الطعن 1132 لسنة 49 ق جلسة 12 / 12 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 387 ص 2047

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز فوده، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.
————
إيجار “إيجار الأماكن”. دعوى “وقف الدعوى”. حكم “حجية”.
تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الايجار . أساسه . حدوث واقعة التأجير الفصل فيها أمام المحكمة المدنية . متوقف علي ما يقضي به نهائيا في الدعوي الجنائية . علة ذلك .
إذ كان ما أسند إلى الطاعن أمام المحكمة الجنائية أنه تقاضى من المطعون ضده مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار تتجاوز ” أجرة شهرين كخلو رجل ” وهو ما يؤثمه القانون ويعاقب عليه إذ يقوم أساساً على واقعة التأجير – حسبما ورد باتهام النيابة العامة له وما ذهب إليه الحكم الجنائي – وكان الفصل في هذه الواقعة – التأجير – أمراً لازماً لهذا التجريم وهذا العقاب باعتباره مسألة أولية يتعين التصدي لها أولاً حتى إذا ما ثبت قيامها تلى ذلك تأثيم واقعة تقاضى المبلغ سالف الذكر بما مؤداه أن واقعة التأجير – وهى بذاتها المتنازع عليها في الدعوى المدنية المعروضة – هي الأساس المشترك في كل من الدعويين الجنائية والمدنية ، لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أن هذا الحكم لم يصدق عليه بعد ، وبالتالي لم يصبح نهائياً وعلى ضوء ما يسفر عنه الحكم الجنائي نهائياً تتحدد مواقف الخصوم إذا ما صدق عليه فيلزم المحكمة المدنية بأعمال حجيته في إثبات واقعة التأجير أما إذا ما ألغى وصدر الحكم النهائي بالبراءة فقد يكون ذلك راجعاً إلى عدم قيام العلاقة الإيجارية أصلاً حتى مع ثبوت تقاضى المبلغ فيكون تقاضيه – حينئذ – غير مؤثم – وهنا تتقيد به المحكمة المدنية بعدم قيام العلاقة – وأما أن تقوم البراءة على سند من عدم تقاضى المبلغ أصلاً وحينئذ لا تتقيد به المحكمة المدنية حتى ولو تعرض لدى قيام العلاقة الإيجارية من عدمه باعتبار أن الفصل فيها ليس لازماً في هذه الحالة إذ يكفيه سنداً عدم ثبوت تقاضى المبلغ كأمر لازم وكان وحدة للبراءة ، لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن المحكمة ” تتفق ومحكمة أول درجة في استنادها في قضائها إلى التحقيق الذى أجرته بنفسها …. وأنه لا يعيب قضاءها أن تعزره بقرينة مستفادة من تحقيقات الجنحة رقم 848 لسنة 1976 المشار إليها حتى لو كان الحكم الصادر فيها لم يصدق عليه بعد … ورغم قيام الدليل أمامه على أن هذه الجنحة خاصة بتقاضي مبالغ تجاوزه ” أجرة شهرين كخلو رجل ” صدر بتأييد الحكم المستأنف الذى مضى قدماً بالدعوى إلى نهايتها بإصدار حكم أنهى الخصومة فيها دون أن يأبه بما يصير إليه الحكم الجنائي بصفة نهائية من أثر على الدعوى المدنية فيترتب حتى الفصل في الدعوى الجنائية نهائياً والتي تتناول ذات الأساس المشترك في الدعويين – واقعة التأجير – وكان الفصل في هذه الواقعة مما يتوقف الفصل فيها – أمام هذه المحكمة – على ما يقضى به نهائياً من المحكمة الجنائية على النحو السالف البيان ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطـأ في تطبيقه .
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 4349 سنة 1976 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بطرده من العين الموضحة بها وتسليمها له بما فيها من منقولات مملوكة لأبنه وقال بيانا لدعواه أنه يمتلك العقار الذي به شقة النزاع وأنه أعدها لسكنى ابنه بموجب عقد إيجار محرر في 1/2/1976 فتسلمها ووضع بها منقولات إلا أنه فوجئ بالمطعون يستولى عليها على النحو الثابت بالشكوى رقم 6531 سنة 1976 المنتزه فأقام دعواه بطلباته السالفة البيان، وأقام المطعون ضده على الطاعن الدعوى رقم 896 سنة 1977 أمام ذات المحكمة بطلب الحكم عليه بثبوت العلاقة الإيجارية عن ذات الشقة محل النزاع واعتبار الحكم بمثابة عقد إيجار بمقولة أنه استأجرها منه في فبراير سنة 1976 بعقد شفوي وأن واقعة التأجير اقترنت بجريمة خلو رجل قدم الطاعن من أجلها للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 848 سنة 1976 جنح أمن دولة المنتزة، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعويين قضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات العلاقة الإيجارية وبتاريخ 26/8/1974 قضت محكمة الدرجة الأولى في الدعوى رقم 4349 سنة 1976 برفضها، وفي الدعوى رقم 866 سنة 1977 بثبوت العلاقة الإيجارية عن عين النزاع واعتبار الحكم بمثابة عقد إيجار، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 507 سنة 34 ق إسكندرية وفي 10/3/1979 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ….. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن واقعة التأجير المدعاة تحرر بشأنها محضر الجنحة رقم 848 سنة 1976 أمن دولة المنتزه لاتهامه بتقاضي مبالغ خارجة نطاق عقد الإيجار من المطعون ضده عن ذات العين ومن آخرين عن شقق أخرى وأن الحكم الصادر فيها لم يصبح نهائيا بعد لعدم التصديق عليه، وكان على المحكمة أن توقف الدعوى حتى يتم التصديق عليه باعتبار أن الفصل فيها هو مسألة أولية سابقة للفصل في مدى ثبوت العلاقة الإيجارية أو غصب المطعون ضده للعين مما كان يتعين معه وقف الدعوى انتظارا لنهائية الحكم الجنائي وإذ أقام الحكم قضاءه على ما استخلصته محكمة الدرجة الأولى من قرائن مستعارة من تحقيقات تلك الجنحة بما يجعله فضلا عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، مشوبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث أن هذا النعي في محله ذلك لأن المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أنه لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا، كما تنص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو عدم كفاية الأدلة ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنيا على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون وتنص المادة 265 من ذات القانون على أنه “إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية قبل رفعها أو أثناء السير فيها” …. كما تنص المادة 129 من قانون المرافعات على أنه في غير الأحوال التي نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوبا أو جوازا يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم …. لما كان ذلك – وكان البين من الاطلاع على الصورة الرسمية من الحكم الصادر في الجنحة رقم 848/76 أمن دولة المنتزه – المرفقة طي حافظة الطاعن – أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن أنه “في غضون عام 1976 تقاضي من المستأجرين وهم ……. -المطعون ضده – المبالغ المبينة بالمحضر بما يجاوز مجموع أجرة شهرين كخلو رجل” … وأورد الحكم الجنائي بمدوناته أن “…… أبلغ ضد المتهم – الطاعن – بتقاضي خلو رجل منه وبسؤاله قرر أن المتهم استلم منه مبلغ 300 جنيه خلو رجل مقابل تأجير مسكن له …” وخلص الحكم في أسبابه إلى أن “الاتهام المسند للمتهم ثابت في حقه ثبوتا يقينيا من أقوال المبلغين …” ثم انتهى في منطوقه إلى معاقبة الطاعن بالحبس والغرامة ورد المبالغ للمجني عليهم ومنها 300 جنيه للمطعون ضده، وإذ كان من الواضح – على نحو ما سلف بيانه – أن ما أسند إلى الطاعن أمام المحكمة الجنائية أنه تقاضى من المطعون ضده مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار تتجاوز أجرة شهرين كخلو رجل وهو ما يؤثمه القانون ويعاقب عليه إذ يقوم أساسه على واقعة التأجير – حسبما ورد باتهام النيابة العامة له وما ذهب إليه الحكم الجنائي – وكان الفصل في هذه الواقعة – واقعة التأجير أمرا لازما لهذا التجريم وهذا العقاب باعتباره مسألة أولية يتعين التصدي لها أولا حتى إذا ما ثبت قيامها تلى ذلك تأثيم واقعة تقاضي المبلغ سالف الذكر بما مؤداه أن واقعة التأجير – وهي بذاتها المتنازع عليها في الدعوى المدنية المعروضة هي الأساس المشترك في كل من الدعويين الجنائية والمدنية، لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق أن هذا الحكم لم يصدق عليه بعد، وبالتالي لم يصبح نهائيا وعلى ضوء ما يسفر عنه الحكم الجنائي نهائيا تتحدد مواقف الخصوم إذا ما صدق عليه فيلزم المحكمة المدنية بإعمال حجية في إثبات واقعة التأجير، أما إذا ما ألغى وصدر الحكم النهائي بالبراءة فقد يكون ذلك راجعا إلى عدم قيام العلاقة الإيجارية أصلا حتى مع ثبوت تقاضي المبلغ فيكون تقاضيه – حينئذ – غير مؤثم وهنا تتقيد به المحكمة المدنية بعدم قيام العلاقة – وأما أن تقوم البراءة على سند من عدم تقاضي المبلغ أصلا وحينئذ لا تتقيد به المحكمة المدنية حتى ولو تعرض لمدى قيام العلاقة الإيجارية من عدمه باعتبار أن الفصل فيها ليس لازما في هذه الحالة إذ يكفيه سندا عدم ثبوت تقاضي المبلغ كأمر لازم وكان وحده للبراءة، لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن المحكمة تتفق ومحكمة أول درجة في استنادها في قضائها إلى التحقيق الذي أجرته بنفسها …. وأنه لا يعيب قضاءها أن تعززه بقرينة مستفادة من تحقيقات الجنحة رقم 848 سنة 1976 المشار إليها حتى ولو كان الحكم الصادر فيها لم يصدق عليه بعد …. ورغم قيام الدليل أمامه على أن هذه الجنحة خاصة بتقاضي مبالغ تجاوز أجرة شهرية كخلو رجل صدر بتأييد الحكم المستأنف والذي مضى قدما بالدعوى إلى نهايتها بإصدار حكم انهى الخصومة فيها دون أن يأبه لما يصير إليه الحكم الجنائي بصفة نهائية من أثر على الدعوى المدنية فيترتب على الفصل في الدعوى الجنائية نهائيا والتي تتناول ذات الأساس المشترك في الدعويين – واقعة التأجير – وكان الفصل في هذه الواقعة مما يتوقف الفصل فيها – أمام هذه المحكمة – على ما يقضى به نهائيا من المحكمة الجنائية على النحو السالف البيان ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وأضحى من المتعين نقضه لهذا السبب دون ما حاجة لبحث أسباب الطعن الأخرى.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .