن أحكامه أنه لا يعترف بالجنسية لمن يقيم في مصر إلا إذا ثبت حقيقة أنه من الجنس اليوناني ومع ذلك لم يبين الحكم ما اشتمل عليه الاتفاقان المذكوران – هذا إلى أن الحكم استند في ثبوت الجنسية اليونانية للمتنازع في تركاتهم إلى الأحكام الصادرة من المحاكم القنصلية مع أنها إشهادات إجرائية بثبوت الوراثة دون إثبات الأحقية في التركة – وأما مبنى إهدار الحكم للمستندات القاطعة في الدعوى فمن وجهين حاصل أولهما أن الحكم قد أهدر حكم مجلس الدولة الصادر في 22/ 3/ 1953 والذى قرر ثبوت الجنسية المصرية لروبير سليم مشاقه أحد الطاعنين مؤسسا قضاءه على أن روبير من أسرة مشاقه وأن أصل الأسرة ومنبتها يرجع إلى جده الأكبر أنطون مشاقة وهو الجد الأكبر للمتوفين الثلاثة متوطن في مصر إلى ما قبل أول يناير سنة 1848 إذ أقام بدمياط من سنة 1815 وتوفى بها سنة 1821 وأن أفراد أسرته المتعاقبين امتد بهم التوطن والإقامة حتى صدور قانون سنة 1929 وأن أفراد أسرة مشاقه لهم الحق في أن يعتبروا مصريين بحكم القانون وفقا للمادة الأولى فقرة ثانية من قانون سنة 1929 وقال الطاعن بجلسة 18/ 1/ 1956 أمام هذه المحكمة أنه لا يقصد مما آثاره من نعيه في خصوص حكم مجلس الدولة إلا أن يتمسك به كمستند له دلالته في إثبات الجنسية. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم أهدر دلالة الخطاب الذى أرسله أنطون مشاقه إلى وزارة الخارجية في 10/ 10/ 1930 وطلب فيه انتماءه إلى الجنسية المصرية كما لم يأخذ الحكم بخطاب 9/ 5/ 1917 المرسل من المتوفين الثلاثة إلى وزارة الخارجية وقرروا فيه أنهم لا يمتون إلى دولة اليونان بصلة وأنهم وإن كانوا قد عرفوا في مصر بأنهم من أصل يوناني إلا أنهم يودون البقاء على الرعوية المحلية مع تمتعهم بالحماية البريطانية وأنه وإن كانت وزارة الخارجية رفضت طلبهم إلا أن مفاد هذا الخطاب يدل على إنكار الأصل اليوناني والاعتراف بالرعوية المحلية – أما مبنى مسخ واقعة الدعوى فيتحصل في أن الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه قد قررا أن الفصل في الدعوى لا يتطلب إلا معرفة الجنسية اليونانية التي كان يتمتع بها المتوفون الثلاثة طوال حياتهم وأنه لا يمكن قبول أية منازعة بعد ثبوت جنسية معينة لشخص كان يتمتع بها حال حياته مع أن المتوفين أنفسهم نازعوا حال حياتهم في تبعيتهم لدولة اليونان بالخطاب الصادر منهم في 9/ 5/ 1917.
ومن حيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بالأوجه الثلاثة المتعلقة بالقصور لعدم تحدثه عن الأساس القانوني الذى بنيت عليه مصادقة الحكومة المصرية على الجنسية اليونانية للمتوفين الثلاثة ولعدم بيان نصوص الاتفاقات المؤرخة سنة 1864 وسنة 1855 وسنة 1890 ولعدم بيان عناصر الحالة الظاهرة ولاستناده إلى أحكام المحاكم القنصلية هو نعى مردود بما سبق الرد عليه في السببين الأول والثاني من أسباب الطعن – وأما ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مسخه لواقعة الدعوى إذ لم يبحث أصل منشأ أسرة مشاقه وإهداره ومسخه لخطاب 9/ 5/ 1917 المرسل من المتوفين الثلاثة إلى وزارة الخارجية المصرية بطلبهم الجنسية المصرية وخطاب 10/ 10/ 1930 الذى طلب فيه أنطون مشاقه أحد المتنازع على تركاتهم من وزارة الخارجية انتماءه إلى الجنسية المصرية فهو نعى فضلا عن أنه مردود بما أقيم عليه الحكم فيما سلف ذكره فإنه نعى متعلق بتقدير الدليل وفهم الواقع مما لا سبيل معه للنعي على ما استخلصه قاضى الموضوع من هذا الفهم للأدلة السائغة التي استقام بها قضاؤه – وأما ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من إهداره لحكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 9/ 10/ 53 فهو نعى مردود بأن الطاعنين انتهيا أمام هذه المحكمة إلى القول بأنهما لا يتمسكان بحكم مجلس الدولة كحكم له قوة الشيء المحكوم فيه بل كمجرد مستند من مستندات الدعوى يفيد في نظرهما ثبوت أن أنطون الجد الأكبر لأسرة مشاقه وولده نقولا من أصل سوري وأنهما توطنا باستمرار في مصر وهذا الذى انتهى إليه الطاعنان يعتبر جدلا موضوعيا في مستندات الدعوى التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه لما سبق بيانه قد برر قضاءه بأسباب سليمة ومستندات يستفاد منها أن يوسف وأولاده المتوفين الثلاثة يونانيو الجنسية لأنهم من أصل أيونى لا من أصل سوري فلا سبيل على الحكم لترجيحه مستندا أو دليلا على آخر وذلك بعدم الأخذ بما ورد في أسباب الحكم الذى صدر من مجلس الدولة بشأن جنسية روبير سليم مشاقه وترجيحه ما تقطع به المستندات التي قدمت إليه والتي سبق الإشارة إليها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .